تقرير: 100 شركة فقط مسجلة للعمل في التجارة الالكترونية!

Publishing Date
صورة توضيحية-تصوير وكالات

رام الله-(الحياة الجديدة)- قد تكون جائحة كورونا أرهقت بشكل كبير اقتصادات الدول والشركات الناشئة والكبيرة، إلا أنها أيضا ساهمت في تطور كبير لقطاع الاستثمار في التجارة الإلكترونية، حيث تضاعفت معدلات التجارة الإلكترونية عالميا ما نسبته 1% من حجم التجارة العالمية عام 2019، إلى ما نسبته 5-15% خلال الجائحة، حسب تقارير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد".

ويقول التقرير الذي نشر العام الماضي، إن إجمالي مبيعات التجزئة ارتفع من 16% إلى 19% في عام 2020، في الوقت الذي قفزت فيه مبيعات التجارة الإلكترونية العالمية إلى 26.7 تريليون دولار في عام 2019، بزيادة 4% عن عام 2018، وفقا لأحدث التقديرات المتاحة.

محليا، صنعت الجائحة فرص غير مسبوقة للاستثمار في القطاع الرقمي والتكنولوجي، ومنحت سلطة النقد خلال عام 2020 تراخيص لخمس شركات خدمات دفع إلكتروني، وهي (الشركة الوطنية للدفع الإلكتروني-جوال باي-، شركة بال باي، شركة مالتشات، شركة الشرق الاوسط لخدمات الدفع –ميبس-، شركة مدفوعاتكم)، وتوضح أن في فلسطين ما يقارب 230 ألف محفظة إلكترونية حتى نهاية 2021.

فلسطين تتجه نحو التجارة الإلكترونية

كما أدرجت سلطة النقد خدمة استخدام بوابات الدفع للتجارة الالكترونية المحلية في استراتيجيتها لتطوير خدمات الدفع، ومنحت الترخيص النهائي لشركة الشرق الأوسط لخدمات الدفع لتقديم خدمة استخدام بوابات الدفع العالمية، وكذلك الترخيص المبدئي للشركة الوطنية للدفع الالكتروني-جوال باي، وستوفر هذه الخدمة العديد من المميزات للتاجر وحملة البطاقات.

وتماشت فلسطين مع العالم في وجه أسلوب حياة فريد، فرضته جائحة كورونا، جعل الناس أكثر انفتاحا وقابلية للتواصل وإدارة أعمالها والشراء عن بعد.

بحاجة للتطوير

هذا لا يعني أن هذا السوق آمن، أو غير قابل للضربات، بل الحاجة ملحة لتوفير البنية التحتية الداعمة لتطوير القطاع التجاري الرقمي، وتسهيل عملية الشراء والبيع على حد سواء وضمان العملية للمستهلك بالدرجة الأولى.

العديد ممن قابلتهم "الحياة الاقتصادية" أكدوا أنهم لم يتلقوا المنتجات التي دفعوا ثمنها إلكترونيا، وتلقوا منتجات أخرى ليست التي طلبوها، وآخرون وصلتهم سلع مقلدة وغير موافقة للمواصفات المذكورة لحظة الدفع.

لذلك بات من الضروري تأمين هذه العملية من قبل المؤسسات ذات الصلة، من سلطة النقد، ووزارتي الاقتصاد، وتكنولوجيا المعلومات.

سلطة النقد في تصريحات خاصة لـ" الحياة الاقتصادية" أكدت أنها تعمل على تطوير البنية التحتية لأنظمة وأدوات الدفع الإلكتروني في فلسطين، ودعم التحول إلى استخدام التكنولوجيا المالية وخدمات الدفع الإلكتروني وتقليل الاعتماد على الدفع النقدي، وتشجيع التجارة الإلكترونية، وكذلك ممارسة دورها الرقابي والإشرافي على جميع القطاعات التي تقدم الخدمات المالية الإلكترونية المرخصة من قبلها، ومنها شركات خدمات الدفع والمصارف التي تقدم خدمات التجارة الالكترونية، وقد أصدرت العديد من التعليمات التي تضمن حماية مستخدمي تلك الخدمات.

ويؤكد مدير السياسات في وزارة الاقتصاد الوطني رشاد يوسف، أن هناك مشاورات بين كل من وزارات الاقتصاد والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والمالية وسلطة النقد، لتنظيم قطاع التجارة الالكترونية، وحماية المستهلك من الغبن والغش.

