رام الله-أخبار المال والأعمال- أعلن اتحاد جمعيات رجال الأعمال الفلسطينيين، يوم الأربعاء، عن رؤيته حول سبل رسم خطة إنعاش وخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية التي تواجهها فلسطين في ظل تأثيرات جائحة كورونا، وإعلان حكومة الاحتلال نيتها ضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقده في رام الله تحدث خلاله رئيس الاتحاد أسامة عمرو، ورئيس اللجنتين الإعلامية زياد عنبتاوي، والاقتصادية محمد العامور.
ودعا المتحدثون إلى فتح حوار وطني شامل بين كل ذوي العلاقة بالاقتصاد الفلسطيني بمشاركة حقيقية واسعة من القطاع الخاص الفلسطيني لبحث سبل مواجهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الحالية والمستقبلية.
وقال عمرو، إن الاتحاد الذي يضم بعضويته كبريات الشركات الفلسطينية والتي تشكّل أكثر من 25% من القوى العاملة الفلسطينية، يقوم بدوره الوطني بالمساهمة في تحليل الوضع الاقتصادي الحالي بسبب الحصار المفروض على القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني والمحاولات الأمريكية_ الإسرائيلية التي تسعى للنيل من صمودنا وحقوقنا الوطنية المشروعة.
وأضاف: إن الاتحاد قام بتشكيل فريق اقتصادي من أجل معرفة الأرقام التي أحدثتها الأزمة الاقتصادية، لاستخدامها بصورة علمية، بهدف حماية المشروع الوطني الفلسطيني وتقديم الرؤية المناسبة لأصحاب القرار لاتخاذ ما يرونه مناسبا لمعالجة الأزمة.
وتابع "اقترحنا عمل شركات إدارة وتسليف كحل سريع وفوري لمن لا يملك المال، لاستثمار العديد منها وادارتها، بهدف تشجيع الاستثمار وتشغيل أيدٍ عاملة وتخفيف الواردات من إسرائيل، وبالتالي تحسين الوضع الاقتصادي في فلسطين".
من جانبه، قال عنتباوي، إنه على الرغم من الجهود المتنوعة التي بذلتها الحكومات الفلسطينية والحكومة الحالية والجهات المانحة والقطاع الخاص الفلسطيني، إلا أنها لم تكن كافية لإيقاف التدهور الاقتصادي وأثره الاجتماعي.
وأضاف، إن هذه المبادرة جاءت لملامسة هموم وتطلعات الحكومة وقطاع الاعمال وأبناء شعبنا، في رسم السياسات الاقتصادية، ومشاركتها مع القطاع العام للوصول إلى حلول ومقترحات هادفة للخروج من الأزمة لتفادي انهيار الاقتصاد الوطني وانقاذه.
من ناحيته قال العامور، إن القطاع الاقتصادي الخاص يتميز عن أي قطاع خاص في العالم، ليس فقط بالربح والخسارة فقط، بل بتثبيت صمود المواطنين على الارض.
واستعرض العامور جملة التحديات والمشاكل التي احدثتها الأزمة الاقتصادية في فلسطين، حيث شكلت المشاكل المرتبطة بالاحتلال جزء اساسيا ترافقت مع جائحة كورونا وتفاقم البطالة وفقدان العديد من العمال وظائفهم وعدم نجاعة تنفيذ العديد من القوانين الاقتصادية، بالإضافة إلى تآكل القدرة الشرائية وانخفاض الايرادات، والتأخر في تسديد الالتزامات، وحدوث معيقات بالإغلاق اوقفت العجلة الاقتصادية وأبطأت العمل الحكومي بشكل عام.
وأوصى المؤتمر في النهاية، دعم التنمية الاقتصادية، المطالبة بإطلاق حوار وطني شامل يشارك فيه القطاع الخاص بشكل فعلي دوري ومتواصل كجزء أصيل من مكونات شعبنا، وتوفير المناخ الاستثماري الايجابي للقطاع الخاص، وأهمية خلق فرص عمل مستدامة لأبناء شعبنا.
وفيما يلي نص البيان الصادر عن الاتحاد: رؤية إتحاد جمعيات رجال الأعمال الفلسطينيين حول سبل الخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية
يعلن إتحاد جمعيات رجال الأعمال الفلسطينيين عن إطلاق مبادرة رؤية حول سبل رسم خطة إنعاش والخروج من الأزمة الإقتصادية والمالية التي تواجهها فلسطين في ظل تأثيرات جائحة كورونا على مختلف نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية في فلسطين والعالم أجمع، وفي ظل إنسداد الأفق السياسي، وتعاظم الإستيطان وإعلان الحكومة الإسرائيلية عن نيتها بضم حوالي 30% من أراضي الضفة الغربية، وتراجع الدعم والإهتمام العربي والدولي بالقضية الفلسطينية، وإستمرار الإنقسام الفلسطيني. تبدو هذه الأزمة غير مسبوقة منذ الإحتلال الإسرائيلي عام 1967. لذلك يدعو إتحاد جمعيات رجال الأعمال الفلسطينيين الى حوار وطني شامل بين كل ذوي العلاقة بالإقتصاد الفلسطيني بمشاركة حقيقية واسعة من القطاع الخاص الفلسطيني لبحث سبل مواجهة الأزمة الإقتصادية والإجتماعية الحالية والمستقبلية.
