رام الله (شينخوا)- في محاولة منه للتقليل من أزمة القمح في الأراضي الفلسطينية، زود بنك البذور الوطني في الضفة الغربية المئات من المزارعين في الضفة الغربية بأطنان من بذور القمح المحسنة لزراعتها في مساحات زراعية كبيرة.
وتشهد الأسواق المحلية في الأراضي الفلسطينية نقصا حادا في محصول القمح الذي غالبا ما يتم استيراده من روسيا أو من أوكرانيا، مما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار القمح والدقيق، وذلك منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية قبل نحو شهرين.
ويعتمد الفلسطينيون بشكل كلي على استيراد القمح من الخارج، حيث يتم استيراد ما بين 35000 إلى 40000 طن من القمح للاستهلاك البشري، بالإضافة إلى نفس الكمية للاستهلاك الحيواني، بحسب وزارة الزراعة الفلسطينية.
ويقول سامح جرار مدير دائرة المصادر الوراثية النباتية في بنك الجينات بوزارة الزراعة، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه "في ظل عدم وجود أفق واضح لانتهاء هذه الأزمة، كان لا بد من إيجاد بدائل وإن كانت بسيطة لزراعة القمح محليا، وذلك لتزويد الأسواق المحلية بالحد الأدنى المطلوب".
ومنذ سنوات، أنشأت وزارة الزراعة "بنك البذور" في الضفة الغربية والذي يشرف عليه اتحاد لجان العمل الزراعي التابع للوزارة، حيث يقوم القائمون عليه بحفظ وتخزين البذور الحقلية البرية وغير البرية من أجل الحفاظ على المصادر الوراثية للنباتات الأصلية في الأراضي الفلسطينية، ومن ثم استخدامها في أوقات الأزمات والطوارئ.
ويضيف جرار "نحن نعتمد في تخزين هذه البذور على مصدرين: الأول داخلي وعادة يتم من خلال جمع بذور القمح الأصلية من خلال فريق عمل يتبع للوزارة، ومصدر خارجي حيث يتم الحصول على البذور من مؤسسات دولية وعربية".
وتابع "كل دولة في العالم لديها مخزونها الخاص، لكن للأسف نحن ليس لدينا مخزون، لذلك نحاول أن نسابق الزمن ونقوم بعملية البذار لمحصول القمح"، لافتا إلى أن "ما يميز هذه البذور المخزنة في البنك، أنها محسنة وتستطيع أن تتحمل التغير المناخي في أراضينا وتنبت في أسرع وقت ممكن، مما يتيح لنا زراعة القمح محليا".
ومع ذلك، أشار جرار إلى أنه "لن نستطيع أن نسد النقص ولكن يمكننا أن نقلل الفجوة بحيث يمكننا أن نحاول زراعة الأصناف التي تتحمل الظروف المناخية ونوسع المناطق الزراعية ونستعيض بهذه الأصناف عن تلك التي لا نستطيع استيرادها".
وتعتبر بذور القمح المحفوظة في "بنك البذور" هي واحدة من بين 2000 نوع آخر من البذور النباتية المخزنة، والتي تهتم وزارة الزراعة بحمايتها من الانقراض في ظل التغير المناخي الذي تمر به المنطقة.
وعادة ما تقوم محطة "بيت قاد" للبحوث الزراعية المقامة على مساحة 750000 دونم بالاعتناء بالمحاصيل الحقلية في مقدمتها القمح والشعير والبقوليات، بحسب محمد عابد مدير المحطة.
ويضيف عابد لـ ((شينخوا)) "نحن نقوم بعملية المحافظة على هذه الأصناف من خلال زراعتها سنويا وإمداد بنك البذور بهذه الأصناف وتجديدها بين كل فترة وأخرى والمحافظة عليها وإكثارها وتزويد المناطق ذات المعدلات المنخفضة بمحاصيلنا".
وتابع أنه "في محاولة لمضاعفة عملية إكثار بذور القمح وتوفير كميات كبيرة للمزارعين، نقوم بتهجينها بما يتناسب مع الظروف المناخية في المناطق العربية، ونقوم بعمليات تقييم لهذه البذور وزراعتها في الأرض ومقارنتها بأصناف محسنة وذات انتاجية عالية".
ويضيف "نوفر سنويا نحو 50 طنا من البذار المحسن وتسليمها للمزارعين"، مشيرا الى أن المزارعين يقومون بدورهم بزراعتها وحصد حبوب القمح لبيعها في الأسواق المحلية.
ومع ذلك، لا تبدو الأمور سهلة للتنفيذ بسبب سيطرة إسرائيل على الكثير من الأراضي الفلسطينية القابلة للزراعة في الضفة الغربية، فيما تفرض إجراءات وقيودا على المزارعين لمنعهم من الوصول إلى ما تبقى من أراضيهم، بحسب ما يقول الخبير الزراعي أحمد ربايعة.
ويقول ربايعة لـ ((شينخوا)) "في السابق، كان لدينا اكتفاء ذاتي من محصول القمح، ولكن بسبب الممارسات الإسرائيلية انحسر الإنتاج مقارنة مع المستوى المطلوب حاليا".
وأضاف "في عام 2010، كان هناك حوالي 25000 دونم تنتج حوالي 45000 طن حيث كانت تشكل ما بين 10-15% من الاستهلاك وبسبب الممارسات الإسرائيلية أصبح لدينا 18000 دونم فقط تنتج حوالي 30 ألف طن فقط وهذه الكمية تشكل ما بين 5-6% من الاستهلاك".
وتابع "في الوقت الذي لا نعرف فيه متى تنتهي الأزمة الأوكرانية، لا بد من البحث عن مصادر أخرى مثل مصر وكندا واستراليا لتقليل المخاطر التي قد نتعرض لها مستقبلا من أجل الحصول على القمح بأسعار منخفضة لا تؤثر على المستهلك الفلسطيني".