لشبونة (رويترز) - سجلت البرتغال أكثر من ألف وفاة بسبب موجة الحر الحالية، وشددت كبيرة مسؤولي الصحة يوم الثلاثاء على ضرورة أن تتجه البلاد إلى مواجهة آثار تغير المناخ في الوقت الذي يستمر فيه ارتفاع درجات الحرارة.
وقالت جراسا فريتاس كبيرة مسؤولي الصحة في البرتغال لرويترز "البرتغال... من بين إحدى مناطق العالم التي يمكن أن تكون (أكثر) تأثرا بالحرارة الشديدة".
وأضافت "يتعين علينا أن نكون مستعدين أكثر وأكثر لفترات من درجات الحرارة المرتفعة".
وتجاوزت درجات الحرارة في المناطق التي يضربها الجفاف في البرتغال 40 درجة مئوية الأسبوع الماضي. ورغم أن درجات الحرارة انخفضت خلال الأيام القليلة الماضية، قالت فريتاس إنها ما زالت فوق المعدلات العادية في مثل هذا الوقت من السنة.
وكانت السلطات الصحية في البرتغال قد سجلت 238 وفاة زائدة خلال موجة الحر في الفترة من 7 إلى 13 يوليو تموز، لكن فريتاس قالت إن عدد الوفيات زاد الآن إلى 1063 في الفترة حتى 18 يوليو تموز.
فرنسا تكافح حرائق غابات هائلة وبريطانيا تسجل أعلى درجة حرارة على الإطلاق
وكافح عمال الإطفاء يوم الثلاثاء في جنوب غرب فرنسا لاحتواء حرائق غابات هائلة بينما سجلت بريطانيا أعلى درجة حرارة في المملكة المتحدة على الإطلاق مع امتداد الموجة الحارة من الجنوب إلى غرب أوروبا.
ويستعد جنوب وغرب ألمانيا وبلجيكا أيضا لتسجيل درجات حرارة يحتمل أن تكون قياسية مع توجه الموجة الحارة، التي يعزوها العلماء إلى تغير المناخ، شمالا وشرقا.
وقالت هيئة الأرصاد الجوية في بريطانيا إن البلاد سجلت درجة حرارة تجاوزت 40 درجة مئوية في وقت سابق يوم الثلاثاء لأول مرة على الإطلاق في المملكة المتحدة.
وأعلنت بريطانيا، التي يمكن أن تواجه صعوبات في الحفاظ على خدمات النقل الرئيسية في الطقس غير المتوقع مثل تساقط الثلوج بكثافة أو الرياح الشديدة، حالة "طوارئ وطنية" بسبب ارتفاع درجات الحرارة بشكل لم يسبق له مثيل.
وقال وزير النقل جرانت شابس إن الأمر سيستغرق عدة سنوات قبل أن تتمكن بريطانيا من تحديث بنيتها التحتية بالكامل للتعامل مع درجات الحرارة المرتفعة، بعد أن ظهرت علامات الأضرار على مدرجين على الأقل والتواء بعض قضبان القطارات.
وأبلغ هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) "نرى قدرا كبيرا من الاضطرابات في السفر. البنية التحتية، التي يعود الكثير منها إلى العصر الفيكتوري، لم تكن مبنية لتحمل هذا النوع من درجات الحرارة".
وفي جنوب غرب فرنسا، شهدت منطقة جيروند، التي تنتشر فيها زراعة العنب، أكبر حرائق غابات منذ أكثر من 30 عاما، وقالت السلطات إن رجلا اعتُقل للاشتباه في أنه أشعل حريقا عمدا.
وتنتشر الحرائق على مساحة 19300 هكتار في المناطق الريفية المحيطة ببوردو منذ 12 يوليو تموز مما أجبر 34 ألف نسمة على إخلاء منازلهم.
ويكافح الحرائق زهاء ألفي عامل إطفاء مدعومين بثماني طائرات قاذفة للماء.
وقالت سلطات المنطقة في بيان "على الرغم من المكافحة برا وجوا، لم يستقر الوضع بعد"، مضيفة أنه لم ترد تقارير عن سقوط قتلى أو جرحى.
