رام الله (شينخوا) يلقي غلاء الأسعار بظلاله على قدرة وإقبال الفلسطينيين في الضفة الغربية على شراء أضاحي عيد الأضحى المبارك.
وشهدت أسواق الضفة ركودًا غير مسبوق قبل يومين من استقبال المناسبة في ظل ظروف معيشية صعبة دفعت غالبية السكان لشراء المستلزمات الأساسية فقط.
وعزا تجار محليون واقتصاديون ذلك لتدهور الوضع الاقتصادي الناتج عن انتشار مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، جراء تبني الحكومة الفلسطينية إجراءات وقائية مشددة للحد من تفشيه تضمنت إغلاقات شاملة وجزئية.
ويقول الفلسطينيون، إن الإجراءات التي تم اتخاذها منذ بدء اكتشاف المرض في آذار/ مارس من العام الماضي تسببت في توقف عجلة الاقتصاد بالضفة الغربية، مما ساهم في ارتفاع نسبة البطالة والفقر لدى السكان.
ومع ذلك تدفق العشرات إلى الأسواق الخاصة ببيع الخراف، غالبيتهم بدافع الفضول والاطلاع على أسعار المواشي، فيما لم يتمكن إلا القليل منهم، من الشراء احتفالا بمناسبة عيد الأضحي المبارك ولإدخال الفرحة على أفراد عائلته.
ومن بين الحاضرين الشاب أحمد أبو العامر الذي اصطحب رفاقه إلى سوق المواشي في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية للتعرف على أسعار وأنواع الأغنام الموجودة، إلا أنه غادر دون شراء بسبب ارتفاع الأسعار.
ويقول الثلاثيني أبو العامر الذي بدا متفاجئا بأسعار المواشي لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن الأسعار ارتفعت بنسبة 25 في المائة عن سعرها الأصلي.
ويتابع أن ثمن كيلو اللحم من المواشي يباع بحوالي 9 دولارات أمريكي، أما الآن أصبحت تباع بحوالي 11.25 دولار وهذا ارتفاع كبير يضر بالمستهلك.
ويوضح أبو العامر، أن سعر الخروف الواحد "أصبح يعادل راتب كامل لموظف حكومي، مما يعني عدم تمكنه من شراء الخروف من أجل ممارسة شعائر الأضحية في العيد المبارك".
في المقابل منه، وقف التاجر الخمسيني عيسى التعمري يشكو من ضعف إقبال الناس على شراء الأضاحي هذا العام، مما يعني خسارة مضاعفة ستلاحقه للعام الثالث على التوالي.
ويقول التعمري بينما يعرض عددا من رؤوس الخراف حوله لـ((شينخوا))، إن الزبائن يشتكون من غلاء الأسعار ولكن ذلك جاء بسبب ارتفاع أسعار الطعام الخاص بالمواشي، إضافة لانخفاض سعر صرف الدينار الأردني مقابل الشيقل الإسرائيلي.
وأعرب التعمري الذي يعيل أسرة مكونة من 5 أطفال، عن تخوفه من التعرض لخسائر فادحة نتيجة عدم تمكنه من بيع خرافه قبيل عيد الأضحى، نتيجة عزوف الزبائن عن شراء المواشي.
وتحتاج السوق الفلسطينية ما بين 210 إلى 215 ألف رأس من الماشية للأضاحي في عيد الأضحى المبارك على مستوى الضفة الغربية وقطاع غزة، بحسب ما أفاد مدير التسويق الزراعي في وزارة الزراعة الفلسطينية طارق أبو لبن.
ويقول أبو لبن لـ((شينخوا))، إن السوق الفلسطينية تغطي أكثر من 90 في المائة من الحاجة للأضاحي، بينما يتم سد النقص باستيراد كميات من الخارج بمعدل 30 ألف عجل وخروف.
ويشير إلى أن حالة عدم التوازن ما بين العرض والطلب في السوق أدت لعدم ارتفاع الأسعار بشكل كبير رغم ارتفاع تكاليف الإنتاج على المزارعين سواء أسعار الأعلاف أو أسعار الشحن من الدول المصدرة.
ويوضح أبو لبن، أن هناك دولا مصدرة للأعلاف انخفض انتاجها بسبب أزمة مرض فيروس كورونا وهذا انعكس على أسعار الأعلاف في السوق المحلية وكذلك ارتفاع الشحن البحري كان أيضا السبب في ارتفاع الأسعار.
ولا يختلف الحال كثيرا بالنسبة للأسواق الشعبية العامة في الضفة الغربية التي شهدت ركودا تجاريا، نتيجة اقتصار عمليات الشراء على الأساسيات فقط.
ويشتكي محمد العالم من سكان مدينة رام الله الذي يعمل تاجرا للفواكه من ضعف حركة البيع داخل محله، متخوفا من تكبده خسارة كبيرة قبيل عيد الأضحى.
ويقول العالم، وهو أب لأربعة أبناء، لوكالة أنباء ((شينخوا)) "في مثل هذه الأيام تكون نسبة البيع في محلات الفواكه والحلويات تتخطى الـ500 في المائة، لكن هذا العام الوضع أسوأ ما يمكن أن يكون".
ويضيف، بينما يرتب حبات المانجو على منضدة كبيرة وضعها أمام دكانه "للأسف الشديد، لم يعد يمتلك المواطن الفلسطيني المال كي يشتري بضاعة العيد، فهو مهتم فقط بشراء الضروريات من الخضار والطعام الأساسي".
ويقول المواطن أسعد العاروري، إن مشترياته اقتصرت على شراء الملابس لأطفاله الخمسة فقط، دون تمكنه من شراء كماليات أخرى مثل الفواكه والألعاب.
ويضيف العاروري الذي يعمل موظفا حكوميا، "الجميع هنا يعاني من أزمة اقتصادية خانقة بسبب تداعيات مرض فيروس كورونا التي تسببت بإغلاق مناطق بالضفة الغربية".
ويشير الرجل الأربعيني، إلى أن السكان لن يتمكنوا من استعادة حياتهم بشكل طبيعي إلا بعد عدة سنوات من التعافي من تداعيات مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19).