’صراخ من خلف الكمامات’...هكذا انفض الاجتماع بين وزارة العمل والقطاع الخاص ونقابات العمال

تاريخ النشر
’صراخ من خلف الكمامات’...هكذا انفض الاجتماع بين وزارة العمل والقطاع الخاص ونقابات العمال
هكذا وقّع الأطراف الثلاثة على الاتفاق الأول، فهل سيتم التوقيع على الاتفاق الثاني قريبا؟

رام الله-أخبار المال والأعمال- لم تتوصل وزارة العمل والمجلس التنسيقي للقطاع الخاص واتحاد نقابات العمال، حتى الآن، إلى صيغة لتجديد الاتفاق بين الأطراف الثلاثة، فيما يتعلق بدفع أجور العمال والموظفين عن شهري أيار وحزيران، وذلك بعد انتهاء الاتفاق الأول الذي وقّع في 16 آذار الماضي وألزم القطاع الخاص بدفع أجور مستخدميه عن شهري آذار ونيسان بنسبة 50% من الأجر، بما لا يقل عن 1000 شيقل، على أن يدفع باقي المبلغ المتبقي بعد أزمة جائحة كورونا.

ووجّه المجلس التنسيقي للقطاع الخاص رسالة إلى وزير العمل نصري أبو جيش يرفض فيها مقترحا يتضمن دفع رواتب شهري أيار وحزيران للعاملين بنفس الآلية التي دفعت فيها رواتب شهري آذار ونيسان السابقين، واصفا الاتفاق بـ "غير المتوازن".
وشدّد المجلس في رسالته على أنّ أي اتفاق أو تفاهم جديد يجب أن يتضمن عدة أمور من بينها أن تقوم المنشآت في القطاعات العاملة بدوام كامل بدفع أجور ورواتب العاملين فيها بشكل طبيعي وكامل كالمعتاد، وأن تقوم المنشآت في القطاعات العاملة بنظام الدوام الجزئي بدفع أجور ورواتب موظفيها جزئيا وبنسبة تعادل نسبة دوام تلك المنشآت. أما فيما يتعلق بالمنشآت المغلقة من القطاعات غير المسموح لها بممارسة أعمالها بسبب حالة الطوارئ ولا تستطيع دفع رواتب وأجور العاملين لديها بسبب هذا الإغلاق، فيجب على الحكومة الاضطلاع بمسؤولياتها وتفعيل المادة السادسة من الاتفاق الأول وتعويض تلك المنشآت عن الضرر الواقع عليها ودفع نسبة من أجور ورواتب العاملين في تلك المنشآت بحد أدنى 1450 شيقل وهو الحد الأدنى للأجور.

وكان الاتفاق الأول قد أشار إلى أن "العمل جار على إنشاء صندوق طوارئ لمعالجة الآثار الناتجة عن الأزمة، بما يشمل تعويض صاحب العمل والعمال في المنشآت التي انهار مركزها المالي"، الأمر الذي لم يتحقق بصورة كاملة حتى اللحظة.

وأعلنت الحكومة الفلسطينية عن تقديم مساعدات لـ30 ألف عامل ممن فقدوا عملهم وتضرروا جراء الأزمة، من العاملين في السوق المحلي.

وقال المجلس التنسيقي للقطاع الخاص في رسالته الرافضة للمقترح الجديد إنه "في الوضع الراهن وبعد انتهاء فترة سريان الاتفاق الأول فإن للمنشآت الاقتصادية الحق في تطبيق أحكام قانون العمل تجاه العاملين بما يحفظ استمرار المشروع الاقتصادي بالحد الأدنى والتغلب على حالة التعثر التي يمر بها".
وشدد على انه للمنشآت المغلقة التي لا تستطيع دفع أجور العاملين فيها، الحق في تنظيم وإبرام اتفاق ثنائي بالتراضي بين إدارة المنشأة والعاملين، تنظم العلاقة بين صاحب العمل والعمال على أن يتم إعلام وزارة العمل بهذا الاتفاق.
وأكد المجلس التنسيقي في رسالته حرصه على استمرارية العملية الاقتصادية وصون حقوق كل من أصحاب العمل والعمال على حدّ سواء.

وانتهى اجتماع بين الأطراف الثلاث، الحكومة والقطاع الخاص ونقابات العمال، عقد في وزارة العمل في رام الله، دون التوصل لأي اتفاق.

وقال مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الانسان عمار دويك، والذي دعي للاجتماع كمراقبين على الاتفاق الجديد، إن "الاجتماع انتهى قبل أن يبدأ، وبطريقة أقرب إلى المهزلة".

وأضاف: "كنت اتوقع أن يقوم ممثلو القطاع الخاص بقلب الطاولة وإنهاء الاجتماع احتجاجا على ما ورد في الاتفاق من بنود قد يجدونها مجحفة بحقهم، لكن للأسف انتهى الاجتماع قبل ان يبدأ، وبطريقة أقرب الى المهزلة، حيث اندلع عراك لفظي شديد بين من يفترض فيهم أن يكونوا ممثلي العمال، وحدثت جلبة كبيرة في القاعة اضطر الوزير على إثرها لانهاء الاجتماع وتأجيله".

وتابع: "الطوشة التي حصلت اليوم في الاجتماع تشير الى عمق أزمة التمثيل داخل قطاعات العمال، وهو ما يتطلب ان تكون أولويات المرحلة القادمة النضال من أجل دمقرطة الاتحادات والأجسام التمثيلية والنقابية، وضرورة أقرار قانون التنظيم النقابي".
وأوضح: "بالنسبة لمسودة الاتفاق، فإن فيها بنوداً جيدة لصالح العمال وايضا عدد من البنود قد يساعد أصحاب العمل خاصة في موضوع السماح بالعمل الجزئي وبالتالي دفع راتب جزئي للعاملين، لكن المشكلة الأساسية في الاتفاق، كما كانت في الاتفاق الذي سبق، هو غياب دور واضح للدولة في تحمل المسؤولية عن الخسارة الكبيرة التي لحقت بقطاعات واسعة من الاقتصاد الفلسطيني، وبالتالي هناك شكوك في القدرة على إنفاذ هذا الاتفاق في بعض القطاعات، خاصة مع عدم وضوح الدرجة الإلزامية له في ظل غياب تدخلات تشريعية لانقاذ بعض احكام قانون العمل ومنع نزاعات عمالية قد تغرق القضاء في المستقبل القريب".

وأشار إلى أن المشكلة هي أن الاقتصاد الفلسطيني أغلبه قطاع غير منظم وقوامه منشآت صغيرة ومتناهية الصغر (90% من المنشآت تشغل أقل من 4 عمال)، ودرجة الالتزام بقانون العمل وبالحد الأدنى للأجور ضعيفة حتى قبل أزمة كورونا. ومع ذلك، وجود اتفاق يترجم الى تدخلات تشريعية مؤقتة، ومصحوبة بدعم مالي واضح للقطاعات الأكثر تضررا قد يساعد في إنقاذ ما يمكن إنقاذه".

أحد ممثلي النقابات العمالية رد على دويك قائلا: "انتظرنا هذا الاجتماع بفارغ الصبر على أمل أن نعمل معا وسويا أطراف الإنتاج الثلاث ومنظمات المجتمع المدني للوصول إلى إتفاق يرضي الجميع لنكرّس مبدأ التضامن والتكافل ونعمل على حماية أبناء شعبنا وتقوية اقتصادنا الوطني للصمود أمام سياسات الإحتلال ووباء كورونا، ولكن ما جرى كان مؤسف لي وللجميع وعلينا العمل معا وسريعا من التغلب على المشاكل والوصول إلى إتفاق يحفظ حقوق الجميع".

وعلّق أحد المشاركين في الاجتماع، والذي شهد تلاسنا لفظيا شديدا بين عدد من المشاركين، إن "أكثر ما أعجبه بالطوشة، أن الجميع كان يرتدي كمامات وهو يصرخ".

ولم يصدر تعقيب رسمي من وزارة العمل حول نتائج الاجتماع حتى اللحظة.