رام الله-(شينخوا)- تعاني السلطة الفلسطينية من تراجع إيراداتها الحكومية والأنشطة التجارية، بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد والإعلان عن خطة الطوارئ في البلاد، مما يهدد ببروز أزمة مالية خانقة قريبة.
وعلى الرغم من صرف السلطة الفلسطينية رواتب موظفيها الحكوميين كاملة لشهر آذار/مارس، الا أن المسؤولين ألمحوا إلى أنها قد تعاني قريباً من القدرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه صرف الرواتب.
وأصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل أيام مرسوما بتمديد حالة الطوارئ لشهر آخر، ضمن الإجراءات الاحترازية لمواجهة خطر تفشي الفيروس في الأراضي الفلسطينية.
ويرى محللون وخبراء اقتصاديون فلسطينيون بأن السلطة قد تتخلف عن الإيفاء بالتزاماتها المالية المتعددة، من بينها دفع رواتب موظفيها في ظل عدم قدرتها على توفير السيولة المالية اللازمة لذلك.
وقال هؤلاء في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء شينخوا "من المهم توفير السيولة اللازمة للحكومة والشركات لتمكينها من الاستمرار بما تقوم لمواجهة الفيروس"، منوهين إلى أن المصادر الرئيسية لتوفيرها محدودة جدا حالياً.
وقال رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني محمد مصطفى: "إن الاقتصاد الفلسطيني يواجه معضلة أولوية توفير السيولة النقدية اللازمة، للحفاظ على الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي".
وذكر مصطفى في بيان أن الهدف الرئيسي هو العمل على إبقاء العاملين على رأس عملهم، بحيث تبقى الدولة قادرة على الوفاء بالتزاماتها نحو موظفي القطاع العام، وتبقى الشركات الخاصة قادرة على الاحتفاظ بعمالتها ودفع أجور موظفيها خلال فترة الأزمة إن أمكن.
وأشار إلى أن توفير السيولة اللازمة للحكومة والشركات لتمكينها من الاستمرار بما تقوم به يمثل التحدّي القادم، حيث المصادر الرئيسية المتوقعة والقادرة على توفير هذه السيولة على المدى القصير محدودة.
وأعلن مصطفى أن صندوق الاستثمار باشر بتحويل "جزء كبير" من أرباحه عن العام 2019 إلى خزينة الحكومة مقدما، لكنه لم يحدد المبلغ المحول.
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية أعلن قبل أسبوع أن حكومته ستعمل وفقا لموازنة طوارئ "متقشفة"، في ظل أزمة فيروس كورونا.
وقال اشتية خلال مؤتمر صحفي في رام الله، إن "إيرادات السلطة الفلسطينية ستنخفض إلى أكثر من 50 في المائة من الضرائب المحلية، كما أن المساعدات الدولية ستتراجع لأن العالم في أزمة ولذلك سنعمل في موازنة طوارئ متقشفة من خلال تخفيض المصاريف قدر الإمكان".
وأشار اشتية، إلى أن احتياجات فلسطين المالية لمواجهة الفيروس تقدر بـ 120 مليون دولار، لافتا إلى أن عجر الموازنة سيتضاعف وخسائر الاقتصاد الوطني ستكون كبيرة.
وتقدر فاتورة رواتب الموظفين العموميين في السلطة الفلسطينية بمبلغ 166 مليون دولار، يتم تغطية نحو 70 في المائة منها من الإيرادات المحلية والعائدات الضريبية التي تجمعها إسرائيل.
وتأتي أزمة فيروس كورونا في ظل انكماش غير مسبوق للاقتصاد الفلسطيني على صعيد النمو المتوقع، فضلا عن تدهور اقتصادي نتيجة تراجع مستوى المشاريع الدولية وتوقف المشاريع الممولة من الولايات المتحدة الأمريكية.
وسجل الاقتصاد الفلسطيني تباطؤاً حاداً في النمو للعام الثاني على التوالي خلال العام الماضي بواقع 0.7 في المائة، مقارنة مع تحقيقه نموا بنسبة 3 في المائة عام 2017.
ويرى خبير الاقتصاد من رام الله جعفر صدقة أن السلطة الفلسطينية قد تواجه تراجعاً في إيراداتها المحلية بنحو 70 في المائة مع توقف الأعمال والتراجع في الاستيراد والاستهلاك.
وقال صدقة لوكالة أنباء "شينخوا"، إن هذه المعطيات تهدد الخزينة العامة الفلسطينية بأزمة كبيرة، بالنظر إلى النفقات الطارئة لمواجهة أزمة كورونا، ما قد يجبر الحكومة على خفض للنفقات سيطال على الأرجح رواتب الموظفين في الأشهر القادمة.
وأشار إلى أن الحكومة لجأت إلى الاقتراض، بالتوجه إلى سلطة النقد (وهي بمثابة البنك المركزي الفلسطيني) بطلب استخدام الاحتياطي لديها، مقابل عمولة 2% أو لضمان قرض مجمع من البنوك".
ونوه إلى خفض الاحتياطي الالزامي للبنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية من 9% إلى 7% على الأكثر، لتوفير سيولة للبنوك، لإعادة ضخها في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وخصوصا الاكثر تضررا، بما في ذلك رفع سقف الائتمان للحكومة.
ومن الخيارات التي قد تلجأ إليها الحكومة الفلسطينية، طلب تحويلات عاجلة تحت الحساب من المستحقات الفلسطينية المحتجزة في إسرائيل، وتلك المترصدة منذ سنوات ضمن ملفات مختلف عليها وأقرت بها إسرائيل وترك تحديد حجمها للجان الفنية المشتركة بحسب صدقة.
وكانت الحكومة الفلسطينية أعلنت في 23 من الشهر الماضي أن إسرائيل حولت لها مبلغ 25 مليون دولار من عائدات الضرائب المحتجزة لدعمها في مكافحة تفشي فيروس كورونا.
وفي حينه صرح الناطق باسم الحكومة إبراهيم ملحم للصحفيين في رام الله، أن المبلغ المذكور جزء من أصل 300 مليون دولار تحتجزها إسرائيل من عائدات الضرائب التي تجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية.