"أمان" يوصي باعتماد اللامركزية في إدارة الأزمات ومخاطر الكوارث

Publishing Date
خلال مؤتمره السنوي

رام الله-أخبار المال والأعمال- عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) مؤتمر السنوي بعنوان: "النزاهة السياسية في إدارة الأزمات والكوارث في فلسطين"، في إطار مساهمته في تطوير سياسات وخطط ومنظومة الاستعداد والتهيئة والاستجابة للطوارئ والأزمات وضمان كفاءتها وفاعليتها، بما يشمل اتخاذ القرارات وفق الصالح العام، وضمان حسن إدارة الموارد المتاحة وتحمّل الأعباء بعدالة، والتأكيد على المسؤولية الجماعية لجميع المكوّنات: الرسمية والأهلية والشعبية.

استعرض ائتلاف أمان أربع أوراق على مدار جلستي المؤتمر، حيث ركّزت الأولى على الإطار المفاهيمي لإدارة الكوارث والأزمات، بما يشمل أطر السياسات والاستراتيجيات الوطنية للاستجابة لحالات الطوارئ والأزمات، تناولت فيها الواقع والتحديات الحالية التي تعتري منظومة إدارة الكوارث والأزمات وحالات الطوارئ في فلسطين، وسبل تطويرها وتعزيز منظومة الحوكمة في إدارتها بما يخدم الصالح العام.

فيما شملت الجلسة الثانية النزاهة والفاعلية في عمليات الاستجابة الإنسانية، وتنظيم المساعدات الناجمة عن الإبادة الجماعية في قطاع غزة، إضافة لتناولها موضوع مأسسة منظومة إدارة الطوارئ وحوكمتها على المستوى المحلي.

انفتاح صانع القرار على كافة مكوّنات الطيف السياسي

استهل المؤتمر بكلمة من رئيس مجلس إدارة ائتلاف أمان، عبد القادر الحسيني، عبّر فيها عن قلقه لما تمر به القضية الفلسطينية من منعطفات وجودية من إبادة مستمرة، واعتلاء حكومة اليمين المتطرف سدة الحكم عند الاحتلال ما زاد من الدموية والحقد، والمزيد من الاستهداف لمنظومة الحكم والبنى التحية والإدارية والخدماتية، وكل ما يمكن أن يعزز صمود المواطنين على الأرض.

ودعا الحسيني إلى توحيد الطاقات وفق استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الخطر الداهم، بقوله: "إن اللحظة الحرجة التي نعيشها تفرض علينا جميعا مسؤوليات جسيمة، على رأسها الحفاظ على السلم الأهلي، واحترام سيادة القانون"، كما شدد على أن المرحلة تتطلب أيضا من صانع القرار الانفتاح أكثر على كافة مكونات الطيف السياسي، وصياغة رؤية وطنية شاملة تعبر عن تطلعات الجميع، داعيا للتفكير بعقلية دولة المؤسسات، وعلى نحو يعيد بناء الثقة بين المواطن والمستوى الرسمي.

وقد نادى الحسيني أيضا بوضع الخلافات جانبا، وترتيب بيتنا الداخلي، وتغليب لغة الحوار، والمسارعة لإنهاء حالة الانقسام بإرادة سياسية جادة، تمهيدا لتجديد شرعية النظام السياسي من خلال انتخابات شاملة، داعيا إلى وضع حد لغياب الممارسة الديمقراطية في إدارة الشأن العام، ومؤكدا على الحاجة الملحة لوجود مجلس تشريعي يراقب على الأداء، ويسائل السلطة التنفيذية على أدائها، ويبث روح الشعب في هياكل الدولة ومفاصلها.

