أزمات مركّبة تعصف باتحاد المطوّرين العقاريين

تاريخ النشر
أزمات مركّبة تعصف باتحاد المطوّرين العقاريين
رئيس اتحاد المطوّرين العقاريين الفلسطينيين المهندس علاء أبو عين، وصور لمشاريع عقارية-نقلا عن صحيفة الحياة الجديدة

رام الله–الحياة الجديدة–ابراهيم أبو كامش- كشف رئيس اتحاد المطوّرين العقاريين الفلسطينيين المهندس علاء أبو عين، عن أزمات مالية تعصف بحوالي 30% من المطورين العقاريين، نتيجة تعرض القطاع خلال العام 2020 لانتكاسة مزدوجة ناجمة عن جائحة كورونا كبدته خسارة تقديرية بلغت 50% من ايراداته، أي ما قيمته 500 مليون دولار إذ أن إجمالي حركته السنوية تفوق المليار دولار، إضافة الى خسارته ما يقارب 15% من قيمة الدولار بسبب انخفاض سعر صرفه فكان لها بالغ الأثر على انتاجيته وربحيته.

وقال أبو عين في مقابلة  مع صحيفة "الحياة الجديدة": لا شك أن قطاع التطوير العقاري تأثر كثيرًا مثله كما باقي القطاعات من الجائحة، حيث توقفت كافة الأنشطة التجارية والعقارية تمامًا في فترة الإغلاق الأولى لمدة 4 شهور، كما أن الإنكماش الاقتصادي العام وعدم وجود مداخيل في كافة القطاعات بما في ذلك القطاع العام الذي تأثرت رواتبه وايراداته لم يعد لديهم القدرة على الشراء ولذلك فان القطاع الخاص لم تعد لديه القدرة على الاستثمار بسبب الضربات المالية والاقتصادية، إضافة لتعرضه الى ضربة كبيرة ناجمة عن انخفاض سعر صرف الدولار الذي خسر من قيمته ما يقارب 10%، وانخفاض قدرة المواطنين الشرائية".

تقديرات الخسائر

ويرى م. أبو عين انه من الصعوبة بمكان حصر خسائر القطاع العقاري بسبب الجائحة وإنخفاض الايرادات واحيانا انعدامها لدى معظم الفئات، ولكنه أكد انه على الأقل فإن هذا القطاع خسر 50% من من إجمالي حركته السنوية التي تفوق مليار دولار، وبالتالي فإن خسائره التقديرية تزيد عن 500 مليون.

وإن كان م. أبو عين يؤكد غياب إحصاءات دقيقة حول حجم الشقق غير المباعة، فإن مؤشرات جهاز الإحصاء المركزي تظهر أن هناك 5000 شقة فارغة في المحافظات.

لكن أبو عين يقول: "هذه المؤشرات كلها غير دقيقة وغير حقيقية فلا يعني إن وجدت شقة فارغة أنها غير مبيعة، إذ تبين الإحصاءات الحقيقية من شركة الكهرباء ودائرة تسجيل الأراضي انه تم إبرام حوالي 10 آلاف صفقة عقارية في رام الله وحدها منذ عام 2018 وحتى اليوم، وبالتالي، فانه لو زاد العرض على الطلب للاحظنا إنخفاضًا في الأسعار أو إحجامًا عن التطوير وهذا لم يتحقق ولم نصل له بعد، بدليل أن هنالك مشاريع وشركات تطوير عقاري تبدأ وتعمل على مشاريع جديدة ومستمرة في التطوير ويعلن عنها باستمرار".

تحديات الاستمرار

ويرى أبو عين، أن استمرارية تطور القطاع العقاري لها علاقة بالكم والنوعية، وقال: "عندما ينشأ بناء غير مكتمل وغير مبني على أسس صحيحة أو في موقع غير مرغوب فيه، فهذا سيواجه مشكلة ببيعه، ونجاحه يعتمد على مواقعه وأسعاره المناسبة الضامنة لاستمرار الطلب عليه، وبالتالي "تجد هنالك بعض المشاريع مقامة في مواقع غير مناسبة وبأسعار غير صحيحة وتدن في جودة البناء لذا يصعب تسويقها وبيعها حتى لو تم عرضها بسعر التكلفة، فاختيار الموقع وجودة البناء والبيع بالسعر الصحيح والشكل المعماري تشكّل جميعها 40% من قرار شراء أي عقار وجميعها دفعت المطورين الى التنافس".