على الرغم من الجهود المتنوعة التي بذلتها الحكومات الفلسطينية المتعاقبة والحكومة الحالية، والجهات المانحة، والقطاع الخاص الفلسطيني، إلا أنها لم تكن كافية، وتكاد تكون عاجزة عن إيقاف التدهور الإقتصادي وأثره الإجتماعي كما يظهر بالمؤشرات الإقتصادية الرئيسية، وخاصة خلال السنوات الثلاث الماضية. وبالتالي فإن إحدى خصائص هذه الأزمة هي طابعها التراكمي.
وجاءت هذه المبادرة لملامسة هموم وتطلعات الحكومة وقطاع الأعمال في فلسطين وأبناء شعبنا العظيم وتماشيًا مع دور إتحاد جمعيات رجال الأعمال الفلسطينيين الهام في رسم السياسات الإقتصادية ومشاركتها مع القطاع العام للوصول الى حلول ومقترحات هادفة للخروج من هذه الأزمة الخطيرة المتفاقمة، وإنسجامًا مع تعاظم التحديات التي تواجه القطاع الخاص بشكل خاص والقطاع العام فكان لا بد من وضع رؤية شاملة قابلة للتنفيذ على أرض الواقع لإنقاذ الاقتصاد الوطني وتفادي إنهياره.
ملخص التحديات والمشاكل والعقبات
نهجت الدراسة الى تحليل الواقع الإقتصادي في فلسطين وحصر المشاكل والمعيقات ودراسة الخيارات والبدائل والتدخلات المطلوبة، حيث شكّلت المشاكل المرتبطة بالاحتلال على المستويين السياسي والإقتصادي جزءا أصيلا في تفاقم الأزمة الأقتصادية، ترافقت مع تأثيرات جائحة كورونا وتبعاتها الإقتصادية ووقف التنسيق الأمني والمدني، وتجلت الأزمة بالعديد من المظاهر كان أبرزها (تفاقم البطالة وفقدان العديد من العمال وظائفهم، ونقص التحويلات المالية الخارجية، وتعمق الأثر التراكمي للإداء السلبي للإقتصاد الفلسطيني في السنوات الماضية، وتآكل القدرة الشرائية لدى الفرد الفلسطيني، وزيادة النفقات العامة، وانخفاض الايرادت العامة، وزيادة في العجز وصافي الإقتراض).
وبرز في الدراسة التأثر البالغ لمختلف القطاعات الإقتصادية جراء هذه الأزمة والتي تمحورت في بطئ دوران العجلة الإقتصادية نتيجة للإنخفاض الشديد في تدفق السيولة النقدية والتأخر في تسديد التزامات الحكومة تجاه الموردين وموظفي القطاع العام وضعف وبطئ التدابير التي إتخذتها سلطة النقد لتوفير وضخ السيولة النقدية الكافية وتوفير تسهيلات مصرفية للقطاعات الإقتصادية، وعدم وجود تسهيلات حكومية للقطاعات الإقتصادية من حيث الإعفاءات والضمانات وعدم نجاعة الإجراءات والتدابير في حل المشاكل والعقبات التي يعاني منها القطاع الخاص لدى الدوائر الضريبية.
كذلك أدت الأزمة الى حدوث معيقات إجرائية ولوجستية، تمثلت في سياسة الإغلاق وتقييد الحركة بفعل الإجراءات والتدابير الوقائية لمواجهة الجائحة تسببت في وقف العجلة الإقتصادية وطالت حركة الإستيراد والتصدير، إضافة الى بطئ العمل الحكومي بشكل عام وبما يتعلق بإصدار الأذونات والشهادات اللازمة، وتفاقم مشكلات الحصول وإعتماد المقاصة مع الجانب الإسرائيلي.
وشكّل توقف العمل في معظم القطاعات الإقتصادية وأهمها السياحة والنقل والفنادق والمطاعم لفترات طويلة سببا رئيسيا في تفاقم الأزمة، وضعف وجود الإطار القانوني والسياساتي والآليات الناظمة للعمل الإقتصادي وعدم نجاعة وانتظام التنفيذ للعديد من القوانين والأنظمة وخاصة لعدم إشراك القطاع الخاص بشراكة حقيقية ذات وزن بالقرار الإقتصادي سواءاً فيما يتعلق التشريعات الاقتصادية والسياسات المالية والنقدية والتدابير الوقائية لتفشي الوباء، أو في مستويات أخرى كتطوير الموازنة، أو تشكيل مجالس قطاعية للزراعة والتجارة والصناعة والصحة والسياحة وغيرها.
ملخص توصيات الدراسة
وخلصت الدراسة الى توصيات عديده قريبة الأمد وبعيدة الأمد، لكافة الجهات المعنية، وكان أهمها المطالبة بإطلاق حوارا وطنيا شاملا يشارك فيه القطاع الخاص بشكل فعلي دوري ومتواصل كجزء أصيل من مكونات الشعب الفلسطيني، لينتج عنه فكر إقتصادي جديد يتم خلاه التركيز على الحد من الفقر والبطالة والهجرة، ودعم التنمية الاقتصادية، وتوفير المناخ الاستثماري الايجابي للقطاع الخاص. وكذلك أهمية خلق فرص عمل مستدامة لأبناء شعبنا في الاقتصاد الفلسطيني الذي يشكل الإستراتيجية الأساس للنهوض بمقومات الإقتصاد و للحد من الفقر والهجرة.
وتركزت محاور توصيات الدراسة أيضا على السياسات الداعمة للنشاط الإقتصادي التي تمثلت في مضمونها على تنظيم وضبط السوق المحلي الفلسطيني بكافة مكوناته بشكل حقيقي وملموس، وتشجيع الصادرات الفلسطينية من صناعة وزراعة وخدمات، ورفع الحكومة لمخصصات الموازنة للقطاعات الإقتصادية، والمحافظة على ما هو موجود من زراعات محلية وتصنيع زراعي وتطويرها وتنميتها، والعمل على تطوير وتشجيع العلاقة الاقتصادية بين جوانب القطاع الخاص الفلسطيني في شطري الوطن – الضفة الغربية وقطاع غزة، وتطوير آلية جديدة تضمن تحصيل الحقوق الفلسطينية من الجانب الإسرائيلي بما فيها الضريبية منها، وغير الضريبية، كذلك يمكن العمل على إستحداث برامج للإستثمار في قطاعات البنية التحتية والطاقة المتجددة وتلك التي توفر خدمات ملموسة للمواطنين.
أما فيما يتعلق بعائدات خزينة الدولة فيمكن زيادتها من خلال التركيز على التنمية الاقتصادية المحفزة وتحسين الجباية الضربية أفقيا بدلا من التركيز على نمو العائدات الضريبية عموديا، وتخفيض الإنفاق بإعادة هيكلة العناصر المسببة لإرتفاع النفقات، كل ذلك من شأنه أن يحقق حلا ناجعا لسد العجز في الخزينة.
بالإضافة الى ضرورة تشجيع القطاع المصرفي على ضمان الإستقرار البنكي وتحفيزه للمشاركة الفاعلة في خطط الخروج من الأزمة الإقتصادية من خلال ضخ أكبر للسيولة النقدية واعادة تدويرها في السوق الفلسطيني، وتوجيه السياسات التمويلية نحو القطاعات الإقتصادية وخاصة التنموية منها (الصناعية والزراعية)، ووضع سياسات تحد من تمويل الأفراد الاستهلاكي. وتقليص وضبط الفوائد والعمولات ونسبة استثمارات البنوك في خارج فلسطين وتوجيهها نحو توفير سيولة لتمويل القطاعات الاقتصادية داخل فلسطين، وتمويل مؤقت للحكومة لحين خروجها من الأزمة الأقتصادية.
وأوصت الدراسة أيضًا على ضرورة العمل على وضع برنامج محدد للتقشف وترشيد الإنفاق الحكومي من خلال برامج إصلاحية حقيقية محددة وشفافة، تهدف الى ضبط الإنفاق العام، الذي من شأنه أن يضمن اعادة توجيه النفقات نحو القطاعات الإقتصادية وأهمها قطاعات الصحة والقطاعات الإنتاجية الأخرى. وكذلك العمل على تطوير أداء الدوائر الحكومية ذات الصلة، بما يؤمن اجتثاث البيروقراطية والحفاظ على علاقة مهنية متينة بين القطاعين العام والخاص.
هذا ونتيجة لتعاون إتحاد جمعيات رجال الأعمال مع كافة الشركاء في القطاعات الإقتصادية المختلفة وأبرزها قطاع الصناعة، الصحة، التجارة، السياحة والزراعة لبلورة هذه الدراسة عقدت العديد من الإجتماعات والمباحثات، نتجت عنها توصيات إضافية قيمة تم إرفاقها في الدراسة.
ختامًا فإن الحكومة الفلسطينية مدعوة بتفعيل الشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص واتخاذ كل ما يلزم من قرارات والتزامات ملموسة وخطط اقتصادية تناسب كل المتغيرات الإقتصادية والسياسية، لحل المشاكل والمعيقات وتحقيق إنجازات عملية على أرض الواقع تنعكس اثرها على المدى القريب والبعيد.