رام الله-أخبار المال والأعمال- عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس"، الإثنين، جلسة تشاورية خاصة بعنوان "الأثر الاقتصادي للعدوان الاسرائيلي على جنين ونابلس - سياسات التصدي والتكافل المطلوبة"، بمشاركة مجموعة من المختصين وذوي الخبرة والمهتمين، وجاهيًا في مقر المعهد في رام الله وعبر تقنية الزووم.
وأعد الورقة الخلفية الباحثان في "ماس" أحمد علاونة وصبري يعاقبة، وقدم كل من رئيس غرفة تجارة وصناعة جنين عمار أبو بكر، وأمين سر غرفة تجارة وصناعة نابلس إياد الكردي، وممثلة بلدية حوارة رنا أبو هنية، مداخلاتهم وتعقيباتهم على ورقة النقاش.
وأكد مدير عام "ماس" رجا الخالدي على الدور البحثي والتقصي للحقائق الاقتصادية وتشخيصها إثر هذا العدوان، الذي لم يقتصر على محافظتي نابلس وجنين بل امتد لكافة المحافظات الفلسطينية.
وفي هذا السياق، طالب الخالدي من المشاركين إبداء آرائهم ومطالبهم بشكل واضح بهدف الوصول إلى توصيات سياساتية خاصة تقدم لصانعي القرار حول الخسائرة وكيفية تبني سياسات خاصة للحد من الأثر السلبي لهذا العدوان.
ونوه الخالدي أن المعهد أنجز 10 ملخصات اقتصادية تشخيصية وتحليلية حول تداعيات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية.
وبينت الورقة الخلفية أن مدينة جنين ومخيمها تعرضا في تموز 2023 لأعنف حملة عسكرية منذ العام 2002 على مستوى الضفة الغربية، خلفت خسائر اقتصادية في مختلف القطاعات بما يتراوح بين 18– 20 مليون دولار، 12 مليون دولار منها خسائر في المباني الخاصة والعامة، و3.5 مليون دولار في شبكة الطرق، و3 مليون دولار في البنية التحتية وشبكة المياه.
كما تضرر ما يقارب 80% من مباني المخيم بشكل كلي أو جزئي، وتم إتلاف الخطوط الرئيسية لشبكتي المياه والكهرباء بشكل شبه كامل، واستهداف ثلاثة مستشفيات داخل المدينة، ونزوح آلاف المواطنين لمناطق أخرى داخل المدينة، كما توقفت حركة الصناعة والتجارة والخدمات، بالإضافة إلى منع دخول السلع والبضائع نتيجة إغلاق حاجز الجلمة.
وبينت الورقة أن الخسائر الاقتصادية منذ بدء العداون على قطاع غزة، تزايدت بشكل واضح، اذ اغلقت وتعطلت الكثير من المنشآت الاقتصادية والمؤسسات الخدمية أبوابها نتيجة ضعف الحركة الشرائية من قبل المواطنين، وخاصة من قبل فلسطيني الـ48 الذين حرموا من دخول الأسواق الفلسطينية. أدى ذلك كله إلى تكبد المنشآت الاقتصادية في مدينة جنين لوحدها خسائر شهرية تقدّر بحوالي 24 مليون دولار.
كما شهدت 95.8% من المؤسسات تراجع في المبيعات والإيرادات الشهرية مقارنة مع الوضع قبل العدوان على قطاع غزة، كذلك تعرض 91% من المنشآت الصناعية إلى تراجع في الطاقة الإنتاجية، وارتفاع قيمة الخسائر التي تفوق قدرة المدينة على تحملها، والتي بلغت 20 مليون شيقل نتيجة تدمير البنى التحتية منذ بدء العدوان على قطاع غزة حتى نهاية العام 2023.
ومنذ بداية العام الجاري، تعرضت المدينة إلى تدمير المزيد من الطرق الرئيسية والفرعية (التي تم حصرها بأكثر من 21 شارع)، وتخريب ممتلكات المواطنين ومركباتهم، وإتلاف بسطات الباعة المتجولين في المدينة وأسواق الخضار والفواكه، وتراجعت مبيعات السلع الأساسية داخل المدينة بنسبة 65% نتيجة تخوف المواطنين من الوصول إلى الأسواق وضعف قدرتهم الشرائية.
أما فيما يتعلق بنابلس وحوارة، فقد تأثرت مدينة نابلس بشكل مباشر منذ بدء العدوان على قطاع غزة كباقي مدن الضفة الغربية، حيث فرض الاحتلال حواجز وبوابات حديدية ونقاط تفتيش عند جميع مداخل ومخارج المدينة، بالإضافة الى اغلاق لبعض الطرق بالسواتر الترابية مما تسبب بعرقلة وتعطيل مباشر لحركة النقل العام والنقل التجاري من وإلى المدينة وإلى باقي محافظات الضفة الغربية، ومع استمرار الاقتحامات للمدينة ومخيماتها طوال فترة العدوان انعكس ذلك سلبا على المقومات الأساسية للأنشطة الاقتصادية وتسبب في إعاقة الحركة التجارية والصناعية والخدماتية في المدينة التي تضم حوالي 9,568 منشاة تشغل ما يقارب 32,316 عاملا.
ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تعرضت مدينة نابلس التي تعتبر العاصمة الاقتصادية لشمال الضفة، إلى تراجع كبير في الأنشطة الاقتصادية المختلفة في المدينة التي كانت تعج بحركة نشطة للمتسوقين والزوار من داخل المحافظة وخارجها، خاصة من الفلسطينيين داخل الـ48، وأغلقت جامعة النجاح الوطنية أبوابها وتحولت الى التعليم الالكتروني، والتي تضم حوالي 25 ألف طالب، حوالي 20% منهم من الطلبة الفلسطينيين من داخل الـ48، والذين يشكّلون جزءًا مهمًا من النشاط الاقتصادي في المدينة خاصة في قطاع المطاعم والمواصلات والعقارات.
وأدى هذا العدوان إلى تراجع القوة الشرائية بنسبة 90%، كما شهدت حوالي 96% من المنشآت في المدينة تراجع في المبيعات والإيرادات الشهرية، وشهدت حوالي 85% من المنشآت الصناعية تراجعا في طاقتها الإنتاجية، بالإضافة الى تضرر ما يقارب 8% من المنشآت بشكل مباشر نتيجة لاعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال، مما أدى الى إغلاقها بشكل كلي أو جزئي.
أما في بلدة حوارة فقد بلغت نسبة تراجع القوة الشرائية 85%، وارتفعت نسبة البضائع التالفة إلى 80% وكذلك تراجعت الإيرادات الشهرية بنسبة 80%.
وفي تعقيبه على الورقة، بين أبو بكر أن جنين بلد حدودي يعتمد على مواطني الـ48، ومنذ العام 2021 والاجتياحات متكررة على المحافظة، ولكن منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر إزدادت الاغلاقات وتدمير الشوارع والبنى التحتية.
وأشار إلى أنه يوجد في مدينة جنين 5000 محل تجاري للزوار من خارج المحافظة وكان يدخلها يوم السبت من 7-10 آلاف مركبة، وكان إيرادها اليومي ما يقارب 15 ميلون شيقل، الآن وبعد هذا العدوان تراجع الإيراد اليومي وتراجع عدد الزوار بنسبة كبيرة.
ودعا أبو بكر إلى ضرورة بذل المزيد من الجهود من أجل الحد من هذه الآثار والخروج باستراتيجيات خاصة بإعادة الإعمار.
بدوره، بين الكردي أن نابلس ليست وحدها تتعرض لحملة شرسة من الاحتلال،ـ بكل كافة المحافظات الفلسطينية، ولكن فيما يتعلق بنابلس، أوضح أن بلدة حوارة من أكثر المناطق تضررًا، والتي تنتهك بشكل متكرر من قبل قوات الاحتلال وقطعان مستوطنيه.
وذكر أن هناك 6 حواجز مغلقة في نابلس وأهم حاجز هو حوارة والذي يعتبر الشريان الرئيسي للمدينة.
وبين الكردي أن هناك ارتفاع في أسعار النقل بسبب هذه الحواجز والتي بدورها أدت إلى ارتفاع الأسعار.
وذكر أن نابلس تعتمد على عدد كبير من الزوار كان يصل إلى 100 ألف زائر بشكل يومي، واليوم وصل العدد إلى 15 ألف، وهذه الإغلاقات أدت إلى تراجع الزوار بشكل كبير.
كما بين أن الأثر الاقتصادي على مدينة نابلس ليس وليد اللحظة بل منذ سنوات خاصة منذ بدء جائحة "كورونا" إلى أن وصلنا إلى الاعتداءات الإسرائيلية بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر التي أدت إلى زيادة الأثر بشكل كبير، حيث توقفت العمالة في إسرائيل بحيث أن ما يقارب 35 ألف عامل كان يعمل داخل إسرائيل من محافظة نابلس، كذلك حسبة نابلس والتي تعد الأهم في منطقة الشمال بحيث كات تبيع ما يقارب 60-80 طن في اليوم بلغت في هذه الأيام 40-50 طن، وأيضًا تراجعت القوة الشرائية بنسة 70% وتراجع استهلاك الوقود بنسبة 40%.
بدورها، تحدثت أبو هنية عن بلدة حوارة جنوب نابلس التي تعاني منذ 2019 من التغول الاستيطاني والسيطرة على أراضي البلدة حيث تم الاستيلاء على 1100 دونم للشارع الالتفافي، و500 دونم لمستوطنة "يتسهار" المقامة على أراضي البلدة، أضف إلى ذلك المحرقة التي نفذتها قطعان المستوطنين عندما أقدموا على إحراق المنازل والمحلات التجارية ومشاطب السيارات.
وبينت أبو هنية أن بلدة حوارة وبحكم موقعها تخدم ما يقارب 150 ألف مواطن، ومع بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أغلقت كافة المحلات التجارية "ما يقارب 450 محل تجاري"، ومنع الزوار من دخول البلدة.
وأجمع الحضور على ضرورة أن يكون هناك تدخلات عاجلة من كافة الأطراف خاصة من الحكومة الفلسطينية، والتي بدورها يمكن أن تعمل على التخفيف من الأثر السلبي لهذا العدوان على الموطنين، وقد يكون إنشاء صندوق تعويض وطني أحد هذه الحلول للتخفيف من حدة الأزمة.