
رام الله-أخبار المال والأعمال- أكد محافظ سـلطة النقـد يحيـى شـنّار أن القطـاع المصرفي واجـه تداعيـات بالغـة جـراء الأوضاع الأمنية المعقدة، وحرب الإبادة التــي تســتهدف الشــعب الفلســطيني، ومــع ذلــك تمكنت ســلطة النقــد مــن الحفــاظ على متانـة واسـتقرار الجهـاز المصرفي عـبر سياسـات حصيفة، بالإضافة إلى التـزام المصـارف بتطبيـق أفضـل الممارسات في إدارة المخاطــر وتعزيــز الحوكمــة.
وقــال شــنّار في لقاء مع مجلة "البنوك في فلسطين" الصادرة عن جمعية البنوك، إن التحديـات التـي واجهـت القطـاع المصرفي خلال العـام 2024 أنتجــت ارتفاعــاً في مختلــف أنــواع المخاطــر، وأهمهـا مخاطـر الائتمان ومخاطـر التشـغيل لا سـيما في قطـاع غـزة، مـا أدى إلى انخفـاض جـودة القـروض مـع تصاعــد نســب التعــثر في مختلــف القطاعــات وخاصــة الأكثر تضررا، وقابلهــا ارتفــاع في حجــم المخصصات لمواجهة الخسائر الائتمانية.
وبخصـوص توقعاتـه للعـام الحـالي، أوضـح شـنار أن الضبابيـة تُهيمـن على المشهد الاقتصادي الفلسـطيني في ظـل تصاعـد التوتـرات السياسـية المحلية والإقليمية والدوليـة، مـا يفـرض تحديـات جسـيمة عـلى الاقتصاد الوطنـي والقطـاع المصرفي.
وأشــار شــنار إلى أن الارتفاعات في حجــم الودائــع تعكــس إصرار الجمهـور الفلسـطيني على اسـتثمار أموالـه والاحتفاظ بها في مؤسسـاته الوطنيـة، مركـزاً علـى الجهـود الكبـيرة التـي تبذلهــا ســلطة النقــد لتعزيــز التحــول الرقمــي بهــدف رفــع كفــاءة العمليــات المالية والمصرفية والرقابيــة. وفيــما يـلـي نـص اللقـاء:
تداعيات الحرب على القطاع المصرفي
لقــد مــر القطــاع المصرفي في عــام 2024 كســائر القطاعـات الاقتصادية في فلسطين، بأزمـة اقتصاديـة غـير مسـبوقة نتيجـة حـرب الإبادة عـى قطـاع غـزة والعــدوان عــلى الضفــة، مــا تداعيــات ذلــك عــلى القطــاع المصرفي؟
شــكّل عــام 2024 تحديــاً اســتثنائياً للاقتصاد الفلســطيني، حيـث واجـه القطـاع المصرفي تداعيـات بالغـة جـراء الأوضاع الأمنية المعقدة وحــرب الإبادة التــي تســتهدف الشــعب الفلسـطيني، وقـد أنتجـت هذه التحديـات ارتفاعـاً في مختلف أنـواع المخاطر، وأهمهـا مخاطر الائتمان ومخاطر التشـغيل لا سيما في قطـاع غـزة، مـا أدى إلى انخفـاض جـودة القـروض مع تصاعـد نسـب التعثـر في مختلـف القطاعـات وخاصـة الأكثر تضررا، ومـا قابلهـا مـن ارتفـاع في حجـم المخصصـات لمواجهة الخســائر الائتمانية، بالإضافة إلى الضغوطــات الناتجــة عــن تراكـم فائـض الشـيقل، وانعكسـت هـذه التحديـات بشـكل واضـح في تراجـع أربـاح المصارف كـما سـجلت أربـعة مصـارف خسـائر ماليـة للعـام 2024، حيـث انخفضـت أربـاح القطـاع المصرفي للعـام 2024 بنسـبة 70% مقارنـة بالعـام السـابق. ومـع ذلـك، وبفضـل السياسـات الحصيفـة التـي تبنتهـا سـلطة النقــد والتــزام المصارف بتطبيــق أفضــل الممارسات في إدارة المخاطر وتعزيــز الحوكمــة، تمكــن القطــاع المصرفي من الحفـاظ عـى متانتـه واسـتقراره، ولا تـزال البنـوك محتفظـة بمعدلات كفايـة رأسمـال قويـة تضمـن تعزيـز الاستقرار المالي وتمكنها مـن مواصلـة أداء دورهـا الوطنـي الحيـوي في دعـم الاقتصاد الفلسـطيني، وحماية أمـوال المودعين.
تحديات جسيمة
بشكل عام، ما التحديــات التي تعتقدون أن القطاع المصرفي سيواجهها خلال العام الحالي؟
تُهيمـن الضبابيـة عـلى المشهد الاقتصادي الفلسـطيني في ظل تصاعــد التوتــرات السياســية المحلية والإقليمية والدوليــة، مــا يفــرض تحديــات جســيمة على الاقتصاد الوطنــي والقطـاع المصرفي خـلال العـام الحـالي، وتـأتي في صـدارة هـذه التحديــات ضرورة إنهــاء العــدوان عــلى قطــاع غــزة، وبــدء عمليـة إعـادة الإعمار الشـاملة، والتـي سـتلعب دوراً محوريـاً في إعــادة تنشــيط عجلــة الاقتصاد وتخفيــف الخســائر الائتمانية للقطــاع المصرفي، وعلى الجانــب الآخــر، تســتمر سياســات الاحتلال في التضييــق على الاقتصاد الفلســطيني في الضفـة الغربيـة عبـر القيـود الأمنية التـي تعرقـل الحركـة التجاريـة وتفاقـم أزمـة فائـض الشـيقل، فضلاً عـن الضغـوط المتواصلة عـلى السـلطة الوطنيـة الفلسـطينية أهمهـا حجـز واقتطــاع أمــوال المقاصــة، هــذه العوامــل مجتمعــة تشــكّل بيئـة معقـدة ضاغطـة عـلى القطـاع المصرفي.
وفي مواجهــة هــذه التحديــات، يــبرز دور تضافــر الجهــود والتعـاون البنـّاء بـين كافـة الجهـات ذات العلاقة، بمـا في ذلـك المؤسسات الحكوميــة والقطــاع الخــاص والمجتمع الدولي، لتعزيــز المرونة الاقتصادية وبنــاء آليــات عمــل مشـتـركة تدعــم اســتمرارية النمــو. فمــن خــلال التشــارك الفعّال وتبــادل الخبــرات، يمكن تحقيــق خطــوات ملموســة نحــو تعافي الاقتصاد الفلســطيني، وتمكين القطــاع المصرفي من أداء دوره كرافعة أساســية للتنميــة والاستقرار المالي.
أرقام عكس التوقعات
كان هنــاك خشــية مــن حصــول ســحوبات مــن الودائــع البنكيــة نتيجــة ارتفــاع المخاطــر بســبب الظـروف السياسـية والأمنية السـائدة، لكـن الأرقام جــاءت عكــس ذلــك. مــا هــو تفسيــر ســلطة النقــد لهــذه الأرقــام؟
جــاءت الأرقام مغايــرة لــكل التوقعــات حيــث ارتفعــت الودائــع بحــوالي 1.4 مليــار مقارنــة بعــام 2023، ويعد اسـتقرار الودائـع في القطـاع المصرفي الفلسـطيني في ظـل كل الظــروف الصعبــة انعكاســاً واضحــاً لمســتوى ثقــة الجمهــور الكبـيرة التـي يتمتـع بهـا هـذا القطـاع، والتـي بنيـت نتيجـة لسـنوات مـن العمـل المتراكم وتطبيـق أفضـل معايـير الرقابـة والممارسات الفضلى، مــما عــزّز مــن متانــة القطــاع المصرفي وحافـظ عــى مســتويات سـيولة آمنــة وفعالــة ومكنهــا مــن الاســتمرار في أداء دورهــا الحيــوي في دعــم الاقتصــاد.
كــا تعكــس الارتفاعات في حجــم الودائــع إصرار الجمهــور الفلسـطيني على استثمار أموالـه والاحتفاظ بها في مؤسسـاته الوطنيــة، مؤمنــاً بدورهــا الوطنــي في دعــم النمو الاقتصــادي ومتانتهـا المالية.