وخلصت دراسة نشرها علماء المناخ في عدد يونيو حزيران بدورية "انفايرونمنتال ريسيرش: كلايمت" إلى أنه من المحتمل جدا أن يكون تغير المناخ قد زاد الموجات الحارة سوءا.
وأفاد تقرير أصدرته الأمم المتحدة في فبراير شباط 2022 أنه مع تغير المناخ الذي يسببه الإنسان والذي يؤدي إلى الجفاف، من المتوقع أن يزداد عدد حرائق الغابات الشديدة بنسبة 30 بالمئة في غضون 28 عاما.
انبعاثات الكربون الناتجة عن حرائق الغابات في إسبانيا والمغرب تحطم الأرقام القياسية
وقالت خدمة كوبرنيكوس لمراقبة الغلاف الجوي التابعة للاتحاد الأوروبي إن حرائق الغابات في إسبانيا والمغرب أدت إلى المزيد من انبعاثات الكربون في يونيو تموز ويوليو حزيران من العام الجاري مقارنة مع نفس الفترة في الأعوام السابقة منذ 2003.
واجتاحت حرائق الغابات أجزاء من جنوب أوروبا وشمال أفريقيا، مما أسفر عن مقتل مئات الأشخاص وأجبر الألوف على إخلاء منازلهم كما أدى إلى حدوث تلوث وانبعاث غازات الاحتباس الحراري الضارة بالصحة.
وتسببت الحرائق في إسبانيا في خروج 1.3 مليون طن من انبعاثات الكربون في الفترة من يونيو حزيران إلى 17 يوليو تموز، وهي أعلى كمية تخرج في تلك الفترة في أي عام سابق منذ أن بدأت مجموعة كوبرنيكوس في تسجيل البيانات عام 2003.
ومع استمرار نشوب أكثر من 30 حريقا حتى يوم الثلاثاء، حطمت إسبانيا بالفعل سجلها السابق البالغ 1.1 مليون طن من انبعاثات الكربون في يونيو حزيران ويوليو تموز 2012.
وقال مارك بارينجتون كبير العلماء في كوبرنيكوس لرويترز "الانبعاثات بالنسبة لإسبانيا أعلى بالفعل مما كانت عليه في العشرين عاما الماضية".
كما سجل المغرب رقما قياسيا جديدا بلغ 480 ألف طن من انبعاثات الكربون نتيجة حرائق الغابات في يونيو حزيران ويوليو تموز من هذا العام، وهو أعلى رقم يُسجل في نفس الفترة خلال العقدين الماضيين.
وتحسب كوبرنيكوس كل انبعاثات الكربون الناتجة عن الحرائق في بياناتها، بما في ذلك ثاني أكسيد الكربون والميثان، وهما من غازات الاحتباس الحراري.
ويؤدي تغير المناخ إلى تفاقم الظروف المناخية الحارة والجافة التي تؤدي إلى انتشار الحرائق أسرع واستمرار نشوبها لفترة أطول، مما يعني أنها تتسبب في انبعاث مزيد من غازات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب وظهور ملوثات الهواء التي تسبب مشاكل في القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي.
وقال بارينجتون "اعتمادا على اتجاه الرياح، يمكن أن يتدهور الوضع حقا ويؤثر على جودة الهواء مما قد يؤثر على عشرات ومئات آلاف الأشخاص".
وتسببت حرائق الغابات في انبعاث 1.76 مليار طن من الكربون على مستوى العالم في عام 2021، إذ اجتاحت حرائق مستعرة وطويلة الأمد مناطق من بينها سيبيريا والولايات المتحدة ودول حوض البحر الأبيض المتوسط.
وتقترب فرنسا أيضا من تسجيل انبعاثات قياسية نتيجة حرائق الغابات. وتسببت الحرائق في البلاد في انبعاث 344 ألف طن من الكربون في يونيو حزيران ويوليو تموز من العام الجاري، وهو أعلى مستوى منذ نفس الفترة من عام 2003. وشهدت بلدان أخرى مثل البرتغال انبعاثات أقل من حرائق الغابات مقارنة مع بعض السنوات الأخيرة.