جدة-(أ ف ب)- بات بوسع الشابة السعودية أسما قضاء نهار عطلة نهاية الأسبوع مع صديقها في شاطئ على ساحل البحر الأحمر في جدة، بل وحتى الرقص معه على أنغام الموسيقى في حفلة ليلية على الرمال توفر وقتاً "ممتعاً" للرواد.
وقالت الشابة، البالغة 32 عاما، التي ارتدت قميصا أزرق اللون فوق ملابس البحر المبتلّة لوكالة فرانس برس "أنا سعيدة أنه بات بوسعي المجيء إلى شاطئ قريب والاستمتاع بوقتي بوجود ألعاب وأنشطة" مختلفة.
وتابعت أسما، التي صبغت جزءا من شعرها بالأصفر أن التجربة توفر "قمة المتعة ... الحلم أننا نأتي إلى هنا لقضاء عطلة نهاية أسبوع جميلة" في المدينة التي تعرف أنها الأكثر انفتاحا بالبلاد.
ومنذ أن أصبح محمد بن سلمان، نجل العاهل السعودي الملك سلمان، وليا للعهد في 2017، تشهد المملكة الثرية إصلاحات اقتصادية واجتماعية ودينية جذرية.
فقد سمح للنساء بقيادة السيارات، وباتت الحفلات الغنائية مسموحة، ووضع حدّ لحظر الاختلاط بين الرجال والنساء. وقُلصت صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واختفى المطاوعون من الشوارع.
لكنّ هذه التغيرات ترافقت كذلك مع حملة قمع للمنتقدين والصحفيين والمعارضين، وخصوصاً الناشطات الحقوقيات.
ويوفر شاطئ "بيور بيتش" في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية (على بعد 125 كلم جنوب جدة في غرب البلاد) الذي افتتح في أغسطس الماضي، تجربة جديدة ووحيدة في المملكة التي عرفت لعقود أنها محافظة للغاية.
فنهارا، يستخدم الرواد الشاطئ ذات المياه الفيروزية اللون والرمال البيضاء بلا قيود مع السماح للنساء بارتداء "البيكيني"، وتدخين "الشيشة"، واصطحاب الحيوانات الأليفة.
وبعد غروب الشمس، تصدح الموسيقى الغربية عالية من فوق مسرح أقيم على الرمال. وأمام المنصة، كان حبيبان يرقصان بهدوء غير عابئين بمن يرقص حولهم ومن بينهم شاب يرقص عاري الصدر وأخرى ترقص بفستان أزرق قصير.
ولا يتأكد القائمون على الشاطئ من وجود صلة زواج بين كل زوجين من الرواد، لكنّهم يصادرون الهواتف المحمولة ويضعونها في جوارب بلاستيكية حفاظا على "خصوصية" رواد المكان، على ما قال مسؤول بالمكان.
وأكّدت أسما أنّ "الحياة باتت طبيعية" في السعودية لأنها "لم تكن كذلك في السابق".
وكانت للنساء لسنين شواطئ خاصة بهنّ فقط أو أخرى يُسمح فيها بالاختلاط لكنها كانت حكرا على الأجانب دون السعوديين. واعتاد السعوديون لعقود السفر إلى وجهات إقليمية أو في أنحاء أخرى من العالم للترفيه بحرية أكبر.
وقال المهندس محمد صالح، الذي عاد إلى المملكة بعد غياب عشر سنوات للدراسة والعمل "فوجئت بأن ثمة حريةً وانفتاحاً وشاطئاً عاماً مفتوحاً للجميع وهو ما وفر لي راحة مماثلة لتلك في الولايات المتحدة".
وتابع الشاب الذي آتى بحماسة مع مجموعة من أصدقائه "لم أكن اتخيل أن أشارك في حفلة ليلية على الشاطئ في السعودية".
ويضم الشاطئ، الذي يكلف دخوله نحو 300 ريال (80 دولارا)، ألعابا مائية قابلة للنفخ تشكّل اسم السعودية بالإنكليزية، وانبرى عدد من الرواد للاستمتاع بها.
30 مليون سائح؟
والسعودية التي تُعدّ 35 مليون نسمة وظلّت مغلقة فترة طويلة، بدأت في 2019 إصدار تأشيرات سياحية فورية لمواطني 49 دولة معظمها أوروبية، بعدما كان القسم الأكبر من التأشيرات يقتصر على العمل والحجّ والعمرة.
وتسعى المملكة إلى استقطاب 30 مليون سائح سنوياً بحلول 2030 وإلى دفع مواطنيها للانفاق على الترفيه في بلدهم.
وقال بلال سعودي، المسؤول عن الفعاليات في المدينة إنّ الشاطئ "يستهدف الزوار المحليين بالإضافة لاستقطاب سياح" من خارج المملكة.
وفيما كانت الأنوار الزرقاء والصفراء المتراقصة تنير عتمة الشاطئ خلفها، قالت سيدة الأعمال السعودية الشابة ديما التي ارتدت قميصا شفافا فوق ملابس البحر "أشعر بأني لم أعد مضطرة للسفر إلى الخارج للحصول على وقت مميز ... لأن كل شيء بات موجودا هنا".
ولا يقدم المكان مشروبات كحولية نظراً إلى كونها محظورة في المملكة، وهو ما اعتبره عدد من الرواد أنه ينقص المكان.
وقالت المصرية هديل عمر بالإنكليزية "نشأت هنا وقبل سنوات قليلة لم يكن مسموحا لنا بالاستماع للموسيقى والمجيء إلى الشاطئ .. لذا فهذه جنة بالنسبة لنا. لا يمكنني حقا وصف شعوري".