نابلس-وفا-بسام أبو الرب-في العام 2008 عاد المواطن (ز،ع) إلى محافظة رام الله، بعد 40 عاما من الهجرة في الولايات المتحدة الأميركية، وكان الهدف الأساسي من عودته تعليم أبنائه اللغة العربية وحفظ القرآن، رغم أنه مالك إحدى المدارس الخاصة هناك.
صدمته كانت بعد عودته بعام واحد، عندما اطلع على مجموع علامات أحد أبنائه باللغة العربية بحصوله على معدل 97 رغم أنه لا يجيد كتابة أو قراءة العربية، فتوجه إلى المدرسة الخاصة التي كان يدرس فيها ابنه يستوضح من المديرة عن أسس تقييم أداء ابنه في اللغة العربية، فأجابته أنه كتب كلمة "فلسطين"، فطلب منها أن يكتب كلمات أخرى إلا أن فشل بذلك.
بعد أيام، علم عبر مصادره الخاصة أن الأمر في هذه المدرسة التي فضل عدم ذكر اسمها، مرتبط بالتزام الطالب بالأمور المالية، الأمر الذي دفعه إلى البحث عن قطعة أرض وافتتاح مدرسة خاصة يكون الهم الأساسي فيها تقديم خدمة التعليم بالشكل الأفضل وليس البحث عن الربح المادي.
عدة شكاوى وردت إلى جمعية حماية المستهلك بسبب رفع الأقساط بالمدارس الخاصة، وكالة "وفا" أخذت على عاتقها الخوض في مسألة التعليم في المدارس الخاصة ومخرجاتها، ومحاولة الإجابة عن بعض الأسئلة من خلال تحقيق صحفي يتناول عدة جوانب، وتبحث فيها: طبيعة المدارس الخاصة وما يميزها عن الحكومية ومخرجاتها؟ وما الفرق بين الخاصة والأهلية؟ ولماذا نشهد ارتفاعا في أقساطها وخدماتها؟ وعن دور وزارة التربية والتعليم في الرقابة عليها من حيث المنهاج والأقساط، وهل تتلقى هذه المدارس دعما من قبل الجهات الحكومية؟ وآلية ترخيص المدارس، وكيف يتم التعامل مع المعلمين فيها، وما هي مخرجات التعليم لديها؟
المدارس الخاصة ونشأتها بفلسطين
تاريخيا، بدأ التعليم في المدارس الخاصة في فلسطين عام 1920، عندما أنشئت دائرة المعارف الفلسطينية في القدس، وانقسمت المدارس الخاصة إلى قسمين: مدارس أجنبية تتبع مؤسسات دينية مسيحية، وأخرى وطنية تشرف عليها هيئات وطنية عربية فلسطينية.
وفق عدة دراسات حول التعليم، فإن تنظيم التعليم بفلسطين يرجع إلى قانون التعليم العثماني الصادر عام 1869، وقد ترسخ نظام التعليم في القانون عام 1913، والذي وضع إشراف الدولة على المدارس، وعلى الرغم من ذلك ظلت غالبية المؤسسات التعليمية في متصرفية القدس بيد الإرساليات الأجنبية بعيدا عن رقابة الدولة.
وإبان الانتداب البريطاني أهمل وضع المدارس الحكومية، وأغلقت معظم المدارس الخاصة والأجنبية، لا سيما التي يملكها رعايا دول معادية كألمانيا والنمسا، وقد أعيد فتح هذه المدارس الخاصة المحلية والأجنبية نهاية العام 1921، والتي تحملت عبء سد احتياجات المواطنين في التعليم ووصل عدد المدارس الخاصة حينها إلى 315 مدرسة؛ إلا أن أغلبها كانت مسيحية.
وعقب الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 1948 أصبح النظام الأردني متبعا في الضفة الغربية والنظام المصري في قطاع غزة، وكانت المدارس الخاصة تتبع جمعيات خيرية، أو هيئات خاصة، أو أفراد.
