برنامج حكومة الدكتور محمد مصطفى

Publishing Date

رام الله-أخبار المال والأعمال- قدم رئيس الوزراء المكلف محمد مصطفى، اليوم الخميس، برنامج عمل الحكومة وقائمة التشكيل المقترحة إلى رئيس دولة فلسطين محمود عباس، وذلك لنيل الثقة وفق القانون الأساسي لاعتماد تشكيلها.

وبموجب ذلك أصدر الرئيس قرارا بقانون بمنح الثقة للحكومة التاسعة عشرة وأصدر مرسوما بشأن اعتماد تشكيلتها.

وستؤدي الحكومة اليمين الدستورية أمام الرئيس يوم الأحد المقبل الموافق 31-3-2024.

وأكد برنامج الحكومة أنّ المرجعية السياسية للحكومة هي منظمة التحرير الفلسطينية، وبرنامجها السياسي، والتزاماتها الدولية، وكتاب التكليف الموجه من الرئيس محمود عباس للحكومة.

وتضمن برنامج الحكومة، العمل على إيلاء الوضع الإنساني أولوية قصوى بما يشمل وضع خطة شاملة للمساعدات الإنسانية والإغاثة الفورية لأهلنا في قطاع غزة، والتعافي وإعادة الإعمار في كل من القطاع والضفة وتركيز الجهود الهادفة إلى تثبيت واستقرار الوضع المالي وانعكاسه على الاستقرار الاقتصادي.

كما يشمل خططا للإصلاح المؤسسي، وإعادة الهيكلة وتوحيد المؤسسات، ومحاربة الفساد، ورفع مستوى الخدمات والتحول الرقمي، وتوحيد المؤسسات وإعادة هيكلة المؤسسات بين شطري الوطن.

ويشمل برنامج عمل الحكومة بندا حول سيادة القانون، وتعزيز نزاهة القطاع المالي، بما فيه تمكين الجهاز القضائي، وتعزيز الأمن والأمان، وضمان الحريات العامة.

كذلك تضمن تعزيز الصمود في القدس المحتلة والأغوار والمناطق المهمشة، ومواصلة العمل على الحفاظ على المقدسات المسيحية والإسلامية في المدينة، ووضع الخطط والبرامج لإعادة ربط المدينة بالكلّ الفلسطيني.

وفيما يلي البيان الوزاري كاملا ومرسوم التكليف.

بسم اللّـه ٰالرحمن الرّحيم

سيادة الرئيس محمود عبّاس

رئيس دولة فلسطين

رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

إنني وإذ أقف أمامكم، أود أن أبدأ كلامي بالترحّم على شهداء شعبنا، وبالانحناء إجلالا لتضحياتهم، والتمني بالشفاء العاجل للجرحى، والحرية لأسرانا الأبطال وعائلاتهم الصابرين، وللجرح النازف في قطاع غزة الحبيب، ولأبناء شعبنا الصامدين في مواجهة اعتداء الاحتلال وإرهاب مستوطنيه، في المخيمات والقرى والمدن، ولأهلنا القابضين على الجمر في القدس، درة التاج وعاصمة دولة فلسطين الأبدية، المدافعين عن هوية وطابع مدينة القدس، ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ووضعها التاريخي والقانوني. ومن هنا، على بعد خطوات من مكان احتضان أرض فلسطين الطاهرة لجثمان الزعيم الخالد ياسر عرفات، أتقدم بالتحية لأبناء شعبنا العظيم في أماكن تواجده في فلسطين وخارجها كافة.

إنني وإذ أقف أمامكم، أعي تماما أن الأمل والتمني لا يكفيان، وأدرك المسؤولية الكبرى التي تشرفت بأن وضعتموها على كاهلي، وأشكركم على هذه الثقة الكبيرة، آملا أن أكون والحكومة على قدرها. إنها مسؤولية تتطلب الانطلاق من الأمل والتمني، إلى العمل، ومن الخطط إلى الإجراءات، ومن الكلام إلى الفعل. إن الأمل هدف يقود الإنسان للبقاء والصمود، ولكن العمل الجاد هو ما يجعل من ذلك الأمل حقيقة، وهذا أول ما أعلن عنه أمامكم وأمام شعبنا: التزامي وفريق حكومتي بالعمل، وبتجميع الطاقات، بشكل شامل، واستغلال جميع المكنونات الكبرى التي يمتلكها شعبنا بشكل فردي وجماعي من أجل القيام بالمهام والمسؤوليات المنوطة بنا، بناء على كتاب التكليف، وعلى ما تمليه الضرورة، وخطورة المرحلة، والتحديات الكبرى التي ندرك مدى تعقيداتها على الصعد كافة.