ويشير إلى أن المشاركين في تنظيم قطاع التجارة الالكترونية وضعوا خارطة لتنظيم هذا القطاع، منوها إلى أن أي طرد يأتي لمراكز البريد الفلسطيني لأغراض التجارة، يخول الموظف المختص فرض جمرك عليه، وهذا جزء من الحقوق الدولية (الرسوم والضرائب).

ويرى أن هناك مؤشرات تدل على تطور التجارة الالكترونية في فلسطين، خاصة بعد ظهور فيروس كورونا، الذي أثر بشكل ايجابي على توسعها، وأحدث نموا عليها، بسبب الاغلاقات، والحجر، والترويج للأمور الصحية، وزيادة عدد المواقع والصفحات المروجة للبيع أون لاين.

ويشير إلى أن عدد صفحات الانترنت المختصة بالبيع أون لاين والترويج للتجارة الالكترونية بلغت حوالي 1000 صفحة وموقع الكتروني، خلال 2021، في حين بلغت عدد شركات التوصيل والتحصيل المسجلة والمرخصة حوالي 70 شركة، معظمها تأسس بعد ظهور الجائحة، موضحا أن بعض الصفحات تتعامل مع هذه الشركات وبعضها يتعامل بالتوصيل مع أناس عاديين.

وبحسب بيانات البريد الفلسطيني خلال 2020، بلغ البريد الصادر والوارد إلى 1.2 مليون طرد بريدي، وهذا الرقم لم يصل اليه البريد من قبل، وجزء كبير من الطرود التي تصل تتعلق بالتجارة الالكترونية، والطرود الداخلة أكثر من الطرود الخارجة.

ويضيف يوسف: خلال سنة 2021 وصل عدد الشكاوى إلى 87 شكوى على التجارة الالكترونية المحلية، حيث إن البضاعة ليست حسب النوعية أو الجودة.

منذ بدء الجائحة؛ انتشرت الكثير من المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي التي تروج للبيع عبر الأون لاين، وأصبح العديد من أصحاب المحال التجارية يعتمدون على الترويج لمنتجاتهم عبر (الإنترنت) والبيع عبر التوصيل، ليتمكنوا من المنافسة وحفظ مكانتهم في السوق، ومجاراة التطور.

انقسام في آراء المستهلكين

انقسمت آراء المستهلكين عن تجاربهم بالشراء، منهم المحذرون من الخداع والغبن، ومنهم المشجعون على التسوق الالكتروني سواء من مواقع محلية أو عالمية.

الشابة سهير جريسة تفضل الشراء عبر الأون لاين، على الدخول في أزمة السوق، والبحث عن مكان لركن سيارتها، في ظل وجود أطفالها معها.

تقول: "أبحث عما أحتاج عبر صفحات الانترنت وأطلب ما يعجبني، بدلا من إضاعة وقتي في البحث عما أريد من السوق.. الأمر متعب".

واعتادت جريسة خلال فترة كورونا والحجر، على الطلب أون لاين، وتحرص على اختيار الصفحات الموثوقة، التي لديها خدمة توصيل.

فيما أن الشابة ريهام اسماعيل من مدينة رام الله، تعرضت لنصب من قبل عدة صفحات الكترونية، تقول: "نصب على العالم وإذا براجعهم بعملوا حظر، والصور والدعاية مش نفس الواقع لا المقاسات ولا اللون ولا الخامة.. الشراء من السوق أفضل ويمكن المفاصلة بالسعر ومعاينة الملابس".

وبحسب تقرير المسح الأسري لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات 2019، الصادر عن الجهاز المركزي للاحصاء،بلغت نسبة الأفراد (18 سنة فأكثر) الذين لم يقوموا بشراء سلع أو خدمات عبر الانترنت، حسب السبب في عدم الشراء، عدم الاهتمام بالشراء عبر الأونلاين 75.2%، وتفضيل التسوق شخصيا 73.7%،لأسباب متعلقة بالثقة مثل الضمانات، وتلقي المنتجات وإرجاعها بنسبة 44%،وانعدام الثقة أو المعرفة بنسبة 33.2%، وأسباب تقنية بنسبة 21.4%، والخصوصية مثل الإفصاح عن تفاصيل شخصية بنسبة 23.7%، وأخرى أمنية بنسبة 17.9%.

كثير من الأحيان تشتري سناء محمد من مدينة نابلس، عبر "الأون لاين"، لكن لسوء حظها ما يصلها يكون قطعة لا تشبه المعروض على الصفحة، لا بالجودة ولا اللون ولا المقاس، ولا يقبل منها صاحب الموقع التبديل أو الإرجاع؛ كما تقول.

