واشنطن-أخبار المال والأعمال- أعلن مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي، مساء اليوم الأربعاء، رفع سعر الفائدة القياسي مرة أخرى بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية، لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ 15 عاما، في زيادة قوية أخرى في إطار جهوده المستمرة لمحاربة أسوأ ارتفاع للتضخم تشهده الولايات المتحدة منذ 40 عاما.
ومع ذلك، لمح المجلس في بيان صدر عنه في ختام اجتماع لواضعي السياسة النقدية استمر على مدار يومين، إلى أن الزيادات المستقبلية في تكاليف الاقتراض قد تكون أقل، لمراعاة تبعات "التشديد التراكمي للسياسة النقدية" الذي انتهجه حتى الآن، مشيرا إلى أنه سيستمر "في تقليل مقتنياته من سندات الخزانة وديون الوكالات والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري".
وتعكس اللهجة الجديدة لبيان السياسة النقدية إدراكا بالتأثير السلبي المستمر للوتيرة السريعة للمجلس في رفع أسعار الفائدة، وكذلك رغبته في التركيز على الوصول إلى مستوى ملائم لسعر الفائدة من شأنه أن يكون كافيا لإعادة التضخم إلى معدله المستهدف عند 2% على المدى الطويل.
ولم يفصح المجلس عن نواياه بشأن القرارات المستقبلية.
وقال بيان المجلس الاحتياطي الفدرالي إن المسؤولين لا يزالون "في حالة تأهب قصوى إزاء مخاطر التضخم"، وهو ما يفتح الباب لمزيد من الزيادات.
وتقر هذه الصيغة بإدراك المجلس لاتساع نطاق النقاشات الدائرة حول جدوى تشديد مجلس الاحتياطي الاتحادي لسياسته النقدية وتأثيره على اقتصادات الولايات المتحدة والعالم، والخطر المتمثل في أن استمرار رفع أسعار الفائدة يمكن أن يشكل ضغطا هائلا على النظام المالي أو ربما يؤدي إلى الركود.
وقال الفدرالي الأميركي في بيانه، إنه قرر رفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس إلى 3.75% - 4%، ملمحا لاحتمال إبطاء الزيادات مستقبلا.
وذكر أن المؤشرات الأخيرة تظهر نموا متواضعا في الإنفاق والإنتاج، فيما كانت مكاسب الوظائف قوية في الأشهر الأخيرة، وظل معدل البطالة منخفضا، بينما لا يزال التضخم مرتفعا، مما يعكس اختلالات العرض والطلب.
وأضاف أن الحرب في أوكرانيا تتسبب في خلق صعوبات بشرية واقتصادية هائلة..تخلق الحرب والأحداث ذات الصلة ضغطا تصاعديا إضافيا على التضخم وتؤثر على النشاط الاقتصادي العالمي، مشددا على أن "الزيادات المستمرة في النطاق المستهدف (لسعر الفائدة) ستكون مناسبة".
ويسعى مجلس الاحتياطي الفدرالي لتحقيق أقصى قدر من التوظيف وتقليص التضخم إلى 2% على المدى الطويل، ويتوقع المجلس أن الزيادات المستمرة في النطاق المستهدف، ستكون مناسبة من أجل إعادة التضخم إلى 2% بمرور الوقت.
وعند تحديد وتيرة الزيادات المستقبلية في النطاق المستهدف، قال المجلس إنه سيأخذ في الاعتبار "التشديد التراكمي للسياسة النقدية، والتأخيرات التي تؤثر بها السياسة النقدية على النشاط الاقتصادي والتضخم، والتطورات الاقتصادية والمالية".
وفي مؤتمر صحفي عقده عقب اجتماع لجنة السوق المفتوحة التي تحدد السياسات النقدية في مجلس الاحتياطي الفدرالي، والإعلان عن رفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، حذّر رئيس مجلس الاحتياطي، جيروم باول، من أي توقع بأن يتوقف البنك قريبا عن رفع أسعار الفائدة.
وقال باول: "من السابق لأوانه للغاية التفكير في التوقف" بشأن جهود رفع سعر الفائدة الاتحادية المستهدف، مشيرا إلى أن البنك المركزي الأميركي قد يقلص حجم زيادات أسعار الفائدة في اجتماع السياسة النقدية في نهاية العام الجاري.
وفي ما يتعلق بالانتقال إلى زيادات أقل في أسعار الفائدة من 75 نقطة أساس، قال باول: "سيأتي هذا الوقت، وقد يحين هذا الوقت في اجتماع ديسمبر (كانون الأول) على أقرب تقدير"، وأضاف أنه "لم يتم اتخاذ قرار بعد" بشأن الإجراء الذي يجب انتهاجه في اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الشهر المقبل.
الدولار يهبط وأسعار النفط ترتفع
وارتفعت أسعار النفط الخام، مكتسبة زخما بعدما رفع مجلس الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام، إلا أن الخامين القياسيين أغلقا في نهاية المطاف ضمن نطاق تعاملات اليوم.
وهبط الدولار على نطاق واسع مقابل العملات الرئيسية، مساء الأربعاء، بعد أن أشار مجلس الاحتياطي الفدرالي إلى أن الزيادات المستقبلية في أسعار الفائدة قد تكون أقل من المعدل المعتاد البالغ 75 نقطة أساس.
وقال باول إن من "المبكر جدا" البحث في تجميد معدّلات الفائدة، وأشار إلى أن كبح التضخم سيؤدي إلى إبطاء النمو. وشدد على أن خفض التضخم من خلال رفع الفوائد سيتطلب وقتا.
وفي تقرير أصدره قبل أسبوعين، اعتبر الاحتياطي الفدرالي أن الآفاق الاقتصادية باتت "أكثر تشاؤما" في الولايات المتحدة في ظلّ المخاوف المتزايدة من ضعف الطلب، مشيرا إلى ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة المتصاعدة.
وتواجه الأسر صعوبات معيشية مع ارتفاع التكاليف التي تفاقمت بسبب أزمات سلسلة التوريد، وقرارات الإغلاق المفاجئة في الصين، وارتفاع أسعار الطاقة مع بدء الحرب في أوكرانيا.