واشنطن-أخبار المال والأعمال- حذّر البنك الدولي، في تقرير صدر، الثلاثاء، من أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، المستمرة للشهر الثالث على التوالي، ستخلف آثارا مدمرة طويلة المدى على الاقتصاد الفلسطيني.
وجاء في التقرير أن "الصراع الحالي في الشرق الأوسط خلف أعدادا كبيرة من القتلى والجرحى، ودمر البنية التحتية الحيوية في قطاع غزة، وألقى بظلال ثقيلة على النشاط الاقتصادي في الضفة الغربية".
وأضاف: "سيكون لهذه الحرب آثار دائمة على السكان المتضررين في كل من إسرائيل وغزة والضفة الغربية، تتجاوز بكثير ما يمكن تسجيله بالأرقام وحدها. وبالمثل، سيكون لتخفيف مثل هذه القيود أثر دائم على النشاط الاقتصادي في غزة".
وقال البنك، إن تراجع مصادر الدخل بسبب فقدان الوظائف وتراجع التجارة وتشديد القيود وخفض الرواتب، ستؤدي إلى تراجع مستويات النمو بسبب التأثير على مستويات الاستهلاك، "وخلاصة القول، ستؤدي هذه الآثار على سوق العمل إلى جعل الفلسطينيين أكثر فقراً".
ولفت البنك إلى أن الدخول انخفضت بصورة مفاجئة بسبب عدم وجود فرص عمل، وتراجع التجارة ونشاط القطاع الخاص، وزيادة القيود على الحركة والتنقل، والتخفيضات المؤقتة في رواتب موظفي القطاع العام في الضفة الغربية، "ونتيجة لذلك، يتعرض الاستهلاك لضربة قوية، علما بأنه المحرك الفعلي الوحيد لانتعاش الاقتصاد الفلسطيني منذ صدمة كورونا".
وقدر البنك الدولي أن الأزمة الحالية (الحرب على غزة) تؤدي إلى تفاقم مواطن الضعف الهيكلي القائمة (في الاقتصاد الفلسطيني) من قبل، والتي أدت جهود المجتمع الدولي لمعالجتها إلى تحقيق نجاح محدود النطاق.
وأضاف: أثر الاحتلال والقيود التي يفرضها منذ فترة طويلة على النمو المحتمل والفعلي والاستدامة المالية، فضلا عن عدم القدرة على الوصول إلى الموارد والسيطرة على جزء كبير من الأراضي، بما في ذلك المنطقة (ج)، وأدى كل هذا إلى فرض قيود أعاقت النشاط الاقتصادي والتنمية قبل اندلاع الصراع بوقت طويل.
وقال البنك إن "السلطة الفلسطينية تواجه تحديات هائلة للاضطلاع بمهامها الأساسية، لا سيما في ظل نقص موارد المالية العامة وعجز الموازنة العامة. ويؤدي وقف تحويلات إيرادات المقاصة لمدة طويلة أو تراجعها بصورة كبيرة إلى المساس بشدة بالعقد الاجتماعي بين الدولة والمواطنين، وبالتالي لن تتمكن أجهزة السلطة الفلسطينية من ضمان توفير الرواتب لموظفي الدولة أو حتى الخدمات الأساسية".
وحذّر البنك من "مخاطر هبوط إضافية تهدد استدامة المالية العامة ترتبط باحتمال زيادة المتأخرات الكبيرة المستحقة على السلطة الفلسطينية للموردين وموظفي الخدمة المدنية، باعتبارها الخيار الوحيد المتاح للاحتفاظ بالحد الأدنى من السيولة".
وفي وقت قال البنك أن النظام المالي يبدو قادرا على الصمود والصلابة نسبيا، حذّر من أن "المخاطر آخذة في الازدياد، مع أخذ في الاعتبار اللجوء إلى تأجيل سداد المتأخرات".
وتوقع البنك زيادة كبيرة في معدلات الفقر والتعرض للمعاناة والضعف في قطاع غزة، كما ستكون الآثار السلبية على الرفاهية محسوسة بوضوح في جميع أنحاء الضفة الغربية أيضا.
وقال: تشير التقديرات إلى أن معدلات الفقر متعدد الأبعاد قد ارتفعت ارتفاعا هائلا في غزة، ومن الممكن أن تزيد أيضا في الضفة الغربية. ويتوقع البنك انخفاض إجمالي الناتج المحلي على المستوى الوطني بمقدار 3.7 نقاط مئوية في عام 2023، ما يشير إلى أن جميع مكاسب الرفاهية التي تحققت في الأراضي الفلسطينية منذ نهاية جائحة كورونا ستتبدد، وستصل معدلات الفقر في نهاية عام 2023 إلى مستويات أعلى مما كانت عليه في عام 2020، في ذروة القيود الاقتصادية المرتبطة بالجائحة عندما بلغت هذه المعدلات 26.5%.
وقدر البنك أن الأراضي الفلسطينية ستظل معتمدة على المعونات لسد العجز الهيكلي، "ومع ذلك، تشهد هذه المعونات تراجعا مطردا وملحوظا على مدى العقدين الماضيين".
وقال: في غياب نقلة نوعية، من المتوقع أن تظل الأراضي الفلسطينية عرضة لأزمات هيكلية على مستوى المالية العامة والموازنة العامة، لا سيما وهي تعتمد على المساعدات الخارجية باعتبارها المُسّكن الوحيد قصير الأجل.