رام الله-أخبار المال والأعمال- أطلق معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس)، الثلاثاء، ورقة سياسات مشتركة مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات حول "آفاق التعاون الاقتصادي والتكامل الفلسطيني على طرفي الخط الأخضر" بمشاركة مجموعة من المختصين وذوي الخبرة والمهتمين، وجاهيا بمقر المعهد في رام الله وعبر تقنية الاتصال المرئي للمشاركين من الداخل والدوحة.
وأوضح المدير العام للمعهد رجا الخالدي أن "ماس" وضع دراسة شاملة حول هذه العلاقة، سينشرها المركز العربي قريبا، تناولت مختلف جوانب تاريخ العلاقة، الخارطة الاقتصادية على جانبي الخط الأخضر والعقبات والتحديات التي تحول دون تطورها الحر والتكاملي.
ونوه إلى أن ما سيعرض خلال هذه الجلسة هو الأساس المعلوماتي الذي استندت عليه الدراسة، أي المنصة الرقمية لنتائج المسح الميداني حول المنشآت الاقتصادية في الداخل بالإضافة الى أبرز توصيات الدراسة.
فيما بينت الباحثة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات آيات حمدان، أن هذه الندوة تأتي في إطار إطلاق ورقة سياسات بالتعاون مع "ماس" حول موضوع يقع ضمن اهتمام المركز العربي لقضايا فلسطين، لافتةً إلى أن الورقة تسلط الضوء على التحديات التي تواجه هذا التعاون وتقترح عدة توجهات لتعزيز العلاقة وتوصيات لتصويب التشوهات وتخفيف المخاطر التي تتسم بها.
فيما استعرض الباحثان في "ماس" إسلام ربيع وأحمد علاونة محاور وأشكال العلاقات الاقتصادية الحالية بين الفلسطينيين على طرفي الخط الأخضر، والتي تمثلت بأربعة محاور رئيسية، وهي: حركة التسوق والتبادل التجاري للمنتجات النهائية، الاستثمارات لرأس المال العربي في المناطق الفلسطينية، حركة عناصر الإنتاج ما بين الطرفين وهذا يشمل العمال والمواد الخام، توجه الطلبة في الداخل للدراسة في الجامعات الفلسطينية، بالإضافة لمجمل بأهم النسب والمؤشرات المرتبطة في هذه المحاور.
وفي تعقيبه على المنصة الرقمية، بين الأستاذ المشارك في معهد الدوحة للدراسات العليا د. أيهب سعد أن هذه الدراسة الاستكشافية هي الأولى التي تبين العلاقة الموجودة على طرفي الخط الأخضر، رغم أنها بحاجة إلى توسيع العينة، والقيام بدراسات لاحقة ومكملة وأكثر تفصيلا حول الفرص لإقامة شراكات اقتصادية متينة.
من جانبه، تحدث أحمد الشيخ من جمعية الجليل عن المجتمع الفلسطيني في الداخل وخصائصه الديموغرافية وقدراته البشرية الكامنة والعديد من الفرص المتاحة للتعاون العلمي والصناعي والتكنولوجي.
خلال استعراضه للورقة، بين مدير البحوث في المعهد د. رابح مرار أن الدراسة أوضحت واقع السياسات الإسرائيلية الممنهجة وحقيقتها لإحباط النمو والتنمية لكل من طرفَي اقتصاد الخط الأخضر، وأن هذه السياسات تعمل على تعطيل كافة الجهود الفلسطينية الرسمية والفردية والشعبية على طرفَي الخط الأخضر لتحقيق درجة من الاستقلالية الاقتصادية عن المركز الإسرائيلي، ونمو اقتصادي معقول ومستدام وتوزيع عادل للدخل والثروة. وأقصى ما جرى تحقيقه من خلال علاقات التبادل الاقتصادي حتى الآن هو ظاهرة الثراء الفردي وغياب معالجة الإفقار الجماعي.
وأشار مرار إلى أن هناك عدد من التوصيات السياساتية التي من شأنها تعزيز العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري الفلسطيني-الفلسطيني على المديين المتوسط والبعيد.
التوصيات الخاصة بدور الحكومة الفلسطينية
بحسب الورقة، يقع على عاتق الحكومة الفلسطينية العبء الأكبر في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الفلسطينيين على طرفي الخط الأخضر، وينبغي على الحكومة الفلسطينية في المدى القريب أن تدرج تقوية أواصر العلاقات الاقتصادية بين الفلسطينيين على شطري الخط الأخضر ضمن أجندة السياسات الوطنية.
وتقترح الورقة مجموعة من التدخلات، أولها دعم قنوات التكامل الاقتصادي بين الفلسطينيين وتشجيعها على طرفي الخط الأخضر، وتحسين البيئة الاستثمارية وإجراء تعديلات على القوانين الاستثمارية الحالية، بالاضافة إلى الاستثمار في البنية التحتية وتخصيص الأراضي والحيز العام الملائم لتطوير المصالح الفلسطينية المشتركة، وتطوير منظومة القوانين الفلسطينية المتعلقة بحل النزاعات، والعمل على تطوير قاعدة بيانات مشتركة حول الفرص الاستثمارية المتاحة.