وتضيف: "أحيانا أصحاب مواقع الشراء الإلكترونية يفتقدون إلى المصداقية والضمير، وحصل أن أرسلوا لي أغراضا لم أطلبها بحجة أن ما طلبته قد نفذ، فأرسلوا ما يشبهه دون استشارتي، كما أن الأسعار أضعاف الأسعار الحقيقية، ومبالغ فيها، ولا تتناسب مع الجودة والنوعية".

وبحسب نتائج المسح الأسري لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في فلسطين لعام 2019، فإن 79.6% من الأسر في فلسطين لديها نفاذ للإنترنت، بواقع 83.5% في الضفة الغربية و72.7% في قطاع غزة، كما أظهرت النتائج عدم وجود فجوة كبيرة حول توفر خط الانترنت لدى الأسر الفلسطينية بين الحضر والريف، حيث بلغت النسبة 79.8% في الحضر و80.9% في الريف، بينما بلغت 74.5% في المخيمات.

كما يشير المسح إلى أن 8.1% من الأفراد (18 سنة فأكثر) في فلسطين قاموا بشراء سلع أو خدمات عبر الانترنت (9.4% في الضفة الغربية و%5.5 في قطاع غزة).

تسهيل الحصول على الموارد والتمويل اللازم للاستثمار والارتقاء في هذا المجال، أيضا بات أمرا ضروريا للاستمرار في هذا العمل، في الوقت الذي يتخوف العاملون في المجال من التضييق عليهم عبر فرض الضرائب.

مدير السياسات في وزارة الاقتصاد الوطني رشاد يوسف، يؤكد أن أي تجارة حسب القوانين الدولية عليها ضريبة، لكن هذه التجارة نوع جديد، وحتى الآن ليس كل شيء عليه جمرك، وليس كل من يعمل فيها يخضع للضريبة، نحن نريد تنظيمها من أجل من يستحق دفع ضريبة نأخدها منه حسب القوانين الضريبية الموجودة.

ويضيف: "لسنا معنيين بالتضييق على هذا القطاع الذي يشكل فرصة عمل للكثير من الناس، ومن الممكن ألا نفرض ضرائب عليه لكن نفتح سجلا الكترونيا بشكل رقمي لنستطيع الوصول إليهم في حال الشكاوى والقضايا المتعلقة بحماية المستهلك".

ويتابع: "يتم التعامل حاليا مع الشكاوى في التجارة الالكترونية بنفس آلية الشكوى في التجارة العادية، وأي شخص لديه اشكالية حقيقية ممكن أن تحال إلى القضاء وما ينطبق على التجارة العادية ينطبق على التجارة الالكترونية".

وهذا يدفع المستهلكين للاهتمام بشكل أكبر بموضوع التغذية الراجعة للمعاملات التي تمت بشكل إلكتروني عبر المنصات المختلفة.

لكن جزءا من العاملين في التجارة الالكترونية ليس لديهم عناوين واضحة، وصعب الوصول اليهم، لذلك يتوجب ضرورة تنظيم هذا القطاع وايجاد عناوين ثابتة لهم للوصول اليهم.

ويشير يوسف إلى أن من سجل بشكل رسمي للعمل في التجارة الالكترونية ما يقارب الـ100 شركة فقط، لافتا إلى أن 85% من مصدر الطرود تأتي من الصين.

وتظهر نتائج المسح الخاصة بنوع السلعة أو الخدمة المشتراه عبر الانترنت بحسب جهاز الإحصاء، أن 63.2% من الأفراد (18 سنة فأكثر) الذين قاموا بشراء سلع أو خدمات عبر الانترنت قاموا بشراء الملابس أو الأحذية أو الملابس الرياضية أو الإكسسوارات، يليها مستحضرات التجميل بنسبة 21.6%، ويليها السلع المنزلية (الأثاث، والألعاب، وما إلى ذلك؛ باستثناء المنتجات الإلكترونية الاستهلاكية) بنسبة 20.2%. 

وفيما يتعلق بطريقة الدفع المستخدمة عند شراء السلع أو الخدمات عبر الانترنت، بحسب نتائج المسح لجهاز الإحصاء فإن 86.5% من الأفراد (18 سنة فأكثر) الذين قاموا بشراء سلع أو خدمات عبر الانترنت استخدموا طريقة الدفع النقديعند الاستلام يليها طريقة الدفع بواسطة بطاقة ائتمان عبر الانترنت بنسبة 15.2%، يليها استخدام بطاقة الخصم المباشر أو التحويل المصرفي الالكتروني عبر الانترنت بنسبة 7.5%، يليها استخدام خدمات الدفع عبر الانترنت بنسبة 3.7%، والنسبة الأقل كانت باستخدام طريقة الدفع من خلال الحساب المالي المتنقل (حساب موصول برقم الهاتف المحمول) حيث بلغت النسبة 1.9%.

ويقول مدير عام البريد الفلسطيني معاذ دراغمة، إن هناك نموا مطردا في عدد الطرود البريدية، التي يتم اســتقبالها عن طريق البريد الفلســطيني خلال الســنوات الأخيرة، وهذا يدل على الاقبال على التجارة الالكترونية، مشيرا إلى أن كل العالم ذاهب للتجارة الإلكترونية والأون لاين، ويوجد لدينا اقبال كبير عليها في الفترة الأخيرة، وتشهد حركة كبيرة ونشطة وهناك توجه للحكومة لتنظيمها.

ويضيف دراغمة أن 70% من الذي يصلهم بريد عن طريق البريد الفلسطيني هو تجارة الكترونية، والبريد اليوم لم يعد رسالة فقط، بل هو خدمة واجراءات.

ويرى أن وضع المستهلك عنوانا لاستلام مشترياته عبر البريد الإسرائيلي يعرضه للاستغلال من قبل الوسيط والتوصيل والتخليص الجمركي؛ ما يهدد بمضاعفة السعر، واختيار المستهلك الفلسطيني للرمز البريدي الإسرائيلي يضع الايراد المالي أو الجمركي الذي من المفترض أن يذهب للشعب الفلسطيني وللخزينة العامة إلى إسرائيل، كما أن هنالك ضررا عاما وسياسيا وماليا عند استخدام رمز البريد الاسرائيلي.

ويشدد على أن البريد الفلسطيني سريع، ويوجد متابعة له، ويتم الحصول على التغذية الراجعة من المستخدمين للتأكد من جودة الخدمة.

وينوه الى أن بعض المواقع لا تدرج فلسطين على موقعها، ويعمل البريد الفلسطيني حاليا لإدراجها، وهذا يحتاج إلى المزيد من الوقت، وهناك عملية للتواصل مع الجهات والشركات الخارجية لإدراج الحقوق المالية للشعب الفلسطيني، ويصبح عليها عنوان اسم فلسطين.

وحول موقع علي اكسبرس؛ لفت دراغمة إلى أن الموقع منح إسرائيل مليونل ونصف المليون دولار بحجة أن لديه زبائن، وهذا على حساب المواطن الفلسطيني لأن 70% من المشترين من الموقع من الفلسطينيين، وهذه الأموال تذهب لدعم الحكومة الإسرائيلية.

ويقول دراغمة: إن الرمز البريدي الفلسطيني هو أول مشروع وطني تم تطبيقه، وهو إقرار بالكود الفلسطيني، والبريد يشمل جميع القرى والمدن الفلسطينية ويسهل عملية التوزيع ويسرعها، كما يؤكد الحقوق الفلسطينية وعلى الملف الدولي، ويفتح لنا اتفاقيات وآفاقا تجارية بيننا وبين الشركات التي تستورد منها.

وتؤكد نورا العقاد من شركة فونيكس للخدمات اللوجستية والنقل، أن ثقافة الاون لاين والشراء من الانترنت، زادت خلال فترة جائحة كورونا رغم تواجدها المسبق، لكن الناس خلال انتشار الجائحة تغلبوا على خوفهم وأقدموا على هذه التجربة الجديدة، وأصبح لديهم ثقة في بعض الصفحات، وبدأوا يطلبون ما يشاءون دون عناء أو تعب.

وتشير إلى أن نسبة الطرود زادت من قبل المواطنين، ما فتح المجال لشركات التوصيل والتحصيل بالتوسع والانتشار، وفتح فرص عمل للشباب، وفتحت الشركة فرص عمل إضافية، ووظفت ما يقارب الـ25 موظفة مدربة تدير صفحات الأون لاين للتجارة الالكترونية.

وتقول العقاد إن شركة التوصيل لها دور أيضا في انتشار تجارة الأون لاين، فبعد تحليل لمجموعة من المستهلكين تبين أنه كلما كان توصيل الطرد أسرع للمستهلك كانت فرصة إلغائه أقل، ولا يوجد راجع، خاصة أن الغالبية تتردد عند قرار الشراء.

وتلفت إلى أنه عندما تكون خدمة التوصيل سريعة ولجميع المناطق، فهذا يزيد من نسبة المبيعات والمنافسة العالية والجودة، فكلما كانت خدمة التوصيل أسرع، شكل ارتفاعا بنسبة المبيعات، وزاد عدد الطرود.