صحيفة إسرائيلية: 80 مليار دولار لإعادة إعمار غزة: لكن من سيحكم القطاع؟

Publishing Date

غزة-أخبار المال والأعمال-ترجمة خاصة: العالم يتطلع إلى الجهود الاقتصادية الهائلة اللازمة لإعادة إعمار غزة. صحيفة "غلوبس" الاقتصادية الإسرائيلية تتساءل: من سيتحمل هذه التكلفة ومن سيشرف على الأموال؟

مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، يتجه اهتمام العالم نحو الجهود الاقتصادية الضخمة التي ستكون مطلوبة لإعادة إعمار قطاع غزة. فالدمار الشامل يلف الأفق، والأسئلة تتوالى: في أي مرحلة ستبدأ أعمال إعادة الإعمار؟ وما هو الدور الإسرائيلي مقارنة بالجهود الدولية؟ من سيتكفل بتغطية التكاليف؟ وكيف سيكون دور السلطة الفلسطينية التي تعاني من عجز مالي بينما لا تزال "حماس" هي الجهة الحاكمة في قطاع غزة؟ ما الآلية التي سيتم اتباعها لفحص نوعية وكميات السلع والمواد الخام التي ستدخل غزة؟ والكثير من الأسئلة الأخرى.

وفي الوقت نفسه، تدرس الولايات المتحدة خيارًا يتمثل في نوع من إعادة توطين السكان مؤقتًا لإعادة إعمار غزة. ووفقًا لتقرير لقناة NBC الأميركية، يجري النظر في إندونيسيا كدولة محتملة لاستضافة الفلسطينيين بشكل مؤقت، إلا أن الفلسطينيين يبدون تحفظات على تنفيذ هذه الفكرة، خوفًا من أن تكون هذه الخطوة بداية لعملية تهجير إسرائيلية للفلسطينيين من القطاع.

الجامعات والمساجد

تقدر الأمم المتحدة أن تكلفة أعمال إعادة الإعمار في قطاع غزة ستصل إلى 80 مليار دولار، أي 25 ضعفًا من التكلفة التي أعقبت الحرب الإسرائيلية على القطاع في 2014. ويرجع هذا الارتفاع الكبير في التكلفة إلى تدمير حوالي 69% من المباني في قطاع غزة (أكثر من 170,000 مبنى)، بما في ذلك حوالي 90% من الوحدات السكنية.

وقبل البدء في إعادة الإعمار، يجب إزالة 42 مليون طن من الأنقاض التي خلفها القصف، وهي عملية يُتوقع أن تكلف 1.2 مليار دولار، مع تقديرات الأمم المتحدة في نيسان/أبريل الماضي بأن معالجة الأنقاض ستستغرق 14 عامًا.

من بين سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، نزح 1.9 مليون شخص من منازلهم، بمن فيهم مئات الآلاف الذين يعيشون في خيام. أما في قطاع البنية التحتية، فقد قدرت الأضرار في كانون الثاني/يناير من العام الماضي بـ18.5 مليار دولار، في حين أشارت الأمم المتحدة الشهر الماضي إلى أن إمدادات المياه انخفضت إلى أقل من ربع مستواها قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وفقًا للبيانات الفلسطينية التي نشرتها وكالة "رويترز"، بقيت 17 من أصل 36 مستشفى في غزة قيد العمل. وفي هذا السياق، تقدر منظمة الصحة العالمية أن إعادة بناء البنية التحتية الصحية ستتطلب 10 مليارات دولار خلال السنوات الخمس إلى السبع المقبلة. بالإضافة إلى ذلك، تم تدمير 136 مدرسة وجامعة، إلى جانب 823 مسجدًا، وأكثر من 200 مؤسسة حكومية، ونحو 80-96% من الأصول الزراعية.

وضع اقتصادي متأزم

تشير دراسة أجرتها منظمة العمل الدولية (ILO) والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في تشرين الأول/أكتوبر 2024 إلى أن معدل البطالة المتوسط في قطاع غزة بين تشرين الأول/أكتوبر 2023 وأيلول/سبتمبر 2024 بلغ 79.7%، في حين بلغ في الضفة الغربية 34.9%. وانخفض الناتج المحلي الإجمالي في الضفة الغربية بنسبة 21.7% في تشرين الأول/أكتوبر مقارنة بتشرين الأول/أكتوبر 2023، بينما تراجع بنسبة 84.7% في قطاع غزة.

