رام الله-أخبار المال والأعمال-دعا مشاركون في لقاء "طاولة مستديرة"، نظمه معهد أبحاث السياسات الاقتصادية "ماس" عبر الانترنت، إلى اتخاذ إجراءات للحد من الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا، ومن ضمنها اعتماد الحكومة خطة انعاش بالتعاون مع شتى الجهات ذات الصلة.
وأشاروا خلال اللقاء الذي جاء تحت عنوان "نحو استجابة وطنية شاملة للتخفيف من صدمة وباء فيروس كورونا على القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الرئيسة"، إلى ضرورة متابعة التغيرات التي ستطرأ على سوق العمل.
وذكر رجا الخالدي، مدير عام المعهد، أن الاقتصاد والمجتمع الفلسطيني يواجهان أخطر أزمة منذ 20 عاماً، بينما يواجه العالم أخطر أزمة منذ مائة عام، معتبرا أن ما واجهته فلسطين حتى الآن جراء الأزمة ربما لم يصل للمستوى الكارثي.
وقال: يجب ألا نفوت الفرص الكامنة في هذه التجربة الصعبة المشتركة، من إعادة الهيكلة الاقتصادية وتعزيز الإنتاج الوطني، في الانفكاك الاقتصادي، وإعادة النظر في قيمة البشر مقابل المادة، والمجتمع مقابل السوق.
وقدم الباحث مسيف جميل، ورقة خلفية حول الأزمة، تناول وضع العمال داخل الخط الأخضر، متوقعاً أن يخسر 70-80% منهم، كامل عوائدهم أو جزءاً كبيراً منها عن شهري آذار ونيسان الماضيين، ما سيترتب عليه خسارة تقدر بنحو 190 -210 ملايين دولار من عوائد العمال. واقترح تبني نهج قانوني مع ضغط سياسي على إسرائيل، لضمان حقوق العاملين، علاوة على اعتماد سياسة دعم داخلية عبر زيادة الاقتطاع من رواتب العاملين في القطاعين العام والخاص.
ودعا إلى السماح بنشاط الصناعة التحويلية والتعدين والمحاجر بالعمل بشكل كامل، وتقديم قروض ميسرة وتسهيلات كبيرة لهذه القطاعات.
وحث على البحث عن سبل إنقاذ لقطاعي السياحة والفنادق، وفقا لخطة شاملة بالتعاون مع كافة الجهات خاصة وزارة السياحة.
كما طالب بالتركيز على قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، قبل أن يتناول قطاع المالية العامة والايرادات، داعيا إلى اعادة تخطيط الإنفاق حسب الأولويات فيما يتعلق بالموازنة، وترشيد الإنفاق على النفقات الجارية (غير الرواتب)، مع العمل على زيادة الالتزام الضريبي عبر التوسع الأفقي والحد من التهرب والتهريب.
وتخلل اللقاء، تقديم مداخلات من قبل داود الديك وكيل وزارة التنمية الاجتماعية، وعبد الكريم دراغمة الوكيل المساعد لسياسات قطاع العمل في وزارة العمل، وأسامة عمرو أمين سر المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص، ود. يوسف داود، أستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت.
من جهته، تحدث الديك، عن ضرورة وجود نظام حماية اجتماعية في فلسطين، مبينا أنه تنبغي مأسسة نظام الخدمات الاجتماعية ضمن لوائح وأنظمة، إضافة إلى تطبيق قانون للضمان الاجتماعي.
وخص جانبا من حديثه لتدخلات ودور الوزارة خلال الأزمة، محذرا بالمقابل من أن التقديرات الأولوية تشير إلى زيادة كبيرة في أعداد "الفقراء الجدد" الى حوالي 100,000 أسرة، أي زيادة بما يقارب الثلث عن عدد الأسر الفقيرة قبل الأزمة.
وذكر أن الوزارة تعمل على دراسة الآثار الاجتماعية لأزمة كورونا على بعض الفئات المستضعفة في المجتمع بالتعاون مع "ماس".
أما دراغمة فركز في مداخلته على تأثير الأزمة على العمال داخل الخط الأخضر، والعاملين لدى القطاع الخاص.
وقال: بما أن 95% من القطاع الخاص هي مشاريع صغيرة، فهي تحتاج إلى الدعم، نظراً لتضررها حالها حال العمال، لافتاً بالمقابل إلى تدخلات وزارة العمل منذ بداية الأزمة.
ورأى عمرو، أن تفاقم الأزمة، جاء بسبب صغر حجم الاستثمارات في فلسطين، منوهاً إلى أن استمرار دفع القطاع الخاص للأجور ضمن الآلية الحالية سيطيل الأزمة، لذا يجب على الحكومة والقطاع الخاص العمل معاً، عبر تسهيل إجراءات القروض، أو القيام بمشاريع مشتركة على وجه السرعة، ما سيوفر التشغيل للمتعطلين بدلاً من توفير المعونات لهم.
وأكد ضرورة قيام الحكومة بإعادة النظر في منظومة جباية الضرائب، وزيادة اهتمامها بالمستثمر المحلي بشكل أكبر من حرصها على زيادة الاستثمار الأجنبي، أو توقع الحصول على مساعدات دولية.
وبالنسبة لتطبيق قانون الضمان، فأكد أنه يجب تعزيز ثقة المواطن بالأداء الحكومي، ثم تنفيذه بشكل توافقي لضمان نجاحه.
وطرح داود ثلاث قضايا رئيسة، تمثلت في الاستدامة المالية، التي تفتقدها الحكومة نظراً لاعتمادها على الدول المانحة وعوامل أخرى، علاوة على مدى شفافية آلية تقديم المساعدات المالية للمتضررين، مبينا أنه يجب أن توضع الأولويات ضمن جسم قانوني، ومعايير واضحة. كما ركز على سياسة الإغلاق التي جددتها الحكومة مؤخراً واعتبرها غير مبررة، مشددا على أهمية تخفيف إجراءات الإغلاق، حتى يتسنى للقطاع الخاص ممارسة نشاطه، وتجنب استمرار خسارته، مع اتباع إجراءات السلامة العامة.
Publishing Date