وبعد قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994، قامت وزارة التربية والتعليم بحكم اختصاصها بمراقبة التعليم في المدارس الخاصة بشكل مباشر؛ من خلال تنسيق مستمر بإرسال مشرفين تربويين للمدارس بصورة دائمة، ووضعت قوانين خاصة للمؤسسات التعليمية الخاصة، حددت فيها الشروط من حيث المنشآت والمباني والأمور الفنية والهندسية المثلى، التي تراعي المعايير التربوية والبيئية، وكذلك كفاءة المدرسين، وشروط الالتحاق، والرسوب والنجاح والعطل، كما حددت الشروط القانونية المتعلقة بالتراخيص واستيفائها قانونيا.
ما هي المدارس الخاصة والقوانين الناظمة لعملها في فلسطين؟
حسب قرار بقانون رقم (8) لسنة 2017 بشأن التربية والتعليم العام، فإن المؤسسة التعليمية الخاصة هي كل مؤسسة تعليمية غير حكومية مرخصة، تقوم بتعليم الطلبة وفق مناهج فلسطينية، والمؤسسة التعليمية الأجنبية هي كل مؤسسة تعليمية غير حكومية مرخصة، تقوم على تعليم الطلبة وفق مناهج غير فلسطينية كاملة، أو أغلب مناهجها غير فلسطينية.
وتنص المادة (15) من القرار بقانون رقم (8) لسنة 2017، على أنه يجب على المؤسسة التعليمية الخاصة والأجنبية الحصول على ترخيص من الوزارة قبل إنشائها، وتحدد شروط إنشاء المؤسسة التعليمية الخاصة والأجنبية، وإجراءات ترخيصها بموجب نظام يصدر عن مجلس الوزراء، ويكون للمؤسسة التعليمية الخاصة والأجنبية مقر مستقل، ولا يجوز إضافة مرافق جديدة، أو إنشاء سكن داخل المؤسسة التعليمية الخاصة والأجنبية، أو نقل المؤسسة التعليمية من مكانها إلا بقرار من الوزير.
"تلتزم المؤسسات التعليمية الخاصة والأجنبية.. المؤسسات التعليمية الخاصة التقيد بالمناهج والكتب المدرسية والامتحانات التي تقررها الوزارة في مثيلاتها من المؤسسات التعليمية الحكومية"، حسب المادة (17) من ذات القانون.
ويجوز حسب المادة (18) من القانون للمؤسسات التعليمية الخاصة والأجنبية تدريس أكثر من لغة أجنبية، وزيادة المناهج والكتب المدرسية والامتحانات في جميع المراحل الدراسية، شريطة الحصول على الموافقة الخطية من الوزارة. وتؤكد المادة (20) تولى الوزارة الإشراف والمتابعة على المؤسسة التعليمية الخاصة والأجنبية.
وحسب موقع مجلس رئاسة الوزراء بشأن ترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة، فإن رسوم الترخيص صفر شيقل "مجاني".
إحصائيات وأرقام...
تشير آخر إحصائيات لوزارة التربية والتعليم للعام 2019-2020 إلى أن عدد المدارس الخاصة بلغ نحو 460 مدرسة في فلسطين، إضافة إلى خمس مدارس خارج الوطن.
وحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للعام 2017-2018 فإن عدد المدارس بفلسطين بلغ 425 مدرسة خاصة، منها 368 بالضفة، و57 في غزة، في حين بلغ عدد المدارس الحكومية 2203 مدارس، و370 مدرسة تابعة لوكالة الغوث "الأونروا".
وحسب بيانات الجهاز، فإن عدد الطلبة في المدارس الخاصة في العام 2017-2018 وصل إلى (119539) طالبا وطالبة، وفي المدارس الحكومية بلغ نحو (814439) طالبا وطالبة، وبلغ عدد الطلبة في مدارس الوكالة (319260) طالبا وطالبة.
وتؤكد البيانات أن معدل الطلبة لكل شعبة في المرحلة الأساسية في العام 2017-2018 في المدارس الخاصة بلغ 23 طالبا، وفي المدارس الحكومية بلغ نحو 29.9، وفي مدارس الوكالة بلغ 38.8، في حين بلغ معدل الطلبة لكل شعبة في المرحلة الثانوية في العام 2017-2018 بالمدارس الخاصة 19.9، ووصل المعدل في المدارس الحكومية نحو 28.7، وبلغ في مدارس الوكالة 34.8.
