رام الله-أطلقت سلطة النقد الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، استراتيجية قطاع الإقراض المتخصص في فلسطين (2019-2023)، وذلك في حفل أقيم في المسرح البلدي ببلدية رام الله، تحت رعاية رئيس الوزراء محمد اشتية، وبالتعاون مع مجموعة البنك الدولي والشبكة الفلسطينية للإقراض الصغير ومتناهي الصغر "شراكة"، وبحضور محافظ محافظة رام الله والبيرة ليلى غنام، ورئيس بلدية رام الله موسى حديد، وممثلو القطاع المالي المصرفي وغير المصرفي والغرف التجارية وخبراء اقتصاديون وأكاديميون وممثلو مؤسسات دولية.
وقال اشتية ان الاستراتيجية "تصب في عصب جهد الحكومة، وهي مهمة لأنها مبنية على تعزيز اقتصاد العائلة".
وأضاف: كلما كان الجهد موجها نحو الأدنى كلما كان مردوده الاقتصادي أفضل.
وحث اشتية مؤسسات الاقراض الصغير الى التكامل مع خطط الحكومة، التنمية بالعناقيد، والتي تأخذ بعين الاعتبار الميزة التنافسية لكل منطقة جغرافية.
وقال: "لدينا تسع مؤسسات للإقراض المتخصص. السوق قادرة على استيعاب أموال جديدة تصل الى 600 مليون دولار، بينما ما هو موجود أقل من ذلك. هذا القطاع بحاجة الى شراكات مع البنوك وحشد أموال جديدة سواء من الصناديق العربية او غيرها".
كما شدد اشتية على أهمية التركيز في التمويل على المشاريع الصغيرة، لافتا الى أن نحو 85% من المشاريع تشغل أقل من عشرة عمال، وهي بطبيعتها عائلية صغيرة.
وقال: "استراتيجية الحكومة مبنية على التنمية بالعناقيد، والتي تقوم بدورها على الميزة المقارنة لكل منطقة جغرافية. الاستراتيجية التي نحن بصدد اطلاقها اليوم تصب في صلب استراتيجية الحكومة، ونأمل ان تأخذ مؤسسات التمويل هذا بعين الاعتبار. هكذا يتكامل عملها مع عمل الحكومة".
واعتبر اشتية استراتيجية سلطة النقد في قطاع الاقراض الصغير "مهمة لجهة انها تخاطب الشرائح الفقيرة، وتعنى بنقل الانسان الفلسطيني من الاحتياج الى الانتاج".
وفي هذا السياق، اوضح اشتية ان هناك 110 آلاف أسرة، 70 ألفا في غزة و40 ألفا في الضفة، تتلقى مساعدات نقدية من الحكومة، "وهذا وضع غير طبيعي، واذا استطعنا نقل هذه الأسر من الاحتياج الى الانتاج فهذا يشكل قفزة نوعية".
كذلك، دعا اشتية مؤسسات التمويل الى توجيه تركيزها نحو الشباب، وخصوصا الخريجين، الذين يعانون من بطالة تزيد كثيرا عن المعدل العام، "وهذا الخلل سببه التشوه من الاحتلال للاقتصاد الفلسطيني، وانفتاح السوق الإسرائيلية على العمالة الفلسطينية، حيث يوجد 200 الف عامل فلسطيني في الاقتصاد الاسرائيلي.
وأكد رئيس الوزراء أهمية تمكين المرأة اقتصاديا، كشرط لتعزيز دورها سياسيا واجتماعيا، "لهذا ادعو مؤسسات الاقراض الى اعطاء اقراض المرأة جهدا حقيقيا، وخصوصا النساء العاملات في الاقتصاد الاسرائيلي اللواتي يتجاوز عددهن 5 آلاف امرأة، بمنحهن قروضا ميسرة لتمكينهن من انشاء مشاريع خاصة".
كما دعا اشتية الى تعميم تجربة الاغوار في نقل وتوطين التكنولوجيا في الزراعة، "والتي ضاعفت الانتاج بنسبة 800%، واعتقد ان التكنولوجيا مهمة في انجاح هذه الاستراتيجية".
وطالب اشتية مؤسسات الاقراض الصغير بالتكامل والابتعاد عن المنافسة، وخفض كلفة الاقراض، وتركيز القروض في المناطق المهمشة والقرى الصغيرة بهدف تعزيز اقتصاد المقاومة، والعمل على آلية لقياس اثر القروض، وتضمين عمل هذه المؤسسات برسالة اجتماعية.
وقال: الحكومة جاهزة لكل ما هو مطلوب منها لتطوير هذا القطاع.
وقال محافظ سلطة النقد عزام الشوا إن "إطلاق استراتيجية قطاع الإقراض المتخصص في فلسطين، جاء كخطوة إضافية في مسيرة تطور قطاع التمويل الأصغر وكبداية انطلاق مرحلة جديدة من مراحل نموه وازدهاره، وبما ينسجم ويتواءم مع توجيهات الرئيس محمود عباس والسياسات الحكومية بتعزيز صمود المواطنين وتحقيق العدالة والرفاه الاجتماعي".