هي تحديات صعبة بالفعل، ولكن ما بين الصعب والمستحيل إرادة وتسلّح بالإيمان، وصبر وصمود وقدرة على النهوض؛ وهي مفردات تشكل مرادفات لفلسطين وشعب فلسطين.

سيادة الرئيس،

لقد أدت الحرب الهمجية المتواصلة حتى اللحظة إلى وضع كارثي في قطاع غزة. إن الصورة مروعة، ولا يمكن وصفها، وما زالت تتواصل. فقد استشهد حتى يومنا هذا حوالي اثنان وثلاثون ألف وخمسمائة مواطن (32,500)، منهم حوالي أربعة عشر ألف طفل (13.800)، إضافة إلى ما يقارب من خمسة وسبعين ألف جريح، وحوالي ثمانية آلاف مواطن في عداد المفقودين تحت الأنقاض. ونزح حوالي مليون وتسعمائة ألف مواطن، أي ما نسبته خمسة وثمانون بالمئة 85% من سكان القطاع، وكل واحد منهم قصة إنسانية، وعائلة وآمال. ويعاني كافة المواطنين في القطاع من انعدام الأمن الغذائي، منهم 1.1 مليون مواطن يواجهون مستويات كارثية، حيث فقد ما لا يقلّ عن ثلاث وعشرون طفلا حياتهم من الجفاف وسوء التغذية أمام نظر العالم أجمع. وتوقف العمل في ثلاثة وثمانين بالمئة 83% من آبار المياه الجوفية، وكذلك الأمر لأنظمة معالجة مياه الصرف الصحي التي توقفت عن العمل بالكامل.

ودمّرت آلة الحرب الإسرائيلية أكثر من ستين بالمئة 60% من الوحدات السكنية ما بين تدمير كلي أو جزئي، ولا يعمل سوى أربعة وعشرون 24% مركزا من مراكز الرعاية الصحية الأولية، واثنا عشر مستشفى من أصل ستة وثلاثين 36، تحت ضغط هائل وبنقص حاد. وفقد 625 ألف طالب حقهم في الحصول على التعليم، وتعرضت (ثلاثمائة وست وتسعون) 396 مدرسة من أصل (اربعمائة وخمس وتسعون) 495 مدرسة من مدارس الأونروا والمدارس العامة لأضرار. ويضاف إلى ذلك الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، والكهرباء وشبكات التوزيع وأنظمة الطاقة الشمسية ونقاط توصيل الكهرباء إلى القطاع.

ويواصل الاحتلال حربه في مدينة القدس وباقي محافظات الضفة التي وصل عدد الشهداء فيها إلى أربعمائة وأربعة وخمسين 454 شهيدا في الستة أشهر الماضية فقط، مع استمرار الاقتحامات والاعتقالات وتدمير البنية التحتية، وهدم المنازل، مع تسريع الاستيطان، وتعاظم إرهاب المستوطنين، والإغلاقات التي تقطع أوصال الضفة الغربية.

وبالتالي فإن الأولوية الوطنية الأولى هي وقف إطلاق النار الفوري، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، والسماح للمساعدات الإنسانية بالدخول بكميات كبيرة ووصولها إلى جميع المناطق، وبشكل عاجل ودون تأخير، من أجل تمكين إطلاق عملية التعافي والتحضير لإعادة الإعمار، ووقف العدوان والنشاطات الاستيطانية ولجم إرهاب المستوطنين في الضفة الغربية.

وبالتأكيد فإن هذه الإجراءات يجب أن تشمل عودة جميع النازحين إلى مناطقهم دون تأخير، وتوفير أماكن ووسائل الإيواء والخدمات الأساسية لحياتهم، تمهيدا لعودة العملية التعليمية، والخدمات الصحية وجميع المرافق الخدمية والاقتصادية والبنية التحتية الأساسية، ووصول المياه والكهرباء، والوقود، وغيرها.

ويرافق هذه الحرب، وتبعاتها، أوضاعا اقتصادية تثقل على المواطن والحكومة، حيث وصل اقتصادنا، والمالية العامة إلى أوضاع تنذر بكارثة كبرى. ففي قطاع غزة، قفز معدل البطالة من واحد وأربعين 41% قبل ستة أشهر، ليصل منذ بداية الحرب على غزة حتى بداية العام الجاري إلى تسع وثمانين 89%، وحتى شهر كانون الثاني تشير التقديرات إلى تدمير حوالي ثلاثة وسبعين بالمئة 73% من المنشآت الاقتصادية، وحوالي ثلاثة وثمانين بالمئة 83% من المنشآت التجارية. أما في الضفة الغربية، فقد حوالي مئتي ألف عامل عملهم في إسرائيل، وتراجع عمل وإنتاجية حوالي خمس وثمانين بالمئة 85 % من المنشآت الاقتصادية والتجارية. ووصلت خسائر القطاع الخاص في الأشهر الأربعة الأولى فقط من الحرب في الضفة الغربية وغزة إلى حوالي 2.3 مليار دولار أمريكي بمعدل تسعة عشرة 19 مليون دولار أمريكي يوميا.

أمّا على صعيد المالية العامة، تتسلم الحكومة مهامها في خضمّ أزمة مالية غير مسبوقة وصلت إلى مستويات خطيرة، فقد وصلت التزاماتها التراكمية تجاه الموظفين، الذين يعانون من تسلّم رواتبهم وحقوقهم منقوصة، إلى حوالي سبعمائة وخمسة وأربعين 745 مليون دولار، ووصل مجموع المتأخرات لصالح الموردين من القطاع الخاص إلى حوالي 1.3 مليار دولار، في حين تجاوزت مديونية الحكومة من البنوك حاجز الملياري دولار أمريكي، يضاف إليها التزامات متأخرة لصالح هيئة التقاعد الفلسطينية؛ تصل إلى حولي ثلاثة (3) مليارات دولار. أي أنّ التزامات ومديونيات الحكومة العامة وصلت إلى حوالي 7 مليار دولار أمريكي.

يضاف إلى كل ما سبق، تراجع الاقتصاد، وبالتالي المداخيل، بسبب خسائر القطاع الخاص جرّاء الحرب، والذي أدى إلى تراجع إضافي في مداخيل الدولة بما نسبته ثلاثون بالمئة (30%) في شهر كانون الثاني مقارنة بما قبل الحرب، أي أنّ مجمل مدخول الحكومة يصل حاليا إلى حوالي عشرين بالمئة (20%) من مجمل حجم المصروفات، مما انعكس على قدرتها على الوفاء بالتزاماتها أولا تجاه حقوق الموظفين، وثانيا تجاه الموردين للسلع والخدمات الأساسية. ما يضع الحكومة الجديدة، في اليوم الأول من تسلمها لمهامها، أمام احتياجات كبيرة تتعلق بالتعامل مع التزاماتها اليومية، والديون المترتبة عليها، وتمكين الوصول إلى الاستقرار الاقتصادي، فضلا عن الاحتياجات التي يجب تخصيصها لقطاع غزة؛ سواء الطارئة أو المتعلقة بالإنعاش، حتى قبل توفر الظروف لموضوع إعادة الإعمار.

وبكلّ أسى، فإن هذه الأوضاع تأتي في ظل انقسام بغيض، يجب أن ينتهي وعلى الفور، لأن ذلك يؤثر على قدرة مؤسساتنا وأجهزتنا المدنية والأمنية من تقديم خدماتها، ومن تمكينها بالقيام بمهامها المطلوبة للمواطنين، في شقي الوطن على حد سواء، ونحن على ثقة بأن الجميع سيكون على قدر المسؤولية لتوفير البيئة المناسبة، وتوفير التسهيلات لتمكين الحكومة من خدمة جميع أبناء شعبنا في كافة أماكن تواجدهم، والتخفيف من معاناتهم جراء ما يتعرضون له، خاصة في قطاع غزة والضفة بما فيها القدس الشرقية، من تدمير واستهداف لمشروعنا الوطني وحريتنا واستقلالنا .

سيادة الرئيس

لا بدّ من التأكيد على أنّ المرجعية السياسية للحكومة هي منظمة التحرير الفلسطينية، وبرنامجها السياسي، والتزاماتها الدولية، وكتاب التكليف الموجه من سيادة الرئيس محمود عباس للحكومة.

وفي ذات السياق، فإن الحكومة ملتزمة بإسناد الاستراتيجية الوطنية القاضية بأن أي تحرك سياسي يجب أن يسعى لتحقيق الرؤية الوطنية الشاملة تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإنجاز الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 ( الضفة الغربية وغزة موحدتين) وعاصمتها القدس الشرقية على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وحلّ قضية اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار 194، والعمل ضمن خطة وطنية شاملة وواضحة للوصول إلى هذا الهدف. 

