تل أبيب-أخبار المال والأعمال- قالت وكالة "بلومبرغ" الأميركية للأنباء، إن تعثر إقرار الموازنة في إسرائيل جراء الحرب على قطاع غزة يتسبب بالمزيد من الأضرار لاقتصادها.
ومع تركيز الاهتمام المحلي والدولي على حرب إسرائيل على غزة، وتصاعد التوترات مع "حزب الله"، أوقفت إدارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، المناقشات حول ميزانية العام المقبل، والتي قد تكون الأكثر تحدياً وأهمية منذ عقود، وفقاً لتقرير "بلومبرغ".
وعلى الرغم من تأكيد نتنياهو، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على أنه سيكون هناك إطار مالي لموازنة العام 2025، إلا أنهما لم يقدما أي تفسيرات حول التأخير في صياغة هذا الإطار.
ويثير هذا الغموض قلق الأسواق والمستثمرين بشأن إمكانية صياغة الإطار، بالتزامن مع تفاقم العجز في الميزانية وارتفاع الديون بسبب الحرب. وعادة ما يبدأ وضع الميزانية في هذا الوقت من العام بالأحوال العادية.
وكرر كبار الموظفين في البنك المركزي ووزارة المالية التحذير نفسه الذي أطلقته وكالات التصنيف الائتماني وقادة الأعمال، من أن وقف مناقشة الميزانية سينعكس سلباً على الاقتصاد الإسرائيلي، ويزيد من المخاطر.
وكانت التوترات بشأن الميزانية واضحة في رسالة كتبها محافظ بنك إسرائيل، أمير يارون، إلى نتنياهو خلال آب/أغسطس الجاري، حث فيها رئيس الوزراء على متابعة اجتماع عقدوه قبل أسابيع لمناقشة سبل استقرار المالية، بما في ذلك تخفيض الإنفاق وزيادة الضرائب.
ويرى يارون، الذي يشغل منصب المستشار الاقتصادي الأعلى للحكومة، أن هناك تعديلات على الميزانية التي يبلغ مجموعها حوالى 30 مليار شيقل (8 مليارات دولار) مطلوبة العام المقبل لدعم زيادة الإنفاق الدفاعي وغيره من النفقات المتعلقة بالحرب.
وقال: إنها ضرورية أيضاً لاستقرار نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل، والتي يتوقعها البنك المركزي عند 67.5% هذا العام، ارتفاعاً من حوالى 59% في العام 2022.
وقد نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2% فقط في العام الماضي، وهو ما يقرب من نصف المعدل الذي توقعته وزارة المالية قبل اندلاع الحرب، ويتوقع بنك "جي بي مورغان تشيس" أن ينمو بنسبة 1.4% فقط هذا العام بعد خفض توقعاته مرتين خلال الأسبوعين الماضيين.
ويزداد القلق من وضع الاقتصاد الإسرائيلي وإدارة الحكومة للشؤون المالية، بالإضافة إلى مخاطر تصاعد الصراع، وهو ما يلقي بظلاله على أسواق المال، وفقاً للوكالة.
مؤخرا، عدلت الحكومة الإسرائيلية موازنة 2024 بإضافة 953 مليون دولار لتعويض المستوطنين النازحين من محيط قطاع غزة، وهي المرة الثانية التي تعدل فيها الموازنة منذ بداية العام، في سابقة تاريخية تزيد من التشكيك في مصداقية وشفافية البيانات التي تعلنها الحكومة الإسرائيلية بشأن الخسائر الاقتصادية للحرب.
وقبل أيام، خفضت وكالة "فيتش" التصنيف الائتماني لإسرائيل من "A+" إلى "A"، مشيرة إلى تفاقم المخاطر الجيوسياسية مع استمرار الحرب في غزة.
وأبقت الوكالة للتصنيف الائتماني على نظرتها المستقبلية للتصنيف عند مستوى سلبي، ما يعني إمكانية خفضه مرة أخرى.
وقالت الوكالة، في بيان: "نعتقد أن الصراع في غزة قد يستمر حتى العام 2025، وهناك مخاطر من امتداده إلى جبهات أخرى".
وتصاعدت المخاوف من أن يتحول الصراع في غزة إلى حرب أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط؛ بعد اغتيال إسماعيل هنيّة رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" في إيران، واغتيال القائد العسكري البارز في جماعة "حزب الله" فؤاد شُكر في غارة إسرائيلية على بيروت أواخر تموز/يوليو الماضي.
وقالت "فيتش": إن التوترات المتزايدة بين إسرائيل وإيران وحلفائها قد تعني إنفاقاً عسكرياً إضافياً كبيراً، وتدمير البنية التحتية، وإلحاق الضرر بالنشاط الاقتصادي والاستثمار.
وتتوقع وكالة التصنيف الائتماني أن تزيد الحكومة الإسرائيلية الإنفاق العسكري بشكل دائم بنحو 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بمستويات ما قبل الحرب؛ مع تعزيز البلاد لدفاعاتها الحدودية.
وذكرت "فيتش" أن "المالية العامة تضررت، ونتوقع عجزاً في الميزانية بنسبة 7.8% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2024، وأن يظل الدين أعلى من 70% من الناتج المحلي الإجمالي في الأمد المتوسط".
وتوقعت أن يواصل دين البلاد الارتفاع بعد العام 2025 إذا استمرت زيادة الإنفاق العسكري والضبابية الاقتصادية.
وقد أنفقت إسرائيل 88 مليار شيقل (نحو 24 مليار دولار) على الحرب حتى الآن، وهو ما يقرب من 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وجمعت أكثر من 190 مليار شيقل حتى تموز للمساعدة في تمويل الجيش وسد العجز المالي.
وإذا استمر هذا النمط، فإن الاقتراض لهذا العام سيحطم الرقم القياسي الذي سجل خلال جائحة كورونا العام 2020، وفقاً لـ"بلومبرغ".
وارتفع العجز إلى 8.1% من الناتج المحلي الإجمالي في الأشهر الاثني عشر حتى تموز/يوليو، وتتوقع وزارة المالية والبنك المركزي أن يكون حوالى 6.6% لهذا العام ككل، على افتراض أن الصراع مع "حزب الله" وإيران لن يتفاقم.