غزة (شينخوا)- يجد الكثير من سكان غزة في التسوق الإلكتروني وسيلة لتأمين احتياجاتهم؛ في ظل حظر التجوال المفروض على أغلب مناطق القطاع ضمن تدابير مكافحة فيروس كورونا المستجد. وتسجل معدلات التسوق الإلكتروني رواجاً غير مسبوق في قطاع غزة المحاصر إسرائيلياً منذ 13 عاماً، والذي ظل سكانه يحتفظون بطرق الشراء التقليدية من الأسواق والمحلات التجارية بدرجة كبيرة.
وفرضت السلطات هنا، التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حظراً للتجوال في قطاع غزة؛ بعد تسجيل أول إصابات محلية بفيروس كورونا في الـ 24 من آب الماضي. وفيما تم إدخال إجراءات تخفيف لاحقاً، فإن التعليمات الحكومية ظلت تؤكد للسكان تجنب مغادرة المنازل إلا للضرورة القصوى.
ويشتري محمد قرموط، من سكان حي تل الهوا غرب غزة، احتياجاته إلكترونياً من خلال طلبها مباشرة من أصحاب محلات البقالة والخضراوات لتوصيلها إلى منزله، دون تكبد عناء كسر الحجْر الإجباري على السكان.
ويقول قرموط، وهو أب لخمسة أطفال، بينما كان يتمّم طلبية "خضروات وفواكه": إن "الوضع في غزة صعب للغاية، ولا يجب الاستهانة به، فمجرد الخروج إلى الشارع قد يعني مخاطرة حقيقية للإصابة بالفيروس".
ويضيف: إن قطاع غزة يعاني من وضع صحي متدهور، وانتشار المرض داخل المجتمع أمر خطير في ظل الكثافة السكانية، "لذلك أفضّل أن ألتزم الحجْر المنزلي، طالما أن هناك خيارات بديلة تتيح لي التزود بالاحتياجات الضرورية لأسرتي".
ويوضح قرموط أنه لم يضطر للخروج من منزله سوى "مرة واحدة أو مرتين، وكانت للضرورة القصوى"، منوهاً إلى أنه من الضروري أن يلتزم الجميع بالتعليمات الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية لتفادي نقل العدوى إلى المزيد من المواطنين.
وتنشط حركة التسويق الإلكتروني لدى العديد من المحلات المختصة ببيع البقالة والخضراوات والفواكه والدواجن واللحوم، منذ بدء الأزمة داخل القطاع.
ويقول يوسف جاسر، صاحب أحد محلات بيع الفواكه والخضار في مدينة غزة: إن نسبة البيع إلكترونياً تضاعفت بنحو سبعة أضعاف عما كانت عليه قبل أزمة "كورونا"، مضيفاً: "في بداية الإغلاق تخوفنا من تكبد خسائر كبيرة بسبب توقف حركة البيع والشراء، ولكن بعد منحنا التصاريح للوصول إلى متاجرنا أصبح الأمر أكثر ربحاً بالنسبة لنا".
وينوه إلى أن إقبال السكان أصبح كبيراً أيضاً على شراء الخضراوات والفواكه، خاصة تلك التي تحتوي على الفيتامينات الأساسية مثل "الفليفلة والخيار والطماطم والأفوكادو والخيار، بالإضافة إلى الزنجبيل".
ولم يقتصر التسويق الإلكتروني على الطعام فقط، بل امتد إلى أصحاب المشاريع الصغيرة، والذين يعملون على إنتاج مواد التجميل والعناية بالبشرة لتضاعف أرباحهم في ظل أزمة "كورونا".
وتبدع أسماء ياسين، وهي من سكان شمال مدينة غزة، في صناعة الصابون الخاص بالجسم، بالإضافة إلى الكريمات المرطبة والشامبو، وتقوم بتسويقها إلكترونياً.
وتقول أسماء، وهي في الأربعينيات من عمرها، بينما كانت تحضر مجموعة من الكريمات الخاصة بالشعر والجسم لعملائها: إنها تفاجأت بأن حجم مبيعاتها تضاعف في فترة الإغلاق، على عكس ما كانت تتوقعه.
وتضيف: إنها تقضي ساعات طويلة مع ثلاث من بناتها في صناعة وتحضير المنتجات الخاصة بزبائنها، ومن ثم تقوم بتسويقها عبر صفحات التواصل الاجتماعي، وتوضح: "خوف الناس نابع من انتشار فيروس كورونا، لكن يمكن للجميع أن يستغل فترة الإغلاق في التسويق الإلكتروني من أجل جني بعض الأموال التي تعينهم على الحياة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه السكان".
وتتفق أسماء ويوسف على مواصلة استخدام المنصات الإلكترونية كوسيلة أساسية لهما للترويج لبضائعهما حتى بعد انتهاء أزمة "كورونا"؛ لما لها من فائدة مالية وسهولة في الوصول إلى عدد أكبر من الزبائن.
ويأمل اقتصاديون مختصون أن تساهم زيادة الإقبال على التسوق الإلكتروني في قطاع غزة بتنمية قطاع التكنولوجيا المحلي، وتوفير فرص عمل في ظل معدلات البطالة القياسية بين سكانه.
ويقول مدير الإعلام والعلاقات العامة في غرفة تجارة وصناعة غزة، ماهر الطباع: إن ثمة تغيرات طرأت على الثقافة الاستهلاكية التقليدية في القطاع مع تنامي الاعتماد على التسوق الإلكتروني، مشدداً على أن التسوق الإلكتروني أصبح وسيلة آمنة وصحية تساعد على التباعد الاجتماعي، مع تأمين توصيل سريع ومضمون للمنتجات والخدمات، إضافة إلى تكاليفه المنخفضة.
ويشير إلى أنه "رغم وجود ملاحظات سلبية من قبل بعض الزبائن على نوعية وجودة البضائع التي يحصلون عليها من خلال التسوق الإلكتروني، إلا أنها تعتبر تجربة لها تبعات قد تكون إيجابية في حال تم استثمارها بطريقة إيجابية".
ويضيف الطباع: إن زيادة الإقبال على التسوق الإلكتروني تساهم بشكل مباشر في تشجيع المستثمرين على توفير تطبيقات لدعم خدمة التسوق الإلكتروني في غزة، ما يعني "تنمية قطاع التكنولوجيا المحلي".
وسجلت وزارة الصحة في غزة 17 حالة وفاة و2313 إصابة بفيروس كورونا، علماً أن القطاع يقطنه زهاء مليونَي نسمة، ويعد من أشد مناطق العالم كثافة سكانية.
وينذر خبراء صحيون دوليون من كارثة إنسانية داخل غزة في حال استمر تفشي "كورونا" بين السكان؛ نظراً للكثافة السكانية العالية وضعف القطاع الصحي العام بغزة في ظل نقص الموارد الطبية الأساسية.
Publishing Date