بيت لحم (شينخوا) يعد السير في ساحة كنيسة المهد التاريخية في بيت لحم بالضفة الغربية دون مشاهدة طوابير من السياح أمرا نادرا في تاريخ المدينة لكنه تحول إلى واقع طوال أربعة أشهر من أزمة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19).
ومنذ الخامس من آذار/ مارس الماضي لم يدخل بيت لحم أي أفواج سياحية، فعلى الرغم من استئناف العمل في معظم القطاعات في الأراضي الفلسطينية إلا أن مجال السياحة الذي يشكل أكثر من 60 في المائة من اقتصاد المدينة ما يزال مغلقا.
وبصعوبات بالغة، يحاول الفلسطيني ماهر قنواتي صاحب سلسلة متاجر في بيت لحم نفض الغبار الذي سيطر على ما يبيعه من منتجات عبر اللجوء إلى منصات التسوق الإلكترونية للتخفيف من أزمته.
ويمتلك القنواتي (42 عاما) ثلاثة متاجر موزعة في مناطق حيوية من بيت لحم تحتوي على تماثيل ومجسمات منحوتة من خشب الزيتون ترمز إلى السيد المسيح والسيدة العذراء مريم وتحف تذكارية وزيوت ومياه للتقديس وعطور من الانجيل.
ويقول القنواتي لوكالة أنباء (شينخوا)، إنه أضطر إلى تسريح أكثر من 60 موظفا من متاجره الثلاثة من أصل 77 بسبب أزمة إغلاق بيت لحم، فيما أبقى على الآخرين لمساعدته في عملية التسويق عبر تصوير المنتجات وعرضها.
ويوضح أن إغلاق بيت لحم "مزعج لسكان المدينة التي يعتاش معظم سكانها من السياحة سواء بالعمل في الفنادق والمطاعم ومحلات التحف ومصانع خشب الزيتون والمجوهرات".
ويضيف أن "توقف السياحة التي تشكل عصب الحياة في بيت لحم للشهر الرابع على التوالي دفعني لترويج البضائع عبر الانترنت في محاولة للتغلب على مصاعب المرحلة الراهنة".
مع ذلك يؤكد القنواتي الذي بدا حزينا على فراغ بيت لحم من السياح في حدث لم تشهده سابقا أن "البيع عبر الانترنت لا يقارن بحجم البيع مباشرة في ظل وجود سياح ولا يشكل إلا 10 في المائة من البيع المباشر".
ويوضح أن الإقبال على الشراء عبر الانترنت "ضعيف ولا يمكن أن يعوضنا عن الخسائر الكبيرة التي تضرب مجال السياحة في ظل أزمة مرض (كوفيد-19)، وسوء الأوضاع الاقتصادية في دول العالم".
ويشير إلى أن المنتجات التي يتم بيعها ترسل عبر وكيل معتمد وحيد من الضفة الغربية، وصولا إلى الأردن، ومن ثم إلى باقي دول العالم لتلبية طلبات الزبائن.
وتتراوح أسعار المنتجات التي يعرضها ما بين دولار أمريكي وحتى 200 ألف دولار، وتتنوع ما بين صناعة فلسطينية وصينية وأوروبية وأمريكية تلبية لأذواق كافة الزبائن والسياح.
ويشكو القنواتي، من أن بيت لحم أكثر المدن الفلسطينية تضررا من أزمة مرض (كوفيد-19)، مطالبا الجهات الحكومية بوضع خطة إنعاش سريعة للمدينة.
وتحظى المنتجات والمنحوتات الخشبية بأهمية خاصة لدى الحجيج المسيحيين إلى المدينة والسياح الأجانب خاصة في موسم أعياد الميلاد، وتعد مصدرا لرزق سكان بيت لحم.
وتضم بيت لحم نحو 100 ورشة لإنتاج المنحوتات الخشبية والصدفية لاستخدامها كتذكار من المدينة المقدسة بالنسبة للحجيج والسياح، أو وضعها ضمن زينة الميلاد بالنسبة للسكان المحليين.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ينشط ما يزيد عن 21 ألف عامل فلسطيني في مجال السياحة في محافظات الضفة الغربية تتركز النسبة الأكبر منهم في بيت لحم.
وسبق أن قدرت وزارة السياحة والآثار الفلسطينية أن يصل حجم الخسائر في قطاع السياحة مليار ونصف دولار في الضفة الغربية حتى نهاية العام الجاري.
ويقول المتحدث باسم الوزارة جريس قمصية لـ(شينخوا)، إن نحو 50 في المائة من سكان محافظة بيت لحم (يقدر عددهم بنحو 217 ألف نسمة) يعتمدون على مجال السياحة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
ويوضح قمصية أن مجال السياحة يعد المتضرر الأكبر في الأراضي الفلسطينية من أزمة مرض (كوفيد-19) لاسيما في بيت لحم التي تعد أكثر مدن الضفة الغربية مقصدا للسياح الأجانب لما لها من مكانة دينية.
وتضم بيت لحم كنيسة (المهد) التاريخية التي بنيت على يد قسطنطين الأكبر العام 330 م فوق كهف أو مغارة ولد فيها السيد المسيح ويعتقد أنها أقدم الكنائس الموجودة في العالم.
وبحسب إحصائيات فلسطينية رسمية، زار أكثر من ثلاثة ملايين ونصف سائح الأراضي الفلسطينية العام الماضي غالبيتهم إلى بيت لحم، قبل أن يتم إغلاق المدينة على إثر أزمة مرض (كوفيد-19).
ويقول رئيس جمعية أصحاب الفنادق في بيت لحم إلياس العرجا لـ(شينخوا)، إن نسبة إشغال الفنادق في بيت لحم كانت تصل إلى نحو 80 في المائة في مثل هذه الشهور من العام.
ويوضح العرجا أن إغلاق بيت لحم أمام حركة السياح بسبب مرض فيروس كورونا الجديد يهدد الفنادق بخسائر بأكثر من 100 مليون دولار حتى نهاية العام الجاري في ظل عدم وجود أفق لتعويض الخسائر قريبا.