وحول أعداد المعلمين حسب "الإحصاء"، فقد بلغ في المدارس الخاصة عام 2017-2018 نحو 7279 معلما، وفي المدارس الحكومية وصل إلى 39026 معلما، وفي مدارس الوكالة وصل إلى 10363 معلما، مع التأكيد بأن هذه الإحصائيات لا تشمل البيانات في مدارس "البلدية والمعارف" الإسرائيليتين في القدس.
وحسب مؤشرات مختارة للتعليم العام في مدارس محافظة القدس في العام 2017-2018 بلغ عدد المدارس الخاصة 113 مدرسة، وبلغ عدد المدارس الحكومية 122 مدرسة، وعدد مدارس الوكالة 15 مدرسة، ووصل عدد الطلبة في المدارس الخاصة 5226 طالبا وطالبة، وفي المدارس الحكومية 30261 طالبا وطالبة، وفي مدارس الوكالة 35060 طالبا وطالبة، بمعدل 23.8 عدد الطلبة لكل شعبة في المدارس خاصة، و22.9 في مدارس الحكومة، و29.9 في مدارس الوكالة.
حماية المستهلك: عدة شكاوى وردت بسبب رفع الأقساط بالمدارس الخاصة
رئيس جمعية حماية المستهلك صلاح هنية تحدث لـ"وفا"، "بأن عدة شكاوى وردت لدى الجمعية حول رفع أقساط المدارس الخاصة من قبل أولياء الأمور تحديدا في رام الله ونابلس، وبناء عليه قمنا بزيارة عدد منها للاطلاع على أوضاعها، وتبين أن عددا منها رفعت الأقساط بنسبة تصل إلى 0.03%".
وأضاف "طالبنا بضرورة عدم رفع الأقساط في ظل ما تشهده الأراضي الفلسطينية من أزمة مالية، وتواصلنا مع الجهات المختصة في وزارة التربية والتعليم والتأكيد على تعليماتها بخصوص عدم رفع الأقساط"، منوها إلى أن المشكلة تكمن في مستلزمات الطلبة الأخرى أيضا من الزي المدرسي والذي أصبح مكلفا وبسعر مرتفع، إضافة إلى أسعار الكتب المرتفعة.
وأكد هنية أن بعض المدارس تصل أقساطها إلى 12 ألف شيقل سنويا، منوها إلى أن "هناك مرجعية في وزارة التربية والتعليم تؤكد على عدم حرمان أي طالب من التعليم لأنه لم يف بالتزامات مالية بسبب الوضع الاقتصادي وأزمة الرواتب التي تتأثر بها كافة القطاعات، ونأمل عدم المبالغة في موضوع رفع التكاليف على الطلبة".
مدرسة احتجزت ملف طالبة بسبب التزامات مالية
المواطن (أ،س) من مدينة نابلس، أكد أنه خلال أكثر من 14 عاما دفع مبلغ نحو 200 ألف شيقل كأقساط للمدرسة الخاصة، التي كان أبناؤه الأربعة يدرسون فيها، موضحا أن التعليم في المدارس الخاصة مكلف ومرهق ماديا، عدا عن متطلبات المدارس وأثمان الكتب من الانجليزي والفرنسي التي قد يصل ثمن الكتاب الواحد نحو 300 شيقل .
وتابع: رغم المبالغ التي ندفعها فمع بداية العام الدراسي الحالي رفضت المدرسة منحي ملف إحدى بناتي من أجل نقلها إلى مدرسة حكومية، وذلك بسبب عدم تسديد الالتزامات المالية، وأنا أعلم أن القانون يعطيني الحق بالحصول على الملف حتى لو هناك التزام مالي، لكن بنهاية سددت ما علي من التزامات، ولم استخدم حقي القانوني بهذه النقطة، كون شقيقتها ما زالت بالمدرسة ذاتها"، موضحا أن بعض المدارس تتبع سياسة غريبة أنه في حال قرر ولي الأمر نقل أحد أبنائه من المدرسة الخاصة عليه نقلهم كلهم.
وأشار إلى أن المدرسة لديها متطلبات أخرى من المشاريع والفن والأمور الأخرى، وهذا بحاجة إلى مصروف يومي قد يصل إلى 30 شيقلا، إضافة إلى رسوم التسجيل السنوية وهذا العام ارتفعت لتصبح 500 شيقل، و20 شيقلا بدل برنامج على الانترنت خاص بالتلاميذ، عدا عن القسط.
