رام الله-(الحياة الجديدة)-إبراهيم أبو كامش- تتوقع سلطة النقد تسارع الارتفاع في أسعار المستهلك في المدى القريب، ليصل معدل التضخم إلى 3,4% خلال الربع الثاني 2022، نتيجة استمرار تأثير عوامل الحرب بين روسيا وأوكرانيا على معدلات التضخم.
معدل التضخم
وتشير نتائج تـقرير"التنبؤات الاقتصـادية للربع الثاني 2022" الصادرعن دائرة الأبحاث والسياسة النقدية في سلطة النقد، إلى أن موجة التضخم العالمية ألقت بظلالها على مستويات الأسعار في الاقتصاد الفلسطيني إذ ارتفع معدل التضخم خلال الربع الأول 2022 بشكل لافت وبواقع 3.1% على الأساس السنوي، مقابل 1,3% خلال الربع السابق.
ويعزى هذا الارتفاع بشكل أساسي الى استمرار تسارع أسعار السلع الأولية والأساسية نتيجة استمرار التحديات التي تواجه سلاسل الإمداد العالمية. كما ألقت التطورات العالمية الجديدة (الحرب بين روسا وأوكرانيا) المزيد من الضغوط التضخمية نتيجة تراجع الإمدادات وانخفاض مستويات الإنتاج من بعض السلع الأساسية وفي المدى القريب، يتوقع استمرار تأثير هذه العوامل على معدلات التضخم، وبالتالي تسارع الارتفاع في أسعار المستهلك، ليصل معدل التضخم إلى 3,4% خلال الربع الثاني 2022.
تحليل الصدمات على النمو الحقيقي والتضخم
وتضمنت هذه التنبؤات محاكاة وتحليلا لبعض الصدمات المحتملة الحدوث (السيناريو المتفائل، والسيناريو المتشائم) التي من المتوقع أن تنعكس بشكل إيجابي أو سلبي على الأداء الاقتصادي المرتقب في المدى القريب، خاصة في ظل وجود بعض التحديات والمخاطر التي قد تؤثر على مسار التعافي الاقتصادي.
أما بخصوص المخاطر المتعلقة بمعدل التضخم في الاقتصاد الفلسطيني خلال الفترة القادمة فترتبط بشكل أساسي بالتغيرات المتعلقة بالعوامل المحركة لأسعار المستهلك، كالانفاق الاستهلاكي (لا سيما الاستهلاك الأسري)، وأسعار الغذاء العالمية، إضافة إلى تكلفة الاستيراد من الخارج، خصوصا في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيراتها على مستويات الأسعار في بندي الغذاء والطاقة.
وبشكل عام، تؤثر الصدمات في هذه المؤشرات بشكل مباشر على مسار معدل التضخم. فقي حالة انحراف قيم هذه المؤشرات عن القيم المفترضة في سيناريو الأساس، سيؤدي ذلك إلى انحراف معدل التضخم المتوقع خلال الربع الثاني 2022، اذ يبين منحنى تحليل المخاطر ارتفاع معدل التضخم إلى4,0% على اساس سنوي، في حالة تسارع النمو في مؤشر الاستهلاك النهائي وتكلفة الواردات، في حين يمكن ان ينخفض معدل التضخم المتوقع الى 1,8% خلال الربع الثاني 2022 في حالة انخفاض مستوى المؤشرات المذكورة.
تقديرات النمو للربع الأول 2022
وتشير النتائج وفقا لسيناريو (الأساس) إلى إمكانية تحقيق الاقتصاد لمعدل نمو يصل الى حوالي 2,3% خلال الربع الثاني 2022، على أساس سنوي، على أن يكون هذا النمو مدفوعًا بشكل أساسي باستمرار تعافي الطلب الخاص، بشقيه الاستهلاكي والاستثماري، واستمرار تحسن مستوى الاداء في قطاع التجارة، والخدمات، والانشاءات.
