جاكسون هول-أخبار المال والأعمال- أبدى رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول، الجمعة، تأييدا صريحا لتيسير السياسة النقدية، قائلا: إنه لا يرغب في استمرار الشح في سوق العمل، وعبّر عن ثقته في اقتراب التضخم من الوصول إلى هدف البنك المركزي البالغ 2%.
وأضاف باول في كلمته أمام المؤتمر الاقتصادي السنوي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في "جاكسون هول" بولاية "وايومنج": "لقد تضاءلت مخاطر الصعود المتعلقة بالتضخم. وزادت مخاطر الهبوط المتعلقة بالتوظيف".
وتابع: "لقد حان الوقت لتعديل السياسة. الاتجاه واضح، وسيعتمد موعد ووتيرة خفض أسعار الفائدة على البيانات الواردة والتغيرات التي ستطرأ على التوقعات والموازنة بين المخاطر".
وفي إشارة إلى الهدفين اللذين كلف الكونغرس مجلس الاحتياطي الفيدرالي بتحقيقهما، قال باول: إن "ثقته زادت في أن التضخم يسير على مسار مستدام للعودة إلى 2%"، بعد أن تجاوز 9% بعد جائحة كورونا، في حين يزداد معدل البطالة.
وأضاف باول: "إن ارتفاع معدل البطالة بنحو نقطة مئوية واحدة على مدار العام الماضي يرجع بنسبة كبيرة إلى زيادة الأيدي العاملة وتباطؤ التوظيف، وليس إلى زيادة تسريح العمال".
ويبلغ معدل البطالة في الوقت الحالي 4.3%، وهو تقريبا عند المستوى الذي يشعر مسؤولو مجلس الاحتياطي بأنه متسق مع استقرار التضخم على المدى الطويل.
وقال باول: "لا نريد مزيدا من الشح في أوضاع سوق العمل ولا نرحب به. سنبذل كل ما في وسعنا لدعم سوق عمل قوية مع إحراز المزيد من التقدم نحو استقرار الأسعار. ومع تخفيف القيود المتعلقة بالسياسات بشكل مناسب، سيكون هناك سبب وجيه للاعتقاد بأن الاقتصاد سيعود إلى معدل تضخم يبلغ 2% مع الحفاظ على سوق عمل قوية".
وواصل المتعاملون، الجمعة، الرهان على خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي يومي 17 و18 أيلول/سبتمبر، ولكن بعد تصريحات باول يراهن واحد من كل ثلاثة متعاملين تقريبا على خفض الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية.
وتابع باول: "رغم عدم اكتمال المهمة حتى الآن، فقد أحرزنا قدرا كبيرا من التقدم" نحو استعادة استقرار الأسعار.
ويقول مجلس الاحتياطي الفيدرالي: إن استقرار الأسعار يحدث عندما يكون معدل التضخم 2% وفقا لمؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة. وسجل المؤشر معدلا سنويا 2.5%.
وجاءت تصريحات باول في منتجع جاكسون ليك بحديقة جراند تيتون الوطنية في ولاية وايومنج أمام عدد كبير من محافظي البنوك المركزية وخبراء الاقتصاد.
وأصبح هذا التجمع بمثابة منصة عالمية للمسؤولين لبلورة أفكارهم فيما يتعلق بالسياسة النقدية والاقتصاد.
الدولار ينخفض والذهب يلمع
وارتفعت أسعار الذهب 1% مع تراجع الدولار وعوائد سندات الخزانة الأميركية عقب تصريحات باول التي أشار فيها إلى خفض أسعار الفائدة في أيلول.
وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 1% إلى 2508.88 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 14:42 بتوقيت غرينتش، لكنه ظل أقل من مستوى مرتفع غير مسبوق عند 2531.60 دولار سجله الثلاثاء الماضي.
كما زادت العقود الأميركية الآجلة للذهب 1.2% إلى 2546.20 دولار.
وهبط مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من ست عملات رئيسية منافسة، 0.6%، كما نزلت عوائد سندات الخزانة القياسية لأجل 10 سنوات عقب خطاب باول، ما يجعل الذهب أكثر جاذبية بالنسبة لحائزي العملات الأخرى.
وهبوط الدولار يجعل من اقتناء الذهب أقل كلفة لحاملي العملات الأخرى.
وقال تاي وونغ، وهو متداول مستقل في المعادن في نيويورك: "تتفاعل أسواق الأصول جيدا على الأقل مبدئيا مع تعليق باول الذي ينطوي على نهاية مفتوحة إلى حد ما بأن الوقت قد حان لتعديل السياسة".
وأضاف: "من المتوقع أن يواصل الذهب ارتفاعه قبيل اجتماع مجلس الاحتياطي في أيلول".
وقال أليكس إبكاريان، الرئيس التنفيذي للعمليات في "أليجينس جولد": إن التوقعات بخفض أسعار الفائدة قد تدفع الذهب إلى نطاق بين 2550 و2600 دولار.
ووفقا لأداة "فيد ووتش" التابعة لمجموعة "سي.إم.إي"، يتوقع المتداولون بنسبة 67.5% خفضا بواقع 25 نقطة أساس الشهر المقبل في حين يتوقع 32.5% خفضا أكبر يصل إلى 50 نقطة أساس.
النفط يصعد
كما ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 1%، الجمعة، بعد أن أشار باول إلى أن خفض أسعار الفائدة سيكون من بين أولويات البنك في الأشهر المقبلة.
وزادت العقود الآجلة لخام برنت 1.27 دولار أو 1.63% إلى 78.49 دولار للبرميل بحلول الساعة 14:50 بتوقيت غرينتش، كما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 1.33 دولار أو 1.81% إلى 74.34 دولار للبرميل.
وقال فيل فلين، المحلل الكبير في "برايس فيوتشرز جروب": "التحول الذي حدث في موقف مجلس الاحتياطي حقيقي، فهو يؤثر على كل السلع الأولية".
وسجل الخامان أدنى مستوياتهما منذ أوائل كانون الثاني في وقت سابق من الأسبوع، بعد أن عدلت الحكومة الأميركية بشكل كبير تقديراتها للوظائف التي أضافها أصحاب الأعمال في البلاد هذا العام حتى آذار، ما آثار مخاوف من الانزلاق إلى ركود.
وتلقت أسعار النفط دعما من تراجع الدولار، إذ عادة ما يؤدي انخفاض الدولار لزيادة الطلب على النفط المقوم بالعملة الأميركية من جانب المستثمرين من حائزي العملات الأخرى.
وقال بنك مورجان ستانلي في مذكرة: إن الانخفاض في مخزونات الخام قدم بعض الدعم لأسعار النفط.
وتشير بيانات حديثة واردة من الصين، أكبر مستورد للنفط، إلى تعثر الاقتصاد وتباطؤ استهلاك المصافي للنفط.
كما ساعد تجدد الجهود الرامية لوقف إطلاق النار في غزة في تهدئة المخاوف حيال الإمدادات وكان لذلك أثره على أسعار النفط.