نابلس-حياة وسوق- ولاء أبو بكر- لطالما كنا نحلم بامتلاك منزل جاهز بدون معاناة، البناء على شاكلة المنازل التي نراها في المدن الأوروبية، وخاصة بين أشجار الطبيعة وفي الموقع الذي نرغب، ربما لرونقها وبساطة تصميمها الذي يأسر عقولنا، حتى أصبح هذا الحلم حقيقة من خلال فريق هندسي كامل من شركة ديارنا للتطوير العقاري والاستثمار، التي كان هدفها من الفكرة هو التخفيف من دفع تكاليف البناء الباهظة وسرعة جهوزية هذه المنازل.
بعد تنفيذ عدة فلل في ضاحية الليمون في منطقة النصارية بالأغوار، بدأت فكرة الفلل الجاهزة تأخذ حيزا في عقول بعض المواطنين لتملك إحداها، الدكتور عقيل الفارس أول من تملك فيلا جاهزة من طابقين يتحدث عن تجربته " عشت في الدول الأوروبية فكما نعلم أن جميع منازلهم جاهزة، فكان جمالها الخارجي يلفت انتباهي، فلمعت في رأسي فكرة تملك منزل جميل كهذه في قطعة من الأرض امتلكها شمال مدينة نابلس".
سرعة تركيب وقلة في التكلفة
وعند سؤال "حياة وسوق" له عن سبب توجهه لامتلاك هذه الفيلا يقول الفارس "منظر هذه المنازل أجمل بكثير من تلك التي يتم بناؤها، فبنظري لا يمكن لمن يبني تلك المنازل الحجرية أن يخرجها بهذا الجمال، عدا عن سرعة التركيب وقلة تكلفتها وعزلها للحرارة والبرودة والزلازل والحرائق أيضا، وخاصة أنها لا تحتاج للترخيص".
"صراحة سعادتي لا توصف خاصة أنني حققت حلمي بامتلاك منزل جاهز عدا عن أن جميع أصدقائي وأقاربي يتصلون بي ليسألوني عن الفيلا وجمالها، متفاجئون جدا من الفكرة ومتحمسون أيضا لدخولها وزيارتي فيها"، هكذا عبر الفارس عن سعادته بشراء فيلا جاهزة، مشجعا الجميع بامتلاك منزل من هذا النوع.
الفكرة بدأت منذ عام 2015
وعن بداية العمل بالمنازل الجاهزة يتحدث المدير العام لشركة ديارنا مهند الرابي لـ"حياة وسوق" قائلا "فكرة استيراد المنازل الجاهزة برزت منذ عام 2015، حيث تم استيراد أول شحنة من المنتجات المتنوعة ما بين كونتينرات ومنازل وكبائن، ولكن العمل الحقيقي بها بدأ عام 2017، عندما نفذنا مشروع ضاحية الليمون في قرية النصارية والذي اعتمدت فكرته على مجموعة من الفلل الجاهزة مساحة كل منها 73 مترا مربعا تم تركيب كل فيلا على جزء من الأرض مساحتها دونم تقريبا وتجهيزها كاملا مع مسبح، وأحواض نباتات وأشجار مثمرة لتكون بمثابة منزل صيفي وترفيهي للعائلة في نهاية الأسبوع".
ويكمل الرابي حديثه " ندرس الكثير من المشاريع التي تعتمد على هذه المنازل الجاهزة وستقوم الشركة في الفترة القريبة بتنفيذ مجموعة من الفلل ضمن ضاحية في مدينة جنين، ومجمع للفلل في منطقة بيت وزن قرب نابلس".
يتحدث الرابي بخصوص آلية استيراد تلك المنازل يقول "يتم استيرادها عبر الموانئ الإسرائيلية كباقي التجار، وكما هو معروف لابد من وجود عقبات تواجهنا جميعنا كتجار كعرقلة حركة سير البضائع وتأخيرها أحيانا".
ويضيف الرابي "نأمل أن تزداد ثقة الناس بهذه المباني وبالتالي الإقبال عليها عوضاً عن المباني الحجرية، حيث انها توفر الوقت وتكاليف البناء الباهظة".
تقاوم عوامل الطقس
وتتحدث المهندسة المعمارية منى الجوهري في شركة ديارنا للتطوير العقاري والاستثمار عن فكرة المنازل الجاهزة تقول: "تلك المنازل هي عبارة عن أحد المنتجات المتنوعة لشركة كارمود التركية العالمية التي نحن وكلاء لها في فلسطين، وميزتها الأولى أن أرضياتها وواجهاتها جميعها تكون مجهزة مسبقاً في المصنع وتتم فقط عملية تجميعها معاً في موقع التركيب".
وعن مكونات تلك المنازل تضيف الجوهري "المنازل مصنوعة من ألواح خرسانية جاهزة محشوة بمادة عازلة مضغوطة وتغطى من الخارج بألواح من الحجر الصناعي المعالج".
"تعزل الحرارة والبرودة لدرجة كبيرة وتتحمل عوامل الطقس الخارجي المختلفة، إذ أنها توضع في مناطق حارة جدا كالصومال والسودان وأماكن باردة مثل الدول الأوروبية"، هذا ما قالته الجوهري عن مدى عزل المنازل الجاهزة لعوامل الطقس الخارجية.
وتؤكد الجوهري "تلك المنازل تصلح إقامتها في كافة مناطق فلسطين سواء كانت سهلية، أو جبلية، أو بيئة صحراوية، إذ يمكن لفريقنا تركيبها في أي منطقة كانت حتى في الداخل المحتل ونعمل حاليا على تجهيز منزل من طابقين في الناصرة".
ويتساءل الكثيرون حول تكلفة المنازل الجاهزة، فتقول المهندسة منى الجوهري "تكلفة بناء منزل جاهز تعادل نصف التكلفة المطلوبة لبناء نفس المساحة في حال استخدمنا النظام العادي من حجر وباطون وطوب".
عملية تركيب المنازل الجاهزة ربما يعتقد البعض أنها صعبة ولكن سهلة جدا عدا عن أنها توفر مبلغا من المال أكثر من تلك التي نبنيها، بحسب ما تقول المهندسة منى، مضيفة أنه "يتم تركيب المنازل بعد تجهيز أرضية خرسانية بسماكة معينة ليتم تثبيت واجهات المنزل عليها، وذلك بواسطة البراغي وليس اللحام ، ثم توضع بجانب بعضها البعض لتشكل التصميم المطلوب".
مواطنون مندهشون ولكنّ!
وعن رأي المواطنين لدى معرفتهم بتوفر هذه المنازل تقول الجوهري "كما كان متوقعاً، فجميعهم أبدوا إعجابهم بها، مندهشين ومتسائلين إن كانت هذه المنازل موجودة فعلا في فلسطين أم لا! ولكن بسبب عدم العلم بطبيعتها، ودرجة تحملها للظروف المناخية مازالت الناس مترددة في اخذ قرار شراء هذه المنازل، ولكن مع ذلك قمنا بتركيب فيلا في طلوزة ومجموعة كبيرة من الفلل في النصارية التي هي ضمن أحد مشاريع شركة ديارنا في ضاحية الليمون؟".
مصطفى صوان أحد سكان ضاحية الليمون يقول "شراء المنازل الجاهزة فكرة ممتازة لمن يرغب بقضاء عطلة ممتعة خاصة أنه يتوفر فيها مسبح وملعب وأشجار ومساحة واسعة".
ويكمل صوان حديثه "بالنسبة لي لا أفضل أن أسكن في هذه المنازل للأبد، ولكن أفضل قضاء العطلة فيها".
"فكرة هذه المنازل ايجابية لأنه دائما يجب على الإنسان أن يسعى لأن يقدم كل ما هو جديد ومبدع للبشرية" هكذا بدأ الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور طارق الحاج حديثه عن تلك المنازل، مضيفاً " هذه فكرة غريبة بالنسبة للمواطنين، بخلاف الدول الأوروبية التي تراها شيئا طبيعيا الأمر الذي يتطلب الوقت لتقبل فكرة تلك المنازل".
وعن كيفية إقناع المواطنين بهذه المنازل يؤكد الحاج "بداية يجب إقناعهم بمزاياها لا أن يطمعوا بها، وذلك من خلال رؤيتهم لتلك المزايا على ارض الواقع وإعطائهم الفرصة ليتفهموا مدى ايجابياتها، خاصة أن سعر تكلفتها بسيط".
ويضيف الحاج "ممكن أن تحل هذه المنازل مكان الشقق الحجرية ولكن يجب أن تدرس الفكرة بشكل جيد وتوفير مساحات تتسع لها، ونحاول تطوير الفكرة ليتم بناء عمارة سكنية من عدة طوابق مع مراعاة الشرط الأساسي لهذه المنازل هو أن تتناسب استخداماتها مع متطلبات الحياة، وتمكينها بشكل يخدم احتياجات ومتطلبات المواطنين".