استشراف إعداد الخطط الاستباقية لمواجهة الأزمات والكوارث

وأكد الحسيني أن تعزيز النزاهة السياسية في إدارة الأزمات والكوارث ضرورة قصوى، مشيرا أن الأوضاع الطارئة والظروف الاستثنائية وحالات عدم الاستقرار السياسي والأمني تخلق بيئة خصبة ينتعش فيها الفساد، ويغلب فيها منطق الخلاص الذاتي على صوت العقل، داعيا بدوره إلى اتخاذ بعض الخطوات الواجب تجهيزها، كالخطط الاستباقية التي تستشرف الأزمات والكوارث، وتتهيأ للتعامل معها بكل مرونة وحكمة، بعيدا عن الارتجال أو الانفعال، والاحتكام إلى منظومة إغاثة وإسناد متماسكة، أساسها النزاهة والشفافية، تمتثل للممارسات الفُضلى، بما يضمن إسناد شعبنا وإغاثته وفق أولويات استجابة واضحة وفعالة وشاملة تراعي أصعب السيناريوهات، سواء في قطاع غزة الجريح أو في الضفة الغربية المكلومة.

وزارة الداخلية: "الاستجابة الفعالة تستوجب التكامل لا المحاصصة"

بدوره، أكد وكيل وزارة الداخلية مالك طه، التزام فلسطين بإطار سينداي الأممي للحد من الكوارث والمخاطر، الذي انضمت إليه دولة فلسطين في عام 2015، مشيرا أن الوزارة تقوم بشكل دوري بمراجعة الأطر التنظيمية والقانونية بهدف ضمان وجود منظومة تحد من تبعات الكوارث، بالشراكة مع المجلس الأعلى للدفاع المدني، إضافة إلى الاستثمار المعزز للبنية التحتية الوطنية بهدف الاستدامة، ناهيك عن تنظيم برامج توعية وشراكات مع البلديات المحلية لتحقيق وعي مجتمعي عام، وأخيرا رفع مستوى الجاهزية والاستجابة والتأهب للكوارث من أجل التصدي لها بفعالية، عن طريق التكامل المؤسسي مع جميع الجهات ذات العلاقة، بقوله: "الاستجابة تعني التكامل لا المحاصصة".

التهيئة والاستعداد..عمليتان مستمرتان تتطلبان تعزيز جاهزية المجتمع والمؤسسات

واستعرض ناصر عويضات، منسق المساءلة المجتمعية في ائتلاف أمان، الورقة الأولى، بعنوان: "بناء النزاهة وتعزيزها في ظروف الأزمات والطوارئ"، والتي تهدف إلى تقديم إطار عام توجيهي لتعزيز النزاهة في حالات الأزمات والطوارئ، وذلك من خلال التركيز على تطوير وتعزيز الأطر التنظيمية والمؤسسية والعمليات التي تضمن النزاهة والشفافية والمساءلة في مراحل التهيئة والاستجابة بشكل خاص.

قدم عويضات إطارا مفاهيميا شاملا للتهيئة والاستجابة لظروف الأزمات والطوارئ، مؤكدا أن التهيئة والاستعداد هما عمليتان مستمرتان تتطلبان تعزيز جاهزية المجتمع والمؤسسات، والاستعداد الكامل للكوارث المحتملة عبر بناء القدرات، وتعزيز المرونة، وضمان الجاهزية للتدخل السريع والفعّال.

وأوضح أن هذه الجهود تسهم في تقليل الخسائر، وتعزيز قدرة المجتمع على التعافي، مع إشراك للمجتمع المدني والمجتمعات المحلية في هذه الجهود.

كما أكدت الورقة، أهمية المساءلة المجتمعية، التي تضمن تنفيذ الاستجابات الإنسانية بكفاءة وشفافية، بما يتماشى مع احتياجات المجتمعات المتضررة، مشددة على أن ذلك يتطلب وجود سياسة عامة تعتمدها الحكومة لأدارة الأزمات والكوارث توضح أدوار كافة الأطراف وسبل التنسيق فيما بينها.

أهمية اللامركزية والنزاهة في الحكم على المستويين المركزي والمحلي

استعرضت الورقة البحثية محورين رئيسيين، وهما: تبني منهج اللامركزية لتحقيق التوازن بين أدوار الحكومة والإمكانات المحلية، مع التركيز على الهيئات المحلية واللجان الشعبية والغرف التجارية والمؤسسات المجتمعية المحلية، كما شددت على أهمية تضافر جهود الشرطة والدفاع المدني والمتطوعين، لسد أي تراجع محتمل في دور المؤسسات المركزية.

 فيما ركز المحور الثاني على أهمية النزاهة في الحكم على المستويين المركزي والمحلي في إدارة الكوارث والأزمات، معتبرة أن تعزيز قيم النزاهة جزء لا يتجزأ من أطر الاستجابة للأزمات.

ودعت الورقة إلى رفع الوعي المجتمعي بأهمية النزاهة، بوصفها مصلحة وطنية ترتبط بتعزيز الصمود والتماسك الاجتماعي، وتقوية وحدة الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي، مشيرة أن غياب النزاهة السياسية قد يؤدي إلى تعميق الانقسامات وعرقلة الجهود الوطنية.

ركائز منظومة التهيئة والاستجابة الوطنية

طرحت الورقة مجموعة من الركائز الأساسية لبناء منظومة متكاملة للتهيئة والاستجابة الوطنية للأزمات والطوارئ، أبرزها، تطوير سياسات وطنية قائمة على مبادئ الحوكمة الرشيدة، بما يعزز التعاون بين مختلف المكونات للاستجابة للأزمات، ومنظومة مؤسسية فعالة، تتقاطع مع المسؤوليات القطاعية الحكومية على المستويات كافة، مع تطوير أطر وخطط تضمن التنسيق الفعّال بين الحكومة والمحافظات والهيئات المحلية. إضافة إلى تمكين الهيئات المحلية والمجتمع المدني، واللجان الشعبية والغرف التجارية، لزيادة فعاليتها في الاستجابة للأزمات، وأخيراً تضمين منظومة النزاهة والشفافية في مراحل التهيئة والتخطيط، مع تقييم مستمر لتطوير الاستجابات المستقبلية.

بناء القدرات وضمان الجاهزية يسرّعان من التعافي المبكر

تناولت الورقة أيضا أولويات تعزيز النزاهة عبر مراحل التهيئة والاستجابة، بدءًا من الاستعداد الذي يركز على بناء القدرات وضمان الجاهزية للتدخل السريع، بما يقلل من الخسائر ويعزز قدرة المجتمع على التعافي، مرورًا بالاستجابة قصيرة الأمد التي من شأنها تعزيز قيم النزاهة من تكريس للتضامن والتماسك المجتمعي، وتعزيز الجبهة الداخلية لضمان الاستجابة االفعّالة والعادلة في تلبية احتياجات المتضررين، تليها الاستجابة المتوسطة الأجل، التي تقوم على بناء الثقة ودعم الاستقرار، وأخيراً استجابة طويلة الأمد للتعافي تقوم على الالتزام بمنظومة النزاهة والشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد.

تحديد الفجوات يساهم في معالجتها وإنقاذ الأرواح وتلبية حاجات المتضررين

واستعرضت الباحثة صمود البرغوثي، منسقة البحث والرصد في ائتلاف أمان، الورقة الثانية التي هدفت إلى فحص واقع منظومة التهيئة والاستجابة لمواجهة الكوارث والأزمات والحالات الطارئة في فلسطين، من خلال التعرف على إجراءات حالات الطوارئ التي تُتّخذ مباشرة قبل وقوع الكوارث أو أثنائها أو فورا بعد وقوعها، بغية إنقاذ الأرواح والحد من الآثار الصحية، وضمان السلامة العامة وتلبية الاحتياجات المعيشية الأساسية للمواطنين المتضررين، وذلك على مستوى السياسة الوطنية العامة، والإطار التشريعي، والبنى المؤسسية الضرورية المناسبة، وتحديد الفجوات والتحديات القائمة في إطار هذه المنظومة، وبلورة توصيات تمثل الحالة الفضلى لمنظومة التهيئة والاستجابة لحالات الطوارئ في فلسطين على المستويات كافة.

