رام الله-وفا-غضب شعبي من تكرار انقطاع التيار الكهربائي في محافظات الضفة الغربية منذ بداية فصل الشتاء، خاصة أن المبررات والحلول التي تسوقها الشركات المزودة للخدمة، لم تجب على الأصوات الرافضة للأزمة، التي عصفت بحياة المواطنين كما تعصف الأجواء الشتوية.
ثلاث شركات تعمل في مناطق امتياز مختلفة في الضفة، وهي: كهرباء محافظة القدس، وكهرباء الجنوب، وكهرباء الشمال، اضافة إلى مناطق تتزود بالخدمة مباشرة من الشركة القطرية الاسرائيلية.
ازمة انقطاع التيار الكهربائي، قديمة جديدة، ويعاني منها أبناء شعبنا منذ سنوات، إلا أنها تفاقمت بوتيرة متزايدة منذ بداية فصل الشتاء الحالي.
رام الله: تكرر انقطاع التيار على مدار شهرين ولا حلول مجدية
تصدرت الأزمة المالية لشركة كهرباء القدس، التي نتج عنها إقدام الشركة القطرية الاسرائيلية على قطع التيار عن بعض مناطق امتياز الشركة، اهتمام المواطنين خاصة مع ازدياد ساعات القطع، الأمر الذي أجبر الأخيرة على جدولة مواعيد القطع في مناطق امتيازها، الأمر الذي أثار الرأي العام، خاصة الملتزمين بدفع الفواتير المترتبة عليهم، وأصحاب الشركات والمؤسسات.
ورغم جهود الحكومة للمساعدة في إنهاء الأزمة، من خلال رعايتها لاتفاق في 29 كانون الاول/ ديسمبر المنصرم، بين الشركة وتجمع البنوك، تحصل بموجبه على قرض بقيمة 670 مليون شيقل (قرابة الـ194 مليون دولار)، لتسديد التزاماتها المالية لصالح شركة الكهرباء الإسرائيلية، إلا أن الأزمة تواصلت وتفاقمت، ولكن هذه المرة لأسباب مختلفة أعلنت عنها الشركة، ومنها احتراق محول رئيسي شرق القدس، تسبب بتقليل كمية الكهرباء الواصلة إلى الشركة، وبعد إصلاح العطل استمرت الأزمة، وعزت الشركة أسبابها مؤخرا إلى زيادة الأحمال الكهربائية.
المواطن عبد اللطيف عبد الخالق من رام الله، قال إن الشركة تتهرب من مسؤوليتها تجاه المواطنين كشركة مزودة للخدمة، فهي منذ أكثر من شهر تقطع التيار الكهربائي لساعات وتسوق اعذارا غير مقنعة.
واضاف ان أسرته عانت بسبب انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 4 ساعات في أيام مختلفة، كان أولها بسبب أزمة شركة الكهرباء المتعلقة بالشركة القطرية، والآن تقول الشركة ان القطع بسبب زيادة الأحمال.
وتابع: من غير المنطقي ان نتعرض في كل عام لأخطار الانقطاع، وما يترتب عليه من آثار على الأسر، خاصة اولئك الذين يستخدمون وسائل تدفئة تعمل بالكهرباء، ومن لديهم حالات مرضية تستدعي استخدام أجهزة طبية.
حاولنا الاتصال بشركة كهرباء القدس للرد، إلا أن ذلك تعذر، رئيس مجلس إدارة الشركة، مديرها العام هشام العمري، كتب على صفحة الشركة الرسمية على "فيسبوك"، قائلا: "منذ بداية الأزمة والتعليمات واضحة، افعلوا المستحيل لا الممكن، ابذلوا كل جهد يخفف من الأزمة، اعملوا فوق طاقاتكم، ولا تسمحوا للبرد بالتسلل إلى أجساد الناس، الكهرباء عصب الحياة، واجبنا أن نُعيد الأمور كما يجب لها أن تكون".
كهرباء الشمال: منذ عام 2009 لم يطرأ ارتفاع على القدرة الانتاجية
وفي محافظة نابلس، اشتكى عدد من المواطنين، من سياسة شركة توزيع كهرباء الشمال، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر عن جزء كبير من المحافظة، والذي وصل لأكثر من أربع ساعات يوم الثلاثاء.
وقالت المواطنة سما ملحيس: "إن المنطقة التي تسكن فيها شهدت انقطاع التيار الكهربائي عدة مرات خلال اليوم، ووصلت لأكثر من أربع ساعات".
وأضافت: "لدي اطفال صغار وهم بحاجة الى وسائل تدفئة بشكل مستمر، وما حدث امس غير مقبول، وعلى شركة الكهرباء تحمل مسؤولياتها، لأننا ملتزمون بدفع المستحقات المترتبة علينا، ويجب أن نحصل على الخدمة مقابل ذلك"، آملة أن يتم البحث عن مصادر طاقة بديلة في حال تكرار انقطاع التيار الكهربائي.