وعليه، فإن هذه الحكومة ستسعى لتجسيد الموقف الوطني بأن دولة فلسطين هي الكيان الوحيد المسؤول عن الإدارة والحكم في فلسطين بجميع أقاليمها اعتمادا على كون الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة وحدة سياسية وجغرافية واحدة لتجسيد حق تقرير المصير الفلسطيني وفق قرارات الشرعية الدولية، وأخذا بعين الاعتبار الإطار السياسي الذي تعتمده منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، على المستوى الوطني الجامع للشعب الفلسطيني وفصائله. ووجب علينا التذكير في هذا السياق، أن هذه الرؤية السياسية الشاملة، وضرورة تمكين جميع الأطراف للحكومة تعتبر متطلبات ضرورية لكي تستطيع الحكومة القيام بدورها تجاه أبناء شعبنا، وتحديدا في قطاع غزة، وبالتالي إنجاح أية جهود قادمة لإعادة الإعمار.

سيادة الرئيس،

إن هذا الوضع الصعب، والتحديات الجسام، وحرب الإبادة القائمة ضد أبناء شعبنا في قطاع غزة، واستهداف البشر والأرض والمقدسات في القدس والضفة الغربية لن تثني عزيمتنا، وسنعمل على مواجهتها، من أجل تنفيذ المسؤوليات التي أوكلتموها إلينا، وصولا إلى التأسيس للاستقلال والدولة، بما يشمل العمل على ترسيخ مبادئ العدالة والاستدامة والشفافية والحوار والشراكة وتنفيذ برامج الحكومة ضمن معايير عالية، تعزز ثقة المواطنين بمؤسساتهم الحكومية والوطنية، ورفع جودة الخدمات الحكومية واستدامتها وتحولّها الرقمي.

وسنقوم بذلك على مبدأ الشراكة والحوار من أجل تحسين الأداء، ورفع المستوى المعيشي لشعبنا، وضمن معايير النزاهة ومحاربة الفساد، وتوفير مكونات الصمود والبقاء لأبناء شعبنا، بكرامة وعدل اجتماعي، وعقد اجتماعي قائم على الحقوق والواجبات ضمن إطار سيادة القانون، والعمل كذلك على تعزيز مكانة دولة فلسطين ومؤسساتها الوطنية في منح الفرص للشباب والمرأة وفي مجالات الريادة والابتكار والمبادرة والتنمية المستدامة، وذلك بالشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني والهيئات المحلية، وكذلك أهمية العمل على إشراك أهلنا في الخارج والشتات، للإسهام في التنمية والاستثمار في بلادهم في ظل قوانين وبيئة شفافة ومحفزة.

وعليه، فإنه يشرفني أن أضع بين أيديكم، وأمام أبناء شعبنا، الخطوط العريضة لبرنامج عمل الحكومة والذي سيشمل حال الانتهاء من إعداده، على تحديد الأولويات والإجراءات القابلة للتطبيق فورا، وعلى المدى المتوسط والمدى البعيد، بما يوفر آليات التعامل مع تبعات الحرب، والأوضاع الحالية، ويرفع من مستوى أداء المؤسسات الحكومية، ويمهد الطريق إلى البرامج الخاصة بالإصلاحات والتنمية الاقتصادية، القائمة على الشفافية والحكم الرشيد، ويتلخص فيما يلي:

أولا: الإغاثة، وإعادة الإعمار والإنعاش الاقتصادي، ومنظومة الرعاية الاجتماعية في الضفة وغزة:

1- الإغاثة والخدمات الأساسية:

-  العمل على إيلاء الوضع الإنساني أولوية قصوى، بما يشمل وضع خطة شاملة للمساعدات الإنسانية والإغاثة الفورية لأهلنا في قطاع غزة، لغرض تلبية الاحتياجات الفورية الطارئة، والتي تعاني من المعيقات والتقييدات الإسرائيلية التي تحد من دخولها بالكميات المطلوبة، وإيصالها إلى مستحقيها، وفي ظل تعدد الجهات الدولية والإقليمية التي تقدم – مشكورة - الدعم الإنساني، في غياب آلية تنسيق موحدة يمكن أن تنظم العمل وتعظّم الجهود. وذلك من خلال البدء بالتركيز على قضية التنسيق بشكل مركزي لكافة هذه الجهات والمساعدات لضمان عدالة التوزيع، وفعاليتها ضمن إجراءات حوكمة سليمة وشفافة. وبالتعاون والتنسيق مع كافة الأطراف ذات العلاقة، وفي مقدمتها منظمات الإغاثة الفلسطينية، والعربية والدولية والأممية، وخاصة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) والتي يجب تعزيز عملها ودعمها بكافة السبل الممكنة، لتمكينها من مواصلة الدور الحساس والهامّ الذي تقوم به لأبناء شعبنا، ورفض كافة محاولات المس بها وبمكانتها.