جهود كبيرة نحو التحول الرقمي
لقـد بحثـت سـلطة النقـد مؤخـراً مـع عـدة جهـات محليــة ســبل تعزيــز البنيــة التحتيــة الرقميــة. أيــن وصلتــم في موضــوع رقمنــة أعمــال ســلطة النقــد بشــكل خــاص، والقطــاع المصرفي بشــكل عــام؟
بذلــت ســلطة النقــد جهــودا كبيــرة في تعزيــز التحــول الرقمــي على المستويين الداخلي والقطــاع المصرفي ككل، بهــدف رفــع كفــاءة العمليــات المالية والمصرفية والرقابيــة، وفي هـذا السـياق، أطلقـت سـلطة النقـد نظـام الرقابـة الآلي (SupTech)، الـذي يوفـر حلـولاً متقدمة لجمـع إدارة البيانات الخاصــة بالقطاعــات الخاضعــة لرقابتهــا، بما يتــماشى مــع التوجهـات العالميـة للمصـارف المركزية نحـو التحـول الرقمـي، كـا عـززت تكامـل وربـط الأنظمة الرقابيـة المختلفة ضمـن قاعـدة بيانـات موحـدة، تدعـم التحليـل المتقدم وتمكن مـن اتخــاذ قــرارات مســتندة إلى بيانــات دقيقــة وموثوقـة. وفي إطـار اسـراتيجيتها للتحـول نحـو بيئة عمل دون اسـتخدام الأوراق، اعتمــدت ســلطة النقــد المراسلات الرقميــة بــين المصـارف وسـلطة النقـد، إضافـة إلى أتمتـة جميـع المراسلات الداخليـة، مـا سـاهم في تسريع العمليـات وتحسـين الكفـاءة التشـغيلية. كـا تسـعى إلى دمـج تقنيـات التحليـل المتقدم والتعلــم الآلي (Machine Learning) والــذكاء الاصطناعي (AI) لتعزيـز قدراتهـا في الإشراف والرقابـة والتنبـؤ بالمخاطـر، مـا يسـهم في رفـع كفـاءة منظومـة الرقابـة الاستباقية.
بالإضافة إلى ذلـك، تعمـل سـلطة النقـد على تطويـر منصـات رقميــة متقدمــة لتقديــم الخدمــات المصرفية والمالية، مــا يســاهم في تحســين تجربــة المستخدم وتوفــير خدمــات مبتكــرة تلبــي احتياجــات الســوق المتطورة. فعلى مســتوى القطــاع المصرفي، شــهدت المصارف الفلســطينية نقلــة نوعيــة في تبنــي الحلــول الرقميــة، حيــث تـم توسـيع اسـتخدام أنظمـة المدفوعات الرقميـة، مـا أدى إلى تحسـين تجربـة العمـلاء وتقليـل الاعتماد على النقـد. كـا تعمـل المصارف على تطويـر حلـول الدفـع الفـوري، وتعزيـز تقنيـات الأمان السـيبراني لحماية البيانـات المصرفية وضمان الامتثال للمعايـيـر الدوليــة، بما يعــزز الثقــة بالمنظومة المصرفية الرقميــة. وتعمــل ســلطة النقــد حاليــا على تطويــر مــشروع الهويــة المالية الرقميـة والتعـرف والتحقـق الإلكتروني، الـذي يهـدف إلى إنشـاء هويـة ماليـة رقميـة موحـدة تُسـاهم في بنـاء قاعدة بيانـات مركزيـة موثوقـة. يهـدف المشروع إلى تمكين العملاء مــن الاستفادة مــن التكنولوجيــا الحديثــة لإجراء جميــع الحـركات المالية بسـهولة وأمـان، بما في ذلـك فتـح الحسـابات البنكية عن بُعـد، ومـن خلال هـذا المشروع تسـعى سـلطة النقـد إلى تسريع وتـيرة تنفيـذ المعاملات المالية والمصرفية، مـا يوفـر مزيـدا مـن الأمان والموثوقية للمعاملات المالية. كمـا أنـه يجـري العمـل عـى تطويـر نظـام الخصـم المباشر وهــو أحــد طــرق الدفــع الإلكتروني بالتجزئــة، مــن خـلال قيـام العملاء بتقسـيط مشـرياتهم إلكرتونيـًا، وبالتالي تمكين المصارف والتجــار مــن اســتيفاء قيمــة الأقساط الشــهرية إلكرتونيـًا ضمــن ترتيــب مســبق متفــق عليــه (تفويــض). وتواصــل ســلطة النقــد جهودهــا في التعــاون مــع المصارف لتعزيــز منظومــة التكنولوجيــا المالية (FinTech)، وتوســيع نطــاق الخدمــات الرقميــة، بهــدف تحقيــق تحــول رقمــي شــامل، وتعزيــز الشــمول المالي، وضــان اســتدامة القطــاع المصرفي في ظـل التحديـات الاقتصادية والظـروف الاستثنائية التـي تواجـه فلسـطين.
