رام الله-(الحياة الجديدة)- أيهم أبوغوش- أكد م. ظافر ملحم رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية أن عشرات المشاريع الممولة من الحكومة والدول المانحة سيتم تنفيذها من خلال سلطة الطاقة، لاستكمال إعادة تأهيل وتوسعة شبكات الكهرباء في القطاع لتتمكن من استقبال قدرات اضافية.
ونوه ملحم إلى أن سلطة الطاقة تسير بخطوات حثيثة للانفكاك التدريجي عن الاحتلال في مجال الطاقة عبر تنفيذ عدة مشاريع منها انشاء محطتي توليد كهرباء في جنين والخليل، وتوسعة عمل محطة غزة، وكذلك تعزيز الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة وخاصة الشمسية التي باتت تشكل اليوم 4% من إجمالي استهلاك فلسطين في مجال الطاقة الكهربائية، مشيراً إلى أن نسبة الاعتماد على "اسرائيل" في الكهرباء تراجعت مؤخراً إلى 86.4% بعد أن كانت النسبة أعلى من ذلك بكثير.
وبخصوص الدعم الحكومي المقدم لقطاع الكهرباء، توقع ملحم أن يصل خلال العام الجاري إلى نحو 170 مليون شيقل، منوها إلى أن الحكومة تحملت نسبة من ارتفاع التعرفة الكهربائية من المصدر لدعم المواطن الفلسطيني وخاصة في ظل التحديات الحالية.
وكشف ملحم النقاب عن خطوات تسير بها سلطة الطاقة والموارد الطبيعية لضبط ما يسمى بـ "صافي الاقراض" عبر الحد من ظاهرة سرقة التيار الكهربائي الآخذة في الازدياد، وذلك من خلال تركيب عدادات مسبقة الدفع وأخرى ذكية، لافتا إلى أن نسبة الفاقد الكهربائي في فلسطين تصل إلى 20% سنويا نصفه "غير فني". وفيما يلي نص اللقاء:
تشغيل المولد الرابع في محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة
*ما الذي سيضيفه هذا المولد وما هي طاقتة الإنتاجية وقدرته على تغطية نقص الكهرباء في القطاع؟
بين ملحم أن تشغيل المولّد الرابع في محطة توليد الكهرباء الوحيدة بالقطاع جاء بتمويل قطري، حيث تبلغ تكلفة تشغيل المولدات الأربعة في المحطة أكثر من 10 ملايين دولار شهريا.لافتاً إلى أن التمويل القطري يكفي لتشغيل المولد حتى بداية من سبتمبر/أيلول القادم، مما يعني عودة " أزمة الكهرباء" من جديد والتي ستلقي بظلالها على مختلف نواحي الحياة في القطاع نتيجة عدم توفر الوقود اللازم لتشغيل هذا المولد.
اما بالعودة الى قدرة المولد الرابع، قال ملحم أنه سيزود قطاع غزة بحوالي 30 ميجا واط اضافية من الطاقة، الامر الذي سيساهم بدوره في التخفيف من نسبة العجز الكهربائي في القطاع وزيادة مدة وصل التيار الكهربائي من 3 ساعات الى حوالي 8 ساعات يومياً أثناء درجات الحرارة العالية.
من جهة أخرى، يتوجب تشغيل كامل لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة بالقطاع خاصة أن الحكومة الفلسطينية تقوم بتسديد الدفعة الشهرية لشركة توليد غزة بغض النظر نتج عن هذا التشغيل توليد للتيار الكهربائي بشكل كامل أو جزئي، لذا يعتبر ملحم أن استغلال هذه المحطة وتشغليها بكامل قدراتها الانتاجية من خلال شراء الوقود اللازم لذلك هو واجب وطني على شركة توزيع الكهرباء في قطاع غزة.
وحول المطالبات للقائمين على شركة توزيع الكهرباء في غزة لتوريد أموال الجباية إلى خزينة الحكومة، قال ملحم، نحن لا نريد أن يجبوها ويحولوها للحكومة، بل نريد أن يدفعوها لمزودي الكهرباء، حتى لا تخصم من أموال المقاصة، فالحكومة تقوم بتسديد هذه الفواتير من خلال ما يخصم من الاحتلال لصالح شركة توزيع غزة بدل التيار الكهربائي المستهلك.
وتابع ملحم: في حال تسديد الأموال مباشرة سواء لسلطة الطاقة ، أو للشركة الإسرائيلية، هذا يجب تنفيذه في أسرع وقت ممكن.
*في حال عدم وجود أي متطلبات مالية على حكومة غزة، فما هي الأسباب وراء عدم تشغيل المولد الرابع من قبل؟
قمنا خلال دعواتنا السابقة بمطالبة القائمين والمسؤولين عن ادارة تشغيل محطة توليد الكهرباء في غزة بضرورة توفير وشراء الوقود اللازم لتشغيل المولد الرابع من خلال الاعتماد على ايرادات الكهرباء التي تقوم بجبايتها وتحصيلها شركة كهرباء غزة، والتي تقدر بحوالي 30- 35 مليون دولار، يخصم تقريباً 5 ملايين دولار من هذا المبلغ لتغطية المصاريف التشغيلية وتكاليف الصيانه للشبكات ودفع رواتب الموظفين والباقي يذهب الى خزينة حكومة الأمر الواقع في القطاع.
وفي سياق متصل، يرى ملحم أنه من المفترض ان تستثمر هذه الايرادات في تنفيذ مشاريع نوعية تعمل على تطوير شبكات الكهرباء في القطاع وذلك للحفاظ على ديمومة واستمرار تقديم خدمة الكهرباء والتي ستعمل بدورها على تحسين الظروف المعيشية لاهلنا في القطاع.
نجاح الجهود المبذولة لحل أزمة الكهرباء في طولكرم
*أعلنتم عن حل ازمة الكهرباء في طولكرم، ما الذي تم تحقيقه على أرض الواقع وما هي خططكم المستقبلية حيال هذا الموضوع؟
قمنا منذ البداية بالتنسيق مع جميع الأطراف ذات الاختصاص في مجال الطاقة الكهربائية، مثل الشركة الفلسطينية لنقل الكهرباء وشركة توزيع كهرباء الشمال، بالإضافة إلى المؤسسات الحكومية وعلى رأسها محافظة طولكرم وبلدية طولكرم لمعالجة أزمة الكهرباء في المدينة من خلال تشغيل محطة الخفض وشحن الخط الرابط بين مدينة طولكرم ومحطة صرة/نابلس، وتزويد المدينة بحوالي 10 ميجا واط اضافية.
وتابع ملحم، اننا منذ سنوات نعمل على معالجة أزمة الكهرباء التي تعاني منها المدينة، فخلال السنوات الأربع الماضية وفرت سلطة الطاقة بالتعاون مع الشركة الفلسطينية لنقل الكهرباء قدرات اضافية للمدينة، ففي عام (2020) تم تزويد المدينة بحوالي 10 (ميغا واط) من نقطة عناب ومن خلال شبكة كفر اللبد". كما زودت سلطة الطاقة بلدية طولكرم بـ15 مولداً مما وفر قدرة مؤقتة تبلغ حوالي 7 (ميغا واط).
وأكد أن أهمية ربط وتشغيل محطة الخفض بمحطة صرة، تتمثل في دروها في تحول النظام الكهربائي الفلسطيني من نظام منعزل إلى مترابط" مما يشجع على بناء محطات جديدة سواء تقليدية أو متجددة. كما سنقوم بتزويد المدينة بحوالي 30 ميجا واط في حال حصلنا على التصاريح اللازمة لإنهاء المرحلة الثالثة.
*هل لك أن تبين لنا ما هي الأسباب وراء عودة الأزمة مجددا هذا العام، بالرغم من الاعلان عن حل الأزمة بشكل جذري خلال العام الماضي؟
كما هو معروف لدى الجميع، ان زيادة الطلب على خدمة الكهرباء مرتفع جداً على مستوى المحافظة خاصة في ظل النمو السكاني والعمراني والتوجة نحو انشاء العديد من المشاريع الاستثمارية، لذا وجب علينا تحقيق التوازن المطلوب ما بين قدرة الاحمال والاشتراكات والمصادر المتوفرة.
وعليه، قمنا باصدار تعليماتنا لبلدية طولكرم بعدم ربط اشتراكات جديدة وخاصة للمشاريع الكبيرة، باستثناء الحالات الطارئة لحين تزويد المدينة بالقدرات الإضافية، حيث أثمرت هذه السياسة عن تخفيف الازمة في صيف 2022، لكن بلدية طولكرم لم تلتزم بقرار سلطة الطاقة بربط اشتراكات جديدة، وربطت أكثر من 1600 اشتراك جديد معظمها مصانع ومراكز تسوق، ما أدى إلى زيادة العجز الكهربائي واستفحال الأزمة مجدداً، وخاصة في ظل درجات الحرارة العالية.
جهود لتقليل الاعتماد على "اسرائيل" في مجال الطاقة
*هناك اهتمام فلسطيني متزايد بموضوع الطاقة المتجددة، ما حصة هذه الطاقة من إجمالي استهلاك فلسطين من الطاقة سنويا؟
نحن نؤمن أن المستقبل في قطاع الطاقة في فلسطين هو للطاقة المتجددة، وهي تشمل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح واستخدام الكتل الحيوية في انتاج الطاقة والغاز الحيوي، والتي باتت تشكل حالياً 4% من أجمالي استهلاك الطاقة في فلسطين.
وأضاف ملحم "حتى العام 2020 حققنا 120 ميغا واط من هدف الوصول إلى 130 ميغا واط من الطاقة النظيفة وذلك انسجاماً مع الاستراتيجية العامة للطاقة المتجددة في فلسطين التي أطلقناها في العام "2012 بالرغم من المعيقات الكثيرة التي يفرضها الاحتلال علينا بما فيها منعنا من تركيب أنظمة توليد شمسية في مناطق (ج) التي تمثل الفرصة الأكبر للاستثمار في هذا النوع من الطاقة كونها تحتاج إلى مساحات مفتوحة، واستهدافنا بشكل متواصل في مناطق الأغوار تحديداً.
وأشار ملحم إلى أن استراتيجية فلسطين حتى العام 2030 تهدف للوصول إلى 600 ميجا واط على الاقل من الطاقة المولدة من المصادر البديلة الصديقة للبيئة بعيداً عن توليد الطاقة البديلة.
وفي اطار تحقيق الاستقلال الطاقي، عملنا على زيادة القدرة المورده من الشقيقة الأردن إلى 80 ميجا واط، وخلال الفترة المقبلة سنرفعها إلى 160 ميجا واط، على أمل أن يتم رفعها في المستقبل إلى سعات أكبر، وحالياً يجري البحث مع الأخوة في مصر لاعادة الربط ورفع قدرة الخط الذي يغذي قطاع غزة بالتيار الكهربائي، هذا كله يساهم في تقليل الاعتماد على "اسرائيل" كمزود رئيسي للكهرباء، ويوفر لنا الإمكانية لتحسين مستوى الخدمة المقدمة والتعرفة وأمن الطاقة، مع الإشارة إلى أن نسبة الاعتماد على "اسرائيل" في الكهرباء قد تراجعت مؤخرا إلى 86.4% بعد أن كانت أعلى من ذلك بكثير.
محطات جديدة لتوليد الكهرباء في جنين والخليل
*لقد تحدثت عن إنشاء محطات لتوليد الكهرباء في عدة أماكن، هل لك أن تطلعنا على مزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع؟
الاحتلال هو المعيق الاساسي لتطوير قطاع الطاقه في فلسطين، الا أننا وبالرغم من ذلك نسعى بكل تصميم لتطوير قطاعنا الطاقي من خلال بناء وتطوير محطات التوليد المحلية وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة في فلسطين، حيث أننا وصلنا إلى مرحلة إشباع وزيادة في الاحمال على جميع مناطق الربط، الأمر الذي يتطلب إنشاء نقاط ربط جديدة لتوفير طاقة امنه بشكل مستدام لجميع المواطنين.
ومن هذا المنطلق سيكون هناك محطة توليد في جنين بقدرة 250 ميجاواط في المرحلة الأولى، ومحطة ثانية في الخليل بقدرة 170 ميجا واط، ويتم حاليا إجراء دراسات فنية حول قدرتها، بالإضافة إلى تحسين قدرة محطة غزة ، إذ سيتم تحويل العمل بها إلى الغاز الطبيعي بدلا من الوقود الثقيل، حاليا تنتج في أفضل الأحوال 80-90 ميجا واط، ولكن حينما يتم استخدام الغاز الطبيعي في عملية التوليد سيصل الإنتاج إلى 136 ميجا واط، ونبحث كذلك في توسعة قدرتها المستقبلية إلى 400 ميجا واط.
دعم الحكومة لقطاع الكهرباء
*الحكومة دائما تتحدث عن دعم قطاع الكهرباء، لكن بعض المواطنين يعتقدون أنهم لا يلمسون ذلك نتيجة ارتفاع سعر الكهرباء محليا، هل لك أن توضح كيف تقدم الحكومة دعما في هذا القطاع؟
الكهرباء كخدمة لها تكلفة، وهذه التكلفة تتكون من: تكلفة الشراء من المصدر، بالإضافة إلى تكلفة النقل والتوزيع المحلي، وتكلفة الخسائر الفنية في الشبكة. في كل عام الحكومة تصدر تقريرا بشأن التكلفة المتوقعة للكيلو واط، وهناك تصنيفات منها منزلي وتجاري وصناعي وزراعي...الخ، فإذا احتسبنا التكلفة الكاملة بما فيها النفقات يكون لدينا سعر الكيلو واط على سبيل المثال 55 أغورة، تأتي الحكومة ومن منطلق تلمسها للوضع الاقتصادي في البلد باعتبار الكهرباء خدمة أساسية فإنها تسهم في عدم الرفع أكثر على المواطن بنفس نسبة الرفع من المصدر، وتتحمل هي أعباء هذا الرفع، ولذلك من المتوقع أن يصل قيمة الدعم الحكومي لقطاع الكهرباء خلال هذا العام إلى نحو 170 مليون شيقل.
المواطن ربما لا يشعر أحيانا بقيمة هذا الدعم كون أن الأسعار تقارب ما كانت عليه سابقا، وهذا غير صحيح لأن الأسعار ارتفعت حقيقة، وتحملت الحكومة عبء هذا الرفع ولم تعكسه على السعر النهائي، وإلا لكان سعر الكيلو واط على سبيل المثل 68 أغورة. فرفع السعر من المصدر كان بنسبة 20% خلال العام الماضي، والآن تراجعت الأسعار بارتفاع 10-12%، ولكننا لم نرفع تعرفة الكهرباء بنفس النسبة، لأن الحكومة تحملت العبء الأكبر نتيجة هذا الرفع، هذا لا يظهر في فاتورة الكهرباء، ولكن من يتابع ويراقب يعرف قيمة الدعم الحقيقي للحكومة لهذا القطاع الحيوي.
مشكلة صافي الإقراض
موضوع "صافي الاقراض" مشكلة متأصلة منذ إنشاء السلطة الوطنية وأحد عوامل الاستنزاف للخزينة العامة، وهذا يظهر بشكل جلي في البيانات الصادرة عن وزارة المالية والتخطيط، وهو موضوع شائك ومعقد وتحديدا مع الهيئات المحلية، ما الحل العادل من وجهة نظركم لهذا الموضوع؟
هناك مشكلتان، الأولى تتعلق بالمشتركين في مناطق لا تخضع للسيطرة القانونية والأمنية الفلسطينية مثل مناطق (ج) التي تعاني من وضع سيئ جدا فيما يتعلق بظاهرة سرقة التيار الكهربائي الآخذة في الازدياد، خاصة في ظل توجه أشخاص لاستغلال ذلك وإنشاء مصانع ومنشآت تعتمد على التيار الكهربائي "المسروق" بعيدا عن رقابة أجهزة السلطة الوطنية. شركات التوزيع تبذل جهوداً لضبط الحالات من خلال تحرير مخالفات وتوجيه إنذارات، ولكن غياب السلطة القانونية والأمنية يحول دون حصول تقدم في هذا الموضوع، بل أحيانا يتعرض موظفو الشركات لاعتداءات في حال حاولوا معالجة الأمر.
المشكلة الثانية تتمثل بوجود هيئات محلية تقوم بعمليات التحصيل لكنها لا تحول الايرادات إلى الخزينة العامة، والحكومة أدركت هذا الموضوع وبدأت عدة تجارب مع بعض البلديات والهيئات باتاحة المجال لها لتحصيل أثمان الفواتير مقابل التزامهم بالسداد. موضوع الجباية والحقوق قابل للتقاص، ولكن للأسف أحيانا ثقافة "الكسب" تمتد، ففي منطقة ما الهيئة المحلية لا تدفع كهرباء، مما يشجع المواطنين على عدم الدفع، نحن ساعدنا البلديات والهيئات المحلية لمعالجة هذه الظاهرة من خلال تركيب عدادات مسبقة الدفع، ولكن للأسف بعض البلديات تعطي أولويات الصرف نتيجة وضعها المالي مما تجبيه من أثمان الكهرباء لصالح التزامات أخرى.
نحن نسعى إلى معالجة المشكلة من خلال تركيب عدادات مسبقة الدفع لكل المشتركين أو عدادت ذكية تكشف مباشرة محاولات السرقة.
*كم يبلغ نسبة "السرقات" من الفاقد الكهربائي حسب تقديراتكم؟
الفاقد الكهربائي في فلسطين يصل إلى 20% تقريبا، 8% فني، و12% غير فني.