جنيف-أخبار المال والأعمال-حذّر التقرير السنوي الذي يصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) حول الاقتصاد الفلسطيني، من أن الضم الرسمي للمستوطنات من قبل قوة الاحتلال الإسرائيلي في حالة استمراره سیوجه ضربة قاضیة لإمكانیة حل الدولتین ویقوض آفاق السلام في المنطقة.
وأشار التقرير الذي قدمه، اليوم الثلاثاء، أمين عام (أونكتاد) موخيسا كيتوي، إلى أنه "في عام 2019 ومطلع عام 2020 قامت قوة الاحتلال بتسریع وتیرة بناء المستوطنات رغم أنھا غیر قانونیة بموجب القانون الدولي، وبھدف إفساح المجال للتوسع الاستیطاني یجعل نظام التخطیط العمراني الإسرائیلي من المستحیل تقریبًا على الفلسطینیین الحصول على تصاریح للبناء في أراضیھم لأي غرض وبالتالي یجبر الفلسطینیون على البناء دون تراخیص مما یعرضھم لخطر الھدم العقابي لمبانیھم وعلى نفقتھم الخاصة".
وأضاف التقرير: "بحلول نھایة عام 2018 كان هناك 150 مستوطنة و128 بؤرة استیطانیة في الضفة الغربیة وذلك على الرغم من أن المستوطنات وفقا لقراري مجلس الأمن 2334 و476 تشكل انتھاكًا صارخًا للقانون الدولي. وفي عام 2019 ھدمت إسرائیل أو استولت على 622 مبنى فلسطینیا في الضفة الغربیة، بما في ذلك 127 مبنى مخصصًا للمساعدات الإنسانیة".
وأكد كیتوي عدم وجود بدیل عن دعم المانحین لضمان صمود الاقتصاد الفلسطیني، داعیًا المجتمع الدولي إلى مضاعفة دعمه للشعب الفلسطیني "بشكل عاجل" لتمكینه من التعامل مع التداعیات الاقتصادیة لجائحة فیروس كورونا.
وتوقع (أونكتاد) أن ینخفض دعم المانحین في عام 2020 إلى حوالي 266 ملیون دولار وھو أدنى مستوى له منذ أكثر من عشرة سنوات.
وركّز التقرير في جزء كبیر منه على تأثیر الجائحة على اقتصاد الأراضي الفلسطینیة المحتلة، والذي وصفه بـ "المنھك" ما فاقم من الأوضاع الاقتصادیة المتردیة والتي كانت تزداد سوءا حتى قبل انتشار الفیروس.
ولفت التقریر الى أن الجائحة انطلقت في ظل أوضاع صعبة وغیر مسبوقة تعاني منھا الأراضي الفلسطینیة المحتلة "بل إن توقعات آفاق مستقبل الاقتصاد الفلسطیني لعامي 2020 و2021 كانت قاتمة قبل اندلاع الجائحة". كما أشار الى أن معدلات الفقر والبطالة المرتفعة في عام 2019 والنصف الأول من 2020 قد استمرت وانخفض نصیب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للعام الثالث على التوالي مع استمرار التراجع العام للاقتصاد.
وأوضح التقریر أن القیود التي یفرضھا الاحتلال وتسرب الموارد المالیة الفلسطینیة لا یزالان یقوضان الاقتصاد لاسیما وأن (اونكتاد) سبق وأن قدرت ان تسرب الإیرادات الضریبیة الفلسطینیة سنویًا إلى الخزانة الإسرائیلیة یصل الى 3.7% من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطیني أو 17.8% من إجمالي الإیرادات الضریبیة للسلطة الوطنیة الفلسطینیة.
وتابع التقرير: "بالإضافة إلى ذلك بدأت سلطة الاحتلال الإسرائیلي اعتبارا من شھر آذار الماضي باستقطاع سنوي جدید قدره 144 ملیون دولار من إیرادات المقاصة الجمركیة الفلسطینیة، وذلك بما یعادل المبالغ التي تدفعھا السلطة الوطنیة الفلسطینیة لأسر الشھداء والأسرى في السجون الإسرائیلیة".
وأكد ان تلك المواجھة المالیة قد أثّرت بشدة على الاقتصاد الفلسطیني وأدت إلى تقیید نمو الناتج المحلي الإجمالي.
وفي سياق متصل، بين التقرير أن "معدل البطالة ظل على مستواه الكسادي حیث ارتفع من 31% في عام 2018 إلى 33% في عام 2019 بینما ارتفعت نسبة الفقر من 25.8% إلى 29.2% بین عامي 2011 و2017 وازدادت استفحالا منذ ذلك الحین".
وفي قطاع غزة، أشار التقریر إلى أن 80% من سكانه یعتمدون على المساعدات الدولیة ویفتقرون إلى الأمن الغذائي وموارد الصحة العامة والرعایة الصحیة والكھرباء ومیاه الشرب الآمنة، موضحًا أن إجراءات الإغلاق من أجل السیطرة على الجائحة منذ ظھورها في الأرض الفلسطینیة المحتلة في أوائل آذار الماضي من هذا العام خلّفت "آثارا مالیة خطیرة".
وأضاف: "علاوةً على ذلك یعتمد الاقتصاد الفلسطیني بشكل كبیر على التحویلات الرسمیة والخاصة ومن المتوقع أن یتراجع كلاهما في أعقاب الجائحة".
وتشیر مختلف التقدیرات المتعلقة بتكلفة الجائحة إلى خسارة اقتصادیة في حدود 7% إلى 35% من الناتج المحلي الإجمالي اعتمادا على افتراضات بشأن شدة الجائحة ومدة دوامھا. ومن المتوقع أن تنخفض إیرادات المالیة العامة بالتوازي مع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي، وبسبب الاحتلال تفتقر السلطة الوطنیة الفلسطینیة إلى حیز السیاسات وأدوات السیاسة الاقتصادیة للتعامل مع التحدي الھائل الذي تفرضه الجائحة كونها لا تملك إمكانیة الوصول إلى مصادر الاقتراض الخارجي ولیس لھا عملة وطنیة ولا إمكانیات سیاسة نقدیة مستقلة ولا حیز مالي متاح.
وسلط التقریر الضوء على محنة نساء فلسطین تحت الاحتلال حیث أن إجراءات الاحتلال تؤثر على المجموعات الدیموغرافیة والإقلیمیة بدرجات متفاوتة، حیث تعاني النساء والشباب وقطاع غزة بصورة أكبر من جراء تلك الإجراءات.
ولفت إلى أنه في ظل الاحتلال تضاءل القطاع الزراعي مع استمرار فقدان الأرض والمیاه وانخفضت حصته من الناتج المحلي الإجمالي من 35% في عام 1972 إلى 4% في السنوات الأخیرة. ودفعت المرأة الفلسطینیة ثمنًا باهظا لذلك، حیث أدى تدهور القطاع الزراعي إلى حرمانھا من فرص العمل في هذا المجال ولم تتبلور بدائل في حقبة ما بعد الاحتلال. وعلاوة على ذلك تتأثر النساء ایضا بشكل مختلف بممارسات الاحتلال الأخرى مثل هدم المنازل والحواجز والعقبات التي تعترض التنقل، ما یحد من مشاركتھن في التعلیم وسوق العمل.