رام الله-أخبار المال والأعمال-نظم المجلس الأعلى للإبداع والتميّز، يوم الاثنين، وتحت رعاية السيد الرئيس محمود عباس، المنتدى الوطني الخامس تحت عنوان "الإبداع والجائحة" افتراضياً، وذلك تماشياً مع الإجراءات الوقائية المرتبطة بتفشي جائحة كورونا (كوفيد–19) في دولة فلسطين، وحرصا على السلامة العامة.
وافتتح المنتدى بكلمة الرئيس محمود عباس، الذي أكد أن الشباب هم الثروة الحقيقية للوطن، ما يتطلب منا جميعا بذل المزيد من الجهود، سواء بتوفير التعليم النوعي أو بفتح الآفاق وتذليل العقبات أمامهم، على نحو يسهم في استخراج طاقاتهم المبدعة والكامنة، وتمكينهم من تأسيس وقيادة اقتصاد وطني حر مبني على المعرفة والتميز والإبداع.
وقال الرئيس عباس: "اليوم دولة فلسطين، وبرغمِ التحدياتِ الهائلةِ التي تواجهُها، سواء تلك المرتبطةُ بالاحتلالِ وآثارِه، أو تلك المتعلقةُ بجائحةِ كورونا وآثارِها على مختلفِ مناحي الحياةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والصحية، تقفُ جنباً إلى جنب، معَ دولِ العالم لتؤسسَ لعالمٍ أفضل، وتساهمُ في التقدمِ العلميِ والمعرفي، فكيفَ لا، ونحن نمتلكُ طاقةً بشرية، في فلسطينَ والشتات، مؤهلةً، رائدةً، وقادرةً على الإبداعِ وتقديمِ حلولٍ علميةٍ وتكنولوجية."
بدوره، اعتبر رئيس المجلس الأعلى للإبداع والتميّز، مستشار الرئيس لشؤون الإبداع عدنان سمارة، أن وضع فلسطين مختلف عن باقي الدول إذ نتعرض لفيروسين وهما، كوفيد-19 الذي أربك الحياة التي نعيشها ولكن حلوله كثيرة بالاعتماد على تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، وفيروس الاحتلال والضم الذي دمر البشر والحجر والشجر وحله صمود وكفاح الشعب الفلسطيني.
كما أضاف ان المجلس منذ اليوم الأول للجائحة لم يتأخر عن المضي في خدمة المبدعين والرياديين الفلسطينيين بكافة الأشكال، إذ ان المجلس استمر بتنفيذ النداء التركي الفلسطيني (مجلس البحث العلمي التركي/ التوبتاك، والمجلس الأعلى للإبداع والتميز)، وأضاف انه تقدم للمشاركة 25 بحثا تطبيقيا تقدم حلولا تطبيقية لمشاكل تواجه القطاعات الاستراتيجية مثل المياه والمياه العادمة والطاقة والتكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا النانو وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي نحن بأمس الحاجة لها.
كما نظم المجلس خلال فترة الجائحة دورة تدريبية لـ15 باحثا من غالبية الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وللعاملين في مراكز نقل التكنولوجيا وتطويعها. وأطلق نداء "تحدي بوصلة للإبداع" بالتعاون مع الوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي (بيكا) التابعة لوزارة الخارجية الفلسطينية، والذي يهدف إلى تقديم حلول إبداعية تدعم أهداف التنمية المستدامة، وتساهم في تحسين الحياة لدى المجتمعات المهمشة.
أما المنتدى، فقد أتى تنظيمه لهذا العام بالاعتماد على التكنولوجيا الحديثة تحت عنوان الإبداع والجائحة، وذلك للتأكيد على ربط دولتنا مع العالم أجمع، وقال: "كلي آمل أن المنتدى الوطني الخامس سيصنع آفاقاً جديدة لكافة الأطراف، وذلك من خلال عرض التجربة الفلسطينية وابراز أهمية وجود فريق وطني لإدارة الأزمات مع الأخذ بعين الاعتبار القطاع الصحي والاقتصادي على حد سواء، بالإضافة إلى الاطلاع على التجارب العالمية في مجابهة الجائحة وسبل التعافي منها والاستفادة منها وتطبيق ما هو ملائم لدولتنا".
من جهتها، قالت رئيسة اللجنة التحضيرية للمنتدى ورئيسة الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، علا عوض، إن العالم انقلب بين عشيةٍ وضحاها إثر تفشي جائحة كورونا وتغير كل شيء من حولنا، أسلوب حياتنا، سلوكنا، عاداتنا وتقاليدنا، فباتت مدارسنا وجامعاتنا دون طلاب، ومساجدنا وكنائسنا دون مصلين، وشوارعنا وأسواقنا لم يعد يطؤها أحد.
وأضافت عوض، ان ملامح العالم اختلفت على كل الأصعدة، ولم تعد القوانين والتشريعات الحالية تتوافق مع متطلبات الواقع المستجد الذي نعيشه. وفي معرض حديثها ذكرت ان "لا بد من مواءمتها لتواكب التغيير الذي يشهده العالم، خاصة في ظل التطور التكنولوجي السريع، حيث بات من المؤكد أننا لن نعود إلى سابق عهدنا حتى بعد انجلاء هذه الجائحة، وما لقاؤنا اليوم من خلف هذه الشاشات -التزاماً ببروتوكولات الصحة والتباعد الاجتماعي- إلا مثال حي على ملامح هذا التغيير، بعد أن كانت تعج قاعات المؤتمرات والمنتديات بالمشاركين".
وأشارت رئيسة اللجنة التحضيرية للمنتدى، إلى أن تجربة المنتدى الخامس لهذا العام فريدة ومختلفة كونه يواكب التطور في مجال الاتصال والتواصل في ظل تفشي الجائحة، وأنه يحمل طابعا مختلفا في الشكل والمضمون لينسجم ومتطلبات المرحلة.
كما أضافت ان لهذا المنتدى ميزةً إضافية ألا وهي مشاركة نخبةً من الخبراء والمتحدثين من داخل الوطن، ومن بعض الدول الشقيقة والصديقة بعد أن كانت مشاركتهم وزيارتهم لفلسطين تشكل تحدياً كبيراً بفعل إجراءات الاحتلال، وما يبعث على السعادة أيضاً مشاركة أشقاؤنا من قطاع غزة في المنتدى تأكيداً على وحدة الوطن ولحمته.
وفي ختام كلمتها قالت عوض، إن المشاريع الـ26 المشاركة في المعرض الافتراضي "تحمل رسالة للعالم أجمع بأن فلسطين تزخر بالكفاءات والعقول المبدعة القادرة على صنع التغيير، وأنَّ شمعة الإبداع لن تنطفئ رغم الألم والظلم الذي يعيشه شعبنا الفلسطيني تحت أطول احتلال في التاريخ، وسنبقى نسعى للحياة ما استطعنا اليها سبيلا".
بدوره أعرب الراعي الرئيسي للمنتدى لهذا العام عمار العكر، الرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات الفلسطينية على أهمية عقد مثل هذه المنتديات، إذ تساهم في نشر ثقافة الإبداع والتميّز والتأكيد على وجود فلسطين ضمن خارطة العالم التكنولوجي، كما أضاف على أهمية مشاركة كافة مؤسسات الوطن وتلاحمها لمواجهة الأزمات كما حدث في جائحة كورونا.
وقال: "نظرا لأهمية الخدمات التي تقدمها شركات مجموعة الاتصالات لجميع شرائح المجتمع في فلسطين، ولكون هذه الخدمات أساسية وحيوية ولا يمكن الاستغناء عنها أو توقفها جزئيا أو كليا، فإن مجموعة الاتصالات الفلسطينية تولي اهتماما خاصا ومشددا لعملية التخطيط للطوارئ والأزمات والكوارث الطبيعية. وضمن هذا الاهتمام، تعمل المجموعة على تطوير وتحديث خطط الطوارئ بصورة مستمرة وتقوم بتفعيلها فور وقوع الأزمة وبحسب درجة الطوارئ وقوة تأثير الأزمة".
كما أضاف أن مجموعة الاتصالات الفلسطينية ممثلة بالمجموعة وموظفيها ساهموا بتقديم مبلغ 9.5 مليون شيقل لصندوق وقفة عز ضمن مسؤوليتها الاجتماعية، كما ساهمت شركات المجموعة بتوفير خدمات الانترنت بصورة عاجلة في مراكز الحجر في الضفة الغربية وغزة بالإضافة إلى رفع السرعات مجانا لأساتذة الجامعات من أجل دعم عملية التعليم الإلكتروني في الجامعات الفلسطينية.
وهدف هذا المنتدى إلى عرض وتبادل الخبرات والتجارب الوطنية والدولية في مواجهة الجائحة، وتقييم التجربة الفلسطينية من خلال عرض المبادرات وقصص النجاح التي ساهمت في الحد من تأثير الجائحة واستخلاص العبر والدروس، كما تم تسليط الضوء على تجارب عالمية ناجحة لاستخدام التكنولوجيا في الابداع، لا سيما في المجالات التي تأثرت بشكل واضح بالجائحة، وتطرق المنتدى الى شكل العالم ما بعد الجائحة، وملامح التغيير التي ستطال مختلف القطاعات.
واشتمل المنتدى لهذا العام على جلسات حوارية افتراضية قدمها 21 خبيرا محليا ودوليا في مختلف القطاعات، وذلك لعرض خبراتهم وتجاربهم خلال الجائحة من مختلف دول العالم، بدءاً بالولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، وألمانيا، وايرلندا، وبريطانيا، بالإضافة إلى ماليزيا والصين، ومروراً بالدول العربية الشقيقة، وخصوصاً الأردن، ولبنان، والإمارات العربية المتحدة، ومصر، والمملكة العربية السعودية. واستهدفت كل جلسة من الجلسات محورا من محاور المنتدى الأربعة الأساسية وهي، فلسطين والجائحة، والعالم والجائحة، والعالم ما بعد الجائحة، وأخيرا الإبداع في مواجهة الأزمات.
كما تم على هامش المنتدى إقامة معرض افتراضي للشركات الناشئة، والمشاريع الجاهزة للاستثمار، والأبحاث العلمية في المجالات المختلفة، مثل التكنولوجيا الحيوية والطب الحيوي، وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، والطاقة والزراعة، والتطبيقات الذكية والألعاب وغيرها. من الجدير ذكره أن هذه المشاريع ازدهرت خلال فترة الجائحة وساهمت في خدمة المجتمع الفلسطيني في شقي الوطن قطاع غزة وعددها 8 بالإضافة إلى 18 من محافظات الضفة الغربية.