النهج المركزي في إدارة وتنفيذ خطط الاستجابة أثبت عدم نجاعته

لخصت الورقة التحديات التي تعتري منظومة التهيئة والاستجابة؛ سواء على صعيد التشريعات أو على صعيد البنى المؤسسية والسياساتية، على رأسها استمرار النهج المركزي المعتمد على الحكومة لإدارة وتنفيذ خطط الاستجابة، والذي يعدّ ضعيفاً في تلبية الاحتياجات، لا سيما بسبب السياسة الإسرائيلية المقيدة لدور السلطة الفلسطينية في قطاع غزة وتنقلها ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة. إضافة إلى عدم توفر قاعدة بيانات جاهزة وشاملة للسجلات المدنية الفلسطينية، والتي تشكل عائقاً أمام المؤسسات الرسمية للقيام بدورها، وخاصة أن إسرائيل دمرت الوزارات والمؤسسات الرسمية وبنيتها التحتية ما أدى لتراجع سيادة القانون ومن قدرة المؤسسات المركزية الحكومية والرسمية على القيام بدورها أو التنسيق فيما بينها وبين المؤسسات الفاعلة على الأرض، ما عمل تباعا على إضعاف آلية الاستجابة، إضافة لغياب قاعدة معلومات وبيانات محدثة ودقيقة بالمواطنين الأكثر احتياجا وتبادلها بين الجهات ذات العلاقة كافة، لضمان وصول المساعدات لمستحقيها على أساس التكاملية لا الازدواجية.

الهيئات المحلية هي اللاعب الأساسي في الاستجابة للأزمات والطوارئ

أوصت الورقة اعتماد اللامركزية في الاستجابة للأزمات والطوارئ والكوارث كبديل عن الدور المركزي للحكومة القائم على اللجان الحكومية، والوزارات، والهيئات الرسمية، والمحافظين، حيث يكون تفعيل اللامركزية بالاعتماد على الهيئات المحلية كلاعب أساسي في حشد الإمكانيات المحلية، والعمل التطوعي بمشاركة المجتمع المحلي، ومؤسسات المجتمع المدني، والقوى والفصائل الوطنية، ولجان الزكاة، إضافة إلى ضرورة توسيع الأطر المحلية الفاعلة المشاركة في مواجهة آثار الكوارث.

كما أوصت الورقة الحكومة إلى اعتماد سياسة عامة وطنية لإدارة المخاطر والكوارث، وتعزيز دور الحكومة الإشرافي في التهيئة والاستجابة والإشراف على تنفيذها، والاعتماد على المركز الوطني لإدارة مخاطر الكوارث بإشراف رئيس الوزراء، وضرورة إقرار قانون فلسطيني لإدارة مخاطر الكوارث، وتوفير وإدارة قاعدة المعلومات المدنية العامة وقواعد البيانات الخاصة بالمواطنين الأكثر احتياجاً، وتسهيل الوصول إليها، وتأمين ضمان استدامة الموارد المالية والموازنات المخصصة لخطط للكوارث والطوارئ، وضرورة إخضاع المؤسسات الدولية العاملة للمساءلة للتأكد من نزاهة العاملين وشفافية الإجراءات.

