نابلس-أخبار المال والأعمال-أعلنت بورصة فلسطين عن البيانات المالية المرحلية المراجعة للتسعة أشهر الأولى من العام 2023 لـ47 شركة مُدرجة فيها، فيما تخلفت شركتان عن الإفصاح عن البيانات المالية المطلوبة خلال الفترة القانونية التي انتهت في 17/12/2023 وحتى هذه اللحظة.
ووفقًا لتلك البيانات، فقد بلغت حصيلة أرباح الشركات المُدرجة عن التسعة أشهر الأولى من العام 2023 بعد الضريبة مبلغ 207,663,248 دولار بانخفاض بلغت نسبته ما يقارب 28% عن صافي الأرباح المحققة للفترة ذاتها من العام 2022، والتي بلغت قيمتها 287,963,669 دولار، حيث شكلت الشركات الرابحة ما نسبته 81% من إجمالي عدد الشركات المفصحة بواقع 38 شركة، في حين حققت 9 شركات خسائر بلغت قيمتها (16,222,597) دولار مقارنة مع ما قيمته (8,439,592) دولار للأشهر التسعة الأولى من العام 2022، بينما لم تتمكن شركة "بال عقار" وشركة "فلسطين للكهرباء" من تزويد البورصة بالبيانات المالية المطلوبة في الوقت المحدد، علمًا أن شركة الفلسطينية للكهرباء قد تقدمت بطلب إلى الهيئة لوقفها عن التداول مع بداية العدوان الحالي على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول الماضي.
وسجلت كافة القطاعات انخفاضًا في نسبة أرباحها، وعلى رأسها قطاع الاستثمار الذي انخفض بنسبة بلغت 35.3% تلاه مباشرة قطاع التأمين بانخفاض نسبته 35% وحل قطاع البنوك والخدمات المالية في المرتبة الثالثة منخفضاً بنسبة 32% ورابعاً قطاع الخدمات بنسبة 22% وأخيرًا قطاع الصناعة بانخفاض نسبته 16%.
وفي تعقيبه على هذه البيانات، أوضح رئيس مجلس إدارة بورصة فلسطين سمير حليله بأن العام 2023 لم ينته ماليًا بعد، لكن البيانات الصادرة حتى الآن تعني بالضرورة عدم توقع النهضة ذاتها التي شهدها العام 2022 على مستوى الأرباح المحققة وتوزيعات الأرباح على المساهمين، حيث ألقى العدوان على قطاع غزة بظلاله على أرباح الأشهر التسعة الأولى على الرغم من أنه بدأ بعد هذه الفترة بأيام قليلة ومن غير الواضح وفقًا لضبابية الحالة السائدة المدة اللازمة لتعافي السوق وعودته إلى وضعه الطبيعي على المدى المنظور.
ونوه إلى أن بعض الشركات المُدرجة أخذت تداعيات العدوان بالحسبان عبر وضع مخصصات مالية بسبب الآثار المترتبة على أعمالها بفعل الدمار الذي لحق بأصولها واستثماراتها أو عملياتها وهو ما أدى إلى الانخفاض الملموس على قيمة الأرباح بواقع 80 مليون دولار تقريبًا مقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2022، وبالحديث حول بعض من هذه التداعيات المالية فقد أشارت التقديرات الأولية إلى أن مخصصات الخسائر الائتمانية للبنوك المدرجة وصلت ما يقارب 105 ملايين دولار بارتفاع نسبته 165% مقارنة بالفترة المقابلة من العام 2022 وذلك وفق معيار التقارير المالية الدولية رقم 9.
العدوان على قطاع غزة
وأفاد حليله أنه ولليوم الـ90 على التوالي مازال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة مستمرًا، دون وجود آفاق واضحة حول نهايته ونتائجه على فلسطين عمومًا، رغم النداء العالمي لوقف هذه المجازر بحق الشعب الفلسطيني المحاصر في القطاع، وبالتالي إتاحة المجال للإغاثة الإنسانية وبدء عمليات إعادة الإعمار، حيث تشير المعطيات الاقتصادية حتى الآن إلى نتائج كارثية أصابت اقتصاد قطاع غزة، لا سيما مع الإشارات الأولية الصادرة لغاية هذه اللحظة من خلال المؤسسات المختصة وعلى رأسها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، والذي صرح في حصاده الاقتصادي حول العام 2023 بانكماش الناتج المحلي الإجمالي لفلسطين بقيمة تقارب مليار دولار أي بنسبة -6.2% مقارنة مع العام 2022 فيما كانت التوقعات تشير الى نسبة نمو 3%، مدفوعة ببيانات الربع الأخير من العام حيث تجاوزت نسبة الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة ما نسبته 80%، كما طال هذا التراجع أيضًا الضفة الغربية حيث انخفض الناتج المحلي بنسبة -22%، أي بالمجمل انخفض الناتج المحلي الفلسطيني بنسبة تصل الى -33% وذلك مع استمرار الحجز على أموال المقاصة التي تجاوزت قيمتها 2 مليار شيقل. كما لا يبدو التنبؤ بواقع العام 2024 مبشرًا حيث من المتوقع انخفاض الناتج المحلي مع استمرار العدوان الى نسبة -5% مع نمو في معدلات البطالة وانخفاض في نسبة استهلاك الفرد مقارنة مع العام 2023.