الحاجة للشقق السكنية

وأكد أبو عين أن احتياج المجتمع للشقق السكنية يرتبط بالعائلات الجديدة، وهو الأمر الذي أدى الى انتشار ظاهرة التطوير العقاري والشقق السكنية في العديد من القرى ولم تعد منوطة بالمدينة وضواحيها، فالأمور أصبحت تأخذ منحنى يختلف عن المراحل السابقة، فالاحتياج السنوي من الشقق على المستوى الوطني يصل الى 20 ألف شقة تبنى سنويًا وتباع بالكامل منها 1000 شقة في رام الله.

أزمات مالية لدى بعض المطورين العقاريين

وقال أبو عين:"إن نسبة المطورين المنتكسين في قطاع التطوير العقاري منذ بدء الجائحة وصلت حوالي 30%، علما بأن أهم معادلة في أي شركة عقارية هو تنظيم تدفقها النقدي ولديها حسابات مدققة ودقيقة وكل من يمتلك ذلك من الصعوبة أن يتعرض لانتكاسات، ونتيجة تعرض معظم المطورين لظروف شديدة وغير مسبوقة، فانه يحتاج في هذه المرحلة محفظة نقدية لا تقل قيمتها عن 70% من قيمة الاستثمار، وبدون ذلك قد يتعرض الى مشاكل عديدة في التدفق النقدي والتي تقود وتؤدي الى إحداث انتكاسة في العقار وقد تتسب في ضرب سمعته في السوق، والنتيجة خسارة ثقة الزبائن".

إحجام البنوك عن تمويل التطوير العقاري

وربط أبو عين انتكاسة بعض المطورين بإحجام البنوك عن تمويل التطوير العقاري، وقال: "في ظرف الكورونا أوقفت معظم البنوك بنود التمويل للقطاعين العقاري والسياحي، إضافة الى إحجام معظم الموردين والشركات عن تقبلهم الشيكات البنكية المؤجلة ويطالبون بالدفع النقدي، وبالتالي اختلفت عملة التداول وطريقتها والتدفق النقدي في التداول ما تسبب في إهتزاز بعض المطورين، فنحن في نظام مخلخل ناتج عن الإنكماش الاقتصادي وتراجع الدخل العام للدولة وتراجعت ايرادات كل القطاعات، ما تسبب في تراجع بعض المطورين الى الوراء وبعضهم الآخر سيختفي من السوق وفقًا لامكانياتهم المالية ومقدرتهم على الصمود في هذه الأزمة".

ضعف الجودة 

وحول عدم مطابقة بعض المشاريع العقارية للمواصفات والجودة المطلوبة قال أبو عين: "إن ظهور عدم مطابقة بعض المشاريع الإسكانية والعقارية للمواصفات والجودة المطلوبة لدرجة عدم أهليتها للسكن، فهذا ناجم عن وجود فراغ ناتج عن عدم تنظيم القطاع، ونتطلع أن يأخذ اتحاد المطورين دوره كنقابة قطاعية في مرحلة لاحقة، فلا يجوز لمطوّر أن يطوّر ويعمل في القطاع دون أن يكون عضوًا في الاتحاد الذي عليه أن يضع المقاييس المناسبة، وبالتالي يضمن أن تتم عملية التطوير العقاري ضمن أسس عالمية وصحيحة".

ويأسف أبو عين لعدم مقدرة الاتحاد لغاية الآن على الحصول على التراخيص الكافية من المؤسسات ذات العلاقة تؤهله القيام بدوره ومهامه وتمكّنه من ضبط وتنظيم القطاع العقاري ضمن اشتراطات وأسس معينة تخرجه من حالة العشوائية، "فأيًا كان ممن يملكون قطعة أرض اليوم لهم الحق في تطويرها دون أن تكون عليهم مرجعية أو جهة تدقيق رقابية، وبالنتيجة يدفع المواطن الثمن جراء تعرضه للخداع بالسعر من بعض المطورين الذين يقدمون له عقار بجودة وخدمة أقل دون رقيب أو حسيب".

وقال أبو عين: "همنا اليوم أن يصبح الاتحاد المنظم الرئيسي لعملية التطوير العقاري، بما يضمن حق المطوّر ومشاكله مع المؤسسات ذات العلاقة ويضمن ايضا عدم تعريض المواطن والزبائن للخديعة والمشاكل. وهذا يحتاج الى سن القوانين والتشريعات التي تساعد الاتحاد على أن يكون متصدرًا الدفاع عن هم المواطن والمطوّر على حد سواء وحمايتهم".