وأضاف "إن قطاع التمويل الأصغر يعتبر رافعة أساسية ودعامة مركزية من دعائم الاستقرار المالي والاجتماعي، ولبنة أساسية في الاقتصاد الوطني الفلسطيني من خلال دوره التنموي والاجتماعي وذلك بالوصول للفئات المهمشة والأقل حظاً في المجتمع ومنحهم فرصة الاندماج بالقطاع المالي الرسمي وتزويدهم بالمنتجات والخدمات المالية الأساسية الضرورية لمشاركتهم الفاعلة في الدورة الاقتصادية"، منوهاً إلى دوره في تعزيز المكانة الاقتصادية للمرأة والشباب الرياديين.
وأوضح محافظ سلطة النقد أنه على الرغم من أن الاقتصاد الفلسطيني يواجه عددًا من التحديات، إلا أن قطاع التمويل الأصغر قد حقق معدلات نمو تجاوزت مرحلة النشأة، ومنذ عام 2010، زاد عدد العملاء النشطين لهذا القطاع بأكثر من الضعف، وشهد القطاع معدلات نمو بلغت في المتوسط حوالي 14% سنويًا، حيث يتم تقديم منتجات وخدمات التمويل الأصغر من خلال 9 شركات تخدم حوالي 83 ألف مقترض نشط، وتبلغ قيمة المحفظة القائمة حوالي 270 مليون دولار أمريكي.
وشكر الشوا مجموعة البنك الدولي "لما قدموه من مساندة أثناء مرحلة إعداد هذا الإطار الاستراتيجي"، وأشاد بإسهامات العديد من الشركاء لا سيما الشبكة الفلسطينية للإقراض الصغير ومتناهي الصغر "شراكة" والوكالة الألمانية للتعاون الدولي “GIZ”، كما شكر مبادرة إصلاح وتدعيم القطاع المالي FIRST" " والشركاء المحليين أعضاء اللجنة الوطنية لإعداد الاستراتيجية وزارة المالية والتخطيط ووزارة الاقتصاد الوطني على ما أبدوه من تعاون كبير وحوار عميق.
من جهته، تحدث رئيس مجلس إدارة الشبكة الفلسطينية للإقراض الصغير ومتناهي الصغر "شراكة" علاء سيسالم، عن إنجازات قطاع الإقراض حيث بلغ عدد شركات الإقراض الفاعلة في فلسطين تسع شركات، استطاعت الصمود والمحافظة على رأسمالها والنمو رغم كل الأزمات التي مرت بها على مدار 30 عاماً، ونما القطاع بمعدل 36% سنويا حتى عام 2018. وبلغت قيمة المحفظة النشطة لأعضاء الشبكة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة حوالي 260 مليون دولار موزعة على 80 ألف عميل، 36% منهم نساء و%47 شباب، كما أن قيمة القروض التي تم صرفها منذ تأسيس القطاع بلغت حوالي 1,355 مليار دولار، صرفت لما يقارب 575 ألف أسرة، مشيراً إلى أن معدل الفائدة في فلسطين يعتبر من أدنى المعدلات مقارنة بالشرق الأوسط والعالم.
ودعا سيسالم إلى توفير صندوق ضمان لقروض الفئات المهمشة، لتقليل درجة المخاطرة، وتوفير كفالات حكومية لشركات الإقراض بهدف دعمها ومساعدتها للحصول على تمويلات محلية وخارجية، وتعديل قوانين تشجيع الاستثمار، والسماح لشركات الإقراض تقديم خدمات مالية متنوعة تشمل الادخار، ودعم البيئة التكنولوجية والقوانين المتعلقة بها خاصة للقطاع المالي، لما لها من أثر ايجابي على تخفيض المصاريف التشغيلية.
من جانبه، قال مدير منطقة الضفة الغربية وقطاع غزة في البنك الدولي كانثان شانكر إن التمويل الأصغر الفعال يمكنه خلق الأساس لقطاع مالي متكامل، ودعم الصمود الاقتصادي للناس في بيئة متأثرة بالنزاع.
وأضاف شانكر أن البنك الدولي يرى فرصًا جديدة في دعم الإطار الاستراتيجي الفلسطيني الجديد للتمويل الأصغر، وهو يحدد الاتجاهات الاستراتيجية للتنويع في المنتجات والعملاء، لا سيما تجاه النساء والشباب، فمثل هذه التدخلات الاجتماعية والاقتصادية التحوّلية ضرورية في السياق الفلسطيني لدعم سبل العيش وخلق الوظائف اللازمة.
واشتمل الحفل على عرض عن الاستراتيجية قدمه مدير دائرة الرقابة والتفتيش في سلطة النقد محمد مناصرة، وفيلم عن تطور قطاع الإقراض المتخصص، وفقرة تكريم المشاركين في إعداد الاستراتيجية وأصحاب قصص النجاح.