رام الله-اختتمت في مدينة رام الله، أعمال المنتدى الوطني الثالث لمنظومة الإبداع والريادة في فلسطين، والذي حمل عنوان "رعاية الإبداع.. من اليوم الأول وحتى الإنجاز"، الذي نظمه المجلس الأعلى للإبداع والتميز، برعاية رئيس دولة فلسطين محمود عباس.
وفي كلمته خلال انطلاق أعمال المنتدى، قال رئيس المجلس عدنان سمارة، إن الإبداع أصبح المحرك الأساسي لاقتصاد الدول، والتي تعتمد في غالبيتها على الفكر والمعرفة لبناء اقتصادها من الداخل وتحقيق التنمية المستدامة، وليس فقط على مواردها الطبيعية.
وأضاف أن تشكيل المجلس الأعلى جاء بقرار من الرئيس محمود عباس، راعي الإبداع والتميز، لنشر هذه الثقافة لدى فئات المجتمع، وفق رؤية وطنية تستند إلى الواقع الفلسطيني، وتشجيعهم على تحويل أفكارهم على رافعة اقتصادية وطنية لمواكبة ما حققه العالم.
وأوضح سمارة أن المجلس ضم في مجلس إدارته أربعة وأربعين عضوا ممثلين لأربع وأربعين مؤسسة وطنية، عكفت على إعداد أنظمة ولوائح، وحددت الأهداف لرسم السياسات التي تمكن من توحيد المرجعيات العاملة في هذا المجال.
وتحدث سمارة حول ما قدمه المجلس الأعلى من دعم مادي للمشاريع الإبداعية والتطويرية، كذلك الاستثمار في شركات ناشئة من خلال صندوق دعم للإبداع والتمييز التابع للمجلس، بالإضافة إلى إيفاد مشاريع إبداعية للمشاركة في مسابقات دولية، حيث حصل العديد منها على جوائز ذهبية، مضيفا أنه جرى دعم علماء وباحثين للمشاركة في مؤتمرات دولية بالإضافة إلى إيفاد حاضنات وطنية لزيارات دراسية في سنغافورة وكوريا الجنوبية.
وتحدث عن الجهود التي يبذلها المجلس في التشبيك مع الجهات الداعمة لأصحاب الأفكار الريادية وتوقيعه عددا من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع مؤسسات عربية ودولية، والانضمام لمبادرات دولية حول الإبداع.
وقال إن الرئيس محمود عباس وقع على مرسوم بإنشاء المجلس الأعلى للإبداع والتميز للعمل على تحقيق إنجازات على كافة الأصعدة، خاصة في مجال دعم المشاريع الإبداعية، لافتا إلى أن المجلس أنشأ شبكة المبدعين الفلسطينيين وعقد المنتديات الريادية لزيادة الوعي بأهمية الإبداع.
وبين سمارة أنه على مستوى السياسات قام المجلس بإعداد مسودة استراتيجية الوطنية للإبداع بالتعاون مع كافة الجهات، كذلك مدونة القيم والتوجهات لمنظومة الإبداع الوطني لتوحيد المفاهيم فيما يتعلق بالإبداع والريادة.
وأشار إلى أن المجلس يتطلع إلى إعادة تشكيل منظومة الإبداع وإيجاد بيئة ممكنة له في فلسطين، من خلال استصدار القوانين الناظمة في هذا المجال، وتشجيع أصحاب المشاريع الناشئة وتخفيض رسوم التسجيل للمبدعين، وتشجيع إنشاء حاضنات ومسرعات متخصصة.
وذكر أنه تم إنشاء الحاضنة الفلسطينية للطاقة، بالشراكة مع شركة الكهرباء محافظة القدس، كما تبنى المجلس توجها نحو إنشاء حاضنات في القطاعات حيث الحاجة.
وقال سمارة إن المجلس مستمر في مساعيه بدعم أصحاب الأفكار الريادية حتى نتمكن من الوصول إلى منتجات تحمل اسم فلسطين وتكون قادرة على المنافسة والانتشار في أسواق العالم، ولتشكل رافدا اقتصاديا يتم الاعتماد عليه مستقبلا.
وتابع ان المجلس يعمل على التنسيق بين المؤسسات العاملة في مجال الإبداع بمستوياته كافة، وبصدد بلورة واعتماد مقاييس تحدد ما هو إبداعي والمواصفات والتوجيهات حول طبيعة الحاضنات وإجازتها رسميا، ما يوفر فرصة للتنسيق بين العاملين في مجال تنمية الإبداع وعمليات الاحتضان.
وأشار إلى أن المجلس يعمل على تقييم موضوعية وحياد لمؤسسات الإبداع لرفدها بالدعم المناسب ورفع مستوى أدائها، مضيفا ان هذه الجهود مصيرية بسبب الضغوطات الاقتصادية والافتقار إلى حرية التفاعل التجاري مع دول الجوار بسبب قيود الاحتلال الإسرائيلي.
