بيتكوين تواجه أول تقييم لاعتمادها من السلفادور

تاريخ النشر
أكثر من 14 ألف جهاز صراف آلي لبيتكوين قيد التشغيل حول العالم

الرياض-(الاقتصادية)- كان رد فعل كريستين لاجارد؛ رئيسة صندوق النقد الدولي، إزاء العملات المشفرة مذهلا، فقد أوضحت بنبرة قاطعة أن "العملات المشفرة ليست عملات"، ثم زينت كلماتها بمزيد من القطع البارع "نقطة رأس سطر". الآن، أو حتى الآن، يظهر تناقض قوي بين رد فعل الفرنسية لاجارد؛ والنتائج التي حققتها السلفادور، الدولة الأولى في العالم التي تتبنى العملة الرقمية رسميا.
ومنذ استخدامها لأول مرة كعملة رسمية قانونية في السلفادور في 8 أيلول (سبتمبر) الماضي، قدمت بيتكوين استجابة جيدة، حتى الآن، في ثلاثة أسابيع، مكنت هذه العملة الرقمية من الإدماج المالي للسلفادوريين أكثر مما تمكنه المصارف على مدار الـ50 عاما الماضية، إذ كانت استجابة بيتكوين متوقعة من زاوية المسؤولية الاجتماعية للشركات.
وبحسب باحث في معهد "كي بي إم جي" السويسري، فإن اعتماد قانون بيتكوين في أوائل حزيران (يونيو) 2021 قد تجسد إلى نتائج ملموسة في أربعة أشهر، مع بعض الدروس التي ينبغي تعلمها. البداية إيجابية، وعدد المستخدمين بالملايين، والشركات المحلية والدولية تقبل بيتكوين بشكل متزايد.
في الواقع، السلفادور هي أول دولة في التاريخ، تقبل بيتكوين كعملة قانونية، وتوزع 30 دولارا من عملات بيتكوين على المواطنين الذين يقومون بتنزيل "شيفو" Chivo "المحفظة الرقمية التي تقدمها الدولة".
كما أنها الدولة الأولى التي تحتفظ باحتياطي 700 بيتكوين "تم الحصول عليها بنقاط أسعار مختلفة"، وثبتت 200 "بيتكوين أيه تي إم" Bitcoin ATM في السلفادور، أي 200 جهاز صراف آلي للبيتكوين، و50 "أيه تي إم" في الولايات المتحدة لمساعدة المغتربين على إرسال تدفقات الدفع.
في الواقع، جهاز الصراف الآلي تسمية خاطئة، فهي ليست أجهزة صراف آلي ولا تقوم بصرف النقود. بدلا من ذلك، فهي عبارة عن أكشاك تتصل بشبكة بيتكوين تسمح للعملاء بشراء عملات بيتكوين، أو العملات المشفرة الأخرى بالنقد المودع، ونادرا ما يتم تشغيل أجهزة الصراف الآلي لبيتكوين من قبل المؤسسات المالية الكبرى، ولا تربط العملاء بحساب مصرفي.
وتختلف أجهزة الصراف الآلي لعملة بيتكوين عن أجهزة الصراف الآلي "أيه تي إم" للعملات العادية التي تسمح لعملاء المصارف بسحب الأموال أو إيداعها أو تحويلها فعليا في حساب مصرفي. بدلا من ذلك، تنتج أجهزة الصراف الآلي لبيتكوين المعاملات القائمة على سلسلة كتل المعلومات "بلوكجين" التي ترسل العملات المشفرة إلى المحفظة الرقمية للمستخدم، غالبا عن طريق استخدام رمز الاستجابة السريعة. ويوجد حاليا أكثر من 14 ألف جهاز صراف آلي بيتكوين قيد التشغيل في جميع أنحاء العالم.
وكان الموعد النهائي القصير لتبني السلفادور عملة بيتكوين هو المصدر الرئيس للقلق، لكنه يظل معادلا محتملا لضغوط مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي غير المتحمسة بشأن هذا الاختيار، في حين إن المساعدة التي يمكن أن يقدمها البنك الدولي لهذه الدولة الصغيرة في أمريكا الوسطى، ما زالت قيد المناقشة.
