غزة- "القدس" دوت كوم- (شينخوا) استغل المزارع ماهر أبو دقة من غزة حلول يوم الحب لتسويق أول كميات حصاده من محصول ورود "الجوري".
وغمرت السعادة أبو دقة، وهو في الأربعينات من عمره، لنجاحه في حصاد ورود الجوري من أرضه الواقعة في قرية عبسان الكبيرة شرق خانيونس جنوب القطاع الساحلي.
ويقول أبو دقة بينما كان يمسك باقة من ورد الجوري الأحمر: "شعوري لا يوصف بعد أن تمكنت أخيرا من زرع شتلات الجوري، التي لطالما كانت ممنوعة من دخول القطاع لأسباب عديدة، من بينها سياسية واقتصادية".
ويضيف "لم أتمكن من استيراد الشتلات الخاصة بالورد الجوري من إسرائيل التي لا تبيعنا الورود إلا بكميات قليلة ولا تراعي الظروف الاقتصادية الصعبة التي نمر بها".
وتمكن أبو دقة من إدخال شتلات ورود الجوري، من خلال معبر رفح البري الفاصل ما بين مصر وغزة وسط مصاعب شديدة.
وعادة ما يزرع أبو دقة الورود في مزرعته الخاصة، والتي أطلق عليها اسم (مزرعة الفردوس للزهور) وتبلغ مساحتها حوالي أربعة دونمات، حيث اعتاد على زراعة القرنفل واللافندر والجوري وبعض الزهور الخضراء.
وأوضح أبو دقة أن الزهور بكافة أنواعها تحتاج إلى رعاية كاملة، إلى جانب توفر الكهرباء طوال الوقت، والمياه العذبة لضمان نجاحها، مشيرا إلى أن "الزهور أشبه بالإنسان فهي لا يمكن أن تعيش في ظروف غير طبيعية أو غير مناسبة لها".
وكان ينتظر أبو دقة حلول الرابع عشر من فبراير لإحياء يوم الحب العالمي بفارغ الصبر، كي يتمكن من بيع وروده الجوري "لكن العائد لم يكن كبيراً للأسف، لأن هذا اليوم يصادف يوم الجمعة وهو يوم اجازة رسمية بالنسبة للفلسطينيين في القطاع".
ويعتبر عيد الحب من أعياد الرومان وهو تعبير عن الحب الإلهي، وله عدة أساطير استمرت عند الرومان، وأصبح العالم يحتفل به في 14 شباط من كل عام.
وبات تقليداً سنوياً أن يعبر المحبون في عيد الحب عن حبهم لبعضهم بطرق مختلفة، منها إرسال الزهور والهدايا التي يغلب عليها اللون الأحمر والأبيض لما لها من دلالة على الحب والنقاء والإخلاص.
ولم يأبه أبو دقة كثيراً لعدم تمكنه من بيع كافة ورود الجوري في "يوم الحب" من هذا العام "لأنني أزرع الورود كي أتمكن من نشر ثقافة الحب والسلام بين الناس، حتى وإن كان الوضع الاقتصادي صعبا".
ونوه بأن قطاع غزة كان من أهم المناطق في العالم لتصدير الزهور، خاصة زهرة القرنفل التي تعتبر من أهم أنواع الزهور.
وبلغت زراعة الزهور في قطاع غزة ذروتها خلال الفترة من عام 2003 إلى 2006 وكان في حينه يتم تصدير ما يزيد على 40 مليون زهرة إلى الدول الأوروبية خاصة (الجوري) و(الخرسيوت) و(لواندا).
لكن خلال الأعوام الأربعة الماضية تراجع تصدير الزهور من القطاع، إلى نحو خمسة ملايين زهرة سنوياً، قبل أن يتوقف تقريباً العام الماضي.
ويقول أبو دقة "كنا نزرع الورود ونصدرها إلى دول أوروبا، لأن زهور غزة تمتاز بجودتها وقدرتها على البقاء مدة أطول دون أن تتلف، إضافة إلى أن التربة هنا تساعدنا على إنتاج أجود أنواع الورود"، مشيراً إلى أن زراعة الورود بدأت بالتراجع بعد فرض إسرائيل حصارها المشدد على القطاع.
وأوضح أن مزارعي الورود توقفوا عن زراعتها بشكل كامل في عام 2010 لأنهم لم يتمكنوا من الربح، وكانوا يضطرون في كثير من الأحيان إلى استعمالها لإطعام الحيوانات.
ومع ذلك، أصر أبو دقة على الاستمرار في زراعة الورود، حتى لا تفقد غزة سمتها الأساسية في زراعة الورود، وحتى يتمكن من الحفاظ على مشروعه الخاص على الرغم من مواجهته صعوبات عديدة.
ومن بين الصعوبات التي يواجهها أبو دقة، انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، وعدم توفر المياه العذبة، إضافة إلى فتح الجيش الإسرائيلي لعبارات الصرف الصحي والتي تعمل على اتلاف مزرعته.
وتبعد مزرعة أبو دقة حوالي 500 متر عن الشريط الفاصل ما بين قطاع غزة والبلدات الإسرائيلية، مما يجعله عرضة لخطر إطلاق الجيش الإسرائيلي للرصاص العشوائي عليهم.
في الوقت ذاته، يشتكي أبو دقة من إهمال مؤسسات المجتمع المدني، ووزارة الزراعة لمزارعي الورود، على الرغم من محاولتهم بشكل مستمر للحفاظ على هذه المهنة من الاندثار والضياع، على حد تعبيره.
ويقول إن "كل ما تحتاجه المزرعة من أجل الاستمرار هي طاقة شمسية، لضمان توفر الكهرباء، ومحطة تحلية مياه"، معتبرا أن ذلك سيساهم بشكل أساسي في منحنا القدرة على الاستمرار وانتاج المزيد من الورود.
ومن جانبه، يقضي الشاب بلال ساعات طويلة للعمل في مزرعة الزهور، من أجل الاعتناء بها ورعايتها، كي يتمكن من قطفها وبيعها للزبائن وخاصة في المناسبات، مثل عيد الحب، والأعياد الاسلامية والمسيحية وحفلات الزفاف.
ويشير هذا الشاب إلى أنه يشعر بسعادة كبيرة حين يرى الورود بأيدي الآخرين أو تزين الصالات والمنازل خاصة في الأعياد "لأنني أؤمن أن الزهور هي رسالة سلام وتعبر عن الحب بين الناس".
وكانت قيود إسرائيل على التصدير لخارج القطاع أدت إلى تراجع زراعة الورود بسبب تقليصها هامش أرباح المزارعين وتكبدهم خسائر مالية بسبب تلف كميات من منتجاتهم وهي في طريقها للتصدير.