طوباس-وفا-إسراء غوراني-في الوقت الذي تراجعت فيه معظم القطاعات الاقتصادية بشكل ملحوظ، نتيجة انتشار فيروس "كورونا" المستجد، وإعلان حالة الطوارئ وما تبعها من إغلاقات ومنع الحركة، إلا أن قطاع العمالة الزراعية بقي محافظا على إنتاجه ودخله.
ويعد هذا القطاع من أقل القطاعات تأثرا بالأزمة الحاصلة، كون أمننا الغذائي يعتمد عليه بالدرجة الأولى، ناهيك عن أن عمال الزراعة يعملون في مناطق واسعة ومفتوحة، ما يعني أن احتمالية انتقال الأمراض بينهم ضعيفة.
المواطن موفق فخري من كبار المزارعين في محافظة طوباس، ويمتلك ثلاث شركات زراعية وأراضي في مناطق مختلفة من المحافظة، يؤكد أن قطاع الإنتاج الزراعي وتحديدا إنتاج الخضروات لم يتأثر بالأزمة الحالية واستمر في العمل بشكل طبيعي.
ويوضح موفق الذي يشغـّل في شركاته الزراعية نحو 600 عامل، أنه لم يضطر إلى تقليص عددهم، لأن طبيعة الإنتاج الزراعي حيوي، ويحتاج لمتابعة وخدمة يومية، كما أن السوق المحلي دائم الطلب للمنتجات الزراعية، خاصة وأن محلات البقالة والخضراوات لم تتوقف عن العمل، لتلبية الاحتياجات الغذائية للمواطنين.
بدر دراغمة أحد المشرفين على العمال في إحدى الشركات الزراعية بطوباس يقول، إن العمال ما زالوا على رأس عملهم كالمعتاد، ولا يمكن الاستغناء عنهم، نظرا لعملهم في قطاع حيوي وأساسي مرتبط بقوت المواطن اليومي.
ويشير إلى أن لا خطر على العمال الذين يعملون في هذا القطاع من تفشي الأوبئة، لأن طبيعة العمل به تقتضي تواجدهم في مساحات واسعة ومفتوحة وبأماكن متباعدة، بالإضافة إلى أن العمال الزراعيين يستخدمون الكمامات والقفازات أساسا لاستخدامهم المبيدات والأدوية الزراعية.
بدوره، يوضح مدير عام التخطيط والسياسات في وزارة الزراعة حسن الأشقر، أن الحكومة لم تفرض إغلاقا كاملا على العمل في مجال الزراعة في حالة الطوارئ، لأن هذا القطاع يعتبر أساس الأمن الغذائي للمواطن الفلسطيني، ويوفر احتياجاته الغذائية الأساسية، وكان من المهم الحفاظ على العملية الإنتاجية فيه، علما أن معظم العمالة في هذا القطاع هي من العمالة المنزلية والعائلية وخاصة في الأراضي والحيازات الصغيرة.
وفيما يتعلق بدور بقاء هذا القطاع نشطا على الاقتصاد الفلسطيني، يؤكد الأشقر أن استمرار العمل فيه يعني توفير مصادر دخل للعمال، وبالتالي بقاء الوضع الاقتصادي لهذه الفئة مستقر.
ويتابع قائلا "بقاء عمل هذا القطاع ساهم بالحفاظ على دخل الأسر خاصة في المناطق الريفية، لأن معظم الأعمال في هذه المناطق تعتمد على الزراعة، وبالتالي يوجد نوع من الاستقرار في الوضع الاقتصادي فيها هذه الفترة أكثر من المدن.
وتطرق الأشقر لتوجه أصحاب الأراضي المهجورة والمتروكة لزراعتها في ظل الأزمة، ما ساهم في الحفاظ على الحد الأدنى من الدخل للأسرة، والتوجه لزراعة الحدائق المنزلية، حيث عملت وزارة الزراعة على توزيع أشتال زراعية في مختلف المناطق للمحافظة على النمط الإنتاجي.
ويقول إن قطاع الإنتاج الزراعي الأولي هو القطاع الذي لم يتأثر نوعا ما بالأزمة، فمن تأثر هم من يعملون في مجال التحويل والتصنيع ما بعد الحصاد.
وتشير المعطيات الواردة لدى جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني إلى أن أعداد العاملين في قطاع الزراعة في فلسطين يتراوح بين 51-59 ألف عامل خلال السنوات الأربع الماضية، وتبلغ يومية العامل فيها 80 شيقلا.
لكن يرى مختصون أن أعداد العاملين في هذا القطاع تفوق هذه الأرقام، خاصة أن هذا القطاع يضم عائلات كاملة تعمل في أراضيها ومشاريعها الصغيرة، وكثير منها غير مسجل رسميا.
وفي ذلك تؤكد عائشة حموضة من نقابة الزراعة والصناعات الغذائية في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين إلى أن الاقتصاد الفلسطيني يعتمد بشكل كبير على الزراعة والصناعات التحويلية المتعلقة بها، وهناك أعداد كبيرة جدا من العاملين في هذا المجال، وهذه الفئة استمرت بالعمل خلال أزمة "كورونا" ما يعني أنها لم تتأثر بشكل مباشر.
ونوهت إلى أن الأزمة الحالية زادت من نسبة المتجهين لمجال الزراعة، وهو ما دعمته وزارة الزراعة من خلال توزيع أشتال للحدائق المنزلية، مشيرة إلى أن هناك تحول في منظومة الزراعة لدرجة أن نسبة كبيرة من الناس بدأت تهتم باستثمار الحديقة المنزلية، وتم استثمار جزء كبير من الأشتال التي وزعتها الوزارة الزراعة بمساحات شاسعة من الأراضي، وهو ما نعتبره بذرة إيجابية في تطوير هذا القطاع.
وتضيف حموضة أن أعداد الأيدي العاملة بالزراعة لم تنقص نتيجة الأزمة، وهو ما ساهم في صمود هذا القطاع الاقتصادي المحوري، مؤكدة أن قطاع الزراعة يلتزم أصلا بشروط السلامة المهنية واستخدام الكمامات والقفازات.
وأكدت أن الأزمة الحالية تشير إلى أن العمل في مجال الزراعة يعتبر المنقذ للاقتصاد الفلسطيني في الأزمات، علما أن هذا القطاع يسهم في الاقتصاد الفلسطيني بشكل كبير.