تل أبيب-أخبار المال والأعمال- لم يلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالاً للضغوط التي مارسها ضده أقطاب الاقتصاد المحلي، بإعادة النظر بالحرب على قطاع غزة، ولم يهتم بمطالبتهم له بالالتفات إلى الضرر الواقع على مفاصل الاقتصاد.
ويرى نتنياهو أن الحرب على غزة ولبنان، بمثابة حرب وجود لإسرائيل، بحسب تصريحات سابقة له، أكد خلالها أن مختلف الأضرار ستكون بلا قيمة أمام حرب الوجود.
اليوم، وبعد عام كامل على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فقد الاقتصاد الإسرائيلي زخمه الذي ميزه عن غالبية الاقتصادات العالمية، وجعله قبلة للاستثمارات الأجنبية خاصة في صناعة التكنولوجيا الفائقة.
السياحة الوافدة
السياحة الوافدة إلى إسرائيل تراجعت بأرقام غير مسبوقة منذ عام 1948، بحسب تقرير لصحيفة هآرتس، بفعل الحرب على قطاع غزة والتوترات في الشمال.
وبحسب بيانات مكتب الإحصاء الإسرائيلي عن فترة النصف الأول 2024، بلغ عدد السياح الوافدين نصف مليون، في مقابل مليوني سائح وافد خلال الفترة نفسها من العام الماضي 2023، بنسبة تراجع بلغت 75 بالمئة.
وتشكل السياحة 7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي أو ما قيمته 36 مليار دولار أميركي، في وقت تتجه 10 بالمئة من الفنادق لغلق أبوابها نهائيا بحلول 2025، بحسب تقرير للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار).
ووصلت الأزمة - وفق المركز - إلى حد أن شركات تأمين عالمية، وخاصة أوروبية وأميركية رفضت في أكثر من مناسبة بيع بوليصات تأمين للمسافرين إلى إسرائيل.
وزاد: "حينما يجري الحديث عن نصف مليون سائح، واستنادا إلى تقارير وإحصائيات عبر السنين، فبالإمكان الاستنتاج أن النسبة الأكبر من هؤلاء، هم إما أقارب مواطنين، أو سياحة دينية يهودية".
وكانت آخر مرة سجلت فيها إسرائيل ذروة بالسياحة الوافدة في 2019، حينما بلغ عدد السياح الإجمالي 4.5 ملايين، قبل أن تتلقى السياحة ضربة حادة أسوة بدول العالم في العامين التاليين، بفعل جائحة كورونا.
عودة التضخم
وبينما كانت إسرائيل تتحضر لاتباع الفيدرالي الأميركي بخفض أسعار الفائدة، بعد هبوط التضخم دون 3 بالمئة خلال الأشهر الماضية، إلا أن أسعار المستهلك قفزت مجدداً.
وقفز تضخم أسعار المستهلك السنوي في إسرائيل، عند 3.6 بالمئة خلال آب/أغسطس الماضي، صعودا من 3.2 بالمئة في تموز/يوليو السابق له، مسجلا أعلى مستوياته منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وعجزت السوق الإسرائيلية عن تلبية الطلب على سلع حيوية، بصدارة الخضار والفاكهة وبعض السلع المعمرة، بسبب أزمة البحر الأحمر، إلى جانب ارتفاع أسعار السكن.
وأرقام التضخم المسجلة في آب/أغسطس الماضي، تعتبر الأعلى منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، عندما سجلت في ذلك الوقت 3.7 بالمئة، وهو أول شهور الحرب الإسرائيلية على القطاع.
وشملت الزيادات البارزة في الأسعار في آب/أغسطس، الخضروات الطازجة، التي ارتفعت بنسبة 13.2 بالمئة، بسبب استمرار أزمة الملاحة في البحر الأحمر، والنقل بنسبة 2.8 بالمئة، وزيادات في مجموعات أخرى بنسبة متباينة.
و"تضامنا مع غزة"، استهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بها في البحرين الأحمر والعربي.
ومع تسجيل نسب تضخم مرتفعة تتجاوز هدف بنك إسرائيل البالغ 3 بالمئة، فإن البنك سيدخل في أزمة تحفيز الاقتصاد، والذي يعد أحد أبرز أركانه خفض أسعار الفائدة، وبين الحفاظ على تضخم ضمن السيطرة، والذي يتم برفع أسعار الفائدة.
أزمة عقار
أما أسعار المساكن التي زادت بنسبة 0.9 بالمئة على أساس شهري في مؤشر التضخم لشهر آب/أغسطس الماضي، فهي الزيادة الثامنة على التوالي، بينما بلغت الزيادة 5.8 بالمئة على أساس سنوي.
وارتفعت أسعار المساكن والإيجارات في عديد المناطق خاصة وسط إسرائيل، لأسباب عدة أبرزها عمليات النزوح من مستوطنات الشمال الحدودية مع لبنان، والنزوح من مستوطنات الجنوب المحاذية لقطاع غزة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وإلى جانب النزوح من الشمال والجنوب وأثره على أسعار المساكن والإيجارات، فإن غياب أكثر من 90 ألف عامل فلسطيني في قطاع البناء منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، أذكى المخاطر من نشوب أزمة نقص عقارات.
وتشير تقديرات لاتحاد المقاولين في إسرائيل، أن سوق العقارات قبل الحرب كان يعاني نقصا بـ 40 ألف عامل، بينما اليوم فإنه يعاني نقصاً بـ 130 ألف عامل، بسبب غياب العمالة الفلسطينية.
التصنيف الائتماني
خفضت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيفات الائتمانية، تصنيف إسرائيل على المدى الطويل من A+ إلى A، بعد أيام قليلة من تخفيض وكالة موديز تصنيف تل أبيب الائتماني، في ضربة قوية للاقتصاد.
وكالة ستاندرد آند بورز، التي تعتبر من أكبر شركات التصنيف الائتماني في العالم، غيرت نظرتها المستقبلية لاقتصاد إسرائيل من مستقرة إلى "سلبية".
وأرجعت القرار الصادر الثلاثاء الماضي إلى المخاطر الأمنية المتزايدة في ظل تصاعد الأحدث في الصراع مع "حزب الله"، بالإضافة إلى خطر اندلاع حرب مباشرة مع إيران.
والجمعة من الأسبوع الماضي، خفضت وكالة "موديز" تصنيف إسرائيل الائتماني إلى "Baa1" من "A2"، وأبقت على نظرتها المستقبلية السلبية حيال التصنيف.
وكتبت موديز في تقرير أن "المحرك الرئيسي لخفض التصنيف هو وجهة نظرنا بأن المخاطر الجيوسياسية قد تزايدت بشكل كبير، إلى مستويات عالية للغاية، مع عواقب سلبية مادية على الجدارة الائتمانية لإسرائيل في الأمد القريب والبعيد".