الاقتصاد الفلسطيني على شفير الهاوية

Publishing Date
الاقتصاد الفلسطيني على شفير الهاوية

رام الله–الحياة الجديدة–ابراهيم أبو كامش- يعلن غدا الثلاثاء معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس" نتائج بحوثه الأولية للخسائر الاقتصادية جراء تفشي وباء كوفيد- 19 في فلسطين والآثار الكلية والقطاعية ومناقشة سبل التعافي والتي أجراها المعهد خلال الأسابيع الأخيرة حول الآثار الكلية والقطاعية المحتملة للجائحة، وذلك لتمهيد الحوار حول البدائل السياساتية نحو التعافي على ضوء التجارب الدولية، من خلال استمزاج أوسع قدر من الآراء من خبراء القطاعات العامة والخاصة والأهلية.

وفي الأسبوع الذي يليه سيعلن مركز التجارة الفلسطيني"بال تريد" نتائج دراسته المتعلقة بتراجع الأداء الاقتصادي لـ 250 شركة من شركات اعضائه وغالبيتها تصديرية ومعظمها صناعية زراعية وتهدف الى معرفة وكيفية ومعيقات واحتياجات القطاعات التي تعمل تمهيدا لإعادة انطلاقتها لعملية إنعاش اقتصادي ستبدأ في شهر حزيران القادم بعد شهر رمضان.

حجم وشكل وتوزيع الصدمة قطاعيا واجتماعيا

حيث قال مدير عام معهد "ماس"، رجا الخالدي: "علينا أن نفهم حجم وشكل وتوزيع الصدمة قطاعيا واجتماعيا ومن المهم معرفة حجم تراجع الأداء الاقتصادي، بما يدلنا على أي القطاعات التي تحتاج الى جهود للتعافي أو التمويل  وتساعد على توجيه الجهود فيما بعد بالشكل الصحيح وبكفاءة الحجم المالي اللازم".

وأكد الخالدي، توصل باحثي المعهد الى أرقام حول التراجع المحتمل للأداء الاقتصادي ككل وتحديدهم القطاعات الأكثر تضررا ومدى التأثير على القوى العاملة في محاولة من المعهد لتقييم كل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لوباء كورونا.

ودعا الخالدي الى خطة حول كيفية التوقف هنّا وهناك نظرا للمستجدات وقال: "هذه المشكلة الأصعب في إدارة هذا النوع من نمط الحياة. ولكن الى ان يتم ذلك تخشى الحكومة من التهاون في الإجراءات الطارئة المتخذة نظرا للوضع الصحي العام".

عملية إنعاش اقتصادي ستبدأ في حزيران القادم

ويقدّر أمين سر مركز التجارة الفلسطيني"بال تريد" سمير حليلة، تراجع الأداء الاقتصادي، الى الثلثين (35%) من عمل قطاعات الزراعة والتجارة وبعضها تعمل بطاقة انتاجية تقدّر بالثلث، ولكن القطاعات الخدماتية الرئيسية كالمواصلات وغيرها الكثير متعطلة بالكامل".

ويؤكد حليلة أن القطاع الخاص يعمل بثلث طاقته الانتاجية، بينما انخفضت الايرادات المحلية الى الثلثين من 300 مليون شيقل الى 100 مليون، لافتا الى ان الدراسة التي يعكفون على اعدادها وإعلان نتائجها تستهدف معرفة وكيفية ومعيقات واحتياجات القطاعات التي تعمل تمهيدا لإعادة انطلاقتها لعملية إنعاش اقتصادي ستبدأ في شهر حزيران القادم بعد شهر رمضان.

تسريح عمال الشركات بالتزامن مع انخفاض ايراداتها

وأشار حليلة، الى قيام بعض الشركات بتسريح أعداد كبيرة من عمالها وموظفيها نظرا لإنخفاض طاقتها الانتاجية وايراداتها وقدرتها المالية، بينما عملت بعضها ترتيبات تمكّنها من دفع جزء من الراتب كسلف بدون التزام بدفع المتبقي.

وانتقد حليلة "ايقاف بعض العمليات داخل البنوك لأنها عطّلت بشكل كبير قدرة الشركات لأن تجمع أموالها او تنفقها وتمكّنها من الدفع لعمالها"، "فلم نكن قادرين أن نسهّل بشكل كاف لاستمرار الدورة المالية بالحد الأدنى خلال فترة الطوارئ".

مطالبة سلطة النقد للتراجع عن قرارها

وطالب حليلة سلطة النقد بالتراجع عن قرارها المتعلق بالتقاص أو الشيكات، ولتبقى عملية التقاص وصرف الشيكات مستمرة لمن يستطيع، "فهناك الكثير من الناس لديهم أرصدة في البنوك ولكن معظم الشيكات موقفة وهذا يشكّل خطرا كبيرا على الاستقرار المالي في البلد ولا يوجد مبرر لايقافه تحت أي مبرر طالما يوجد رصيد بنكي لها".

"دور وزارة المالية غير ميسّر ومسهّل للتجار والصناعيين"

وقال حليلة إن معظم التجار والصناعيين يعانون الآن من مشكلة في أن وزارة المالية ما زالت تلعب دورا غير ميسّر في التسهيل للتجار والصناعيين في موضوع الوثائق المطلوبة منهم لتحرير فواتير، فما زالت الوزارة مصرّة أن يتم الدفع حسب الأصول كاملا وبالرغم من الوعود التي أعلنها وزير المالية نفسه، على الأرض لا يوجد تنفيذ لهذا القرار".

ووصف حليلة، السيولة بـ "الدم الذي يسري في الشرايين"، وقال:"عمليا لا توجد سيولة الآن، وعمليا مطلوب منّا الآن دفع رواتب العاملين لمدة شهرين 50% بالرغم من أن كل المحلات مغلقة ولا يوجد لها ايرادات".

وحث حليلة، الحكومة بأن تكفل القطاع الخاص لدى البنوك بتقديم قروض ميسّرة بفائدة 2 – 3% لكل الأعمال التي أصلا كانت تعمل بضمانتها، منتقدا غياب الآلية الواضحة لصندوق "وقفة عز".

وشدد حليلة على أهمية مبدأ التشاركية الحقيقية التي تحدث عنها رئيس الوزراء، وقال:"لا افهم ان توزع الحكومة رواتب كاملة على موظفيها بينما كل القطاع الخاص يوزّع أقل من 50%  وهذا معناه غياب التشاركية.

شكاوى استغاثة وضرورة الفتح التدريجي لمعظم المنشآت

بدوره، شدد أمين عام اتحاد الغرف التجارية الصناعية الزراعية جمال جوابرة على أهمية وضرورة الفتح التدريجي لمعظم المنشآت الحيوية وتمكينها من تشغيل الحد الأدنى من الموظفين بنسبة 30% وبما يمكّنها من تسديد رواتبهم لاحقا وبما يحفظ استمرارها، خصوصا ان الاقتصاد يعمل بأقل من 15% من طاقته الانتاجية.

وأكد جوابرة، تلقي الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية الزراعية شكاوى التجار في المحافظات الذين يستغيثونه فيها لانقاذهم من مأزق الكساد التجاري والركود الاقتصادي.

انهيار مؤسسات اقتصادية كثيرة  

أما أمين سر المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص أسامة عمرو، فقال: "هناك مؤسسات اقتصادية كثيرة انهارت تماما، وادخل الكثيرون الى دائرة الفقر وتعرضوا الى ضربة قاصمة، وبالتالي هم عرضة لخسائر كبيرة غير محتملة وعلى الأغلب لا يستطيعون احتمالها، وهذه قطاعات كاملة تتعرض للدمار والشركات المتوسطة وأصحاب الفنادق وما عليها من قروض والتزامات بنكية، وبالتالي ممكن أن تنهار إن لم يكن لديها احتياطيات وقدرة على الصمود".

تراجع كبير في  الأداء الاقتصادي

وأكد عمرو تراجع الأداء الاقتصادي بشكل كبير جدا وهو ما يظهره انخفاض أرقام المقاصة التي تحصّلها الدولة الى أقل من 15%، وبالتالي يمكن أن يكون التراجع بهذه النسبة، بينما انخفض أداء الاقتصاد وطاقته الانتاجية بنسبة 66% وبنسبة أكبر في الاستيراد.