وحول اختياره للمدارس الخاصة، قال "التعليم في المدارس الخاصة بشكل عام أفضل من التعليم الحكومي، من ناحية الضبط والربط ولا يوجد فيها التسيب الذي يمكن أن تراه في المدارس الأخرى"، ويعتقد أن وزارة التربية لا تتدخل في سياسات المدارس الخاصة.
"البرستيج" والموقع يحددان الأقساط
أوضح رئيس نقابة أصحاب المدارس الخاصة ورياض الأطفال برام الله زياد عايش، أن الأقساط في المدارس الخاصة تتفاوت بين مدرسة وأخرى؛ وذلك حسب طبيعة البنايات والخدمات والنشاطات والمعلمين المتاحين في المدرسة، مؤكدا "أساس اختلاف الأسعار في المنهاج والأداء والعطاء و"البرستيج" من ناحية مكانها؛ فمثلا مدرسة تقع في منطقة الماصيون برام الله، تختلف من حيث أسعار الأراضي وتكاليف البناء أيضا والإمكانيات الترفيهية التي تقدمها للطالب بمواصفات عالية وعالمية، وهذه لا يمكن مقارنتها بمدرسة موجودة في إحدى القرى التي تختلف بأسعار الأراضي وتكاليف البناء".
وأضاف في تصريح لـ"وفا"، "بعض المدارس لديها مناهج غير فلسطينية، مثل اللغة العبرية ومنهاج "تفكر مع انوس" الذي يصل سعره إلى 20 دولارا، وهو بحاجة إلى معلم مختص فيه، إضافة إلى منهاج الإنجليزي، ما يعني أن المدارس التي تقدم هذه المناهج سيكون قسطها مختلف عن باقي المدارس".
وأوضح، أن وزارة التربية والتعليم تفرض رقابة على المدارس الخاصة من ناحية المنهاج الفلسطيني الموحد، والأسعار والأقساط بنسبة الزيادة السنوية حسب غلاء المعيشة، وأن ترخيص المدرسة الخاصة يتم من قبل الوزارة حسب متطلبات والشروط الموضوعة وبعد الكشف، فإذا كان هناك خلل بالمواصفات يجري إعادة الترتيب والتصويب لها، منوها إلى أن ترخيص المدارس الخاصة مجاني.
وتابع: في ظل الأزمة المالية الحالية حتى اللحظة لم نضع خطة لكيفية التعامل معها، فهناك ديون متراكمة على بعض أولياء الأمور من السنوات السابقة، بسبب الوضع الاقتصادي الصعب، وتراكم الكثير من المبالغ بسبب الشيكات المرتجعة.
وأوضح أن المدارس الخاصة تدفع ضرائب منها: ضريبة الدخل التي تصل إلى 12 شيقلا على الطالب سنويا، إضافة إلى ضريبة القيمة المضافة 17%، التي جرى فرضها مؤخرا وشكلت عبئا جديدا على أصحاب المدارس، وتم ربطها مع براءة الذمة في حال تجديد رخصة المدرسة أو أية أوراق ترخيص تخص المدرسة، إضافة إلى ضريبة المعارف، وضريبة الأملاك التي جرى رفع نسبتها إلى أضعاف وبشكل تلقائي وعشوائي في العام الماضي.
وقال "إن موضوع القيمة المضافة يشكل عبء على المدرسة، وأيضا على ولي الأمر نتيجة رفع الأقساط".
وتطالب نقابة المدارس الخاصة بإعفائها من الضريبة خاصة القيمة المضافة؛ باعتبارها تشكل عائقا كبيرا، وبحثت الأمر مع الوزارة التي وعدت بتجميد العمل فيها وليس شطبها، ويمنع على المدارس زيادة القسط بنسبة 0.05% رغم عدم تلقيها الدعم من أي جهة، وفق ما أكد عايش.
وبين عايش أن هناك مدارس تنضوي تحت الأمانة العامة، وهي تابعة للجمعيات والكنائس، ولها رابطة خاصة بها وغير خاضعة لنقابة أصحاب المدارس في رام الله، ولا تقبل الانضمام لها، موضحا أن أقساط بعض منها قد يصل ما بين 15 ألف شيقل إلى 22 ألف شيقل، وتتمتع بميزات أكثر تتمثل بالإعفاء الضريبي ولا توجد رقابة على الأسعار والأقساط، إضافة إلى تلقيها الدعم والمساعدة من قبل الجهات التابعة لها.