يقول لـ «الاقتصادية» ألكسندر بارتيليمي؛ الباحث الاقتصادي في معهد "كي بي إم جي"، "إنه في غضون ثلاثة أسابيع منذ بدء السلفادور التطبيق العملي لبيتكوين كعملة رسمية، مولت هذه الدولة أكثر من 2.3 مليون نسمة بمشروع مفتوح المصدر - أي بيتكوين - عمره 12 عاما، مقارنة بـ1.7 مليون بحساب مصرفي على مدى 50 عاما".
ويضيف "حتى أكثر عملاء بيتكوين اقتناعا ربما وجدوا صعوبة في تصديق مثل هذه الأرقام، خاصة أن هذه الإحصائيات تتعلق فقط بمحفظة "شيفو" Chivo وليس بالبدائل الممكنة مثل "جالوي" Galoy أو "فونيكس" Phoenix.
وينعكس هذا النمو في المقاييس "الإحصائيات الرئيسة" لشبكة "لايتننك نت ورك" Lightning Network، وهو حل تقني يضمن فورية المعاملات بتكاليف زهيدة جدا، يطلق عليها مصطلح "غبار بنسات من الدولارات" للتعبير عن ضآلتها.
وتتزايد السيولة، كما هي الحال مع عدد قنوات الدفع العامة، على الرغم من أنه ليس كل شيء قابلا للقياس الكمي، لأنه من الممكن إنشاء قنوات خاصة. وتساعد هذه الميزة أيضا على ضمان السرية في التبادلات وأيضا جعل بيتكوين أكثر قابلية للاستبدال.
وبشكل عام، حسب بارتيليمي، التبني زاد من مبيعات التجار المحليين، ووفر لهم أيضا القدرة على حفظ عملة بيتكوين هذه، وتضاعفت سعة شبكة بيتكوين - تسمى أيضا "شبكة البرق" - ثلاث مرات في الحجم الذي كانت عليه في 2021، أو من ألف إلى ثلاثة آلاف بيتكوين.
ويوضح بارتيليمي؛ على عكس الفكر الاقتصادي السائد، الذي ينظر إلى اعتماد بيتكوين على أنه بدعة تماثل التخلي عن السيادة النقدية، يبدو قرار السلفادور جريئا من وجهة النظر السياسية والجيوسياسية، ولا ينبغي التقليل من الآثار الجغرافية - السياسية لمثل هذا القرار.
ويقول، "يبدو أن قرار السلفادور مبرر تماما في ضوء الوضع الاقتصادي والسياسي في البلاد، فمن المثير للاهتمام الاعتماد على معيار عالمي ومحايد أكثر من الاعتماد على عملة أجنبية، وبذلك، تضرب السلفادور عصفورين بحجر واحد، ما يتيح للعالم بأسره فرصة مشاهدة تجربة بالحجم الطبيعي".
ويضيف "خطاب إنكار بيتكوين كعملة ذات جودة قد تلقى ضربة مع قرار السلفادور الآن، على الأقل دولة واحدة في العالم تقدم لهذه العملة الرقمية هذا الوضع الرسمي، ويبقى أن نرى على المديين المتوسط والطويل ردود أفعال الدول الأخرى، ولا سيما ردود فعل الولايات المتحدة، التي بدأت هيمنتها النقدية تتصدع في جميع أنحاء الكوكب".
في المقابل، يحذر الاقتصاديون هنا، بشكل عام، من أن الدولة التي تتبنى العملة المشفرة كعملة قانونية ستمنح قدرا كبيرا من التحكم "لشبكة غير مستقرة، وأن العملات المشفرة هي أصل لا مركزي، ليس لديها جهات فاعلة مسؤولة، وليس لها اتصال مباشر بالاقتصاد الحقيقي".
كما أكدوا أنها لن تتمتع بسمعة طيبة في توفير هذا النوع من استقرار الأسعار والسيولة التي من المفترض أن توفرها العملة الرسمية للبلاد. لا يزال هناك عديد من الأسئلة والكتابات حول الكيفية التي ستصبح بها العملة الرقمية كعملة قانونية. من الناحية الواقعية، شهدت بيتكوين - وهي أصل افتراضي ليس له اتصال مباشر بالاقتصاد الحقيقي - تقلبات كبيرة في القيمة على مر الأعوام.