رام الله-أخبار المال والأعمال- أعادت الحرب الإسرائيلية على غزة إلى الواجهة حملات مقاطعة عديد من العلامات التجارية الشهيرة حول العالم، بعد تأييدها للموقف الإسرائيلي في الحرب المستمرة منذ السابع من شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
ويتبادل الناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي قوائم مختلفة بأسماء علامات تجارية شهرية عاملة في قطاعات متعددة؛ بهدف الدعوة لمقاطعتها والاعتماد على بدائل محلية أو بدائل من دول أخرى لا تدعم الاحتلال الإسرائيلي.
وضعت حملات المقاطعة عديداً من العلامات الكبرى وامتيازاتها المحلية حول العالم، في مأزق، خاصة مع توسّع تلك الحملات بما تحمله من تأثيرات على سمعة الشركات.
تباينت ردود أفعال هذه العلامات الكبرى، بين الإنكار (شركات لم تتخذ مواقف تذكر إزاء حملات المقاطعة ولم تصدر أي بيانات من جانبها)، وبين النفي والتوضيح وحتى التهديد بمقاضاة بعض الأطراف، ضمن استراتيجيات مختلفة تتبعها الشركات في مثل تلك الحالات.
McDonald's وأزمة أصحاب الامتياز
حظت شركة McDonald's الأميركية على نصيب وافر من اللغط خلال الشهرين الماضيين، مع تصاعد دعوات المقاطعة المتجددة التي تواجهها الشركة.
مع انطلاقة الحرب على غزة، وتداول ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي صورا تُظهر دعم الشركة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ومع إعلان صاحب الامتياز الإسرائيلي عن وجبات مجانية ودعمه لإسرائيل في الحرب على غزة، اشتعلت شرارة المقاطعة حول العالم، حتى أن تظاهرات تم تنظيمها في محيط أفرع الشركة في بعض الدول تعبيراً عن التضامن مع الفلسطينيين.
وتحت وطأة تفاقم تعليقات "الغضب" وتنامي دعوات المقاطعة، أصدرت الشركة الأم بياناً عبّرت فيه عن كونها تنأى بنفسها عن المواقف السياسية وأنها "ضد العنف بكل أشكاله".
كما لجأ عديد من أصحاب الامتياز في بعض الدول، لا سيما في الشرق الأوسط، إلى الإعلان عن مواقف واضحة داعمة للشعب الفلسطيني، والتأكيد على عدم وجود علاقة لأصحاب الامتياز المحليين بنظرائهم في بلدان أخرى.
اللافت أنه في إسرائيل أيضاً، ظهرت بعض الدعوات "المحدودة" التي تم تداولها عبر تطبيقات التراسل الفوري، لمقاطعة McDonald's في إسرائيل، وذلك بعد تعبير أفرع الشركة في بعض البلدان عن مواقف داعمة لغزة منذ بداية الحرب، الأمر الذي حدا بصاحب الامتياز الإسرائيلي لنشر بيانات داعمة للجيش الإسرائيلي عبر معرفات الشركة الرسمية، ومطالبة متداولي تلك الدعوات بحذفها وإلا اللجوء إلى مقاضاتهم.
ونقلت "رويترز" تقديرات مرتبطة بانخفاض مبيعات الامتياز المصري لـ McDonald's بنسبة تصل إلى 70% بين شهري تشرين الأول/أكتوبر، وتشرين الثاني/نوفمبر، بحسب موظف في إدارة الشركة طلب عدم ذكر اسمه، في محاولة لقياس التأثيرات الفورية للمقاطعة على "الفرانشايز" المصري لـ McDonald's.
Starbucks.. حملات مزدوجة
أما شركة المقاهي الأميركية الشهيرة Starbucks فقد واجهت "مقاطعة مزدوجة"، ففي الوقت الذي عرفت فيه الشركة دعوات مقاطعة مختلفة، فهي في الوقت نفسه واجهت دعوات مقاطعة أخرى من جانب داعمي إسرائيل.
وجدت الشركة الأميركية نفسها في مأزق بعد أن انتشرت تدوينة لحساب "نقابة اتحاد عمال Starbucks" والذي يحمل شعاراً مقارباً لشعار الشركة ذاتها، عبرت تلك التدوينة عن التعاطف مع الفلسطينيين، الأمر الذي دفع إلى "تهديدات ودعوات للمقاطعة" من جانب الداعمين لإسرائيل والمتضامنين معها، طبقاً لما ذكرته الشركة.
