رام الله-وفا-عماد فريج-بينما ينتظر التجار في مختلف أنحاء العالم موسم الأعياد لزيادة مبيعاتهم، فإن الأمر مختلف تماماً لدى التجار الفلسطينيين في السنوات الأخيرة، في ظل السياسة التي تنتهجها حكومة الاحتلال بمنح تصاريح وتسهيلات مزعومة لأبناء شعبنا، لإغرائهم على التسوق من متاجرها.
وعشية عيد الأضحى المبارك، يعاني الاقتصاد الفلسطيني حالة من الركود نتيجة للحصار المالي المتواصل على شعبنا جرّاء قرصنة الاحتلال لأموال المقاصة، ما أجبر الحكومة الفلسطينية على صرف نسبة 60% من الراتب لموظفي القطاع العام للشهر السادس على التوالي.
وطالب رئيس الوزراء محمد اشتية في الجلسة الأخيرة للحكومة قبل العيد، سلطة النقد والجامعات وشركات الاتصالات بتحمل جزء من عبء الأزمة المالية، وأن تتقاضى نسبا من الدفعات والأقساط تتناسب مع ما يصرف لموظفي القطاع العام، متوجهاً بالتقدير لجميع العاملين في السلطة على صمودهم وصبرهم.
ودعا المواطنين أن لا يجعلوا من مناسبة العيد فرصة لشراء البضائع والتسوق في اسرائيل، وأن تكون مشترياتهم من الأسواق الفلسطينية دعما لمنتوجنا الوطني.
وأطلقت القوى الوطنية في المحافظات المختلفة حملات لحث التجار والمواطنين على مقاطعة بضائع الاحتلال، ودعم المنتج الوطني.
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" جمال محيسن إن حكومة الاحتلال التي تحاصر اقتصادنا، تحاول الترويج لتسهيلات مزعومة في فترة الأعياد هدفها ضرب اقتصادنا الوطني، مؤكداً أن شعبنا سيفوّت الفرصة على الاحتلال ولن يدعم الاقتصاد الإسرائيلي.
وأضاف: "مقاطعة بضائع الاحتلال جزء من معركتنا، فمن يدعم الاقتصاد الإسرائيلي كأنه يدعم قتل أبنائه واعتقالهم وتدنيس مقدساته وهدم بيوته وقطع أشجاره".
وتستغل المتاجر الإسرائيلية فترة الأعياد الإسلامية والمسيحية لإفراغ مخازنها من البضائع القديمة، أو حتى التي يقارب تاريخ صلاحيتها الانتهاء، حيث تعرض هذه البضائع بأسعار جاذبة لتخدع المتسوق الفلسطيني.
وقال الخبير الاقتصادي سمير عبد الله إن التسهيلات المزعومة التي تقدمها إسرائيل في فترة الأعياد ترتبط بمصالح اقتصادية للتجار الإسرائيليين والشركات الإسرائيلية لزيادة مبيعاتهم، موضحاً أنها تأتي في وقت تحتجز فيه إسرائيل أموال المقاصة الفلسطينية والتي تشكّل ثلثي إيرادات الحكومة الفلسطينية.
وأضاف: "هذه حرب اقتصادية على فلسطين تمس كل الناس".
وأكد عبد الله أن الواجب الوطني يتطلب من أبناء شعبنا عدم الشراء من المتاجر الإسرائيلية، وعدم تحويل التسهيلات لمكاسب اقتصادية للتجار الإسرائيليين على حساب منتجاتنا الوطنية وشرائهم من الأسواق المحلية، مبيناً أن البضائع التي يشتريها أبناء شعبنا من المتاجر الإسرائيلية، تفقد الحكومة الفلسطينية جماركها والضريبة المضافة عليها لأنها تتم بموجب فواتير عادية وليس فواتير مقاصة، وبالتالي الخسارة مضاعفة.