- وعليه، ستشكل الحكومة فور المصادقة عليها فريق عمل على المستوى الوزاري للقيام بهذه المهمة، وتعيين منسق خاص للمساعدات والشؤون الإنسانية لقطاع غزة لقيادة فريق العمل وهذه الجهود. وبما يشمل وضع البرامج والخطط التنفيذية لإعادة الخدمات الأساسية من وقود، ومياه، وكهرباء، وخدمات صحية، وغيرها. وتنظيم مؤتمر تشاوري مع كافة الجهات الدولية والإقليمية لتنظيم هذه القضية الطارئة، وفي ذات الوقت تركيز وجذب الاهتمام الدولي لها، وإلزام المجتمع الدولي ببذل المزيد للضغط على الحكومة الإسرائيلية لإنهاء هذا الوضع المأساوي.

2- التعافي وإعادة الإعمار في قطاع غزة:

- التعافي: وضع الخطط والتجهيز لمرحلة للتعافي على المدى المتوسط والطويل بما يشمل جميع المتطلبات، من مواد أساسية، وإيواء، وخدمات مثل المياه، ومعالجة الصرف الصحي والإمدادات الضرورية للمشافي، وإزالة الأنقاض، وبرامج لتوفير فرص عمل فورية، وضخ النقد في الاقتصاد المحلي والمساعدة في جهود التعافي، كي تتمكن هذه الخطط من العمل بشكل فوري وفي اللحظة التي تتوفر الظروف لها.

- إعادة الإعمار: ونحن ندرك مدى صعوبة، وحجم ومتطلبات إعادة الإعمار في قطاع غزة، بما فيها المتطلبات المالية والتي قد تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات، ومتطلبات الترتيبات السياسية واللوجستية، التي لا يمكن بدء إعادة الإعمار دونها، إلا أن الحكومة ستبدأ العمل وبالتوازي مع تنسيق جهود الإغاثة الإنسانية، بالتأكد من الجهوزية التامة لتطوير وتنفيذ (فور توفر الظروف المناسبة) خطة مفصلة لإعادة إعمار غزة، مع التركيز على إعادة بناء البنية التحتية وتنشيط الاقتصاد المحلي، ضمن إطار حوكمة شفاف ونزيه ونظام رقابة صارمة يضمن الامتثال للمعايير المالية والمحاسبية الفضلى، والبدء بالتحضير لعملية تجنيد الأموال اللازمة لذلك، على أن تكون إعادة البناء، ضمن رؤية وطنية استراتيجية شاملة ومتقدمة تضع أسس الاستقلال وملامح الدولة الفلسطينية المستقلة.

3- إعادة الإعمار في الضفة الغربية:

تحديد احتياجات إعادة إعمار ما دمّره الاحتلال في المحافظات الشمالية، خاصة في المناطق الأكثر تضررا وفي مقدمتها محافظات جنين، وطولكرم، ونابلس، ووضع خطة لإعادة الإعمار والتنشيط الاقتصادي، بالتركيز على المحافظات والتجمعات الأكثر تضررا واستهدافا.

4- تحفيز الاقتصاد:

العمل على وضع خطة لمراجعة وتطوير السياسات، بحسب الأولوية، والتي يمكن أن يكون لها الأثر المباشر في تحفيز الاقتصاد سواء على صعيد البنية التحتية، أو الصناعة بكافة مجالاتها، وتعزيز دور الشباب والمرأة، وبالشراكة والحوار مع كافة الجهات المعنية وفي مقدمتها القطاع الخاص.

5- الرعاية الاجتماعية في الضفة وغزة:

مراجعة وتقييم أنظمة الرعاية والحماية الاجتماعية، بما في ذلك دراسة منظومة الحماية الاجتماعية، ودعم الأسر المحتاجة والفقيرة، وتقييم تجربة قانون الضمان الاجتماعي، ودراسة نظام التأمين الصحي وغيرها، بهدف الارتقاء بها ورفع مستوى الحماية الاجتماعية كأحد العناصر الحيوية في منظومة الإصلاح والبناء التي تسعى الحكومة إلى تطبيقها.

ثانيا: المالية العامّة، الاستدامة المالية، والاستقرار الاقتصادي

في الوقت الذي تحتاج الحكومة فيه إلى الدعم الخارجي في المرحلة الحالية، سواء للاستجابة للاحتياجات الإنسانية الهائلة في قطاع غزة، وإعادة إعمارها فيما بعد، ولضمان استقرار الوضع المالي في الضفة الغربية؛ وتمويل البرامج الإصلاحية، فإن الهدف الأسمى على المدى البعيد يتمثل في التأسيس لخلق اقتصاد وطني قوي ومستدام، وديناميكي ومتنوع يعتمد على الابتكار ويدفع فلسطين نحو الاكتفاء الذاتي.

وعليه، ستعمل الحكومة على تركيز الجهود الهادفة إلى تثبيت واستقرار الوضع المالي وانعكاسه على الاستقرار الاقتصادي وذلك من خلال:

1-  إعداد وتنفيذ خطة شاملة لإصلاح المالية العامة تحتوي على العناصر الأساسية مثل ترشيد المالية، والمسؤولية المالية، وشفافية الموازنة، وإدارة المصروفات، وإدارة الديون، وضمان مواءمة هذه الإجراءات مع سياسات إنعاش الاقتصاد.

2-  العمل على تحسين إيرادات الخزينة من خلال ترشيد المصروفات، خفض التسريبات المالية، بما يشمل الإصلاحات المطلوبة في قانون ضريبة الدخل، وتعزيز آليات الدفع الإلكتروني، وتمكين هيئات الحكم المحلي، وتعزيز وتحسين شفافية المالية العامة وترشيد وتنظيم قطاع خدمات المياه والكهرباء.

3- تحديد أولويات الصرف والمدفوعات، وفي مقدمتها حقوق الموظفين العموميين، والموردين من القطاع الخاص بما يضمن استمرارية تقديم الخدمات الأساسية.

4- العمل على تنظيم مؤتمر دولي للمانحين بهدف تجنيد الأموال لدعم وتمويل المبادرات المختلفة التي تعمل عليها الحكومة. على أن يكون تركيز المؤتمر بداية من الاحتياجات لقطاع غزة الإنسانية، ومتطلبات التعافي على المدى المتوسط، وإعادة الإعمار، إضافة إلى إنعاش الوضع الاقتصادي والمالي، وتمكين برامج الإصلاح. حيث ستقوم الحكومة بوضع خطة استراتيجية لهذه المبادرات تعكس الإدارة الكفؤة والشفافة والمستدامة لها.

ثالثا: الإصلاح المؤسسي، إعادة الهيكلة وتوحيد المؤسسات، محاربة الفساد، رفع مستوى الخدمات والتحول الرقمي

1- الإصلاح المؤسسي:

-  تطوير خطة الإصلاح المؤسسي كمصلحة وطنية ملحة وعليا، بالتعاون مع كافة الأطراف، وبشكل شامل، ومبني على الشراكة، ما بين القطاعات الحكومية، ومؤسسات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، وهيئات الحكم المحلي، والجهات الأكاديمية، وفي كافة المجالات الاقتصادية، والأمنية، والقضائية، والمالية والإدارة العامة (بما يشمل المسؤولية المالية وشفافية الموازنة وكفاءة تخصيص الموارد وإدارة النفقات)، والصحة والتعليم، وبما يشمل معايير الأداء، والمتابعة، والتقييم، والمكاشفة، والمساءلة، للوصول إلى مؤسسات قوية قادرة على الحكم الرشيد وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

- من أجل هذه الغاية، ستقوم الحكومة بتشكيل فريق عمل وزاري لتنسيق وقيادة عملية الإصلاح، وبناء " مكتب تنفيذي للإصلاح المؤسسي" لإنفاذ الإصلاحات المؤسسية والذي سيكون مكّلفا بوضع الخطط الإصلاحية المطلوبة، وضمان تنفيذها وفق المعايير الدولية والممارسات الفضلى.

2- توحيد المؤسسات وإعادة هيكلة المؤسسات بين شطري الوطن:

ستعمل الحكومة على وضع التصورات، وتوفير الظروف والخطط التي ستسمح بإعادة توحيد مؤسسات الدولة ما بين المحافظات الشمالية والجنوبية، على قاعدة وحدة الوطن جغرافيا وسياسيا ووطنيا. وبما يشمل تولي مسؤولية المؤسسات الوزارية والمدنية في غزة، في حال سمحت الظروف على الأرض، بما يشمل العمل على قضايا توحيد الكادر الوظيفي، والبدء بوضع خطط توحيد القوانين، تمهيدا لإعادة دمج الضفة الغربية وقطاع غزة بما في ذلك الرابط الجغرافي الدائم على المدى الطويل. ومن هذا المنبر، تدعو الحكومة كافة الجهات والأطر السياسية والمجتمعية ومكونات المجتمع إلى التعاون والعمل من أجل توفير الظروف المناسبة التي تمكن الحكومة من القيام بمثل هذه المهمة الوطنية.

3- محاربة الفساد:

- لن تتسامح الحكومة مع الفساد، وتلتزم بمحاربته كمتطلب أساسي لنجاح عملها، ورفع كفاءة مؤسساتها، واستعادة ثقة أبناء شعبنا بمنظومة عملها، وعليه ستعمل الحكومة على إجراء دراسة تقييمية في هذا الصدد تغطي أداء المؤسسات العامة، ومن ثم وضع وتنفيذ خطة تفصيلية وإجرائية بناء على مخرجات هذه الدراسة للقضاء على الفساد.

- العمل على تمكين وتقوية وتطوير عمل هيئة مكافحة الفساد، وديوان الرقابة العامة، بما يشمل الموازنات، والقدرات البشرية لتدعيم هذه الجهود وضمان وضع السياسات التي تتسق مع الممارسات والمعايير الدولية في الحوكمة والشفافية.

- ستقوم الحكومة بالتشاور الدوري والعمل عن قرب بين المؤسسات الحكومية المعنية، ومؤسسات المجتمع المدني، بما فيها النقابات والاتحادات والفعاليات الوطنية على مبدأ التشاور والمشاركة في محاربة الفساد، وتعزيز الحوكمة، والرقابة/ والمساءلة.

-  العمل على رفع مستوى الخدمات المقدّمة للمواطنين، مع إعطاء الأولوية لقطاعي التعليم والصحة، لتمكينها وتحسين الأداء فيها، على مبدأ قدسية التعليم كأحد العناصر التي طالما تفاخر فيها الشعب الفلسطيني، وذلك من خلال العمل على رفع مستوى التعليم وتطوير المناهج التعليمية وذلك بتفعيل عمل المركز الوطني للمناهج، وتمكين المعلمين. إضافةً إلى رفع مستوى الخدمات الصحية وتعزيزها كحقوق للمواطنين ضمن منظومة عمل فعالة وكفؤة وشفافة، تضمن تقديم الخدمات بالمستويات التي يستحقها أبناء شعبنا.

- تعزيز التحولّ الرقمي من أجل زيادة الإنتاجية، وخفض التكاليف، وتحسين جودة الوصول للخدمات الحكومية والعامة للمواطنين ورقمنتها.

رابعا: سيادة القانون: عدالة وأمن وحريات وتعزيز نزاهة القطاع المالي:

-الجهاز القضائي، وقطاع العدالة:

- تمكين الجهاز القضائي، بما يضمن استقلالية القضاء ونزاهته والارتقاء به، بما يشمل وضع خطة تفصيلية بالشراكة مع السلطة القضائية تضمن الاستقلال الإداري والمالي وتؤدي لتعزيز كفاءة إجراءات التقاضي من حيث رفع كفاءة وقدرات القضاة وأعضاء النيابة العامة مما يؤدي إلى سرعة الفصل في القضايا ويعزز سيادة القانون ويمكن المواطنين من الوصول للعدالة في الوقت المناسب.

- تعزيز الأمن والأمان بما يشمل حماية عامة الناس وممتلكاتهم، والعمل لتوفير الشعور بالأمن والاطمئنان، وتبني الإجراءات الضرورية لمنع الجريمة وملاحقة المجرمين وتقديمهم للعدالة، وذلك من خلال العمل مع الأجهزة الأمنية لتحديد الإصلاحات المطلوبة وتعزيز مواردها البشرية والمالية وفق الأولويات التي تحددها، بما ينسجم مع خطط الإصلاح، مما يساهم في تعزيز حفظ النظام العام والأمن الداخلي وإنفاذ القانون.

- ضمان الحريات العامة، وفي مقدمتها حرية التعبير، وتعزيز العقد الاجتماعي القائم على الشمولية، والحوار والشراكة ما بين كافة الأطراف.

خامسا: تعزيز الصمود في القدس، والأغوار والمناطق المهمشة:

1-مدينة القدس:

تعزيز وتدعيم مدينة القدس، والمقدسيين، ومواصلة العمل على الحفاظ على المقدسات المسيحية والإسلامية في المدينة، ووضع الخطط والبرامج لإعادة ربط المدينة بالكلّ الفلسطيني، ودعم المواطنين بكافة السبل المتاحة أمام ما تتعرض له من استهداف للمقدسات، وتقييدات اقتصادية واجتماعية وعزل عن محيطها وامتدادها الطبيعي. وستقوم الحكومة بتعزيز عمل وزارة القدس بالتنسيق مع كافة المؤسسات الوطنية، ومأسسة التواصل مع المجتمع المقدسي من أجل تحديد الأولويات والبرامج التي يمكن البدء بتنفيذها فورا، والتخطيط للبرامج على المدى المتوسط والبعيد.