جاء تعامل Starbucks مع هذه الواقعة مختلفاً نوعاً ما؛ إذ أنها وبعد أن اتهمت النقابة بالتأثير سلباً على سمعة الشركة وبما يهدد سلامة العاملين فيها، فقد حرّكت دعوى قضائية ضد النقابة التي نظمت أيضاً مسيرات في مدن أميركية لدعم الفلسطينيين.
كذلك تواجه Starbucks دعوات متجددة للمقاطعة حول العالم من متعاطفين مع غزة، عززتها أخيراً الحرب على غزة بشكل واسع، ضمن مجموعة أخرى من العلامات التجارية التي يتم تداولها ضمن تلك الحملات.
وفيما لا يتوافر تقييم دقيق لمدى تأثير دعوات المقاطعة على مبيعات الشركة، إلا أن أسهم Starbucks عانت في الفترة الأخيرة من موجات هبوط وخسائر قياسية في الأسابيع الأخيرة، بداية من 17 تشرين الثاني/نوفمبر.
وبينما يُعزو بنك JPMorgan Chase & Co تلك التراجعات إلى مخاوف مرتبطة بـ "البيانات البطيئة في الصين" فإن شركة الأبحاث Wedbush Securities، أرجعت الأمر إلى القلق حول مبيعات الشركة الذي قد لا يرتقي إلى مستوى التوقعات بعد أن أظهرت البيانات تباطؤ الإنفاق عبر بطاقات الائتمان، واصفةً السهم بأنه أحد أكثر الأسهم حساسية لعلامات ضعف المستهلك.
ZARA في مصيدة المقاطعة
أحدث حلقات دعوات المقاطعة العنيفة كانت من نصيب شركة ZARA الإسبانية، بعد أن شاركت قبيل أيام مجموعة من الصور لمجموعتها الجديدة، اعتبرها ناشطون تحمل إساءات للفلسطينيين بما تحمله من إيحاءات وسخرية من الوضع في غزة في تصورهم.
نشرت الشركة صوراً ظهر في بعضها مجمسات ملفوفة (تبدو كالجثة في كفن أبيض)، منها صورة لعارضة أزياء تقف وسط ركام حاملة أحد تلك المجسمات، إضافة لمجسم مكسور يشبه في شكله خريطة فلسطين، بحسب التعليقات المتداولة.
الشركة ليست غريبة على تلك النوعية من حملات المقاطعة، فقد سبق خلال السنوات الأخيرة وتعرضت لحملات مماثلة في مواقف مختلفة.
ومع سيل الانتقادات العنيف الذي لاحق معرفاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، اضطرت الشركة لحذف الصور المثيرة للجدل. ولم تكتف بذلك بل أصدرت بياناً بعد ذلك عبرت أوضحت فيه موقفها.
حاججت الشركة بأن الحملة تم تصويرها في أيلول/سبتمبر، وهي تعني بذلك أنها قبل بدء الحرب على غزة.
وقالت الشركة في بيانها: "الحملة، التي تم تصميمها في تموز/يوليو وتم تصويرها في أيلول/سبتمبر، تقدم سلسلة من الصور لمنحوتات غير مكتملة في استوديو النحاتين، وتم إنشاؤها لغرض وحيد هو عرض الملابس المصنوعة يدويًا في سياق فني".
وأضافت "للأسف، شعر بعض العملاء بالإهانة من هذه الصور، التي تمت إزالتها الآن، ورأوا فيها شيئًا بعيدًا عما كان مقصودًا عندما تم تصميم الإعلان. وتشعر Zara بالأسى لسوء الفهم هذا ونؤكد من جديد احترامنا العميق للجميع".
PUMA.. على الخط!
وشركة PUMA أيضاً من العلامات التجارية الشهيرة التي واجهت دعوات للمقاطعة حول العالم، لا سيما بعد اتفاق الرعاية الذي وقعته مع إسرائيل في العام 2018 وفجر دعوات واسعة لمقاطعة شركة الملابس الرياضية الشهيرة.
أثار قرار PUMA أخيراً -وبعد أسابيع من الحرب على غزة- بإنهاء رعايتها للمنتخب الإسرائيلي بداية من العام المقبل تفسيرات متباينة، إلا أن الشركة قطعت الجدل بالتأكيد على أن القرار تم اتخاذه قبل بدء الحرب، وتحديداً منذ العام الماضي 2022، كجزء من استراتيجية الشركة الجديد التي ترفع شعاراً (أقل- أكبر- أفضل) وبما يتسق والجداول الزمنية المتبعة لتصميم وتطوير قمصان الفرق المختلفة.