هل ستساهم حزمة الدعم الأوروبية في فكفكة الأزمة المالية؟

تاريخ النشر

رام الله-أخبار المال والأعمال- أخيرا، أعلن الاتحاد الأوروبي خطته لدعم فلسطين بعد أشهر من الأخذ والرد، 1.2 مليار يورو، إضافة 400 مليون قروض للقطاع الخاص من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، على مدى ثلاث سنوات 2025-2027.

من بين 1.2 مليار يورو، سيخصص الاتحاد الأوروبي نصفها فقط لدعم الموازنة العامة، بمعدل 200 مليون يورو سنويا، وهو نفس المبلغ تقريبا المقدم على مدى الإثني عشر عاما الماضية (أقل من 20 مليون يورو شهريا عبر آلية بيغاس لدعم الرواتب).

وبالرغم من أن هذه المساهمة الأوروبية تأتي في وقت حساس يتعرض فيه الشعب الفلسطيني لـعدوان متواصل وحرب إبادة وتهجير قسري وحصار اقتصادي، وأنه يجسد التزام الاتحاد الأوروبي المتواصل تجاه القضية الفلسطينية، ومبدأ حل الدولتين، ويعزز قدرة المؤسسات الوطنية على الصمود وتقديم الخدمات، في ظل الظروف الإنسانية الصعبة والتحديات المتفاقمة، إلا أن التوقعات كانت بعد كل هذا التأخير، أن يأخذ الدعم الأوروبي بعين الاعتبار الأزمة المالية الخانقة التي تواجهها الحكومة، والتي تتفاقم يوما بعد يوم بسبب تصاعد الاقتطاعات الإسرائيلية من عائدات الضرائب الفلسطينية (المقاصة) تحت حجج مختلفة، جميعها غير قانوني ويشكل انتهاكا سواء للاتفاقات الثنائية مع منظمة التحرير، أو القوانين الدولية، بإقرار من الاتحاد الأوروبي نفسه.

لكن الدعم الأوروبي الذي أُعلن عنه أمس الاثنين، على أهميته في هذا الوقت الحساس، لا ينطوي على أي جديد قد يشكل مدخلا لتخفيف حدة الأزمة المالية للسلطة الوطنية، ولا حتى إيقاف تفاقمها خلال المرحلة المقبلة، مع توالي قرارات محاكم الاحتلال بالاستيلاء على أموال المقاصة بشكل متصاعد، تحت قانون أقرته الكنيست الإسرائيلية يسمح لحكومة الاحتلال بالاقتطاع من المقاصة بزعم تعويض متضررين من هجمات فلسطينية، بواقع 10 ملايين شيقل (حوالي 3 ملايين دولار) للقتيل، و5 ملايين شيقل (حوالي 1.5 مليون دولار) للمصاب.

وبالنظر إلى الحجم الهائل للدعاوى المشابهة، المنظورة أمام محاكم الاحتلال، فمن المرجح أن تحمل المرحلة المقبلة المزيد من السطو على عائدات الضرائب الفلسطينية، والتي تضاف إلى أنواع أخرى من الاقتطاعات: مدفوعات السلطة في غزة، ومخصصات عائلات الشهداء والجرحى والأسرى، وكذلك الاقتطاعات التاريخية مقابل الخدمات: الكهرباء، والمياه، والصرف الصحي، والخدمات الطبية.

في المحصلة، ووفق بيانات وزارة المالية، فإن ما حُول من أموال المقاصة إلى خزينة السلطة تناقص من حوالي مليار شيقل في الربع الثالث من عام 2023، إلى حوالي 250 مليون شيقل فقط عن آذار 2025، وحتى هذا المعدل لم يعد مضمونا خلال الأشهر المقبلة، في ظل اتساع الاقتطاعات الإسرائيلية.

يضاف هذا المبلغ إلى نحو 400 مليون شيقل إيرادات محلية (ضرائب ورسوم في شباط وهو رقم مرتفع كونه أوائل العام)، ليصبح كل ما يتحصل للسلطة من إيرادات ذاتية حوالي 650 مليون شيقل (كما في شهر شباط 2025).

بينما تتجاوز نفقات الحكومة 1.5 مليار شيقل شهريا (كما في ميزانية 2024)، منها حوالي 1.05 مليار شيقل شهريا رواتب وأشباه رواتب، ما يعني أن الإيرادات الذاتية (المتاحة) تغطي فقط حوالي 60% من فاتورة الرواتب.

وحتى مع إضافة المنح الخارجية إلى الموازنة، التي بلغت حوالي 2.517 مليار شيقل في 2024، بمعدل شهري حوالي 209 مليون شيقل، معظمها تركز في نهاية العام نتيجة مساعدات أوروبية إضافية بحوالي 400 مليون يورو حُولت على ثلاث دفعات في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2024، فإن مجموع الإيرادات والدعم الخارجي، من المصادر كافة، بالكاد يصل إلى 850 مليون شيقل (قياسا على ما ورد من إيرادات ذاتية في شهر شباط 2025)، تكفي لسداد حوالي 56% فقط من إجمالي النفقات.

واستنادا إلى هذه الأرقام، وجميعها من بيانات وزارة المالية، وما أُعلن عنه من دعم أوروبي مساوٍ لحجم الدعم في السنوات السابقة، فإن السيناريو المرجح خلال الأشهر المقبلة، تفاقم الأزمة المالية للسلطة في ظل التوسع في الاقتطاعات الإسرائيلية، أو المراوحة في المكان نفسه على الأقل.

المصدر: جعفر صدقة/ وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا"