غزة: ارتفاع الكلفة وغياب الخبرة يعيقان التمدّد بالزراعة المائية

تاريخ النشر
صورة توضيحية-منتجات زراعية في غزة-تصوير وكالات

غزة-(الأيام)- تشكّل التكلفة المرتفعة وافتقار الخبرة، وعدم توفر العناصر الأساسية المغذية، أبرز المعيقات أمام التقدم والتوسع في الزراعة المائية في قطاع غزة، رغم تشجيع وزارة الزراعة والمؤسسات ذات العلاقة.
وتعتبر هذه العوامل حجر عثرة وعقبة كأداء في طريق تحقيق نجاحات نوعية للعديد من الرواد الزراعيين الذين تحدوا الصعاب واستطاعوا خوض غمار التجربة، رغم المخاطر العالية التي واجهتهم وكادت أن تطيح بمشاريعهم التي هي بمثابة أحلامهم، كما هو الحال مع المهندس عبد الله أبو حليمة صاحب مزرعة كبيرة ونموذجية تقع في شمال غربي مدينة بيت لاهيا.

ولم تتوقف العوائق التي واجهت أبو حليمة على ما تم ذكره، بل أضيف إليها مخاطر الحروب الإسرائيلية المتكررة، والتي أدت إلى تدمير أجزاء واسعة من المزرعة خلال العدوان الأخير على غزة، وشكل غياب التعويض عائقاً آخر أمام أبو حليمة، والذي لم يستسلم واستطاع النهوض والارتقاء بمزرعته البالغ مساحتها 2000 متر مربع.
استعرض أبو حليمة وهو خبير زراعي الفوائد والجدوى الاقتصادية للزراعة المائية بشكل عام ولقطاع غزة بشكل خاص، مؤكداً أن القطاع بحاجة ماسة وملحة للتوسع والتمدد في هذه الزراعة؛ للتغلب على الفقر المدقع في الأراضي الزراعية وشح المياه وملوحة ما يتوفر منها.

وقال أبو حليمة لصحيفة "الأيام": إن إنتاج الدونم الواحد من الزراعة المائية يعادل خمسة أو ستة أضعاف إنتاج الدونم الواحد من المساحة الزراعية التقليدية، كما أن استهلاكه للمياه يشكل أقل من 30% من استهلاك الدونم الواحد، عدا احتياجه المحدود جداً من الأسمدة والمواد الكيميائية مقارنة مع الزراعة التقليدية.
وأوضح أبو حليمة أنه في الظروف الحالية يصعب التقدم في هذه الزراعة التي بدأ العالم يعتمد عليها منذ سنوات طويلة لعدة أسباب أبرزها، غزارة الثمار وجودتها كونها خالية تقريباً من المواد الكيميائية، معللاً ذلك بالتكلفة العالية والتي تبلغ نحو 35 ألف دولار للدونم الواحد لمرة واحدة، بالإضافة إلى افتقار مزارعي القطاع للخبرة الكافية، وكذلك عدم توفر العناصر الأساسية المغذية وفي مقدمتها محلول "A" الذي يحتوي على الحديد، ومحلول "B" الذي يحتوي على نترات الكالسيوم والماغنيسيوم، بسبب رفض قوات الاحتلال إدخالها إلى القطاع، ما يضطر المزارعون إلى استبدالها بعمليات تقطير يدوية كما يفعل هو.

وأضاف: أنه تمكن من زراعة المحاصيل المثمرة في مزرعته، رغم أن الزراعة المائية في الدول المجاورة تقتصر على زراعة المحاصيل الورقية، كونها أسهل وأكثر غزارة في الإنتاج.
وتابع أبو حليمة: أنه استطاع تحقيق إنتاج وفير من عدة محاصيل أبرزها الفاصولياء، وغيرها، مطالباً وزارة الزراعة والجهات المختصة بالإسراع في صرف تعويضات عن الأضرار التي لحقت بمزرعته خلال الحرب، ليتمكن من إعادة ترميمها وتأهيلها من جديد.

من جانبه، قال المهندس أشرف أبو سويرح مدير المحاصيل الزراعية في وزارة الزراعة بغزة: إن الزراعة المائية بقطاع غزة تفتقر لمقومات الانتشار والتوسع؛ بسبب كلفتها المادية العالية وتدني خبرات المزارعين، وكذلك عدم توفر العوامل المغذية الأساسية.
وأضاف أبو سويرح لـ "الأيام": أن وزارة الزراعة بغزة لديها خطة من أجل تطوير هذه الزراعة، و"لكن الظروف الاقتصادية للمزارعين تحول دون إقبالهم عليها".
وأكد أبو سويرح أهمية هذا النوع من الزراعة في تعويض تراجع وانحسار المساحات في القطاع، وكذلك توفير المياه والأسمدة وغيرها، باعتبارها زراعة آمنة ولا تستهلك كميات كبيرة من المياه .
وبيّن أبو سويرح أن ما يميز الزراعة المائية هي القدرة على زراعتها في أي مكان، وعلى أي أرض حتى لو كانت لا تصلح للزراعة.
وقال: إن المزارعين بحاجة إلى خبرة عملية واسعة لإتقان زراعتها والتي تحتاج إلى دقة متناهية.
وقدّر أبو سويرح المساحات المزروعة بالمحاصيل المائية بأقل من عشرين دونماً، وهي عبارة عن مزارع نموذجية أنشأها مهندسون زراعيون ومزارعون من أصحاب الخبرة الكافية في هذا النوع من الزراعة، بإسناد ودعم من مؤسسات مانحة.