بقلم: الدكتور خير مبيضين: إخصائي أمراض الصدرية والحساسية وأمراض النوم
أكد بعض العلماء إن التدخين هو أشبه بالانتحار البطيء، ويعتبر التدخين من أكثر الظواهر السلبية المنتشرة في مجتمعنا حيث تتكون السجائر من عدد من المركبات الكيميائية التي تضر بالإنسان وصحته والناتجة عن احتراق التبغ الذي يبدأ عند درجة حرارة 600 مئوية في السجائر التقليدية، فانه يولد أكثر من 100 مادة سامة، والذي يعرّض مدخنها ومن يحيط به إلى التغييرات في أنسجته وخلاياه. فهي تحتوي على مواد منها الزرنيخ ومادة الرصاص، ومادة النيكوتين ومادة البنزوبيرين ومادة القطران.
من المعلوم أن التدخين واستهلاك التبغ بأنواعه وأشكاله من سجائر تقليدية ونارجيلة وغليون، يضر بالصحة بشكل عام ويتسبب في مجموعة من الأمراض، كما أنه يعد من الأسباب الرئيسة للوفاة؛ حيث أنه يفتك بحوالي 8 مليون شخص سنوياً حول العالم.
ويؤثر التعرض لهذه المواد على وظائف الرئتين في المقام الأول، مسبباً حدوث الالتهابات التي تتطوّر بمرور الوقت إلى انسداد رئوي، ومن ثم الإصابة بداء الانسداد الرئوي المزمن COPD بما يتضمنه من انتفاخ في الرئة والتهاب الشعب الهوائية، فضلاً عن زيادة احتمالية الإصابة بسرطان الرئة. كذلك، فإن تأثير التدخين يشمل الشرايين والقلب؛ ذلك أن المواد الكيميائية التي تحتويها السيجارة التقليدية والناتجة عن حرقها، تسبب التلف في الأوعية الدموية، ما يؤدي إلى التجلطات، كما أن الانسداد الشرياني الناجم عن التدخين، يؤدي أيضاً للإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
وهناك طرق كثيرة لللذين يرغبون في الاقلاع عن هذه العادة السيئة ولكن يجب أن يعقد المدخن النية، وأن يرغب فعليا في الإقلاع عن التدخين. إذ إن من دون توفر الرغبة الحقيقية في التوقف عن التدخين سيكون الإقلاع عن التدخين مهمة صعبة جدا. لكن هناك طرق عديدة للاقلاع عن التدخين، منها أقراص تؤخذ بالفم وبدائل النيكوتين (لصقات أو علكة وخلافه). وهناك بعض التطبيقات الحديثة التي يمكن تحميلها على التليفون المحمول والتي تساعد المدخن على الإقلاع عن التدخين مع المتابعة مع طبيب متخصّص للتعامل مع أي أعراض قد تظهر عند التوقف عن التدخين مثل زيادة حدّة السعال والوزن الزائد وتغيّر الحالة المزاجية.
ومع تقدم العلوم والتكنولوجيا المدفوعة بالابتكار، وما افرزه ذلك من منتجات بديلة قد تكون خياراً بديلاً عن استهلاك السجائر، بالرغم من عدم خلوها من المخاطر مثل منتجات التبغ المسخن، وذلك كونها تقصي عملية الحرق والاشتعال وهو ما يعني تفادي انتاج كميات كبيرة من المواد الكيميائية الضارة، حيث أن الحرق في السجائر يعتبر المشكلة الرئيسية المسببة للأمراض، لذلك فقد ازدادت الاصوات المنادية من اعضاء المجتمع العلمي بتبني السياسة والبدائل المبتكرة ليتم توجيه الاشخاص ممن لا يرغبون في الاقلاع عن التدخين التقليدي للتوجه نحو هذه المنتجات البديلة، والتي قد تشكل خطوة اولية نحو الاقلاع النهائي عن التدخين.
واخيرا فإن الاقلاع عن التدخين ليس امراً سهلاً بل يتطلب عزيمة وارادة فردية ومجتمعية ودعماً من جميع الاطراف.