بيروت (رويترز) - تخطط البنوك اللبنانية لإضراب على مدى يومين الأسبوع المقبل احتجاجا على الإجراءات القضائية التي استهدفت سبعة بنوك رئيسية، وهي مواجهة تهدد بالمزيد من عدم الاستقرار في بلد غارق في أزمة منذ 2019.
وقالت جمعية مصارف لبنان إن الإضراب تحذيري ضد ما أسمتها "تعسفية" بعض القرارات القضائية، في إشارة إلى أوامر تم بموجبها تجميد أصول سبعة بنوك منذ 14 مارس آذار ومنع ستة من مسؤوليها التنفيذيين من السفر.
وقال رئيس الوزراء نجيب ميقاتي إن الإجراءات التي اتخذها بعض القضاة زادت التوتر، وطلب من المدعي العام "اتخاذ الإجراءات المناسبة".
أصيبت البنوك اللبنانية بالشلل منذ انهيار النظام المالي في 2019 تحت وطأة الديون العامة الضخمة الناجمة عن عقود من الفساد والهدر الحكوميين، مما أدى إلى حرمان المودعين من مدخراتهم. وهذه أشد أزمة زعزعت استقرار لبنان منذ الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990.
وقال نبيل بومنصف نائب رئيس تحرير جريدة النهار "نحن أمام مرحلة خطيرة، منعطف خطير بالأزمة اللبنانية جدا جدا أكثر ما بتتخيل خطيرة"، مضيفا أن الإغلاق الممتد للبنوك يهدد بحدوث اضطرابات اجتماعية مع عدم إمكانية سحب الرواتب.
وأمرت القاضية غادة عون بتجميد أصول ستة من البنوك أثناء قيامها بالتحقيق في المعاملات بينها وبين البنك المركزي.
أما السابع فهو فرانسبنك، وأمر قاض آخر بتجميد أصوله في حكم لصالح رجل رفع دعوى قضائية تطالب البنك بإعادة فتح حسابه ودفع وديعته نقدا.
وقال فرنسبنك يوم الخميس إن الأمر يعني أنه لا يمكنه صرف أموال، بما في ذلك رواتب موظفي القطاع العام، إذ تم إغلاق خزائنه.
والفشل اللبناني في إقرار قانون لمراقبة رأس المال منذ بدء الأزمة سمح للمصارف بفرض ضوابط غير رسمية لا تعامل المودعين على حد سواء. وتقول البنوك إنها تطالب بمثل هذا القانون.
وفي تحرك منفصل يوم الخميس، أمرت القاضية غادة عون أيضا بالقبض على رجا سلامة شقيق محافظ البنك المركزي رياض سلامة بتهمة "التواطؤ بجرم الإثراء غير المشروع" في قضية أفاد مصدر قضائي بأنها تشمل أيضا رياض سلامة.
وقال محامي رجا سلامة في بيان يوم الجمعة إن الأدلة في القضية المرفوعة ضد موكله هي "تكهنات إعلامية دون أي إثبات".
وأضاف "الادعاءات بالإثراء غير المشروع وتبييض الأموال هي مردودة بشكل مطلق".
"حماية المرتكبين"
في بيانه، لم يحدد ميقاتي، وهو من الداعمين لرياض سلامة، الإجراءات القضائية التي كان ينتقدها.
لكنه قال "من الواضح أن مسار الأمور لدى بعض القضاء، يدفع باتجاه افتعال توترات لا تحمد عقباها، وثمة محاولات لتوظيف هذا التوتر في الحملات الانتخابية، وهذا أمر خطير سبق وحذرنا منه"، في إشارة الى الانتخابات البرلمانية المقررة في مايو أيار.
ومنتقدو القاضية عون يتهمونها بالعمل وفق الأجندة السياسية لرئيس الجمهورية ميشال عون الذي عينها نائبة عامة استئنافية في جبل لبنان. وتنفي ذلك قائلة إنها تطبق القانون.
وكتبت عون في تغريدة "وإني آسف لما نسمع في بعض الأحيان من تهجم غير مقبول على القضاة في حال لم تعجب البعض هذه الملاحقة أو تلك. معاذ الله أن يكون الهدف حماية المرتكبين".
عون وحركته السياسية، التيار الوطني الحر، على خلاف مع ميقاتي والعديد من الأحزاب الكبرى الأخرى بشأن سلامة الذي صارت فترة ولايته الممتدة منذ ثلاثة عقود محل تدقيق يتزايد منذ انهيار الاقتصاد.
ودعا التيار الوطني الحر إلى عزل سلامة، بينما أبدى ميقاتي دعمه لرئيس البنك المركزي حتى في الوقت الذي يواجه فيه تحقيقات اختلاس في الداخل والخارج.
يواجه سلامة تحقيقات في لبنان وخمس دول أوروبية على الأقل من بينها سويسرا بشأن مزاعم غسل أموال واختلاس مئات الملايين من الدولارات من البنك المركزي، وهي تحقيقات يخضع لها أيضا شقيقه الأصغر رجا.
وينفي سلامة ارتكاب أي مخالفة. ووصف الاتهامات الموجهة إليه بأنها مدفوعة بدوافع سياسية.