رغم التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تواجه السلطة الفلسطينية، أعلنت الحكومة الفلسطينية في رام الله أنها أكملت جميع الاستعدادات لتحمل المسؤولية الكاملة عن قطاع غزة، بما في ذلك اتخاذ خطوات أولية لاستعادة الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء، "بالتنسيق مع بلدية غزة وبلدية جباليا، وبالتعاون مع اللجنة العربية الدولية لإعادة إعمار فلسطين". ومع ذلك، فإن السلطة ليست طرفًا في الاتفاق ولم يُمنح لها وعد بالسيطرة على قطاع غزة.

الدكتور إيدو زلكوفيتش، رئيس برنامج دراسات الشرق الأوسط في كلية يزرعيل الأكاديمية، يقول لصحيفة "غلوبس": "لم يكن للسلطة الفلسطينية أي تأثير على الحياة اليومية في قطاع غزة منذ عام 2007، وفي السنوات الأخيرة، قلصت تدريجيًا المدفوعات لموظفيها الذين بقوا هناك. معظم عبء إدارة الحياة الاقتصادية في غزة وقع على عاتق نظام حماس، الذي استغل هذا الوضع لتوسيع قاعدة نفوذه، حيث أصبح نظام حماس هو المشغل الأكبر في غزة، وسيطر على القطاع العام وخلق طبقة جديدة من الأثرياء الذين بنوا ثرواتهم بفضل العلاقات السياسية مع الحركة، واستفادوا من عائدات الإعلام والتجارة الخاصة".

يقول نائب رئيس شعبة فلسطين في مديرية التخطيط في الجيش الإسرائيلي سابقًا، المقدم (احتياط) عميت ياغور، إن السلطة الفلسطينية من المتوقع أن تطلب المساعدة الخارجية، مما يؤدي إلى استمرار الوضع الحالي، كما فعلت الأونروا بتوسيع ظاهرة اللاجئين منذ عام 1949. "تريد السلطة الفلسطينية إقناع العالم بإمكانية إقامة دولة فلسطينية، بينما تسعى حماس لإنهاء الحرب مع الاحتفاظ بالسيطرة على غزة. أخشى أن يتطور نموذج حزب الله في لبنان داخل قطاع غزة، لأنه سيكون مريحًا للجميع. السلطة ستقدم نفسها على أنها المسؤولة عن القطاع، بينما تظل حماس مسيطرة فعليًا على الأرض".

شخصيات محورية

هناك تساؤلات جدية حول القيادة التي ستخلف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) البالغ من العمر 89 عامًا. يبرز كل من أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ ورئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج كقيادات محتملة في المستقبل، لكن الدكتور زلكوفيتش يشير إلى أن إطلاق سراح الأسرى كجزء من الصفقة يمكن أن يغير الوضع. "إطلاق سراح مروان البرغوثي يمكن أن يقلب الموازين، لأنه يحظى بأوسع دعم شعبي. وبعد انتهاء الحرب، نتوقع أيضًا رؤية شخصيات منفية مثل محمد دحلان تلعب دورًا كبيرًا في إعادة إعمار غزة. أما في الضفة الغربية، فالنهج السائد لدى السلطة الفلسطينية هو الحفاظ على حياة طبيعية قدر الإمكان مع حرية العمل والتنقل. وبالتالي، لديهم الكثير ليخسروه إذا بدأ تمرد بمجرد غياب أبو مازن".

يختتم المقدم (احتياط) ياغور بالإشارة إلى المخاوف من ضعف السلطة الفلسطينية. "أظهرت استطلاعات الرأي أن شعبية حماس في الضفة الغربية تفوق شعبيتها في غزة. وفي السلطة الفلسطينية، عملوا في جنين حتى توصلوا إلى هدنة مع حماس والجهاد الإسلامي. بمعنى آخر، قبلوا سلطة المسلحين، بحيث إذا بقوا على الأرض، يمكنهم البقاء مؤثرين".