تدهور الاقتصاد يثقل كاهل المواطنين والتجار في بيت لحم

تاريخ النشر

بيت لحم-أخبار المال والأعمال-تشهد الأسواق في مدينة بيت لحم حالة من الركود الاقتصادي غير المسبوق، وسط ارتفاع الأسعار، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، لعدم تمكنهم من الإيفاء بالتزاماتهم، بسبب الأزمة المالية الخانقة الناجمة عن قرصنة الاحتلال لعائدات الضرائب الفلسطينية "المقاصة"، فانعكست تداعياتها على المواطن الفلسطيني، فضلا عن القيود المشددة التي فرضها على تنقل المواطنين في محافظات الضفة الغربية كافة، ما أدى إلى تفاقم الأزمة التي تعيشها المدينة منذ أشهر.

في جولة داخل السوق، تتكرر الشكوى ذاتها على ألسنة المواطنين. (أم أحمد، ربة منزل)، تتنقل بين المحلات بحثًا عن أسعار معقولة لشراء ملابس العيد لأطفالها، وتصف الوضع بالصعب.

تقول: "في كل عام كنت أخصص مبلغًا لشراء ملابس جديدة لهم، لكن هذه المرة لا أستطيع تحمل هذه النفقات... الأولوية الآن للطعام والاحتياجات الضرورية فقط".

لا يختلف الحال كثيرًا بالنسبة إلى أبي يوسف، موظف حكومي، يقف أمام محل لبيع اللحوم، يتردد قبل أن يقرر شراء كمية قليلة.

يوضح: "الأسعار مرتفعة جدًا، وراتبي لم يُصرف بالكامل منذ أشهر. بالكاد أستطيع تدبير مصروف المنزل، ومع اقتراب العيد لا أدري كيف سأتمكن من تلبية احتياجات أطفالي".

في المقابل، فإن التجار وأصحاب المحلات التجارية يعانون أيضًا من تراجع حاد في المبيعات، فالحاج محمود، صاحب محل لبيع الملابس، يقف أمام متجره الخالي تقريبًا من الزبائن، يشير إلى واجهة المحل التي تحمل لافتة "تخفيضات العيد"، لكنه يقول بأسى: "التخفيضات لم تعد تجذب أحدًا. لا توجد سيولة مع الناس، وأغلبهم يؤجلون الشراء إلى حين انفراج الأزمة، لكن لا أحد يعلم متى سيحدث ذلك".

في سوق الخضراوات والفواكه، يؤكد الباعة أن الأسعار شهدت انخفاضًا في بعض الأصناف نتيجة وفرة الإنتاج، لكن ذلك لم ينعكس إيجابًا على حركة البيع.

سمير، صاحب بسطة لبيع الخضراوات، يشرح الوضع قائلًا: "في رمضان كانت الأسعار مرتفعة، لكن الآن انخفضت، ومع ذلك، الناس يشترون بالكاد. لم يعد أحد يشتري بالكميات التي كان يشتريها سابقًا".

أما أسعار اللحوم فتبقى الشغل الشاغل للكثيرين، خاصة مع استمرار ارتفاعها رغم استيرادها ضمن نظام "الكوتا" الذي يعفيها من الجمارك.

يقول حسن، صاحب ملحمة: "اللحوم المستوردة تصل إلينا بأسعار محددة، لكن كبار التجار هم من يتحكمون في السوق. الوزارة حددت سقفًا سعريًا، لكن المشكلة ليست فقط في السعر، بل في قدرة المواطنين على الشراء. حتى لو انخفض السعر قليلًا، فإن الكثيرين لا يستطيعون تحمل التكلفة".

من جانبه، يؤكد مدير مديرية الاقتصاد الوطني في بيت لحم محمد حميدة، أن الوزارة تتابع الأسواق بشكل يومي لضمان استقرار الأسعار ومنع التلاعب بها، فنشرت خلال شهر رمضان المبارك قائمة استرشادية للأسعار، وحددت سقفًا سعريًا لكثير من السلع الأساسية، خاصة اللحوم، إلى جانب تنفيذ أكثر من 65 جولة تفتيشية شملت 420 محلًا ومخبزًا وملحمة.

وأضاف: نتج عن هذه الجولات تحويل 10 من أصحاب الملاحم وموزعي الدواجن إلى نيابة الجرائم الاقتصادية، لعدم التزامهم بالسقف السعري، إلى جانب تحرير 32 إخطارا لمخالفات تتعلق بعدم الالتزام بالمواصفات والمقاييس الفلسطينية.

ويشير إلى أن إجراءات الاحتلال تشكل عائقًا رئيسيًا أمام أي تحسن في الوضع العام، فالإغلاقات المتكررة وتقطيع أوصال المدن جعلا حركة التنقل بين بيت لحم والمدن الأخرى صعبة، وهو ما انعكس سلبًا على النشاط التجاري.

ويتابع، قطاع السياحة، الذي كان يشكّل مصدر دخل رئيسيا للمدينة، تراجع بشكل كبير مع غياب الوفود السياحية، الأمر الذي أثر في الفنادق والمطاعم والمحلات التي تعتمد على السياح كمصدر دخل أساسي.

ويبين، أنه في قطاع الزراعة يعاني المزارعون اعتداءات المستعمرين التي تعيقهم عن الوصول إلى أراضيهم وزراعتها، ما أثر في الإنتاج الزراعي وزاد الاعتماد على السلع المستوردة، وهو ما يرفع التكلفة على المستهلك النهائي.

ويضيف، يواجه المواطنون في بيت لحم صعوبات متزايدة في تأمين احتياجاتهم الأساسية، مع تراجع فرص العمل وانخفاض الدخل، إذ يعتمد كثيرون على رواتب موظفي القطاع العام التي لم تُصرف بشكل منتظم في الفترة الأخيرة، ما جعل الأسواق شبه خالية من المتسوقين، خاصة مع اقتراب عيد الفطر الذي كان في السابق يشكّل موسمًا نشطًا للتجار وأصحاب المحلات.

ويؤكد أن التراجع في الدخل، إلى جانب تقلص أعداد العمال الذين كانوا يعتمدون على العمل داخل أراضي عام 48، جعلا القدرة الشرائية لدى أغلبية الأسر في أدنى مستوياتها منذ سنوات.

المصدر: وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا"