رام الله-أخبار المال والأعمال- أصدرت سلطة النقد تقرير الاستقرار المالي للعام 2020، والذي يعد من أهم التقارير التي تتولى إصدارها بشكل دوري منتظم، إلى جانب التقرير السنوي حول الاقتصاد المحلي والعالمي. ويستعرض هذا التقرير مختلف التطورات في النظام المالي الفلسطيني، بكافة مكوناته من مؤسسات مصرفية وغير مصرفية، وأشكال المخاطر المختلفة التي تعرّض لها هذا النظام.
وأشار محافظ سلطة النقد فراس ملحم إلى أن اهتمام سلطة النقد بالاستقرار المالي في فلسطين، ينبع من اعتباره هدفًا رئيسًا، كونها المؤسسة الوحيدة المخوّلة بالإشراف على سلامة الوضع المالي للمصارف، والصيارفة، ومؤسسات الإقراض المتخصصة، وكذلك على مقدمي خدمات الدفع، وعلى سلامة وفعالية نظم المدفوعات. كما يعكس كذلك مدى التركيز والاهتمام بالقطاع المالي، وتعزيز قدرة هذا القطاع على مواجهة المخاطر لضمان ملاءته وقيامه بمهامه المختلفة، وبما يسهم في دعم النمو الاقتصادي المستدام والمساهمة في تحقيق التنمية بفاعلية وكفاءة، وضمان تدفق الأموال بسلاسة بين الأفراد والأسر وقطاع الأعمال والحكومة وبين المواطنين وبقية العالم.
وأكد محافظ سلطة النقد في سياق تقييمه لوضع الاستقرار المالي في فلسطين خلال العام 2020 إلى أن الظروف الصعبة التي عانى منها الاقتصاد الفلسطيني (انتشار الجائحة، وتوقف إيرادات المقاصة، وتراجع المساعدات الخارجية)، والتي تسببت في انكماش اقتصادي غير مسبوق وارتفاع في معدلات البطالة إلى مستويات قياسية، دفعت سلطة النقد إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاحترازية، بهدف المواءمة بين الحفاظ على سلامة واستمرارية عمل المؤسسات الخاضعة لرقابتها وإشرافها المباشر، والاستمرار في تقديم مختلف الخدمات المصرفية لجمهور المواطنين من جهة، والتخفيف من الأضرار التي لحقت بالمواطنين وقطاع الأعمال، ودعم مختلف الأنشطة والقطاعات الاقتصادية والمحافظة على استمراريتها من جهة ثانية.
وقد مهدت هذه الإجراءات، كما أشار ملحم، السبيل أمام ضخ وتعزيز مستويات السيولة في الاقتصاد، سواء من خلال تأجيل القروض للأفراد وقطاع الأعمال، ودعم القطاعات المتضررة والقطاعات الإنتاجية، أو من خلال تحرير سيولة المصارف نفسها، لضمان تجنب أية مخاطر محتملة في السيولة، وتلبية أية سحوبات طارئة للأفراد وقطاع الأعمال.
وأضاف أن الإجراءات التي اتخذتها سلطة النقد قد أثبتت فعاليتها ونجاعتها في التعامل مع التحديات الإضافية التي فرضتها أزمات العام 2020، والإبقاء في نفس الوقت على القطاع المصرفي الفلسطيني سليمًا ومتينًا وقادرًا على تحمل هذه التحديات والتعامل معها، وحتى تجاوزها، نتيجة لاحتفاظه بمستويات جيدة من رأس المال، وتمتعه بمستويات مريحة من السيولة.
ومع ذلك تدرك سلطة النقد أن المخاطر، وتحديدًا تلك المرتبطة بالجائحة، لا تزال تشكّل أحد أبرز المخاطر التي تواجه الاستقرار الاقتصادي بشكل عام، والاستقرار المالي بشكل خاص، إلى جانب المخاطر الأخرى المتعلقة بإيرادات المقاصة، والمساعدات الخارجية، وغيرها، والتي لا تزال تلقي بظلالها على مجمل الوضع الاقتصادي والمصرفي في فلسطين.
وفي هذا السياق، أشار ملحم أن سلطة النقد دأبت على رصد ومتابعة مثل هذه المخاطر عن كثب، كجزء من إدارتها الشاملة للمخاطر، مستندةً في ذلك على مجموعة من أدوات السياسة الاحترازية الكلية والجزئية، والتي تشكّل مخرجاتها مُدخلاً رئيسًا لسلطة النقد في سياساتها الرقابية، وتطوير خطط الإنعاش لضمان استمرار قدرة المصارف على الوفاء بالتزاماتها، والحفاظ على أموال المودعين، وبالتالي الحفاظ على الاستقرار المالي.
ونوه ملحم إلى أن سلطة النقد تسعى من خلال إصدار هذا التقرير إلى زيادة الوعي والفهم بالمواضيع والتطورات المختلفة المتعلقة بالاستقرار المالي في فلسطين، خاصة وأن تقييم سلطة النقد يشمل المخاطر والتهديدات المحتملة تجاه الوسطاء الماليين والنظام المالي، وبيان مدى قدرة هذا النظام على مواجهة مثل هذه المخاطر، والإجراءات المتخذة لتجنب هذه المخاطر والتهديدات، وكذلك الأدوات المستخدمة لتحسين الأداء وتعزيز الاستقرار المالي.
ويشتمل تقرير الاستقرار المالي لعام 2020 على سبعة فصول رئيسة تتضمن استعراض التطورات الاقتصادية العالمية والإقليمية والمحلية، من منظور تأثيرها على الاستقرار المالي، وتحليل أهم التطورات والمخاطر في القطاع المالي الفلسطيني، ورصد الجهود التي بذلتها سلطة النقد والإجراءات التي قامت بها للحفاظ على الاستقرار المالي، وتدعيم البنية التحتية للنظام المصرفي، والمحافظة على ثقة العملاء بالقطاع المصرفي، وبما يسهم في بقاء القطاع المصرفي آمنًا وسليمًا ومعافى.