الدفاع المدني: الاحتلال هو المعيق الأول الذي يحول دون الاستجابة الفاعلة

عقّب نائب مدير عام الدفاع المدني عمر البزور أن الاحتلال هو المعيق الأول الذي يحول دون الاستجابة الفاعلة، من خلال حواجزه التي تغلق المدن والقرى في الضفة الغربية وتحولها إلى مناطق معزولة، إضافة لإعاقة الاحتلال وصول عناصر جهاز الدفاع المدني إلى مختلف مناطق الضفة الغربية، مشيرا أن الاحتلال ومستوطنيه يهاجمون طوقم الدفاع المدني ومعداته باستمرار، علما أن عدد طاقم الجهاز ككل 1400 عنصر فقط، وأن النهج اللامركزي في بعض المناطق التي تتعرض لعنف المستوطنين مثلما حصل في حوارة والمغير أثبت نجاعته.

وأضاف البزور أن جهاز الدفاع المدني يتعاون على الصعيد الدولي، ويتلقي التدريبات والإسناد من الدول العربية والأوروبية على حد سواء، موضحا أنه قد نسّق مع أجهزة الدفاع المدني الأممية، من أجل استدخال المعدات اللازمة إلى قطاع غزة.

ووضّح البزور أيضا الدور الذي يقوم به المجلس الأعلى للدفاع المدني في وضع الخطط الوطنية وتنفيذ السياسات والاستراتيجيات للحد من مخاطر الكوارث، مشيرا أن الجهاز يشرف على غرف العمليات المشتركة ما بين المحافظين ولجان الطوارئ المحلية في المناطق.

ونوّه البزور بدوره أن المناطق الخاضعة لبلدية الاحتلال مثل كفرعقب، تفتقر للحد الأدنى من السلامة العامة.

وأطلق البزور عددا من التوصيات، على رأسها: زيادة الفرق المتخصصة من فرق طبية أو فرق التقييم السريعة، لتجاوز النقص في الإمكانيات البشرية المحدودة لدى جهاز الدفاع المدني، وأهمية تدريب الكوادر الجديدة والمتطوعة وتأهيلها، وتحديد المعدات المنقوصة من أجل استجلابها السريع.

تعقيبات مختلفة

فيما أفاد نضال عصري، رئيس وحدة إدارة المخاطر والأزمات في وزارة الداخلية، أن الوزارة في طور تطوير الخطة الاستراتيجية التي أعدها مركز المخاطر والكوارث، داعيا الجميع إلى تقديم مقترحات تعزز من هذا الطرح، ومؤكدا أهمية العمل الجمعي.

كما شدد حمدي الخواجا، مدير عام التخطيط والسياسات في هيئة مكافحة الفساد، على التنسيق المشترك في إدارة الكوارث، ما بين الميدان، وصانع القرار، ووجود موازنة كافية، وكوادر تنفذ في الميدان من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية والقاعدية. كما أكد على ضرورة وجود قواعد بيانات مفتوحة مع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وضرورة إجراء تقييم لجميع المؤسسات التي تعمل على تقديم خدمة بناء على الوضع الطارئ فيها، بالإضافة الى تقييم سياسة وأجندة وخطة الطوارئ، وأهمية تعزيز الرقابة الداخلية ومعالجة الشكاوى والبلاغات المقدمة من الجمهور.

وبدوره، انتقد بكر التركماني من الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في قطاع غزة، عدم إعلان الحكومة قطاع غزة منطقة منكوبة حتى الآن، كما استهجن بدوره الضرائب التي تجبى على كل المدخلات في قطاع غزة، بما في ذلك المعاملات الخدماتية كمعاملات جواز السفر وغيرها.

فيما عقّب عزمي الشعيبي، مستشار مجلس إدارة ائتلاف أمان لشؤون مكافحة الفساد، على أن الحكومة الفلسطينية تصرّ على اتباع النهج ذاته في إدارة حالات الطوارئ والأزمات السابقة (جائحة كورونا)، الذي يعتمد بالأساس على تشكيل اللجان الحكومية، مع إشراك المحافظين بشكل أساسي، وذلك على الرغم من عدم نجاح هذا النهج أو الأسلوب في الخروج من الأزمات بالشكل الأمثل، وعدم أخذ الدروس من تجربة كورونا.