ولفت إلى أن مقاطعة بضائع الاحتلال ووقف استيرادها والبحث عن بدائل لها يسهم في خفض أرباح الاحتلال، موضحاً في الوقت ذاته أهمية الامتداد الدولي لحملات المقاطعة والذي يؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي بشكل أكبر.
من جهته، أكد المنسق العام لائتلاف جمعيات حماية المستهلك صلاح هنية بأن مواجهة الحصار المالي المفروض على شعبنا يتطلب دعم المنتجات الفلسطينية عالية الجودة ومنحها الأفضلية في المشتريات ودعم الاقتصاد المقدسي، وتعزيز صمود التجار الفلسطينيين المتأثرين بهذه الأزمة، وجعل السوق والمنتج الفلسطيني أولا.
وأضاف: "من المعيب أن نعيش في هذه الأزمة التي يسببها الاحتلال، ونواصل تسويق أو شراء المنتجات الإسرائيلية".
وأشار هنية إلى هناك تخوّف من إمكانية توجه المستهلك الفلسطيني للسوق الإسرائيلي للشراء خصوصاً في الأعياد، مع ترويج إشاعات أن الماركات العالمية تباع بأسعار زهيدة في السوق الإسرائيلي، وهذا أمر غير دقيق، مؤكداً أن الماركات العالمية باتت موجودة في السوق الفلسطيني ويتم طرح تنزيلات عليها، ما يبطل ما يشاع من قبل مروّجي "جاذبية السوق الإسرائيلي"، ولدينا متاجر تطرح حملات تنافس كبرى المتاجر الإسرائيلية المدعومة من جهات حكومية واستيطانية.
من جانب آخر، يتوجب على التجار الفلسطينيين مراعاة الظروف الاقتصادية للمواطنين من حيث تخفيض الأسعار وضمان جودة المنتجات المعروضة، سواء المحلية أو المستوردة من الأسواق العربية والأجنبية.
وقال أمين سر اتحاد الغرف التجارية الصناعية الزراعية سمير حزبون، إن الغرف التجارية في كل محافظة تواصلت مع التجار لضمان توفر كافة الاحتياجات في الأسواق المحلية قبل العيد وافتتاح العام الدراسي الجديد، ودعتهم إلى تقليل هامش ربحهم في ظل الحصار المالي والاقتصادي الذي يفرضه الاحتلال على شعبنا.
ولفت حزبون إلى أن الغرف تقوم بحملات عبر مواقعها الالكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي بتشجيع المواطنين على التوجه للسوق المحلي، موضحاً أن أسعار البضائع في السوق الفلسطينية أقل بكثير من السوق الإسرائيلية.
وأضاف: "أهلنا في الداخل يزورون مدننا للتسوق في مختلف المناسبات وعلى مدار العام، ما يدلل أن الأسعار في أسواقنا أقل من الأسعار في الأسواق الإسرائيلية".
ويرى حزبون أن الشركات الإسرائيلية، خاصة العاملة في مجال الملابس والأحذية، تحاول إغراء المواطنين من خلال عروض منافسة لتجارنا، مؤكداً أن التجار الفلسطينيين لديهم عروض مماثلة ومنافسة من حيث السعر والجودة.
وتشير دراسة لمعهد أبحاث السياسات الاقتصادية "ماس" إلى أن 70% من الواردات السلعية للأراضي الفلسطينية جاءت من إسرائيل، وتتضمن هذه النسبة البضائع إسرائيلية الصنع أو البضائع التي تعيد
إسرائيل تصديرها إلى الأراضي الفلسطينية. وبلغ إجمالي قيمة الواردات السلعية المنظورة من إسرائيل نحو 3.6 مليار دولار سنوياً.
وتوضح الدراسة أن تراجع الطلب على البضائع الإسرائيلية من قبل المستهلك الفلسطيني سيشجع على استيراد بدائل لها من أسواق خارجية في حال عدم توفر البديل الوطني، ما يؤكد دور وأهمية المقاطعة الشعبية لهذه البضائع، وضرورة قيام المصانع بمحاولة توفير البديل وتعزيز حضور المنتج الوطني في الأسواق.