الجهات العربية الفاعلة داخل الخط الأخضر
طرحت الورقة مجموعة من الحلول التي من شأنها أن تساهم في الحدّ من المعوقات وأسباب تردي الوضع الاقتصادي العربي في الداخل، وتعزيز فرص تكامله مع الاقتصاد الفلسطيني، وذلك من خلال إنشاء صندوق للمنح، لتشجيع الشباب العربي في الداخل على التعلم في المجالات التي تعاني نقصًا في الصناعات العربية، وتطوير قطاع "الهايتك" العربي باعتباره قطاعًا واعدًا ومحركًا، والتركيز على فكرة إقامة صناعة "الهايتك" (قريبًا من المنزل)، وعدم الاعتماد على مشاريع التعاون والمبادرات المشتركة مع أطراف حكومية إسرائيلية، ومواصلة تجربة "مؤتمر القدرات البشرية" والذي يهدف إلى وضع السياسات الواجبة تجاهها على جدول أعمال القوى والفعاليات في الداخل، أضف إلى ذلك إقامة شراكات عربية في الصناعات هدفها تقليل المخاطر، وتوزيعها على المستثمرين، من خلال تجنيد الأموال من العالم العربي والإسلامي، مع إقامة جسم يساعد على الانفتاح والولوج إلى العالمَين العربي والإسلامي، وأهمية توثيق العلاقات الاقتصادية في مجال الخبرات والتكنولوجيا مع الاقتصاد الفلسطيني في الضفة والقطاع، لغاية الاستفادة من البنى المؤسساتية المتطورة (نسبيًا).
كما بينت الورقة أن هناك مسؤولية تقع على عاتق كل من السلطات المحلية، والمنظمات المحلية غير الحكومية، إضافة إلى النخب الثقافية، في كل مناطق فلسطين، بلعب دور استراتيجي، ربما أهم وأشد تأثيرًا من الدور الحكومي المركزي، في عملية تغيير المزاج العام للفلسطينيين في مسألة دعم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الطرفين، وتغليب العنصر الوطني والاجتماعي على الإقليمية الضيقة.
القطاع الخاص في الضفة الغربية وفي البلدات العربية في إسرائيل
وفقا للورقة، سيؤدي القطاع الخاص في الجانبين دورًا محوريًا في عملية توجيه الطاقات الاستثمارية والتسويقية وتوجهات المستهلكين الفلسطينيين، وتشاركيًا من خلال عمليات الشراكة في الفرص الاستثمارية التي يمكن أن تتوافر من وراء تنظيم العلاقات الاقتصادية بين الفلسطينيين وتطويرها. هذا بدوره يتطلب تشكيل هيئة مشتركة (لجنة فنية، أو غرفة تجارية أو مجلس أعمال) على مستوى رجال الأعمال البارزين في كلا الجانبين، ورؤساء البلديات التي لها منشآت ممن جرى التعرف عليها من خلال المسح.
فيما أوضح الباحث الدكتور مطانس شحادة أن هذا التعاون مرهون بالسياسيات الإسرائيلية، والتي بدورها تعمل على إبقاء الاقتصاد الإسرائيلي مهيمنا ومسيطرا، أضف إلى ذلك غياب المتابعة وغياب المأسسة، موضحا أن حجم التبادل التجاري من دون العمالة بلغ 1.5 مليار شيقل سنويا.
وأضاف أنه يجب العمل على بناء تعاون مع البنوك وشركات التأمين، مبينا أن من أهم العوائق أمام العلاقات الاقتصادية هو تشابه القطاعات الإنتاجية "فهي في الأغلب تتشابه في العمل".
بدوره، أكد ممثل المجلس التنسيقي للقطاع الخاص محمد العامور، أهمية العلاقة الاقتصادية بين الضفة الغربية والفلسطينيين في أراضي الـ48، مع الحذر من التسلل الإسرائيلي لهذه العلاقة، خاصة فيما يتعلق بتسجيل الأراضي في مناطق "ج" والتي يجب أن يكون لها ضوابط.
وفيما يخص البيئة الاستثمارية، دعا العامور إلى أهمية إعادة النظر فيها بما يخدم هذه البيئة، وكذلك فيما يخص المناطق الصناعية وضرورة إنشاء مناطق صناعية حاضنة للاستثمار، وأن تأخذ السلطة الوطنية الفلسطينية وأجهزتها المتخصصة دورا فعال في معالجة هذه التحديات.
فيما تحدث أمير بشارات، ممثلا عن اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية في الداخل، حول العديد من نقاط الضعف ما بين السلطات المحلية ورجال الأعمال، كما تطرق إلى ملتقيات رجال الأعمال، حيث أن الغرف التجارية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 تعمل بشكل أفضل بكثير من مثيلاتها في أراضي الـ 48.
ودعا بشارات إلى البدء في توأمة البلدات المحلية مع مثيلتها من خارج البلاد، خاصة مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وأن يكون هناك ميزانيات ترصد لهذه الأهداف.