قانون تأجيل آجال القروض وأقساطها
يعالــج قانــون تأجيــل آجــال القــروض وأقســاطها مشــكلة تعـثـر موظفــي القطــاع العــام عــن ســداد أقســاط قروضهــم بســبب الأزمة المالية التــي تمر بهــا الســلطة الوطنيــة، ولكــن مــاذا بشــأن العمــال المقترضين الذيـن تعثـروا بسـبب منعهـم مـن التوجـه إلى أعمالهم داخــل الخــط الأخضر؟ ومــا تأثيــر القانــون عـلى البيانــات المالية للبنــوك؟
يعكــس قانــون تأجيــل آجــال القــروض وأقســاطها الحــرص الشــديد عـلى التخفيــف مــن الضغــوط المالية التــي تواجــه مختلـف شرائح المقترضين نتيجـة الأزمة الاقتصادية الحاليـة، وتــم بموجب القانــون إصــدار التعليمــات رقــم (1) لســنة 2025 لا تهـدف التعليمـات فقـط إلى معالجـة أقسـاط الديـون على موظفـي القطـاع العـام في ظـل الأزمة الماليـة التـي تمر بهـا السـلطة الوطنيـة بـل تعالـج أيضًا تسـهيلات الأفراد في قطـاع غـزة. أمـا فيما يخـص العمال المقترضين الذين تأثـروا جـراء منعهم مـن التوجـه إلى أعمالهم داخـل الخـط الأخضر، فـإن سـلطة النقـد تتابـع أوضاعهـم وأوضـاع مختلـف الشرائح الأخرى المتضررة وتعمـل على إيجـاد حلـول مناسـبة بالتنسـيق مـع المصارف والأطراف الأخرى مـن أجـل ضمان تحقيـق التوازن بين احتياجـات المقترضين مـن جهـة، وحماية أمـوال المودعين والحفـاظ على الاستقرار المالي مـن جهـة أخـرى، وقـد قامـت سـلطة النقـد بإنشـاء عدة برامـج تمويل تسـتهدف عمال الخط الأخضر مثـل برنامـج "بـادر" من أجـل توفير رأس مال لإنشاء مشـاريع وفـرص عمـل للعديـد منهم.
فيــا يتعلــق بتأثـيـر القانــون عــى البيانــات المالية للبنــوك، فمــن الطبيعــي أن تنعكــس أحــكام هــذا القــرار بقانــون والتعليـمـات الصــادرة بمقتضــاه على التدفقــات النقديــة وجـودة الأصول في البنـوك، مـا يؤثـر على نسـب التعثـر وحجم القــروض غــير المنتظمة ومــا يســتلزم ذلــك مــن مخصصــات تؤثـر على الأرباح. ومـع ذلـك، فـإن القطـاع المصرفي يتمتـع بمسـتويات قويـة مـن السـيولة وكفايـة رأس المال، مـا يمكنـه مـن التعامـل مـع هـذه التحديـات دون التأثير على اسـتقراره أو على قدرتــه في توفيــر التمويــل اللازم لدعــم النشــاط الاقتصادي. تـدرك ســلطة النقــد جيــدا أثــر تطبيــق القــرار بقانــون والتعليــمات الصــادرة بمقتضــاه على البيانــات المالية للمصـارف وأيضا على المقترضين، وقـد جـاء القـرار بقانـون والتعليمـات بشـكل متـوازن يراعـي مصالـح جميـع الأطراف، حيـث جـرى تحميـل المصارف الآثار المالية لجدولـة وإزاحـة قــروض الموظفين بأســعار فائــدة أقــل مــن أســعار الفائــدة في الســوق، وفي نفــس الوقــت خفــض الأعباء المترتبة على المقترضين بســبب عــدم اســتلام رواتبهــم كاملــة، ونشــير إلى أن الأوضاع التـي تعيشـها دولـة فلسـطين أحـداث اسـتثنائية تتطلــب تعــاون وتضافــر جهــود جميــع الجهــات.
