طوباس-وفا-الحارث الحصني-لغاية العام الماضي، ظل سهل طوباس، كما عهده سكان المدينة الواقعة شمال الضفة الغربية عبر سنوات طويلة مضت، بزراعته بالمحاصيل البعلية شتاء، والتوقف عنها في الصيف الذي يصبح محطا لمكعبات القش بأشكالها وأحجامها.
لكن استثمارا جديدا قام به أحد أصحاب رؤوس الأموال في المنطقة، وبلدية طوباس بشكل منفصل، باستخراج الماء من باطن الأرض وتشغيل أحدهما عبر خطوط امداد في معظم أراضي السهل، شجع المواطنون على الزراعة المروية.
وهذه الزراعة في طوباس جديدة العهد رغم أن نسبة لا بأس بها من سكانها يمارسونها، في الأغوار، وقد ساعدت خصوبة الأرض على ذلك.
وهكذا سيظل السهل دائم الخضرة حتى في الصيف، كما وصفه مواطنون من المدينة.
مدير الغرفة التجارية في طوباس معن صوافطة قال: "طوباس هي منطقة زراعية بالأساس، سواء بالمروية أو بالبعلية، واهتمام السكان بالزراعة المروية سيكون له تأثير تنموي على كافة المجالات في المدينة".
وفيما مضى كان سكان المدينة يزرعون أراضي السهل المترامية بالمحاصيل البعلية، وكان محصول القمح يأخذ الحيز الأكبر من تلك التجارة، اضافة لعدد من المحاصيل الأخرى.
لكن بدأت الأحوال تتغير منذ عام تقريبا عندما وصلت المياه الجوفية إلى معظم أراضي السهل.
ولم يتوقع السكان في المنطقة على المدى القريب أن يتحول هذا السهل من الزراعة التي كانت أغلبها يدوية، إلى زراعة تستند على الآلات الحديثة والتكنولوجيا.
في قطعة أرض وسط السهل، بدأ إبراهيم دراغمة، قبل أشهر بزراعة محاصيل مروية كغيره من المواطنين الذين بدأوا بتغيير تاريخ الزراعة البعلية.
مواطنون علقوا على هذا الشيء بأنه عبث في تاريخ الزراعة البعلية في طوباس وسهلها.
إلا أن السهل الذي ينظر المواطنون إلى تحويله للوحة زراعية مروية، ما زالت هذه الزراعة فيه تسير على استحياء... ويلاحظ بيوت بلاستيكية أقيمت مؤخرا وقد زرعت، وأخرى قيد الانشاء.
يقول دراغمة: "قديما كنا نزرع محصولا بعليا لمرة واحدة ويظل الانتاج مرهونا بالأمطار(...)، اليوم نزرع أكثر من مرة والانتاج يكون أوفر".
يقول رئيس قسم المحاصيل في زراعة طوباس، المهندس ماهر صلاحات: "سكان طوباس بشكل عام لديهم خبرة كافية في مجال الزراعة المروية".
حاليا في نظرة شاملة على السهل بني اللون، من فوق جبل جادر وهو ذاته "اللحف"، تنعكس أشعة الشمس عصرا على مساحات من الأراضي المفروشة بالبلاستك الزراعي، تمهيدا لزراعتها في الأيام المقبلة، وأخرى خضراء.
ويلاحظ أيضا أن السهل قد بدأ يستوعب العشرات من الأيدي العاملة، وهذا يعني انخفاض نسبة البطالة في المدينة.
خلال تسعة أشهر -باستثناء أشهر الصيف الملتهب في الأغوار- ترحل العشرات من العائلات الفلسطينية من مدينة طوباس، إلى الأغوار الشمالية صوب الشرق، وتعود في الصيف إلى طوباس، وهذا العام، هناك عائلات تستغل هذه الفترة الصيفية في زراعة أراض لها في السهل.
يوميا، تظهر هياكل لبيوت بلاستيكية جديدة قيد الانشاء، وتزداد مساحة الأراضي المغطاة بالبلاستيك بشكل تدريجي، وتنشط حركة دؤوبة للمواطنين في تجهيز أراضيهم.
ويسابق المواطنون في طوباس الزمن، لتجهيز ما يمكن تجهيزه من أراض زراعية والبدء بتسويق الخضار إلى السوق الفلسطينية.
في القرن الماضي، كان السهل الساحلي الفلسطيني يزخر بزراعة الحمضيات بشكل عام والبرتقال بشكل خاص، ويأمل الفلسطينيون في طوباس أن يجعلوا سهل مدينتهم ينتج آلاف الصناديق المملوءة بالمحاصيل المروية.
يقول صلاحات: هكذا يستطيع أن يزرع المواطن أرضه أكثر من مرة في الموسم الواحد، ويتوقع أن حسب المؤشرات الموجودة أن ينجح، لكن لا يمكن الحكم عليه بشكل قطعي.
في السهل الذي بدأ يلبس معطف الحياة في الصيف، يتهيأ مواطنون لزراعة أراضيهم للمرة الثانية هذا الموسم، بالاستعانة بالمياه الجوفية.
يقول صلاحات إن الزراعة المروية ستكون في المدينة سببا أساسيا في النمو الزراعي لتكون من أكثر المدن الفلسطينية انتاجا للخضراوات، وهذا سيحد من نسبة البطالة والفقر.
وبحسب احصاءات مديرية زراعة طوباس، تبلغ مساحة سهل طوباس الاجمالية تقريبا (5000) آلاف دونم، ويستعد سكان المدينة بالتوسع في الزراعة المروية.
ويقول صلاحات: "في الوقت الحالي تزرع فيه أنواع الخضراوات كونها امتدادا للأغوار الشمالية (...)، ومستقبلا يمكن أن تدخل أشجار البستنة في الموضوع مثل العنب، وغيرها".
قال صوافطة: "الزراعة المروية واستثمار الأراضي سيحد من البناء العمراني في السهل".