رام الله-وفا-عماد فريج-نقص حاد يعانيه قطاع انتاج الأعلاف في السوق المحلية، كون اجمالي الانتاج من هذه المادة الحيوية لا يتعدى 32%، رغم أن قيمة الاستهلاك السنوي الحالي للأعلاف في الضفة يبلغ 820 ألف طن.
وزير الاقتصاد الوطني خالد العسيلي في حديث لوكالة الأنباء الرسمية "وفا" تحدّث عن هذا القطاع، بقوله: نستورد أعلافا من إسرائيل سنويا بملايين الدولارات، حيث تشكّل 68% من سوق الأعلاف، ما يستوجب زيادة الاستثمار.
وأوضح، أن 24 مصنعاً بسيطاً تعمل في مجال إنتاج الأعلاف حالياً، والعمل جار لإنشاء أربعة مصانع جديدة ستسهم في تفعيل عملية الانتاج وتخلق مجموعة من فرص العمل، مشيراً إلى أن الوزارة ستقدم كل ما يلزم من تسهيلات لدعم الاستثمار في هذا القطاع الهام والضروري.
يعاني قطاع الثروة الحيوانية من عجز كبير في توفير وإنتاج الأعلاف محلياً بنسبة تتراوح ما بين 80%-85%، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة التغذية الحيوانية على المزارع، والتي تشكّل ما نسبته 70-75% من إجمالي تكاليف الاستثمار في الإنتاج الحيواني.
ونوه العسيلي إلى أن النسبة الأكبر من تكلفة الثروة الحيوانية تتمثل في ثمن الأعلاف، مؤكداً أن الانتاج المحلي لهذه الأعلاف سيسهم في خفض الكلفة، ما سينعكس على أسعار اللحوم للمستهلك في المستقبل.
مصنع أعلاف الرابية في الخليل، أحد المصانع الأربعة التي يجري العمل على إنشائها، وهو مشروع مشترك بين صندوق الاستثمار ومجموعة "باديكو" القابضة، بكلفة مقدّرة بنحو 13 مليون دولار مناصفة بين الطرفين.
وستصل القدرة الإنتاجية الكاملة للمصنع إلى 20 طناً في الساعة بداية، لتصل الى 40 طناً لاحقا، أي بقدرة إنتاجية سنوية ستصل إلى 230 ألف طن، بالإضافة إلى إنشاء صوامع لتخزين الحبوب بقدرة تخزينية تصل إلى 20 ألف طن.
ومنذ توقيع الاتفاقية قبل نحو عام، واجه المشروع عدة معيقات، من ضمنها ايجاد قطعة أرض ملائمة من حيث الموقع والمساحة، وإجراءات تسجيل الأرض والتراخيص وتغيير صفة الاستخدام، وما رافق ذلك من تخوفات من المجتمع المحلي تطلبت جهود إضافية من القائمين على المشروع لشرح تفاصيله.
وقال المدير التنفيذي لشركة "شراكات" (إحدى شركات صندوق الاستثمار) نسيم نور، إن "أعمال الحفريات ووضع أساسات المشروع ستبدأ خلال الأسابيع القادمة، وبشكلٍ متوازٍ تم التعاقد مع شركات عالمية من أجل توريد خطوط الإنتاج للمصنع، بالإضافة إلى الصوامع".
وأضاف في حديث لـ"وفا": نتوقع أن يبدأ المصنع عمله وإنتاجه خلال الربع الأول من عام 2021، مؤكدا أن هذا المشروع يأتي ضمن استراتيجية صندوق الاستثمار الهادفة إلى تحقيق عدد من المؤشرات وأهمها: إحلال المنتجات المستوردة، وخاصةً من دولة الاحتلال، بمنتجاتٍ وطنية؛ تماشياً وتكاملاً مع السياسات التي اعتمدتها القيادة وتقوم الحكومة بتنفيذها.
وأشار إلى أن استراتيجية "الاستثمار المؤثّر" التي اعتمدها مجلس إدارة صندوق الاستثمار تقوم على تحقيق الأثر الإنمائي والاقتصادي والاجتماعي المطلوب لتحقيق الاستقلال والانفكاك الاقتصادي.
ولفت إلى أن المصنع يهدف إلى سد الفجوة الموجودة في السوق المحلي الذي يعتمد باستهلاكه على الأعلاف المستوردة وخاصة في منطقة جنوب الضفة الغربية، حيث يبلغ حجم استهلاك الجنوب للأعلاف أكثر من 320 ألف طن سنوياً، تشكّل الأعلاف المستوردة منها 90%، ومن هنا سيسد انتاج المصنع 72% من حجم سوق الأعلاف في منطقة الجنوب.
وأشار نور إلى أن المصنع سيعمل على تشجيع المشاريع الجديدة في مجال الثروة الحيوانية، مما سيساهم في نمو هذا القطاع في منطقة الجنوب، إلى جانب مئات فرص العمل المباشرة وغير المباشرة التي سيوفرها.
وفي ورقة لمرصد السياسات الاقتصادية والاجتماعية "مرصد" حول الانتاج الفلسطيني والانفكاك عن الاقتصاد الإسرائيلي، أوضح أنه بإمكان الحكومة الفلسطينية اتخاذ اجراءات محددة في مجالات صناعية وزراعية تساهم في تحرير الاقتصاد الفلسطيني من التبعية لاقتصاد دولة الاحتلال، حيث أن الاستثمار في صناعة الاعلاف ومزارع العجول والمشروبات الخفيفة والذرة والجبنة الصفراء والدواء من شأنه أن يحرر ما يقارب 1.7 مليار شيكل من الابتزاز الضريبي.
وأضاف "المرصد" أن عملية الانفكاك من التبعية الاقتصادية لدولة الاحتلال تبدأ بخطوات عملية من خلال الاستثمار في الصناعة والزراعة، مرافقاً ذلك سياسات واجراءات حكومية فاعلة لحماية المنتجات المحلية، وتعتبر المحروقات والإسمنت والحديد والسيارات والحبوب والأعلاف والأدوية من أهم الواردات السلعية للأسواق الفلسطينية بشكل عام، وتشكّل حوالي 31% من إجمالي الواردات الفلسطينية، وهذا يعني تأثيرها الكبير في السوق، الأمر الذي يستدعي العمل على خلق بدائل تدعم الاقتصاد الفلسطيني وتساهم في نوع من الاستقلال والانعتاق من التبعية للاقتصاد الاسرائيلي.
وأكد أن أي استثمار فلسطيني في أي قطاع زراعي أو صناعي يحرر مئات ملايين الدولارات من السيطرة الضريبية الإسرائيلية، وهي أموال سيكون بمقدور الحكومة الفلسطينية جبايتها بدون قرصنة وعمولات وبدون ابتزاز سياسي من قبل حكومة الاحتلال، كما أن ذلك سيساهم في تخفيض أزمة عجز الميزان التجاري الذي وصل إلى حوالي 4.788 مليار دولار في العام 2017.
وكان مجلس الوزراء قد دعا مؤخرا المستثمرين إلى ضرورة الاستثمار في قطاع صناعة الأعلاف، لسد النقص الكبير الذي تعانيه السوق المحلية.