وتحدث عايش عن شق النقليات والحافلات القديمة التي تطالب الوزارة بشطب بعضها موديل 2000 فما دون، وهو أمر مرتبط ببراءة الذمة وضريبة القيمة المضافة عند الترخيص رغم الحديث عن تجميد العمل بها، إضافة إلى مطالبات بمواقف للحافلات لكل مدرسة داخل أسوارها أو قريب منها وهذا عبء على المدرسة خاصة القائمة منها.
وفي جانب التعاقد مع المعلمين، أشار عايش إلى أن لكل مدرسة عقدا خاصا من حيث آلية التعاقد مع المعلمين حسب رؤية ونظام المدرسة الداخلي، ضمن شروط مثل أول ثلاثة أشهر تجريبية، ويكون فيه إنهاء خدمات المعلم بعد عام إذا ارتأت أنه غير مناسب.
وأشار إلى وجود اشكالية تعاني منها المدارس الخاصة عند حصول المعلم على وظيفة ضمن كادر وزارة التربية والتعليم، حيث إن الأخيرة لا تعطي فرصة للمدارس الخاصة أو المهلة للبحث عن معلم آخر يسد العجز فور إنهاء خدماته، بعد أن يكون تقاضى رواتب أشهر العطلة الصيفية الثلاثة، والتي تشكل عبئا كبيرا أيضا على كاهل المدرسة خاصة إذا كان الكادر التعليمي بأعداد كبيرة.
وحول حقوق المعلم، أكد عايش أن المعلم يحصل عليها بشكل كامل، من نهاية الخدمة وإجازة الأمومة وساعة الرضاعة، خاصة في محافظة رام الله والبيرة التي يصل عدد المدارس فيها الى 72 مدرسة خاصة.
وبين أن قانون وزارة التربية والتعليم يلزم المدرسة بعدم زج الطلبة بأية خلافات مالية، وفي حال أراد أحد الطلبة الانتقال إلى مدرسة أخرى، فممنوع حجز ورقة أو شهادة حتى لو كانت عليه التزامات مالية.
وأشار إلى أن المدارس الخاصة تتبع برنامجا أكاديميا وخططا أسبوعية ونشاطات لا منهجية تصقل شخصية الطالب، فلا تتعدى صفوفها 22 طالبا وطالبة، مؤكدا أن المدارس الخاصة تحمل عبئا عن المدارس الحكومية، ما يتطلب حصولها على تسهيلات ودعم مادي ولوجستي، والتربية والتعليم شركاء لنا وهي مظلة لنا.
بدوره، أكد رئيس نقابة أصحاب المدارس ورياض الأطفال الخاصة في نابلس محمد سامح النابلسي الحاجة لإنشاء اتحاد عام لأصحاب المدارس الخاصة أو أمانة عامة كما تطلب وزارة العمل بتسميته؛ يكون من الأهداف الأساسية لهذه الأمانة العامة الحصول على الختم النقابي كباقي النقابات، الذي سيعطيها سلطة من حيث تحديد الحد الأدنى من الأقساط، كون هناك مدارس خاصة في القرى تتقاضى 100 شيقل في الشهر على الطالب في ظل منافسة غير شريفة.
وقال "إنه في حال إنشاء الاتحاد أو الأمانة العامة يكون مسؤولا عن الترخيص، ومتابعة قضايا المدارس وتوجيه إنذارات لها في حال المخالفات، وتحديد الحد الأدنى للأجور الذي لا تحققه بعض المدارس لتحقيق الحياة الكريمة للمعلم".
ولا تحقق بعض المدارس الخاصة وفق النابلسي الحد الأدنى للأجور، فيما تحقق مدارس أخرى الحد الأدنى، نتيجة معدل الأقساط المرتفع، فتحقق رواتب الأشهر الثلاثة في العطلة الصيفية، وذلك ضمن جدوى اقتصادية يتم تقسيمها على الطلبة، عدا عن التزامها بموضوع نهاية الخدمة للمعلم.
وتابع: أمر طبيعي أن تكون اقساطها مرتفعة كونها تحقق الحياة الكريمة للموظف، ما يعني أن الأمر ليس قضية رفع أقساط بل هي دراسة، من حيث الاسم والمنهاج والمعلمين.
وتطالب وزارة التربية بتحديث المدارس والرياض باستمرار وحافلات نقل الطلبة ضمن آليات محددة، وفق ما أكد النابلسي الذي نوه إلى أن وجود 33 مدرسة خاصة في محافظة نابلس تتراوح معدل أقساطها بين 4-11 ألف شيقل سنويا.
"التربية": تحديد أقساط المدارس الخاصة ضرب من المستحيل
من جهته، أكد المكلف برئاسة قسم المدارس الخاصة في وزارة التربية والتعليم عبد الغفار حمادنة، أن قضية الأقساط شائكة، وأن الوزارة تحاول جاهدة ضبط هذه العملية، فمستويات المدارس مختلفة، ونادرا ما نجد مدرستين بنفس المستوى من حيث المكان أو من حيث الطلبة أو البيئة الموجودة فيها المدرسة أو من حيث التجهيزات، بالتالي عملية وضع سقف لأقساط لهذه المدارس صعب جدا".
ويجزم حمادنة بأنه لا يمكن مساواة مدرسة تقع في إحدى القرى مع أخرى واقعة في أحد أحياء المدن، الامر الذي يجعل عملية تحديد رسوم تلك المدارس ضرب من المستحيل، وفق قوله.
وتابع: تحديد السقف للأقساط مرتبط بإدارة كل مدرسة عند افتتاحها، لكن التربية تلزمها برفع الأقساط فقط بنسبة غلاء المعيشة التي يحددها جهاز الاحصاء المركزي، والتي بلغت 0.41% هذا العام، أي زيادة 4 شواقل على كل ألف شيقل، فلا يجوز أن ترفع المدارس الخاصة أقساطها بنسبة 20% عن العام السابق، مثلا.
وتابع: لا ننكر أن 90% من المدارس الخاصة هي ربحية، لكن معظم المدارس التزمت بتعليمات عدم رفع الأقساط بعد مخاطبتها"، مشددا على أن أي شكوى تصل الوزارة بخصوص رفع الأقساط يتم التعامل معها جديا ومخاطبة المدرسة بذلك، وتنبيه غير الملتزمة منها وإنذارها بسحب الترخيص في حال عدم الالتزام بالتعليمات.
"رفع نسبة الأقساط يجب أن يتم ضمن معادلة متوازنة بين ولي أمر الطالب وأصحاب المدارس، رغم إدراكنا للمصاريف التشغيلية للمدارس، وذلك خدمة للطالب"، وفق ما أوضح حمادنة.
وأشار إلى أنه وفقا لإحصائيات الوزارة للعام 2019-2020، فإن عدد المدارس الخاصة بلغ 400 مدرسة في الضفة، بما فيها القدس، و60 في قطاع غزة، إضافة إلى خمس أخرى في قطر وبلغاريا ورومانيا وتركيا، تخضع جميعها للمناهج الفلسطينية، وفق حمادنة.
وتجري عملية ترخيص المدارس -وفق حمادنة- بشكل سنوي، إلا أن بعضها يجدد الترخيص لها لخمس سنوات وفق معايير وشروط محددة، كامتلاك البناء المدرس والتمتع بمرافق تدريسية تلائم المرحلة الدراسية الموجودة فيها من حيث وجود المختبرات المجهزة كاملا مختبرات الحاسوب، والمكتبة وتوفر المساحات، وأن يكون قد مضى على تأسيسها على الأقل خمس سنوات، ولم توجه لها عقوبة خلال الخمس سنوات الماضية.
وقال حمادنة: لا تتلقى وزارة التربية أي مبالغ نقدية عند ترخيص المدارس الخاصة كون الترخيص صفرا وفقا للقانون، لكنها تدعم بعضها في محافظة القدس لتعزيز صمودها، في حين لا تتلقى المدارس الخاصة في الضفة وغزة أية دعم مادي؛ كونها تتبع لجهات عدة منها هيئات دينية كنسية، وجمعيات خيرية، وشركات تجارية وأفراد، لكنها تتلقى الدعم المعنوي من كافة التسهيلات لترخيص المدارس ولتسيير العملية التعليمة فيها.
وأشار إلى أن الوزارة تقدم دعما عينيا من توزيع الكتب مجانا، بالإضافة إلى بعض الأجهزة على بعض المدارس التي تتبع جمعيات خيرية أو تختص بفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة، والتي عليها أن تمنح للطلبة مجانا، والأصل في بقية المدارس أن تباع كتب المنهاج الفلسطيني بنفس السعر الذي تباع لها من الوزارة ويصل إلى شيقلين للنسخة الواحدة ولا يجوز للمدرسة الخاصة بيعيه بسعر أعلى من الوزارة.
وبخصوص الضرائب، قال حمادنة، "إن نوعين من الضرائب تفرض على المدارس الخاصة هما ضريبتا الدخل والقيمة المضافة، وإن من شروط الترخيص الحصول على براءة ذمة من ضريبة الدخل، وهذه تحتسب على الطالب سنويا، ونعلم أن المدارس اشتكت من مطالبة دائرة الضريبة بمبالغ كبيرة كضريبة القيمة المضافة".
وبين أن المدارس التابعة للجمعيات والهيئات الدينية معفاة من الضريبة لكن لها سجل ضريبة، قائلا "نحن مع تخفيف الضرائب على كافة المدارس؛ كونها تقدم خدمة وتحمل عبئا كبيرا عن كاهل الوزارة".
ويتمثل دور الوزارة بالإشراف على المدارس الخاصة، بمراقبة مدى التزامها بتعليمات الوزارة كافة، كالتشكيلات المدرسية، وعدد الطلاب في الغرف الدراسية، والتقيد بمواعيد العطل المدرسية، وأوقات الدوام، وعقد الامتحانات، ويستثنى من ذلك عملية توظيف العاملين بهذه المدارس التي تقع على عاتق المدرسة وضمن الشروط التي تضعها وزارة التربية والتعليم، ويتلقون رواتبهم حسب عقد عمل، ويتقاضون رواتب لا تقل عن الحد الأدنى للأجور 1450 شيقلا، ويخضعون فيها لقانون العمل، وفق حمادنة.
وأكد "أن بعض المدارس لا تلتزم بالحد الأدنى للأجور في رواتب المعلمين وتلزم بعضهم بالتوقيع على عقد يؤكد تلقي راتب 1450 شيقلا لكن الواقع أقل من ذلك، لكن تطفو المشكلة عندما تنهي المدرسة خدمات المعلم، فيسارع بالشكوى بأنه كان يتقاضى راتبا أقل من الحد الأدنى، إضافة لعدم التزام بعض المدارس برواتب المعلمين خلال العطلة الصيفية".
وعن الرقابة على المنهاج الفلسطيني داخل المدارس الخاصة، أشار إلى أن عددا من الفرق شكلت لمتابعة المدارس كانت تضمنت التعليم العام، ومن الصحة المدرسية، والارشاد والرقابة والميدان، تقوم بمراقبة الجداول المدرسية والامتحانات وباقي الأمور الإدارية والفنية.
وحول أسعار المناهج التعليمية الأخرى الصادرة عن دور نشر، أوضح أن أسعارها مرتفعة، معربا عن أمله بأن تبيعها المدارس بنفس السعر أو بهامش ربح قليل جدا، رغم أن بعض منها يغالي في أسعار هذه الكتب.
وحول سبب اختيار أولياء الأمور المدارس الخاصة، أشار إلى أنه ربما ظروف العمل للوالدين تجبرهما على تسجيل الأبناء في المدارس الخاصة، ومنهم من يبحث عن دراسة أنظمة تعليمية غير فلسطينية وأمور اخرى، مؤكدا أن التعليم الحكومي لا يقل كفاءة عن الخاص؛ فالمدارس الحكومية مجهزة بتجهيزات كافية تؤدي إلى مخرجات تعليمة لا تقل عن الخاصة.
هل مخرجات التعليم في المدارس الخاصة تحقق الأهداف المرجوة؟
بدوره، قال رئيس نقابة العاملين في المدارس الأهلية في رام الله، رمزي شاهين، والذي يعمل أستاذا في مدارس "الفرندز"، "ليس هناك شيء مثالي بالنسبة لمخرجات التعليم في المدارس الخاصة والأهلية، لكن إذا ما تم مقارنتها بالنتائج والجامعات التي يتوجه لها الطلبة، نجدها جيدة وتحقق الأهداف المرجوة".