كما دعا الشعيبي إلى تفعيل المركز الوطني لإدارة مخاطر الكوارث برئاسة رئيس الوزراء، مع وضع سياسة عامة وطنية شمولية معتمدة ومقرة لإدارة الأزمات ومخاطر الكوارث، كذلك تخصيص موازنة طوارئ مستجيبة للحالة الطارئة التي يمر بها شعبنا الفلسطيني، مشددا أن الهيئات المحلية هي الأجدر على تنفيذ عمليات الإغاثة برمّها لامركزيا، كونها منتخبة على الصعيد المحلي، إذ يجب أن تبلور السياسات العامة مركزيا، وينتقل إطار التنفيذ فيما بعد إلى المجتمع المحلي.

عدم تهيئة المستوى المحلي لإدارة توزيع المساعدات في قطاع غزة

في الجلسة الثانية، استعرض وائل بعلوشة، مدير مكتب ائتلاف أمان في قطاع غزة، ورقة هدفت إلى فحص الواقع العام لعمليات الاستجابة الإنسانية وتوزيع المساعدات في قطاع غزة، ودور الأطراف الرسمية والأهلية والدولية في تلبية الاحتياجات المطلوبة، ووسائل تنسيق الجهود بين الأطراف الفاعلة لضمان تحقيق الفاعلية والعدالة في إيصال المساعدات لمستحقيها.

وقد لخصت الورقة أن حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة قد كشفت مدى عجز المؤسسات والمنظمات الدولية لنجدة النازحين والمواطنين المدنيين، وكشفت مدى نفوذ الاحتلال الإسرائيلي وقدرته على الإفلات من العقاب عن استمراره في منع آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة وحرمانهم من تلقي المساعدات، وتعريضهم للقتل الجماعي بسبب الجوع، إضافة إلى استهدافه "قوات الشرطة" المدنية و"لجان الحماية" التي تحاول تأمين المساعدات لإثارة الفوضى وحالات الإرباك وحرمان المواطنين من فرص الحصول على المساعدات.

"بوابة موحدة" لبيانات المستفيدين والمساعدات في قطاع غزة

كما انتقدت الورقة عدم توفر "بوابة موحدة" لبيانات المستفيدين والمساعدات في قطاع غزة، التي من المتوقع أن تشرف عليها وزارتي التنمية الاجتماعية والإغاثة، بحيث تكون مرجعا للمؤسسات كافة، سواء أكانت أممية أم خاصة أم مؤسسات أهلية، يتم من خلالها توزيع المساعدات الإنسانية لضمان العدالة والشمول وعدم الإزدواجية.

أوصت الورقة، بضرورة وضع إطار مرجعي يشمل وضع خطة جهوزية وطنية متكاملة، تضمن سرعة تحديد الفئات الهشة وقت الطوارئ، وتحديد أولويات الاحتياجات وفقا لطبيعة الأزمة، مع وضع آليات للتنسيق بين الجهات المتدخلة كافة، وتحديد مهام كل جهة أثناء الأزمة، وآليات الرقابة المناسبة والجهات المسؤولة عن تنفيذها.

ودعت الورقة الى الاستمرار في مساءلة الاحتلال الإسرائيلي والضغط عليه لإجباره على إدخال المساعدات الإنسانية بأعداد مضاعفة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في غزة، وللتخفيف من حالة التجويع التي يعانيها النازحون، وحماية قوافل المساعدات الإنسانية للوصول للفئات المستهدفة، ما سيساهم في وصول المساعدات للمستفيدين، ويعزز قدرة المؤسسات المحلية والدولية على تحقيق الاستجابة الإنسانية من خلال الوصول بعدالة وكرامة ونزاهة إلى المستفيدين.

إعطاء دور أكبر للهيئات المحلية في إدارة حالات الطوارئ

واستعرض الدكتور عبد الرحيم طه ورقة أخيرة، بعنوان: " مأسسة منظومة إدارة الطوارئ وحوكمتها على المستوى المحلي"، تحدث فيها عن حالة الطوارئ التي شهدتها الأراضي الفلسطينية أثناء جائحة كورونا العام 2020، والتي أظهرت ضعف المنظومة المؤسساتية القائمة لمواجهة حالات الكوارث والطوارئ وإدارتها، إضافة إلى عدم وضوح الاختصاصات المناطة بالجهات المختلفة في هذا المجال، حيث تعددت الأجسام والجهات ذات الصلة بالاستجابة لتلك الحالة الطارئة، كما تعددت الجهات التي تولت جمع المساعدات وتوزيعها أثناء جائحة كورونا، وواجهت إدارة حالة الطوارئ وتوزيع المساعدات العديد من التحديات، وشابتها العديد من الإشكاليات، وبخاصة تلك المتعلقة بقيم النزاهة ومبادئ الشفافية ونظم المساءلة.

أوصت الورقة أيضا بالتحول من نظام المركزية الإدارية في تنفيذ الإجراءات المتعلقة بمواجهة حالة الطوارئ، إلى نظام اللامركزية الإدارية، من خلال إعطاء دور أكبر للهيئات المحلية في إدارة حالات الطوارئ ومواجهتها بما ينسجم مع المعايير الدولية المتعلقة بكيفية إدارة حالات الطوارئ من جهة، ويراعي خصوصية الوضع الفلسطيني من جهة أخرى، بحيث تكون الهيئة المحلية في كل تجمع سكاني، هي من تتولى قيادة إدارة حالات الطوارئ، بالتنسيق مع مختلف أطياف المجتمع المحلي، وأن تتسم هذه الإدارة بالحاكمية الرشيدة، من خلال تعزيز قيم النزاهة، ومبادئ الشفافية، ونظم المساءلة في عملها.

تعقيبات مختلفة

قالت مسؤولة ملف الخطة الوطنية في وزارة التنمية الاجتماعية، هنادي براهمة، إن هناك 200 موظف يعملون في قطاع غزة لإغاثة المواطنين وتوزيع المساعدات للأسر المحتاجة بعدالة، وأشارت إلى وجود سجل وطني كمرجعية للشركاء الدوليين والمحليين كافة، مؤكدة أن الشراكة ليست فقط في تحديد الأولويات، بل أيضا في تجميع البيانات.

وقال مدير عام المشاريع في وزارة الحكم المحلي، مؤيد شحادة، إن للحكومة الفلسطينية تجربة لامركزية في محافظتيّ طولكرم وجنين، حيث خصصت موازنات لمعالجة الأضرار الناجمة عن اقتحامات الاحتلال المتصاعدة والمستمرة هناك، إذ عملت فيما بعد على وضع آلية تفصيلية للجان الطوارئ من المجتمع المحلي منها لجان السلامة العامة والهيئات المحلية واللجنة الشعبية والدفاع المدني كشريك أساسي لإصلاح الأضرار العامة تتعلق بالبنية التحتية، والأضرار الخاصة مثل المواد الطبية والغذائية، وتوفيرها للمواطنين بأسرع وقت ممكن.

وأوضحت مستشارة وزير شؤون الإغاثة للعلاقات الخارجية والدولية، رانيا أبو عياش، أن دور الوزارة هو تحقيق نظام شمولي كامل للإغاثة خلال الأزمات والكوارث، وهو دور تنسيقي، وحيث يناط التنفيذ إلى المؤسسات الأخرى ذات الصلة، كما أشارت إلى الانفتاح لاستقبال أي توصيات وشكاوى وآراء من المواطنين بشكل فردي، والمؤسسات الأخرى، مؤكدة أن مؤسسات المجتمع المدني تشكل دورا مهما وأصيلا من العمل والتعاون والتكامل مع المؤسسات الرسمية.