وأكدت ملحيس أن معدل استهلاك الكهرباء يرتفع مع بداية فصل الشتاء، بسبب استخدام وسائل التدفئة التي تعتمد على التيار الكهربائي، خاصة أن وسائل التدفئة الأخرى التي تعتمد على الغاز قد تتسبب بالحرائق أو الاختناق في بعض الأحيان.
وقال مدير عام شركة توزيع كهرباء الشمال أسعد سوالمة: "منذ عام 2009 والقدرة الانتاجية من المحطات المولدة للكهرباء، لم يطرأ عليها أية تغيير، وهي بقدرة تصل الى 83 ميغاواط من اربع محطات، بل على العكس هناك ازدياد في معدل الاستهلاك خلال السنوات العشر الماضية".
وأضاف سوالمة لـ"وفا"، "ان ما حدث الثلاثاء من انقطاع التيار الكهربائي لاربع ساعات، كان نتيجة عطل في المحطة قرب سلفيت، ما تسبب بخسارة 60% من القدرة الموجودة لدى الشركة، وهو من قبل الشركة القطرية الاسرائيلية، وخارج عن إرادة الشركة".
وتابع: "ان محطتي صرة (1)، وصرة (2)، تنتج كل واحدة منهما 18 ميغاواط، وجرى وضع برنامج فصل حتى لا يتم قطع التيار الكهربائي عن المحافظة كلها، كما حدث في بعض المناطق في طولكرم".
وأشار إلى أنه مع بداية المنخفض وصل معدل الأحمال الزائدة والاستهلاك الى 98 ميغاواط، مؤكدا أن الشركة عمدت إلى إقرار برنامج فصل عن بعض المناطق لمدة ساعة، عقب ربط المحطات كلها مع برنامج "سكادا"، لمراقبة معدل الاستهلاك حتى لا تتجاوز بعض المناطق الحد المتفق عليه.
وأضاف: "نحن طلبنا رفع القدرة عدة مرات وجرى انشاء اربع محطات جديدة على الضغط العالي، وهي: صرة، والجلمة، وترقوميا، ومحطة قلنديا، وتم تشغيل محطة الجلمة باتفاقية مؤقتة وهي تسد حاجة محافظة جنين، لكن الاحتلال يتعنت بتشغيل محطة صرة المنتهي العمل بها وجاهزة منذ سنوات؛ بحجة ربطها في قضية الديون المترتبة على شركة كهرباء القدس".
وأكد سوالمة أنه في حال تشغيل محطة صرة الجديدة ستكون قدرتها الانتاجية 135 ميغاواط، ما يعني انتهاء مشكلة انقطاع التيار الكهربائي.
وبخصوص الطاقة البديلة، قال سوالمة: "إن الطاقة البديلة لا تفي بالغرض، فممنوع أن يكون أكثر من 20% من الطاقة البديلة على الشبكة، ورغم ذلك لدينا مشاريع طاقة بديلة، وتدرس الشركة مع شركتين أردنية وأميركية العمل على اقامة محطة طاقة بديلة بقدرة 10 ميغاواط".
وأوضح أن مشاريع الطاقة البديلة عالية التكلفة؛ من حيث أسعار الأراضي، وتكاليف التشغيل والمعدات، مؤكدا العمل مع الجانب الأردني لمد خط للتيار الكهربائي من قرية النصارية، بقدرة 40 ميغاواط، ضمن سياسة الانفكاك عن الاحتلال.
الخليل: الأزمة مستمرة حتى حزيران المقبل
عبرت المواطنة شادية سلطان عن استيائها من الانقطاع المتكرر والمستمر للتيار الكهربائي، موضحة أن اضرارا لحقت في أجهزة منزلها الكهربائية.
وقال مسؤول قسم الطوارئ في شركة كهرباء الجنوب اسماعيل نصار "إن شركة كهرباء إسرائيل أبلغتهم أن مشاكل التيار في فصل الشتاء ستزداد بحكم الاستهلاك العالي للكهرباء، وزيادة الأحمال على كافة الخطوط، حيث ينقطع بشكل شبه يومي على البلدات الكبيرة، مثل: الظاهرية، ويطا، ودورا، والقرى المجاورة.
وأشار إلى أن شركة كهرباء الجنوب تواصلت مع سلطة الطاقة وشركة النقل الوطنية لتشغل محطة بيت أولا شمال غرب الخليل لتعويض النقص، وانهاء المشكلة، ولكن بسبب التخريب المتعمد وتعطيلات أخرى حال ذلك دون افتتاحها حتى الآن، منوها إلى أن المشكلة ستستمر الى شهر حزيران المقبل، وحتى يتم تشغل محطة بيت أولا.
وقال نصار، من حق المواطن الحصول على الكهرباء، ولكن ما يحدث خارج عن إرادتنا، كون التزويد يأتي من القطرية الإسرائيلية، فلا توجد محطات توليد أو محطات تحويل خاصة، مبينا ان سلطة الطاقة زودت الظاهرية ويطا بمولدات لتعوّض النقص في القدرة، وليس لتعويض الفصل الكامل من القطرية، ولكنها غر كافية ولا تعطي الطاقة المطلوبة.
وبين ان سلطة الطاقة ستعمل على تشغيل محطة بيت أولا، وقدرتها 98 ميغاواط، وهي أسست لتزويد شمال الخليل وجنوبها، أما مدينة الخليل تتغذى من محطة التحويل في منطقة نمرة.
طولكرم: أزمة مستمرة في الصيف والشتاء
وفي طولكرم، أثار الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي عن المدينة ومخيمها وضواحيها، استياء المواطنين وتذمرهم، خاصة أن المشكلة مستمرة منذ سنوات، وشهد يوم الثلاثاء انقطاع خط رقم (1) طوال 6 ساعات متواصلة، ليتبعها انقطاع في خط رقم (2) استمر 3 ساعات.
ويحمّل المواطنون بلدية طولكرم مسؤولية هذا الانقطاع الذي أثر على سير حياتهم اليومية، سواء في أماكن العمل من مؤسسات وشركات ومصانع أو في المنازل.
ويقول أحد أصحاب شركات تركيب المصاعد في طولكرم بكر حبايب، إن انقطاع الكهرباء أثر بشكل كبير على سير عملهم الذي سبب تأخرا في الإنجاز نظرا لطول مدة الانقطاع، ما كلفهم وقتا وجهدا إضافيين، وخسارة مالية نتيجة تأخر الانجاز في الوقت المتفق عليه وتعطيل العمال، مشيرا إلى أن العمل في تركيب المصاعد وصيانتها يعتمد على الكهرباء بشكل كبير.
وأضاف: ما يحدث من تعطيل في المصاعد بالمباني والعمارات السكنية نتيجة تكرار انقطاع الكهرباء، ويتسبب في حدوث خلل وخراب في قطع المصعد أو احتراق اللوحة الرئيسية له، واحتجاز المواطنين داخله ما يسبب هلعا شديدا لديهم، خاصة إذا ما حدث تأخر في إنقاذهم، وبالتالي يقودهم ذلك إلى ردة فعل سلبية قد تدفعهم إلى خلع أبوابه وخراب المصعد الذي يكون بحاجة إلى إعادة تأهيل وتصليح من جديد بتكاليف عالية.
من ناحيته، أشار المواطن كامل عازم إلى أن ما حدث من انقطاع طويل للكهرباء، أدى إلى احتراق الثلاجة في منزله، وصوبة كهربائية في منزل والده.
المحاضرة في جامعة خضوري إيناس السفاريني تقول، تكبد المواطنون خسائر فادحة نتيجة اعطاب الأجهزة الكهربائية التي طالت نسبة كبيرة من منازل المواطنين والمؤسسات.
وفي ردها على الموضوع، يقول رئيس قسم العلاقات العامة في بلدية طولكرم مهند مطر، إن المدينة ما زالت تعاني من مشاكل الانقطاع المتواصل والمتكرر للكهرباء، وسط مناشدات البلدية وتوجهاتها لكل الجهات المعنية والمجتمع المحلي لحل المشكلة، لكن لغاية الآن الوعود لم تتحقق على أرض الواقع، وإذا استمرت هذه الأزمة دون حلول سيحمل الصيف معاناة كبيرة من الانقطاع في الكهرباء.
وأضاف ان مدينة طولكرم تتزود بخطي كهرباء من الشركة القطرية الإسرائيلية هما خط رقم (1) وخط رقم (2)، يحمل كل خط 430 أمبيرا بما مجموعه 860 أمبيرا أو ما يعادل 30 ميغاواط، إلا أن المدينة بحاجة إلى ما يقارب 40 ميغاواط لسد العجز الحاصل في الكهرباء.
وأضاف: منذ سنوات والبلدية تطالب بزيادة القدرة من الجانب الإسرائيلي، إما بخط جديد أو رفع قدرة هذه الخطوط، وحصلنا على وعودات، لكن للأسف لم يتحقق شيء على أرض الواقع.
وأشار إلى أن المشكلة الأخرى والمهمة تتمثل في أن نقاط الربط والمفاتيح الرئيسية للكهرباء تقع خلف جدار الفصل العنصري في المناطق المحاذية لمدينة طولكرم غربا، وفي حال حدوث عطل فيها فإن ذلك يستلزم الحصول على تنسيق من الاحتلال لدخول طواقم البلدية ومعالجة الخلل، قد تطول الموافقة مدة أربع ساعات وأكثر لحين وصول طواقم شركة الكهرباء القطرية.
وقال مطر، إن ما جرى الثلاثاء هو حدوث قطع في وصل الضغط العالي بالكوابل الرئيسية الواقعة خلف الجدار، نتيجة خلل قد يكون زيادة الأحمال، أدى ذلك إلى انقطاع التيار الكهربائي عن خط رقم (1) مدة 6 ساعات متواصلة، موضحا أن هذا التأخير ليس في الصيانة، إنما بسبب وجود النقاط خلف الجدار.