في السياق ذاته، أكد حليله أن قطاع الأوراق المالية يضم أهم وأكبر المؤسسات الاقتصادية في فلسطين وبالتالي من الطبيعي أن يكون التأثير مباشر على السوق كنتيجة طبيعية لما يحصل، وفي ضوء ذلك فقد شهد مؤشر القدس تراجعًا بلغت نسبته 4% تقريبًا في اليوم الأول للعدوان، ليصل الانخفاض الى 13% في الشهر الثاني للعدوان كأدنى مستوى مسجل، فيما بلغت نسبة الانخفاض في قيمة مؤشر القدس 8% في نهاية العام 2023 مقارنة مع قيمته نهاية العام 2022، علماً بأن المؤشر شهد ارتفاعًا نسبته 2.3% منذ بداية العام ولغاية اليوم الذي سبق العدوان على غزة.
فيما بلغت القيمة السوقية نهاية العام 2023 ما يقارب 4.62 مليار دولار، منخفضة ما نسبته 5.5% عن العام 2022، وكذلك شهدت قيمة الأسهم المتداولة للعام 2023 انخفاضًا بلغت نسبته 30% عن العام الذي سبقه حيث بلغت ما يقارب 331 مليون دولار فيما بلغ عدد الأسهم المتداولة 160 مليون سهم بنسبة انخفاض 34% عن العام 2022، وسجل عدد الصفقات المنفذة انخفاضًا بنسبة 22% تقريبًا.
وبمقارنة تاريخية سريعة نجد أن قيم التداول شهدت خلال جائحة فيروس "كورونا" انخفاضًا بنسبة 31% في العام 2020 مقارنة مع العام 2019، وخلال سنوات الانتفاضة الثانية شهدت قيم التداول تراجعات حادة، حيث شهد العام 2001 انخفاضاً بنسبة -61% مقارنة مع العام 2000 واستمر التراجع في قيم التداول خلال العام 2002 حيث بلغت نسبته -39% مقارنة مع العام 2001، في حين أن قيم التداول لم تشهد أي تراجعات خلال العام 2014 والذي شهد عدوانا كبيرًا على قطاع غزة حيث ارتفعت قيم التداول بنسبة 4% خلال العام 2014 مقارنة مع العام 2013.
وأشار حليله إلى أن قيم التداول شهدت انخفاضًا لافتًا خلال فترة الحرب، حيث بلغ المعدل اليومي لقيمة الأسهم المتداولة حوالي 0.9 مليون دولار، فيما بلغ المعدل اليومي لقيمة التداول خلال الفترة التي سبقت العدوان ومنذ بداية العام 2023 ما يقارب 1.5 مليون دولار، فيما بلغت قيمة التداول الإجمالية منذ السابع من تشرين أول وحتى نهاية العام 2023 على أسهم الشركات ما يقارب 53 مليون دولار.
ولفت حليله إلى أن أغلب عمليات البيع التي تمت خلال هذه الفترة تقودها جهات محلية ومعظمها استثمارات لشركات وليس لأفراد طبيعيين، وقد أشارت الاحصائيات الصادرة عن البورصة إلى أن تخارج رأس المال الأجنبي من السوق خلال هذه الفترة يقدّر بـ7 مليون دولار فقط.
وفيما يتعلق بعمل البورصة، أكد حليله أنه ورغم الصعوبات إلا أن العمل لا زال مستمرًا، وبورصة فلسطين قادرة على العمل ودعم وتقديم الخدمات لكافة المستثمرين في أي وقت، وهو الأمر الذي تسعى البورصة من خلاله لتعزيز ثقة الجمهور بهذا السوق الواعد بالإضافة إلى تعزيز دورها كواحدة من أهم أعمدة الاقتصاد الوطني الفلسطيني.