من ناحيته، قال رئيس اللجنة التحضيرية عارف الحسيني إن منظومة داعمة للريادة والإبداع والتميز تطورت في فلسطين في شتى المجالات العلمية، غير متناسقة أو متكاملة في بنيتها الاستراتيجية، لكنها بالرغم من الاحتلال تفوقت بتجربتها المحلية على الكثير من الدول المجاورة والمستقرة.
وأضاف ان المؤسسات والحاضنات ومسرعات الأعمال كثرت في فلسطين، وتسارعت وتيرة الاحتضان للمبادرين وأصحاب الأفكار، متسائلا هل تكرر كل مبادرة دعم جديدة محاولة اختراع العجل؟
وأشار الحسيني إلى أن المنتدى الوطني جاء هذا العام ليرسم بمخرجاته المتوقعة ملامح المنظومة المستقبلية المتكاملة لدعم ومساندة كل مبادرة تحوي فرصة للتميز.
ونوه إلى أن المنتدى يدرس التجارب الإقليمية والدولية السابقة ويسلط الضوء على المؤسسات الفاعلة وأهم خدماتها، كما يعرض أفضل المبادرات الاقتصادية المبتكرة وقد غدت شركات جاهزة للاستقطاب الاستثماري، وعلى رأس المال الفلسطيني أن يبتعد عن الاستثمارات التقليدية ويدعم الريادة والإبداع.
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات الفلسطينية عمار العكر، إن هذا المنتدى يعكس حرض شعبنا على أن يكون دائما في موقع ريادي ويلحق بالتطورات التكنولوجية بما تحمله من مفاهيم وعلوم تشكل حجر الزاوية في تطور المجتمعات.
وأضاف ان العالم يعيش تسارعا تكنولوجيا نحتاج إلى مواكبتها، ومن لا يضع هذا في سلم أولوياته سيغرد خارج سرب الإبداع.
وتحدث العكر عن تلقي مجموعة من الطلبة والخريجين دورات وبرامج تقوم الاتصالات بإطلاقها على أيدي خبراء وخريجين وطلاب من شركات وجامعات عالمية على مدار سنوات عديدة، مشيرا إلى أن وجود المبدعين المحليين والدوليين في هذا المنتدى يبشر بمخرجات مهمة ترفع من شأن فلسطين ومؤسساتها في هذا المجال.
وذكر أن مجموعة الاتصالات بصدد إطلاق مركز الإبداع الذي سيشكل منبرا لاحتضان المبدعين إلى جانب جائزة فلسطين للتميز والإبداع.
وفي كلمته، تحدث توماس نيكسون ممثلا عن الاتحاد الأوروبي عن موقف الاتحاد الثابت، والمستمر في دعم رؤية وتنفيذ حل الدولتين.
وقال: "حسب قرارات مجلس الأمن الدولي فإننا نعتبر القدس الشرقية أرضا محتلة، لم ولن نعترف بضم إسرائيل للقدس الشرقية، ويجب حل قضية القدس من خلال المفاوضات لتكون عاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية"، داعيا إلى حل قضيتهم بشكل عادل ومعقول من خلال المفاوضات بين الجانبين.
وأكد نيكسون أن الاستيطان غير شرعي بحسب القانون الدولي و"سنواصل معارضتنا للاستيطان غير الشرعي في المناطق المصنفة "ج"، وهي مناطق تشكل جزءا لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن دون هذا الجزء الحيوي من الضفة الغربية –من حيث السكان والأرض والموارد الطبيعية– لن تكون الدولة الفلسطينية قابلة للحياة"، لافتا إلى أنه لن تكون هناك دولة في غزة ولا دولة فلسطينية من دون غزة.
وذكر نيكسون أن قلة الموارد الطبيعية، ومحدودية الوصول إلى السوق، أدى لاختلال موازين الاقتصادي الكلي، والبيئة غير المواتية للأعمال هي من أهم التحديات التي تواجهها فلسطين في عملية التنمية، ويمكن للابتكار إيجاد حلول لهذه المعيقات عبر دعم عملية النمو واستدامتها.
وتواصلت أعمال المؤتمر ثلاثة أيام، حيث ناقشت جلساته منظومة الإبداع وآليات تأسيسها من وجهة نظر الخبراء الدوليين، كذلك المقومات الريادية وآفاق الإبداع لدى الشباب، والتكامل في العمل بين المؤسسات الداعمة.
وافتتح على هامش المؤتمر معرض ضم شركات ومؤسسات نجحت في عمل مشاريع ريادية وإبداعية، فيما جرى في نهاية جلسة الافتتاح تكريم عدد من المؤسسات والشركات والأشخاص المبدعين، كذلك من كان لهم دور في تنظيم ورعاية المؤتمر.