رام الله-أخبار المال والأعمال- عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس)، يوم الثلاثاء، ورشة عمل لعرض ومناقشة نتائج دراسته التقييمية بعنوان "واقع اللامركزية في الحكم المحلي في السياق الفلسطيني"، بمشاركة مجموعة من المختصين وذوي الخبرة والمهتمين، وجاهيا في مقر المعهد في رام الله وعبر تقنية الزووم.
أعد الدراسة الباحثة في المعهد وفاء البيطاوي بمشاركة الباحث عارف جفال.
وقدم كل من: مدير عام صندوق تطوير وإقراض الهيئات المحلية محمد الرمحي، ومدير وحدة الدعم الفني والقانوني في الاتحاد الفلسطيني للهيئات المحلية عبد المؤمن عفانة، ومسؤول اللامركزية المالية في الاتحاد الفلسطيني للهيئات المحلية زياد الطويل، ومدير عام الموازنات والتوجيه والرقابة في وزارة الحكم المحلي رائد الشرباتي، تعقيبهم على الدراسة.
أوصت الدراسة بضرورة الإسراع بتعديل الإطار القانوني والتشريعي، خاصة القوانين المتعلقة بعمل البلديات مثل القوانين المنظمة لقطاعات المياه والطاقة، وقانون الشراء العام، وأن يتزامن ذلك مع قيام الحكومة المركزية بوزاراتها كافة بوضع خطة عمل رسمية وتتضمن خطوات واضحة ومحددة، وبأهداف ونتائج يمكن قياسها وتحقيقها ضمن إطار زمني محدد، لتعزيز اللامركزية بشكلها المناسب. هذا يتطلب وجود إرادة سياسية قوية للتغيير من قبل الحكومة المركزية الوطنية، التي يُتوقع أن تتنازل عن بعض سلطاتها، وأن تبذل المزيد من الجهود في توفير الموارد المالية والبشرية الكافية للهيئات المحلية، بما في ذلك ضمان العدالة في توزيع الإيرادات الضريبية على المستوى المحلي، وبذل المزيد من الجهود من قبل الهيئات المحلية لبناء الثقة مع ناخبيهم.
كما أوصت الدراسة بضرورة تفعيل مشاركة مؤسسات المجتمع المدني ولجان المساءلة المجتمعية وزيادة نشاطها بشكل أكبر مما هو عليه الحال في الوقت الحالي، لما لهذه اللجان والمؤسسات من دور كبير في زيادة الشفافية وتعزيز المساءلة داخل الهيئات المحلية، وأن تركز الحكومة المركزية، وبالتعاون مع الجهات المانحة الدولية على بناء القدرات وتدريب وتأهيل الكوادر البشرية في الهيئات المحلية بناء على أفضل الممارسات والمعايير الدولية في الحوكمة الرشيدة، حتى تتمكن من أداء مهامها التخطيطية والتنفيذية بشكل أكثر استقلالاً. أضف إلى ذلك التركيز على أن يساهم تدريب الكوادر البشرية في تكوين علاقات عمل جديدة. وضرورة اعتماد إجراءات إدارية مدعمة قانونياً على المستويين المركزي والمحلي، يكون هدفها ضمان المساءلة ومنع ازدواجية الجهود. لضمان أن يكون هناك تعاونا وتنسيقا فعالين بين الحكومة المحلية (البلديات بتصنيفاتها والمجالس القروية)؛ بين الإدارات المحلية المختلفة (مثل الصحة والتعليم) لتقديم الخدمات بفعالية أكبر.
كذلك أوصت الدراسة بأهمية اعتماد أسس الكفاءة التعليمية والمهنية في اختيار أعضاء مجالس الهيئات المحلية وموظفيها، ودمج الهيئات المحلية الصغيرة جداً لتعزيز إمكانياتها ولزيادة قدرتها على تقديم الخدمات المناسبة للمواطنين وتحسين جودة الخدمة المقدمة. كما أنه من المفيد أن يتعرف النظام القانوني والتنظيمي على الاختلاف الكبير في القدرات الإدارية والمالية والقدرة على تقديم الخدمات بين الهيئات المحلية حسب مستوياتها وتصنيفها القانوني (بلديات أ، ب، ج ومجالس قروية)، وهو ما يتجاهله النظام القانوني الحالي حيث لا يميز بين هذه المستويات في طبيعة الخدمات المطلوبة (27 خدمة). مع ضرورة تطوير السياسات والاستراتيجيات الملائمة لمعالجة هذه الاختلافات.
أما فيما يخص الانتخابات المحلية فقد أوصت الدراسة بضرورة تعديل قانون رقم (10) لسنة 2005 بحيث يحد من تزايد الاعتماد على التزكية في تشكيل الهيئات المحلية وزيادة نسب المشاركة في الانتخابات الرسمية، من خلال وضع حد أعلى لعدد الهيئات المحلية التي يمكنها اللجوء إلى التزكية، وتحديد دواعي اللجوء إلى التزكية بدلاً من المشاركة في الانتخابات، وضرورة إيلاء المزيد من الاهتمام بإشراك المجالس القروية ضمن الهيئات التي يحق لها الاستفادة من مشاريع صندوق تطوير وإقراض البلديات. مع أهمية توفير الدعم في تنفيذ هذه المشاريع خاصة مع نقص القدرات البشرية المؤهلة لتنفيذ المشاريع التطويرية ومشاريع البنية التحتية في غالبية المجالس القروية، وإعادة النظر بالنظام الانتخابي الحالي، إما بوضع قيود على الأحزاب والقوائم باعتماد الانتخابات الداخلية كآلية لاختيار المرشحين وترتيبهم من الجنسين، أو بتغييره إلى نظام يساهم في إيصال الكفاءات إلى المجالس المحلية.
أجمعت تعقيبات الحضور على ضرورة فهم أن اللامركزية ليست نموذجا واحدا، بالتالي يجب تبني نموذج يتلاءم مع الظروف والحالة الفلسطينية من أجل ضمان نجاح إصلاحات اللامركزية. ولا بد من رسم خارطة طريق لعمل إصلاحات اللامركزية تضمن الرقابة على الهيئات المحلية بشكل سليم ولا يتعارض واستقلاليتها، وإرساء قواعد المساءلة والرقابة عليها وتنظيمها ضمن إطار قانوني وتشريعي واضح. إضافة إلى ذلك، بناء نُظم تحصيل إيرادات ذات كفاية واستدامة.
كما أجمع الحضور على ضرورة إشراك الهيئات المحلية وعدم تغييبها عن عملية التخطيط والتشريع ورسم السياسات ذات العلاقة بعملها، وضرورة استحداث وحدة صافي الإقراض والجباية، وتخصيص موازنة للهيئات المحلية من الموازنة العامة للحكومة كنوع من أنواع الدعم لهذه الهيئات. ودعا الحضور إلى ضرورة التفكير باتباع سياسة دمج الهيئات المحلية، خاصة الصغيرة، من أجل خلق هيئات محلية أكبر حجما وأكثر قدرة على تقديم الخدمات لمواطنيها بفعالية. بالإضافة إلى تحقيق نوع من التوازن بين عدد الهيئات المحلية وعدد السكان.
يذكر أن المعهد يخطط لنشر الدراسة نهاية الشهر القادم لإتاحتها للتحميل والقراءة لجمهور المهتمين عبر موقعه الالكتروني.