وأضاف شاهين والذي مضى على عمله في مهنة التدريس في القطاع الأهلي 29 عاما، في مقابلة مع وكالة "وفا": نسبة عالية من خريجي المدارس الخاصة يشغلون مناصب عليا في القطاع الخاص، خاصة طلبة مدارس الفرندز الذين تتاح لهم الفرص الكثيرة للدراسة في جامعات عالمية.
ويعزو شاهين أسباب توجه الأهالي لتدريس أبنائهم في المدارس الخاصة إلى أسس وأساليب ومناهج ومخرجات التعليم الجيدة، ما يتيح فرص للطلاب أفضل عند التوجه لسوق العمل، حيث تعتبر هذه المدارس أكثر أمانا على المستوى الاجتماعي، ويعزز ذلك أيضا هامشا من الحرية والديمقراطية المعطاة في هذه المدارس، والتي تتجسد في تشكيل مجالس طلبة تدافع عن حقوق الطلبة وامتيازاتهم وواجباتهم.
وأضاف "مع أن المدارس الخاصة تطبق المنهاج الفلسطيني في العملية التعليمية إلا أنها تسعى دائما التوجه إلى منهاج إضافي يتواءم مع المناهج العالمية المرادفة ليغني هذه العملية التعليمية، وأخص بالذكر البرنامج التعليمي العالمي IB الذي تتميز به مدارس الفرندز عن باقي مدارس فلسطين".
وحول موضوع الأقساط وانسجامها مع المخرجات التعليمية والتربوية في المدارس الخاصة، بين شاهين أن هناك تفاوتا في هذه الأقساط يبلغ أوجها لدى مدارس الفرندز، مرجعا ذلك إلى الرسوم الإضافية التي يتم دفعها إلى منظمة IB العالمية، مع الإشارة إلى أنه إذا ما تم مقارنتها مع مثيلاتها في الدول المجاورة نجد أنها الأقل تكلفة من حيث الأقساط ورواتب المعلمين.
وعن موضوع التنسيق مع المدارس الخاصة غير الأهلية، قال "إن الهموم مشتركة بين الجميع وقد سعينا سابقا إلى هذا التنسيق لكننا تفاجأنا بأن لدى بعض المدارس الخاصة يكون رئيس نقابة العاملين في هذه المدارس هو صاحب المؤسسة، وهذا يتناقض مع العمل النقابي لما في ذلك من تضارب في المصالح بين إدارات المدارس والمعلمين".
وأضاف "نأمل أن يكون هناك اتحاد للمدارس الخاصة في فلسطين من خلال النقابات ولجان المعلمين واللجان العمالية المنتخبة فيها، وسنواصل سعينا لتحقيق ذلك".
خلاصة القول، عملية التعليم والالتحاق بالمدارس الخاصة تأتي ضمن إطار العرض والطلب والخيارات مفتوحة للجميع، إضافة إلى أن طبيعة إنشاء المدارس وتكوينها وبنائها والمنطقة التي تتواجد فيها تعطي الحق لأصحابها تحديد السقف لأقساطها، ولا يمكن الزيادة عليها إلا بما يتناسب مع غلاء المعيشة المقر من جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني، في حين أن وزارة التربية والتعليم تقدم الترخيص بشكل مجاني وتفرض رقابة من حيث تطبيق المنهاج الفلسطيني والالتزام بالتعليمات، في حين أنها تؤكد أن عملية تحديد الأقساط ضرب من المستحيل.
ويطالب أصحاب المدارس الخاصة بضرورة اعفائهم من الضرائب، خاصة ضريبة القيمة المضافة التي تثقل كاهلهم، وعدم التعامل مع الطالب كسلعة أسوة بالمدارس الأهلية التابعة للكنائس، في ظل عدم تلقي اي منها الدعم المالي، باستثناء مدارس القدس.
ويرى البعض أن إنشاء اتحاد أو أمانة لأصحاب المدارس الخاصة من شأنه تنظيم القطاع، وضبط عملية تحديد الأقساط والحد الأدنى من الأجور، ودفع بدل ثلاثة أشهر للمعلمين، إضافة إلى الحقوق العمالية الأخرى.