2-الأغوار والمناطق المهمشة:

إيلاء اهتمام خاص بالمناطق الأكثر استهدافا، والمهمشة، وتعزيز صمود المواطنين وتواجدهم فيها، وفي مقدمتها الأغوار الفلسطينية، والمناطق المسماة "ج"، والعمل مع كافة الأطراف المعنية، وفي مقدمتها مؤسسات المجتمع المحلي، ومؤسسات المجتمع المدني، والاتحادات، والشركاء الدوليين من أجل وضع الخطط التي يمكن أن يتم بدء العمل عليها بشكل واقعي، تمهيدا لوضع الاستراتيجيات على المدى البعيد.

سادسا: تعزيز الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والمكاشفة وتمكين الإعلام

- اتخاذ ما يلزم من إجراءات لتهيئة الظروف الداخلية لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في المحافظات الشمالية بما فيها القدس الشرقية والمحافظات الجنوبية وفق القانون.

- تعزيز الشفافية والمساءلة، بما يشمل تقديم التقارير المنتظمة للجمهور العام، بناء على مبادئ الشراكة، والحوار وبناء توافق الآراء، وإشراك كافة الفئات وفي مقدمتها، المرأة، والشباب، وإشراك مجتمعات الشتات في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في فلسطين.

- تعزيز دور الإعلام في الدفاع عن المصالح الوطنية والأهداف العليا لشعبنا، والحفاظ على هويته وزيادة الانتماء الوطني، والتوعية التثقيفية بما يحافظ على رفع مستوى السلوكيات، وحرية التعبير وفق القوانين، والحفاظ على الإرث الوطني الفلسطيني والحضاري والربط مع أهلنا في الخارج، وفي الشتات، ونشر الرواية الفلسطينية والدفاع عنها بما يسهم في الوصول للحرية والاستقلال والسيادة. وبما يشمل كذلك ضمان حرية عمل وسائل الإعلام، والوصول لمصادر المعلومات.

سابعا: العلاقات العربية والدولية

- تعزيز وتدعيم العلاقات مع الدول العربية الشقيقة، والدول الصديقة، وجميع مكونات المجتمع الدولي ضمن منظومة المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني.

- تعزيز العلاقات مع الفعاليات والمنظمات وحركات التضامن العالمية مع الشعب الفلسطيني للبناء على التعاطف والمواقف المناصرة لقضيتنا وعدالتها وتمكينها وتعظيمها، كمكون أساسي في مسيرة النضال والتحررّ.

السيّد الرئيس،

لتنفيذ هذه المهام، والتي ستقوم الحكومة بالعمل عليها وفق الأولويات، وبواقعية، فإنه وإضافة إلى ضرورة توفر الظروف السياسية آنفة الذكر، فإن أهم عامل لتمكينها يبقى التلاحم والتعاون والشراكة ما بين كافة الأطياف، وبالتأكيد الوحدة الوطنية في الحوارات والأطر على مستوى منظمة التحرير. إننا نضع الحكومة التي شرفتمونا بتشكيلها أمام كافة أطياف الشعب، لا نمد أيدينا فقط للتعاون، والتكامل والشراكة والحوار، بل نؤكد أن هذا هو النهج والعنصر الأساسي الذي سيقوم عليه تنفيذ برامجها، سنعمل من أجل أن يكون ذلك حقيقة واقعة، إذ إنّ عمل الحكومة لا يمكن أن يتحقق إلا في حال كانت هذه الوحدة وهذا التعاضد على كافة مستويات العمل، ومن كافة الفئات، من أصغر فعالية شعبية في مخيم أو قرية أو مدينة، مرورا بالمؤسسات والمنظمات الشعبية، والمجتمع المدني، وانتهاء بالأطر العليا التي تقومون بالعمل عليها من أجل وحدانية التمثيل الفلسطيني ضمن إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

بسم الله الرحمن الرحيم "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم"...

 صدق الله العظيم.

والله ولي التوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

رام الله: 28/03/2024

الدكتور محمد مصطفى

رئيس الوزراء المكلّف

وأصدر الرئيس محمود عباس مرسوما باعتماد تشكيل الحكومة الـ19، كما أصدر مرسوما بانتداب السفير دواس دواس من وزارة الخارجية والمغتربين ليعمل أمينا عاما لمجلس الوزراء.

1