وتشير التقديرات الأولية لسلطة النقد الى استمرار تعافي مستويات النشاط الاقتصادي خلال الربع الأول 2022، مع امكانية تحقيق الاقتصاد الفلسطيني لمعدل نمو بقرابة 4,7%، مقابل انكماشه بحوالي 6,4% خلال الربع المناظر من العام السابق، على أن يكون هذا النمو مدفوعًا باستمرار تحسن مستويات الطلب الكلي، وتحسن مؤشرات أداء القطاع الخارجي، ويعزز هذه التقديرات استمرار حالة التحسن النسبي في بعض المؤشرات القيادية للاقتصاد الفلسطيني، كمؤشر سلطة النقد لدورة الاعمال، ومؤشر الانتاج الصناعي، ومؤشر تجارة الجملة والتجزئة.
التنبؤات الاقتصادية للربع الثاني 2022
وتضمنت تنبؤات سلطة النقد، معدل النمو ومعدل التضخم، مع تحليل للمخاطر والصدمات المختلفة والمحتملة الحدوث(السيناريو المتفائل، والسيناريو المتشائم)، التي من المتوقع أن تكون لها تداعياتها الايجابية أو السلبية على الآفاق الاقتصادية في المدى القصي، واستندت هذه التنبؤات على النماذج الاقتصادية التي تم تطويرها في سلطة النقد، ومن اهمها نموذج الصيغة المختزلة، ونموذج البرمجة المالية، التي تأخذ بعين الاعتبار مجموعة من المؤشرات الاقتصادية في جانبي الطلب والعرض.
معدل النمو الحقيقي
ويتوقع أن يبدأ مسار النمو في العودة تدريجيًا إلى مستوياته المتحققة ما قبل الأزمة الصحية، في ظل استمرار استقرار الأوضاع الصحية، واستمرار التحسن في تعويضات العاملين الفلسطينيين في إسرائيل والتحويلات المالية للقطاع الخاص من الخارج. إلى جانب تحسن مستويات التسهيلات الائتمانية المقدمة للقطاع الخاص، وخاصة المقدمة لتمويل المشاريع الإنتاجية والريادية.
وتجدر الإشارة إلى أنه قد تم الأخذ بعين الاعتبار في (سيناريو الأساس) الآثار الاقتصادية للاقتطاعات المستمرة من إيرادات المقاصة، وتراجع مستويات المنح والمساعدات الدولية، وبشكل عام، استندت هذه التنبؤات على جملة الافتراضات التي تعكس اتجاهات الأداء في بعض المؤشرات الاقتصادية، ومن أهمها: تحسن مستوى التحويلات المالية للقطاع الخاص بمعدل 2%على أساس سنوي. وارتفاع عدد العمال الفلسطينيين بمعدل 3% مقارنة مع مستواها في الربع المناظر من العام السابق، ونمو التسهيلات الائتمانية المقدمة للقطاع الخاص بمعدل 3%على أساس سنوي. وارتفاع عدد رخص الأبنية الجديدة بنسبة 7%، كاتجاه عام بموجب الأرباع السابقة، وبافتراض استمرار تحسن أداء قطاع الإنشاءات.
وفي ظل هذه الافتراضات، من المتوقع أن يحقق الاقتصاد الفلسطيني خلال الربع الثاني 2022 نموا بنحو2,3% على الأساس السنوي، مقابل نمو قدره 19.3% خلال الربع المناظر من العام السابق، على أن ينعكس هذا الأداء على المكونات الرئيسة للناتج المحلي في جانبي الطلب والعرض على حد سواء.
ففي جانب الطلب، من المتوقع استمرار التحسن في مستويات الاستهلاك الخاص لتبلغ مساهمته في النمو المتوقع نحو 4,4% والاستثمار بنحو 3,6%، في مقابل تراجع مساهمة الإنفاق الحكومي بنحو 1,9%. أما على صعيد القطاع الخارجي، فيتوقع تسارع الواردات بشكل ملحوظ وبالتالي تثبيط النمو بحوالي 1,9%. في حين يتوقع أن تساهم الصادرات بحوالي 0.2% خلال الربع الثاني 2022.
أما في جانب العرض (الأنشطة الاقتصادية)، فتشير التوقعات إلى مساهمة قطاع التجارة بنحو 1,6% من النمو المتوقع، وقطاع الخدمات بنسبة 1,0%، والصناعة بحوالي 0,3% والزراعة 0,2%، والإنشاءات بواقع 0,1%.