تركّز التسهيلات الائتمانية على القطاع الحكومي
هنـاك انتقـادات مـن قبـل خـبراء اقتصاديـين لتركيز التسهيلات الائتمانية على القطــاع الحكومــي وموظفيــه، خاصــة أنهــم حصلــوا على نحــو 5 مليــارات دولار من أصل 12 مليــار دولار، وهــو حجــم التسهيلات الائتمانية. مــا مخاطــر التركز الائتماني حـول الحكومـة وموظفيهـا في ظـل ارتفـاع المخاطر الجيوسياســية؟
يمثل التركز الائتماني لــدى القطــاع العــام وموظفيــه جــزءًا مـن الـدور المحوري الـذي يلعبـه القطـاع المصرفي في تحريـك عجلــة الاقتصاد، حيــث تســهم هــذه التســهيلات في توفــير الاستقرار للحكومــة والموظفين وتعزيــز النمــو الاقتصادي والاستثمار، مـا ينعكـس إيجابيـاً على الاقتصاد الوطنـي. ومع ذلـك، فـإن سـلطة النقـد تـدرك أهميـة متابعـة وإدارة هـذه التركـزات بعنايـة، حيـث يتـم العمـل بالتنسـيق مـع المصارف والحكومـة لضـمان تقليـل المخاطر المرتبطة بذلـك، وتـزداد مخاطــر هــذا التركز في ظــل الأوضاع الجيوسياســية غير المستقرة والأزمة المالية التــي تواجههــا الحكومــة، خاصــة مـع اسـتمرار حجـز واقتطـاع أمـوال المقاصـة، مـا يؤثـر بشـكل مبــاشر عــلى قدرتهــا عــلى الوفــاء بالتزاماتهــا المالية تجــاه موظفيهـا. هـذه التحديـات تعـزّز حـرص سـلطة النقـد على اتخــاذ إجــراءات رقابيــة وإداريــة متقدمــة لضمــان الحفــاظ على الاستقرار المالي للقطاع المصرفي. وفي هــذا الإطار، تلتــزم المصارف وســلطة النقــد بتطبيــق سياسـات حصيفـة لإدارة مخاطـر التركز، تعتمـد على أسـس كفايـة رأس المال القويـة وتحليـل السـيناريوهات الضاغطـة، لضمـان قـدرة المصـارف على امتصـاص أي صدمـات محتملة.
مساع لضمان استقرار العلاقة المصرفية مع الجانب الإسرائيلي
ظلــت التهديــدات التــي أطلقهــا وزيــر المالية الإسرائيلي بخصــوص قطــع العلاقة مــع القطــاع المصرفي الفلســطيني شــبحاً يلقــي بظلاله على القطــاع المصرفي خصوصــًا، والاقتصاد الفلســطيني عمومًا بعــد تمديد العلاقة لعــام إضــافي، هــل هنـاك آليـات جديـدة مقترحة لضمـان اسـتمرار تلـك العلاقة التـي تمثل مصلحـة لـكلا الطرفيـن؟ ومـا هـو حجــم التعامـلات المالية بين البنوك الفلســطينية والإسرائيلية في عام 2024 مقارنة بعام 2023؟
تعتبر العلاقة المالية بــين القطــاع المصرفي الفلســطيني ونظيـره الإسرائيلي مهمـة جـدًا نتيجـة للارتبـاط الوثيـق بيـن الاقتصادين واعتمادهما على بعضهمــا البعــض، إضافــة إلى أهميـة العلاقة الاقتصادية بـن الجانبـين في تعزيـز الإيرادات الضريبية (المقاصة)، وأهميـة تحويلهـا دون قيـود، ومـن بيـن الموضوعات المهمة المرتبطة بهــذا الشــأن موضــوع فائــض الشــيقل، والقيــود التــي يفرضهــا الجانب الإسرائيلي على عمليات الترحيل.
ونشير إلى أن القطــاع المصرفي الفلســطيني يتمتــع بشــبكة علاقات مصرفية واســعة تمكنه مــن القيــام بمهامــه دون الاعتماد على الجانــب الإسرائيلي. وفي هــذا الإطار، تعمــل ســلطة النقــد على التنســيق مــع الجهـات المحلية والدوليـة لضمـان اسـتقرار العلاقة المصرفية مـع الجانـب الإسرائيلي، مـع التركيز على تطويـر البدائـل التي تقلـل مـن المخاطـر المرتبطة بـأي قـرارات أحاديـة الجانـب.
وتشـمل هـذه الجهـود تعزيـز أنظمـة الدفـع، وتعزيـز شـبكة العلاقات المصرفية والبنـوك المراسلة، بالإضافة إلى استكشـاف حلول مصرفية أخــرى تضمــن اســتدامة العمليــات المالية الفلسـطينية بمعـزل عـن أي ضغـوط سياسـية. وفيــما يتعلــق بحجــم التعاملات المالية بـين البنــوك الفلسـطينية والإسرائيلية فقـد بلـغ حجـم التعاملات خلال السـنتين الأخيرتين 2024/2023 مـا يقـارب 50 مليـار شـيقل.