غزة: ملوحة المياه وقسوة الطقس تقتل زراعة التفاح

تاريخ النشر
غزة: ملوحة المياه وقسوة الطقس تقتل زراعة التفاح
مزارع يقطف ثمار التفاح في غزة-تصوير وكالات

 غزة-الأيام-عيسى سعد الله-توشك زراعة التفاح في قطاع غزة على خسارة معركة البقاء؛ بسبب العوامل البيئية والجوية التي أدت إلى خفض المساحات المزروعة بشكل كبير ودراماتيكي، خلال السنوات الخمس الأخيرة.
ولم تنجح محاولات عدة لإعادة الاعتبار لهذا المحصول من خلال زراعة مساحات كبيرة منه في منطقة المحررات جنوب غربي قطاع غزة، بعد انسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة في نهاية صيف العام 2005، حيث بات المحصول قاب قوسين أو أدنى من خسارة آخر معاقله بين المحاصيل الزراعية الأخرى، بعد أن وصلت المساحات المزروعة حالياً إلى أقل من 450 دونماً، بعد أن كانت أكثر من ألفي دونم قبل العام 2000 ونحو ألف دونم حتى العام 2012.
وقال مدير دائرة البستنة في وزارة الزراعة بغزة، فضل الجدبة: إن انحدار وتقلص المساحات المزروعة بالتفاح في القطاع بدأ بوتيرة سريعة خلال السنوات الست الأخيرة، تحديداً بعد العام 2014 لأسباب متعددة، أبرزها العوامل الطبيعية والبيئية وملوحة المياه.
وأضاف الجدبة لصحيفة "الأيام" المحلية: إن مؤشرات زراعة المحصول خلال السنوات الأخيرة غير مشجعة على الإطلاق، وتتطلب المزيد من الجهد والعمل من أجل إعادة الاعتبار له، خصوصاً بعد أن انخفض إجمالي المساحة إلى أقل من 450 دونماً العام الحالي مقارنة مع نحو ألف دونم قبل سبع سنوات فقط.

زراعة غير مجدية اقتصادياً
وأوضح الجدبة أن جلّ زراعة التفاح الآن تتركز في محافظة شمال غزة، والتي بدأت مياهها تفقد جزءاً كبيراً من عذوبتها التي يحتاجها المحصول.
من جانبه، قال الخبير الزراعي مجدي دبور: إن زراعة التفاح في القطاع لم تكن مجدية منذ زمن طويل؛ كونها تحتاج إلى أجواء باردة تصل إلى 2500 ساعة برودة في الموسم، في وقت أن الحد الأعلى لساعات البرودة الموسمية في القطاع لا يتجاوز 1500 ساعة، ما أثر على زراعة المحصول بشكل عام وإمكانية إدخال أنواع وأصناف أخرى مشهورة بمذاقها وغزارة ثمارها، بالإضافة إلى عدم ملاءمة التربة المالحة.
وأضاف دبور لـ"الأيام": إن عوامل أخرى أدت إلى قرب اندثار وانقراض هذه الزراعة، وهي جدواها الاقتصادية المتواضعة، وحاجتها إلى الرعاية الدائمة، وانتشار الآفات الزراعية، واقتصار زراعتها على صنف واحد فقط.
أما الخبير الزراعي نزار الوحيدي، فيرى أن أسباباً كثيرة أدت إلى تلاشي المحصول، ومن أهمها ضعف إنتاج الوحدة الزراعية منه والتي تصل إلى أقل من طن واحد للدونم الواحد، بينما يصل في المتوسط في باقي دول العالم إلى نحو ثلاثة أطنان.
وقال الوحيدي لـ"الأيام": إن زراعة التفاح في القطاع بدأت تعاني منذ فترة طويلة؛ بعد أن فقدت أهم أعمدتها وهو التفاح اللهواني الذي يزرع في بيت لاهيا شمال غزة، والذي انقرض بشكل شبه تام منذ سنوات طويلة، ولم يعد منه إلا ثلاث أو خمس شجرات فقط.

التفاح اللهواني
وأضاف الوحيدي: إنه على الرغم من استعاضة المزارعين عن التفاح اللهواني بزراعة نوع "أنا" المعدل، إلا أنه لم يحقق النتائج المرجوة على صعيد جودة وغزارة الإنتاج ومنافسة المنتج المستورد، ما أدى إلى تراجع اهتمام المزارعين به لضعف جدواه الاقتصادية.
وعن أسباب انقراض التفاح اللهواني، رغم ما كان يتمتع به من شهرة وإقبال طاغ بصفوف المواطنين في الماضي، قال الوحيدي: إن تشبع التربة بالرطوبة أدى إلى موت معظم الأصناف في البداية؛ بسبب اختناق الجذور وعدم تحملها لنسبة الرطوبة المرتفعة، إضافة إلى تحول المزارعين إلى محاصيل أخرى بسبب تدني العائد المادي.
وأكد الوحيدي على أهمية إعادة إنتاج هذا النوع من التفاح الذي يزرع في مدينة بيت لاهيا؛ لأنه صنف تراثي ومحلي، خصوصاً أن الزراعة عالمياً تتجه الآن للعودة إلى الأساسات الوراثية للمحاصيل للمناطق في العالم، إلا أنه شدد على صعوبة إعادة الاعتبار لهذا المحصول؛ سيما مع استمرار تدهور جودة المياه والتربة التي لم تعد صالحة لزراعة الكثير من المحاصيل والمزروعات ومن بينها التفاح.
ويشترط الوحيدي لتحقيق اختراق على صعيد النجاح في زراعة هذا المحصول اهتمام وزارة الزراعة به من خلال إنشاء بنك البذور الوطني، وإدخال أصناف جديدة وتوزيعها على المزارعين ومتابعتها.