القطاع الخاص يسلم رئيس الوزراء كتاب مطالباته باعادة التشغيل

وأكد عمرو، تسليم رئيس الوزراء محمد اشتية كتابا اشتمل على مطالب القطاع الخاص والمتمثلة في إعادة التشغيل الجزئي للمنشآت الاقتصادية وبما يضمن سلامة العمال ومحاولة منع انتشار الوباء أو تقليل فرص انتشاره. إضافة الى إعادة تشغيل كل المشاريع في المناطق المفتوحة وكل المصانع التي لديها المقدرة على حفظ مسافات متباعدة ما بين الموظفين وفحصهم صحيا وضمان تنقلهم من أماكن عملهم الى بيوتهم بطرق آمنة "إذ لا توجد مشكلة أو مانع في أن لا تشتغل هذه المصالح".

ودعا عمرو، كافة الجهات الى إعمال العقل في التعامل مع انتشار وباء كورونا وفي إعادة تشغيل كل المصالح الاقتصادية ولكن بشرط توفيرها شروط السلامة والأمن الصحي وكأنها في حجر منزلي، في الوقت الذي يتفهم فيه وضع الحكومة التي تحاول حماية المجتمع من أي كارثة صحية والتي يمكن أن تقضي على الآلاف فيما لو انتشر هذا الوباء.

رد الحكومة على مطالب القطاع الخاص

وكانت الحكومة استجابت لمطالب القطاع الخاص والسماح له باعادة تشغيل بعض القطاعات الاقتصادية في إطار خطة العودة التدريجية للقطاعات الانتاجية التي تأخذ بالاعتبارات الإجراءات الصحية والسلامة والرقابة من قبل الجهات المعنية وكذلك السماح للمهن الحرة باستئناف عملها التي لا تشكّل حالة من التجمع.

القطاعات الاقتصادية المسموح عملها في حالة الطوارئ

وفي هذا المجال، قال وزير الاقتصاد الوطني خالد العسيلي: "قرر مجلس الوزراء السماح لعمل المصانع الغذائية والدوائية والصناعات المكمّلة لها مثل: التغليف، بالإضافة الى مكونات سلسلة القطاع الزراعي بما يشمل الانتاج الحيواني والنباتي بقدرة تشغيلة كاملة، في حين تشغّل الصناعات التصديرية بطاقة تشغيلية 50% على أن يمنح التصريح للتصدير من وزارة الاقتصاد الوطني. كما يسمح بفتح المكتبات ومتاجر القرطاسية ومحلات الغسيل والكوي والخياطة ومحلات اللوازم الكهربائية والصحية، أيام الجمع من الساعة العاشرة وحتى الخامسة، على أن تغلق محلات بيع الأغذية والسوبرماركت في ذات اليوم.

وشدد العسيلي، على التزام القطاعات المقرر رفع قدرتها الانتاجية والمراد تشغليها بالمعايير الصحية والإجراءات التي تم اتخاذها سابقا، لاسيما انها ستبقى على حالها في كل المحافظات، لافتا الى المعيار الصحي المتبع  في تشغيل هذه القطاعات منها: السيطرة على انتشار الفيروس تستند للبيانات والمؤشرات الصحية، الوضع الصحي في المحافظة/المنطقة، بحيث لا تشمل أية مناطق أو تجمعات سكانية مغلقة بسبب الوباء، والقدرة على تحقيق الشروط الصحية الواجب توفرها في المنشأة المستهدفة من حيث أعداد العاملين في كل منشأة وترك مسافات آمنة بين الأفراد (2 متر على الأقل)، التعقيم الدائم، آليات تنقل الأفراد من والى خارج المنشأة ومراقبة هذه المنشآت وتقييم العمل بالإجراءات الصحية داخلها.

وقال: "سيتم تنظيم عمل القطاعات بنظام الورديات والتناوب وبشكل متباعد مكانياً وزمنياً عند الضرورة بحيث لا يؤدي الى اكتظاظ حركة المواطنين، بتنسيق لجنة الطوارئ المحلية برئاسة المحافظ وتعطى أولوية الحركة للعاملين من ذات المنطقة الجغرافية".