اسرائيل تسعى لتوازن صعب في علاقاتها التجارية مع بكين وواشنطن

Publishing Date
اسرائيل تسعى لتوازن صعب في علاقاتها التجارية مع بكين وواشنطن
الرئيس الصيني شي جينبينغ (يمين) مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو قبل محادثاتهما في بكين في 21 اذار 2017-أرشيف أ ف ب

القدس (أ ف ب) -تسعى اسرائيل لتحقيق توازن صعب في علاقاتها التجارية مع أبرز شريكين اقتصاديين لها، الولايات المتحدة والصين في أوج الحرب التجارية بين هذين البلدين والتي بدأت منذ العام الماضي.

وعبرت واشنطن عن قلق ازاء تزايد دور الصين في البنى التحتية وقطاعات حساسة مثل التكنولوجيا لدى حليفتها اسرائيل التي يربطها بها تعاون عسكري واستخباراتي وثيق.

وصدر ذلك خلال زيارتي وزير الطاقة الاميركي دان بروليت ومستشار الامن القومي الاميركي جون بولتون الى اسرائيل في الشهرين الماضيين.

فقد ذكرت وسائل اعلام اسرائيلية أن بولتون تحدث انذاك عن "مخاوف واشنطن بشأن العلاقات الاقتصادية الدافئة بين الصين وإسرائيل".

وركزت الأنباء على ميناء حيفا البحري التجاري شمال إسرائيل.

وكانت شركة "شنغهاي انترناشونال بورت غروب" ومقرها هونغ كونغ فازت بعطاء قبل أربع سنوات لادارة رصيف جديد في مجمع الميناء وهو الاكبر في اسرائيل حيث ترسو السفن الحربية الاميركية بشكل منتظم.

وقد وصف السفير الإسرائيلي السابق لدى الصين ماتان فيلنائي في الآونة الأخيرة قرار تكليف الصين بإدارة مثل هذا "الشأن المتعلق بالامن القومي" بأنه "جنون".

تجسس 

كما حذر رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي نداف أرغمان المسؤول عن مكافحة التجسس من أن الاستثمارات الصينية الضخمة في اسرائيل قد تشكل خطرا على الأمن القومي، بحسب الاعلام الاسرائيلي.

وكان افرايم هاليفي الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الاسرائيلية الخارجية حذر من خطورة تدخل الشركات الصينية بالاقتصاد الإسرائيلي من الناحية الأمنية، خاصة بالمشاريع التي تتعلق بالبنى التحتية الاستراتيجية.

يقول داني كاتاريفاس خبير التجارة الخارجية في جمعية المصنعين في إسرائيل لفرانس برس "إن واشنطن تمارس ضغوطا على إسرائيل لتشديد القيود، وتضغط الان وتصر على أن تحذو اسرائيل حذوها وتنشىء وكالة رقابة على الاستثمارات الاستراتيجية الخارجية".

وأضاف كاتاريفاس: "ربما تكون الرسالة وصلت الى الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة التي تكون مداولاتها سرية عادة، وقررت تشكيل لجنة تشمل ممثلين عن أجهزة الاستخبارات للإشراف على أي استثمار أجنبي يعتبر استراتيجيا".

ورفض العديد من المتحدثين الرسميين التعليق والرد على سؤال لفرانس برس. وقال أحدهم إن العلاقات مع الصين "موضوع حساس للغاية".

وقال مسؤول في وزارة النقل رافضا الكشف عن اسمه إن "عقد انشاء ميناء حيفا فقط هو الذي حصل على معايير مهنية بحتة"، من بين المشاريع التي حصل عليها الصينيون.

وقال الخبير في شؤون الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب عوزي رابي لفرانس برس "يجب على إسرائيل أن تكون حذرة بشكل متزايد".

وأضاف "يجب دراسة المشاريع ليس فقط من الناحية اقتصادية بل من الناحية الدبلوماسية والجيوسياسية والدبلوماسية ايضا".

اختراق صيني

تحقق الشركات الصينية تقدما مذهلا في إسرائيل، وقد فازت بعقود لبناء ميناء جديد في مدينة أشدود الجنوبية وأنفاق لخطوط سكك حديدية خفيفة جديدة في تل أبيب.

ووفقا للخبراء قد يقوم الصينيون باستغلال ثلث استثماراتهم الإسرائيلية في قطاع التكنولوجيا الفائقة.

كما تهتم الشركات الصينية ببناء خط سكة حديد سريع يربط تل أبيب بمنتجع إيلات على البحر الأحمر وبناء محطة لتحلية المياه، بحسب تقارير وسائل الإعلام الاقتصادية المحلية.

وأصبحت الصين أول شريك لإسرائيل في البنى التحتية والطرق والأنفاق والموانئ. وتجاوزت التجارة بين البلدين 12 مليار دولار في 2018 ، أي ما يقارب من 200 ضعف مستواها في عام 1992 ، عندما أقامت الدولتان علاقات دبلوماسية .

وتقول البيانات الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي إن الصين أصبحت ثاني أكبر شريك تجاري لإسرائيل بعد الولايات المتحدة.

ويريد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أن يذهب إلى أبعد من ذلك. وخلال زيارة نائب الرئيس الصيني في تشرين الاول/أكتوبر الماضي اقترح عقد اتفاقية ثنائية للتجارة الحرة.

لكن كاتارياس يقول إن "الشفافية ليست من نقاط قوة الاستثمار الصيني" مضيفا "لا يمكن معرفة أبدا ما إذا كانت الأموال تأتي من شركات خاصة أو أشخاص أو من الدولة والحزب الشيوعي".

ويرى كاتاراس أن اسرائيل "لا تستطيع أن تنقطع عن الصين التي تشكل سوقا في توسع كبير" لكن الأولوية هي تجنب تقويض العلاقات المتميزة مع الولايات المتحدة.

ويضيف أن "الشركات الإسرائيلية العاملة في الصين او الخاضعة للرقابة الجزئية او الكلية للمستثمرين الصينيين قد يتم استبعادها في يوم من الأيام من السوق الأميركية اذا تدهورت العلاقات بين هاتين القوتين العظميين".

وفي قطاع الدفاع المهم، أثرت ضغوط واشنطن على إسرائيل التي تتلقى منها مساعدات عسكرية أميركية سنوية بقيمة تقارب أربعة مليارات دولار.

فقد تعهدت اسرائيل بعدم بيع أسلحة أو تكنولوجيات مدنية وعسكرية مزدوجة الاستخدام إلى الصين.

وفي عام 2000 ألغت اسرائيل صفقة بيع طائرات فالكون الى الصين عندما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" واضطرت إسرائيل إلى دفع مئات الملايين من الدولارات.